الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

انتشار الإسلام في العهد النبوي

انتشار الإسلام في العهد النبوي

انتشار الإسلام في العهد النبوي

كان واضحا منذ المرحلة المكية إن الرسالة الإسلامية خطاب للعاملين، وليس لقريش ولا للعرب وحدهم، فالآية { وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين} (الانبياء:107) مكية.

وقد خطط النبي صلى الله عليه وسلم لنشر الإسلام خارج مكة منذ وقت مبكر، فلما أسلم أبو ذر الغفاري رضي الله عنه طلب منه الإقامة في بني غفار ودعوتهم إلى الإسلام، ولما أسلم الطفيل بن عمرو الدوسي طلب منه الإقامة في قبيلته دوس التي كانت تقيم بين الطائف واليمن لنشر الإسلام فيها، ولم تثمر جهود الطفيل إلا عقب قيام الدولة في المدينة حيث قدم الدوسيون إليه عند فتح خيبر ، وقام النبي صلى الله عليه وسلم بمحاولة نشر الإسلام في الطائف ، ولكن قبيلة ثقيف صدت عن الدعوة بعنف وسخرية ، و لم تستجب لدعوة الإسلام إلا عام 9هـ بعد حصارها .

ومن المعروف أن جهود نشر الدعوة في مكة ذاتها لم تفلح في إقناع معظم القرشيين طيلة المرحلة المكية ولغاية فتح مكة حيث دانت قريش بالإسلام بصورة جماعية ولم يشذ إلا أفراد قلائل .

ورغم تأخر إسلام قريش في مكة وثقيف في الطائف ، إلا أن استجابتهم المتأخرة تمثلت في تعاطف عميق وإيمان راسخ بحيث تحولت القبيلتان إلى أشد أنصار الإسلام حماسة وذوداً عن حياضه كما ظهر من خلال أحداث الردة والفتوح .

وكان الإسلام قد انتشر في قبائل الحجاز التي تقطن على طريق ( مكة ـ المدينة) مثل مزينة وجهينة وغفار ويلي وأشجع وأسلم وكعب في وقت مبكر من قيام الدولة الإسلامية بالمدينة ، وخاصة قبائل خزاعة التي كانت متعاطفة مع المسلمين، كما أظهرت أحداث عمرة الحديبية ، وربما تكون عشيرة بني المصطلق الحجازية قد انفردت بموقف عدائي من المسلمين حتى خضعت بعد غزوة المريسيع عام 4هـ.

وأما اليمن فد نجحت الدعوة الإسلامية فيها بنطاق واسع عند قدوم علي بن أبي طالب رضي الله إليها سنة 9هـ ، وخاصة إسلام قبيلة همدان الكثيرة العدد .

ويبدو أن الانتشار السريع كان عام 8هـ قريباً من فتح مكة، وقد قدمت وفود القبائل اليمانية إلى المدينة للبيعة عام 9هـ وهي كندة، والأشعريون، وهمدان، ودوس .

وتوضح حركة الردة انتشار الإسلام في قبائل ذي مران، وذي الكلاع، وذي ظليم، وبجيلة، وزبيد، والنخع، وجعفي، والأبناء، والسكون، والسكاسك .

وكان انتشار الإسلام في حضر موت التي تقطنها قبيلة كندة محدوداً بالقياس إلى انتشاره في رحبي كندة القاطنين في اليمن .

وأما مناطق نجد فإن انتشار الإسلام فيها قوي بعد غزوة الخندق حيث تعرض الدعاة السابقون في الرجيع وبئر معونة للإبادة من قبل الأعراب .

وقد امتد الإسلام بعد ذلك في قبائل بني سليم وطئ وهذيل وتميم، وخاصة بطونها، عوف والأنباء والرباب وبهوى ، ولكن لم تتح الفرص لتعميق الإيمان والثقافة الإسلامية في فروع أخرى مهمة منها مثل بني حنظلة ومقاعس والبطون.

كما أن الإسلام امتد إلى الأقسام الشمالية في شبه الجريرة العربية حيث أسلمت قبيلة شيبان ، وقبيلة بني عذرة ، وأما المناطق الشرقية من شبه الجريرة العربية ، فإن أسرعها استجابة هي منطقة البحرين وخاصة جواثا التي تقطنها عبد القيس حيث أقيمت فيها أول جمعة بعد جمعة المسجد النبوي بالمدينة .

ويمثل إرسال الرسل إلى الملوك والأمراء عام ـ 7هـ أول اتصال بين الدولة الإسلامية والقوى الكبرى في العالم ـ آنذاك ـ والمتمثلة في الإمبراطورية الساسانية والإمبراطورية البيزنطية ، وكان رد فعل الملك الساساني عنيفاً ، في حين أظهر هرقل في الشام والمقوقس في مصر تعاطفاً شخصياً، وإن لم يدخلا في الإسلام . ومن الواضح أن الدعوة الإسلامية شقت طريقها في عصر الرسالة بمدى عميق مكنها من الصمود في وجه المرتدين، والاستعداد لمواجهة القوى العالمية الخارجية .

وهكذا انتشر الإسلام بالكتاب الهادي، والحديد الناصر، والله نسأله أن ينصر دينه ويعلي كلمته، إنه على ذلك قدير.

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة