الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أبناء النبي صلى الله عليه وسلم

أبناء النبي صلى الله عليه وسلم

أبناء النبي صلى الله عليه وسلم

تزوج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بخديجة ـ رضي الله عنها ـ بمكة وهو ابن خمس وعشرين سنة أي قبل بعثته بخمسة عشر عامًا، وبقيت مع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى أن أكرمه الله برسالته، فآمنت به ونصرته، وماتت قبل الهجرة بثلاث سنين، ولأم المؤمنين خديجة ـ رضي الله عنها ـ خصائص كثيرة اختصت بها ، منها : أن أبناء النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كلهم منها إلا إبراهيم ـ عليه السلام ـ، وهم القاسم وعبد الله وزينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة ـ رضي الله عنهم ـ .
وشاء الله أن يموت الولدان، واحدًا بعد الآخر، ولم يعيشا طويلاً .. أما البنات فقد تزوجن جميعًا من خيرة الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ، وقد توفيت ثلاث منهن في حياة النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ، ولحقت الرابعة به بعد وفاته بستة أشهر .

قال النووي : " كان له ـ صلى الله عليه وسلم ـ ثلاثة بنين: القاسم وبه كان يُكَّنَّي، وُلِدَ قبل النبوة، وتوفي وهو ابن سنتين، وعبد الله وسُمي الطيب والطاهر، لأنه وُلِدَ بعد النبوة . وإبراهيم ولد بالمدينة سنة ثمان، ومات بها سنة عشر وهو ابن سبعة عشر شهرا أو ثمانية عشر .
وكان له أربع بنات: زينب تزوجها أبو العاص بن الربيع وهو ابن خالتها هالة بنت خويلد . وفاطمة تزوجها على بن أبى طالب ـ رضي الله عنه ـ .
ورقية وأم كلثوم تزوجهما عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ، تزوج رقية ثم أم كلثوم وتوفيتا عنده ولهذا سمى ذا النورين، تُوفيَت رقية يوم بدر في رمضان سنة اثنتين من الهجرة، وتوفيت أم كلثوم في شعبان سنة تسع من الهجرة . فالبنات أربع بلا خلاف، والبنون ثلاث على الصحيح، وأول من وُلد له القاسم، ثم زينب، ثم رقية، ثم أم كلثوم، ثم فاطمة، وجاء أن فاطمة أكبر من أم كلثوم، وكلهم من خديجة إلا إبراهيم فإنه من مارية القبطية، وكلهم توفوا قبله إلا فاطمة فإنها عاشت بعده ستة أشهر على الأصح والأشهر" .

بناته ـ صلى الله عليه وسلم ـ :

زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة وكلهن من خديجة ـ رضي الله عنها ـ، وقد أسلمن وهاجرن إلى المدينة، وهن بالترتيب كالآتي :

1 ـ زينب :

هي كبرى بنات النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ، تزوجت قبل الإسلام بابن خالتها أبى العاص بن الربيع، وأسلمت مثلما أسلمت أمها خديجة ـ رضي الله عنها ـ وأخواتها الثلاث، وظل زوجها على كفره، وبقيت معه في مكة ولم تهاجر مع رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ إلى المدينة، ثم تبعته بعد ذلك، وقد خرج أبو العاص مهاجرًا إلى المدينة بعد أن أسلم، فرد عليه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم - زوجته زينب ـ رضي الله عنها ـ، ولم تعش زينب طويلاً بعد إسلام زوجها، فتوفيت في العام الثامن من الهجرة، تاركة ابنتها الصغيرة أُمامة التي كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحملها على عاتقه وهو يصلى، فإذا سجد وضعها حتى يقضى صلاته ثم يعود فيحملها

2 ـ
رقية :

تزوجها عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ، وهاجر بها إلى الحبشة حين اشتد إيذاء المشركين للمسلمين وبالغوا في تعذيبهم، وكان عثمان وزوجته رقية أول من هاجر إلى تلك البلاد مع عدد من المهاجرين الأوائل فرارًا بدينهم . وفى بلاد الحبشة رزقت بابنها عبد الله، وبعد فترة عاد بعض المهاجرين إلى مكة، وكان من بينهم عثمان وزوجته رقية، التي لم يطل المقام بها في مكة، فهاجرت مع زوجها عثمان إلى المدينة، ثم ما لبثت أن ابتليت بوفاة ابنها عبد الله وكان في العام السادس في عمره، ثم مرضت ـ رضي الله عنها ـ بالحمى، فجلس زوجها عثمان إلى جوارها يمرضها ويرعاها، وفى هذا الوقت خرج المسلمون إلى غزوة بدر، ولم يتمكن عثمان من اللحاق بهم، لأمر النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ له بالبقاء مع زوجته رقية، ثم توفيت ـ رضي الله عنها ـ مع رجوع زيد بن حارثة ـ رضي الله عنه ـ بشيرًا بنصر المسلمين ببدر .

3 ـ أم كلثوم :

بعد وفاة رقية ـ رضي الله عنها ـ زوَّج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عثمان ـ رضي الله عنه ـ ابنته الثانية أم كلثوم ـ رضي الله عنها ـ، ولذلك سُمِّى عثمان بذي النورين لزواجه من ابنتي رسول الله - صلى الله عليه و سلم -، وهو شرف وتكريم لم يحظَ به غيره من الصحابة، وظلت معه حتى توفيت في شهر شعبان من العام التاسع من الهجرة دون أن تنجب ولدًا، ودفنت إلى جانب أختها رقية ـ رضي الله عنها ـ .

4 ـ فاطمة :

هي أصغر بنات النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ، ولدت في السنة الخامسة قبل البعثة النبوية، وبعد هجرتها إلى المدينة المنورة تزوجها على بن أبى طالب ـ رضي الله عنه ـ في العام الثاني من الهجرة، ورُزِقَت فاطمة ـ رضي الله عنها ـ في العام الثالث من الهجرة بابنها الأول الحسن، ثم الحسين في شهر شعبان من السنة الرابعة للهجرة، وفى العام الخامس من الهجرة ولدت طفلتها الأولى زينب، وبعد عامين من مولدها رزقت بابنتها الثانية أم كلثوم .
وكانت فاطمة ـ رضي الله عنها ـ أشبه الناس بأبيها ـ صلى الله عليه وسلم ـ في مشيتها وحديثها، وكانت إذا دخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام إليها فقبلها وأجلسها في مجلسه، وبلغ من حب النبي - صلى الله عليه وسلم - لها أن قال: ( فاطمة بضعة منى (جزء مِني) فمن أغضبها أغضبني ) رواه البخاري . وقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، ومريم بنت عمران، وآسية بنت مُزاحمٍ امرأة فرعون ) رواه أحمد .
وعاشت فاطمة ـ رضي الله عنها ـ حتى شهدت وفاة النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ، ثم لحقت به بعد وفاته بستة أشهر، في الثاني من شهر رمضان من السنة الحادية عشرة من الهجرة، ودفنت بالبقيع .

الأولاد:

القاسم : وبه كان يُكَّنَّى، وُلِدَ قبل النبوة، وتُوفي وهو ابن سنتين .

2 ـ عبد الله : سُمي الطيب والطاهر، لأنه ولد بعد النبوة

3 ـ إبراهيم : ولد بالمدينة سنة ثمان من الهجرة، وهو آخر أبناء النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من مارية القبطية ـ رضي الله عنها ـ، التي أهداها المقوقس حاكم مصر إليه ـ صلى الله عليه وسلم ـ في العام السادس من الهجرة، فأسلمت، وتزوجها النبي- صلى الله عليه وسلم -، ولم يعش إبراهيم طويلاً، فقد توفى بالمدينة المنورة سنة عشر من الهجرة، وهو ابن سبعة عشر شهرا أو ثمانية عشر شهرا، وقد قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عند موت ابنه إبراهيم: ( إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يُرْضِى ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون ) رواه البخاري .

ومن خلال حياة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وسيرته نرى أن الله رزقه الأولاد والبنات، تكميلاً لفطرته البشرية وقضاء لحاجات النفس الإنسانية، ثم أخذ البنين في الصغر، فذاق ـ صلى الله عليه وسلم ـ مرارة فقد الأبناء، كما ذاق من قبل مرارة فقد الأبوين، وقد شاء الله - وله الحكمة البالغة - أن لا يعيش له - صلى الله عليه وسلم - أحد من الذكور، حتى لا يكون مدعاة لافتتان بعض الناس بهم، وادّعائهم لهم النبوة، وأيضاً ليكون ذلك عزاء وسلوى للذين لا يُرزقون البنين، أو يُرزقون ثم يموتون، كما أنه لون من ألوان الابتلاء، وأشد الناس بلاء الأنبياء، فعن سعد بن أبي وقاص ـ رضي الله عنه ـ قال: (قلتُ يا رسول الله : أيُّ الناس أشدُّ بلاء ؟، قال الأنبياء، ثمَّ الأَمثل فالأَمثل ، يُبتلَى الرَّجلُ علَى حسب دينه ، فإن كان في دينه صلبًا اشتدَّ بلاؤُهُ ، وإن كانَ في دينِهِ رِقَّةٌ ابتُلِيَ علَى قدر دينه ، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي علَى الأرض وما عليه خطيئة ) رواه الترمذي .

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة