الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحذركم ذنوب الخلوات... فإنها المهلكات

أحذركم ذنوب الخلوات... فإنها المهلكات

أحذركم ذنوب الخلوات... فإنها المهلكات

جميل أن ترى ذلك الشاب وقد بدت عليه أمارات الخير والصلاح ، والعز والفلاح ، أطلق لحيته ، ورفع ثوبه فوق كعبه ، وتمسك بسنة حبيبه صلى الله عليه وسلم فيما يرى الناس ، فعُرف بينهم بجميل أدبه ، وحُسن سمتِه ...اختار من الجلساء أحسنَهم ، وغشى مجالس أفضلِهم ...إلخ ، ولكن الأجمل من هذا كله أن يكون باطنه أجمل من ظاهره ، وخلواته أصدق مع الله تعالى من علانيته ....

أقول هذا لأن هناك من الشباب من هاتفني والعَبَرات منه تسابق العبارات ،قد تكدر خاطره ، وضاق صدره ، يشكو ذنوباً اقترفها ، ومعاص قد ألفها إذا غابت عنه أعين البشر ، قنواتٌ فضائية سلبت منهم الألباب ، ومواقعُ إباحيّة كانت عن طاعة الله أعظم حجاب ، ومشافهاتٌ إلكترونية اختبأوا معها خلف أسماء مستعارة ، فاجترأوا على المحرمات ، وتعدوا على الخصوصيات ، ولربما اعتدوا على محارم الآخرين وأعراضهم.

أخي الشاب : إياك إياك أن يكون الله تعالى أهون الناظرين إليك ، تخالف أوامره ، وتستجيب للشيطان وداعيه ، يقول سحنون رحمه الله: " إياك أن تكون عدوا لإبليس في العلانية صديقا له في السر"... إن هذه الذنوب التي تكون في الخلوات من أعظم المهلكات ، ومحرقةٌ للحسنات ، جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال :"لأعلمن أقواما من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضا، فيجعلها الله عز وجل هباءً منثوراً، " قال ثوبان : يا رسول الله صِفهم لنا ،جَلِّهم لنا أن لا نكون منهم ونحن لا نعلم ، قال :" أما إنهم إخوانكم ومن جلدتكم ويأخذون من الليل كما تأخذون ، ولكنهم أقوام إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها !! ".

أترضى لنفسك يا رعاك الله أن تكون واحداً من هؤلاء المحرومين الذين كان حظهم من أعمالهم التعب والمشقة ، والآخرون في فضائل الله يتقلبون، ومن عظيم ما أعده ينهلون ؟!.

لقد مدح الله تعالى عباده الذين يعظمونه ويخشونه خصوصا إذا غابوا عن أعين الناس: {إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير ،وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور} (إذا أغلقت دونك الباب وأسدلت على نافذتك الستار وغابت عنك أعين البشر ، فتذكر مَنْ لا تخفى عليه خافية ، تذكر من يرى ويسمع دبيب النملة السوداء في الليلة الظلماء على الصخرة الصماء ، جل شأنه وتقدس سلطانه ، أخشى بارك الله فيك أن تَزِلَّ بك القدم بعد ثوبتها ، وأن تنحرف عن الطريق بعد أن ذقت حلاوته ، واشرأب قلبك بلذته ، يقول ابن القيم رحمه الله تعالى:

"أجمع العارفون بالله أن ذنوب الخلوات هي أصل الانتكاسات، وأن عبادات الخفاء هي أعظم أسباب الثبات"، فهل يفرط موفق بصيد اقتنصه ، وكنز نادر حَصَّله ؟ احذر سلمك الله ، فقد تكون تلك الهفوات المخفية سبباً لتعلق القلب بها حتى لا يقوى على مفارقتها فيختم له بها فيندم ولات ساعة مندم يقول ابن رجب الحنبلي عليه رحمة الله : "خاتمة السوء تكون بسبب دسيسة باطنة للعبد لا يطلع عليها الناس" .

فالله الله بإصلاح الخلوات ، والصدق مع رب البريات ، لنجد بذلك اللذة في المناجاة ، والإجابة للدعوات
(وتذكروا أن الله تعالى { يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور} ، وكونوا كهؤلاء الصالحين الذين تذكروا اطلاع الله عليهم فامتنعوا من المعاصي، هذه امرأة يراودها رجل ويقول لها إننا في مكان لا يرانا فيه أحد فتقول: فأين الله؟ { ألم يعلم بأن الله يرى }

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة