الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الجمع بين حديث: (إذا انتصف شعبان فلا تصوموا) وغيره من الأحاديث

الجمع بين حديث: (إذا انتصف شعبان فلا تصوموا) وغيره من الأحاديث

الجمع بين حديث: (إذا انتصف شعبان فلا تصوموا) وغيره من الأحاديث

النهي عن تطوع الصيام بعد انتصاف شهر شعبان مما حصل الخلاف فيه بين الفقهاء لتعارضه مع ما نقل من إكثار النبي -صلى الله عليه وسلم- من الصوم في شعبان، وترغيبه في ذلك.

فهل صح حديث النهي عن الصوم بعد نصف شعبان؟ وعلى فرض صحته ما وجه الجمع بينه وبين غيره من الأحاديث؟

عن أبي هريرة مرفوعا: (إذا انتصف شعبان فلا تصوموا) أخرجه أصحاب السنن وابن حبان وغيره.

ممن صحح هذا الحيث: الترمذي، وابن حبان، والحاكم، والطحاوي، وابن عبد البر، وأحمد شاكر، والألباني.
وممن ضعفه: ابن مهدي، وأحمد بن حنبل، وأبو زرعة، والدار قطني، والذهبي، والوادعي من المعاصرين.

وعليه فإن الحديث مختلف في صحته وضعفه بين المحدثين، وعلى فرض ضعفه فقد كفينا الجواب عنه، لأن الضعيف لا يقوى على معارضة المقبول، فنأخذ بعموم أحاديث الترغيب في الصيام في شعبان.
كحديث البخاري عن عائشة ، رضي الله عنها ، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر ويفطر حتى نقول لا يصوم فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر إلا رمضان وما رأيته أكثر صياما منه في شعبان.

ولا فرق في ذلك بين النصف الأول منه والنصف الثاني، وإنما يبقى تحريم تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين وهذا قد صح فيه النهي بحديث في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقدموا رمضان بصوم يوم أو يومين، إلا رجلا كان يصوم صوما فليصمه".

وعلى فرض صحة حديث (إذا انتصف شعبان فلا تصوموا)، فلا بد من الجمع بينه وبين الأحاديث الأخرى، وقد جمع بعض من يرى صحة الحديث بأجوبة منها:

أن النهي يُحمل على التنزيه في حق من لا يقوى على وصل الصيام برمضان فيضعف عن صيام الفريضة.

قال القاري في المرقاة: والنهي للتنزيه رحمة على الأمة أن يضعفوا عن حق القيام بصيام رمضان على وجه النشاط، وأما من صام شعبان كله فيتعود بالصوم ويزول عنه الكلفة، ولذا قيده بالانتصاف، أو نهى عنه لأنه نوع من التقدم والله أعلم.
قال القاضي عياض: المقصود استجمام من لا يقوى على تتابع الصيام فاستحب الإفطار كما استحب إفطار عرفة ليتقوى على الدعاء ، فأما من قدر فلا نهي له، ولذلك جمع النبي -صلى الله عليه وسلم- بين الشهرين في الصوم. انتهى.

قال الخطابي: استحب إجمام الصائم في بقية شعبان ليتقوى بذلك على صيام الفرض في شهر رمضان كما كره للحاج الصوم بعرفة ليتقوى بالإفطار على الدعاء .

وحمله بعضهم على من يتقصد الصوم بعد انتصاف الشهر خصوصا وهو مفطر من أول الشهر.
قال الترمذي: ومعنى هذا الحديث عند بعض أهل العلم أن يكون الرجل مفطرا فإذا بقي من شعبان شيء أخذ في الصوم لحال شهر رمضان.
وقال ابن باز: المراد به النهي عن ابتداء الصوم بعد النصف أما من صام أكثر الشهر أو كله فقد أصاب السنة.اهـ

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة