الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

استهداف المسلمين؟!!!

استهداف المسلمين؟!!!

استهداف  المسلمين؟!!!

تفجير في فندق يخلف 27 قتيلا وجريحا، عملية انتحارية تحصد أرواح 35 مصليا، انفجار ضخم يخلف أضرارا بالغة في الممتلكات والأرواح ... ذلكم هو النمط السائد للعناوين اليومية لنشرات أخبارنا التي أصبحت تعج بمشاهد القتل والدمار والتفجير وأحكام الإعدام والتفنن في المبالغة في وحشية القتل وسفك الدماء وقلة إحسان القِتلة، حتى ألفنا تصدرها للعناوين الرئيسية لدرجة أصبحنا معها قد نتفاجأ من خلو نشرة أخبار منها أكثر من تفاجئنا بها مهما بلغ حجم الموت والدمار الذي تعرض.

لكن اللافت حقا للانتباه هو أن المسلمين دوما هم الضحية والجاني جراء هذه الأحداث، فمعظم الدماء التي تسيل والأرواح التي تزهق إنما هي دماءٌ وأرواحٌ مسلمة، وفي النهاية تُحمل – أيضا - المسؤولية الجنائية والأخلاقية عن هذه الأحداث للمسلمين على فرضية أن الجناة منهم وأنهم ينتحلون مبدأ الإيغال والتشدد في الانتماء إلى الفكر الإسلامي، فإذا كان الأمر كذلك فلماذا لم تجد هذه الأسهم نحرا تصوب إليه سهامها غير نحر الإسلام؟ ولماذا لا يكتوي بنارها ولا يتأثر أحد منها مثل ما يتأثر المسلمون كضحايا مباشرين للاستهداف وكمسؤولين متحملين وزر الجريمة فيما بعد؟ ثم إن هذه التفجيرات تحدث دائما في أوساط تضج بالفقر والاحتياج فمن أين يتوفر لمنفذي هذه الجرائم الغطاء المالي والمخابراتي الذي يساعدهم على تنفيذ عملياتهم بنجاح يتجرع غصصه المسلمون زهقا لأرواحهم وسفكا لدمائهم ثم تضييقا عليهم في الوظائف والأعمال وفي حرية الحركة وانسيابية المرور والتعامل وحتى في أداء شعائرهم في بعض الأحيان؟!
نحن لا ندين بنظرية التآمر على إطلاقها ولا نعتقد بإمكانية توافر الإمكانات لجهة واحدة - مهما بلغت من الخبرة والتطور - للمسؤولية عن كل الأحداث الجسام في العالم، ولن يستطيع كيان مهما طالت واستطالت أيادي الشر فيه أن يتصرف خفية في كل تقلبات الكون ليوظفها لصالحه، بل من البديهي أن تكون عوامل صناعة الأحداث الجسام مركبة ومعقدة شأن تعقيد نتائجها وهو ما تقتضيه ضرورة اشتباك وتداخل مصالح المستفيدين منها، لكن كثرة تكرار هذه الأحداث وتشابهها وترابطها في ما يشبه الشبكات المحلية والعالمية أصبح يدعو إلى ضرورة فك أسرار اللغز وكشف خيوط التشابك والتشابه التي تجمع بينها تخليصا للمسلمين أولا من نير عار هذه الجرائم وللبشرية جمعاء من شرورها.

رغم كل ما يمكن أن يقال فإن ثمة حقائق مؤكدة لا يمكن أن يماري فيها أحد وهي أن الإسلام لا مصلحة له منظورة ولا متوقعة من تنفيذ هذه الجرائم ويكاد يكون هو المتضرر الوحيد أو على الأقل المتضرر الأكبر جراء تنفيذها وبالتالي فإن المسؤولية عنها لا ينبغي إلصاقها إلا بالمستفيد منها، كما أن المسؤولية الفكرية عن الإرهاب لا ينبغي إلصاقها بالإسلام لأنه الدين الوحيد – حسب علمي – الذي حرم إزهاق حتى دم الحيوانات والهررة لغير مصلحة ونص على أن قتلها بوحشية وبلا رحمة قد يكون سببا موجبا لدخول النار والعياذ بالله، يضاف إلى ذلك أن الدين الذي ارتضاه الله لنا جعل عنوانه مشتقا من مادة السلام فسماه الإسلام قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3]، وانتقى السلام اسما من أسمائه الحسنى؛ قال تعالى: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ} [الحشر: 23]، ثم جعل مفتاح المعاملات بين الناس، وبداية العلاقات واللقاءات فيما بينهم في لفظة السلام فتحية الإسلام السلام، والذين يعيشون مستجيبين لهدي ربهم في حياتهم الدنيا سيحظون يوم القيامة بتحية الله لهم وهي السلام، قال تعالى: {تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ} [الأحزاب: 44]، وسيحظون كذلك بتحية الملائكة لهم في الآخرة وهي السلام قال تعالى: {وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} [الرعد: 23، 24]، وهكذا فإن كلمة السلام التي أرسى دعائمها الإسلام للمسلمين شجرة وارفة الظلال تسع بفيئها البشرية جمعاء، وتضافرت الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية في إفشاء روح السلام بين العالمين، ويكفينا من ذلك أن لفظه ( السلم ) ومشتقاتها وردت في القران الكريم أكثر من 133 مرة، فلا يبقى مع هذا بصيص شائبة أو عُلاقة يتمسك بها من يريد أن يلصق بالإسلام حرفة سفك الدماء وترويع الآمنين .

إن حوادث القتل والدمار المفجعة التي تعصف بأمتنا هذه الأيام تجاوزت حتى أعراف الجاهليين العرب الذين كانوا – رغم ما هم عليه من تحلل من حرمة الدماء وسفك للأرواح وهتك للأرحام – لا ينتهكون حرمة الزمان والمكان، بينما تمضي آلة القتل وشلال الدماء لتفتك بأمتنا الإسلامية اليوم دون توقف ليل نهار، لا تتوقف لهدنة في الشهر الحرام ولا مكان عبادة ، وكأنها في سباق مع الزمن لحصد أكبر قدر من أرواح المسلمين في أقل عدد من الثواني في ديار المسلمين ثم ملاحقة المسلمين في الخارج لإلصاق تهم الإرهاب بهم وبملتهم، حتى أصبح مجرد الانتماء إلى الإسلام أو التَّزَيي بأي من مظاهره سببا كافيا للاعتقال والتوقيف ريثما تثبت البراءة .

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة