الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الصحافة ووكالات الأنباء

  • الكاتب:
  • التصنيف:الإعلام

الصحافة ووكالات الأنباء

الصحافة ووكالات الأنباء

الصحافة لغة: مُشتقَّة من الصحُف؛ جمع صحيفة، والصحيفة - كما شرحها ابن منظور في "لسان العرب" -: "هي التي يُكتَب فيها"، وفي القرآن الكريم: {إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى * صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى}[الأعلى: 18، 19]، والصحف هنا بمعنى الكتُب المنزَّلة، وفي "الصِّحَاح" للجَوْهريِّ أن الصحيفة، وجمعها صحف وصحائف، هي: الكتاب بمعنى الرسالة، ويُطلَق على الصحيفة أيضًا: الجريدة، وهي مأخوذة من الجرائد؛ أي: قُضبان النخل المجرَّدة من خُوصها، وقد كان العرب بعد الإسلام يَكتُبون على جرائد النخل، ومِن هنا كانت التسمية مجازيَّة؛ بمعنى أن الجريدة هي ما يُكتَب عليها.

وكلمة الصحافة بمعناها المُتعارَف عليه اليوم لم تَصِل إلينا إلا على يد نجيب حداد مُنشئ صحيفة "لسان العرب" في الإسكندرية (عام 1867 - 1899م)، وهو أول مَن استعمل لفظة (الصحافة) بمعنى صناعة الصحف والكتابة فيها، وقد استعمل العرب كلمة الورَّاق الذي يَنقُل عن الصحف، وقد عَرَّف بعضهم الصحيفة الحديثة: "بأنها كل نشرة مطبوعة تشتمل على أخبار ومعارف عامة، وتتضمَّن سير الحوادث والملاحظات والانتقادات التي تُعبِّر عن مشاعر الرأي العام، وتُعَدُّ للبيع في مواعيد دورية، وتُعرَض على الجمهور عن طريق الشراء والاشتراك".

ظهور الصحافة:
ظهرتْ أول صحيفة يوميَّة عام 1702م في إنكلترا، وعام 1777م في باريس بفرنسا، وعام 1784م في الولايات المتحدة الأمريكية، وعام 1828م في البلاد العربية؛ إذ ظهرت صحيفة الوقائع المصرية في عهد محمد علي باشا، وهي صحيفة حكومية ما زالت تصدر حتى الآن، وتهتمُّ بنشر البيانات والقرارات الرسميَّة للحكومة المصرية.

ومع العلم أن هناك صحيفة صدرَت باللغة الفرنسية في مصر عام 1798م، وذلك بعد احتلال مصر مِن قِبلَ الفرنسي نابليون بونابرت، وكذلك صحيفة "التنبيه" التي أصدرها بونابرت باللغة العربية.

وظيفة الصحافة:
في البداية كان للصحافة وظيفة وحيدة، هي الإخبار؛ أي: نقل الأخبار الحكومية، والاجتماعية والدولية، وإيصالُها للجَماهير.
إلا أن الوظيفة تطوَّرت بتطور المجتمعات الغربية خاصة، ووجود الرأي العام وقوة تأثيره على الأنظمة والحكومات، فأصبحت وظيفتها أكثر تعقيدًا من ذي قبل؛ إذ أخذت تهتمُّ بالتأثير على الرأي العام وتوجيهه؛ عن طريق النشر للمعلومات والأفكار، وأسلوب تفسير الأخبار، أو التعليق عليها، وقد تكون غايتها خيِّرة أو شريرة؛ إذ هي ليست خيِّرة على طول الخط، بل حسب المبادئ والعقائد التي تُموِّلها، ومن المُؤسِف حقًّا أن كثيرًا من الصحف التي تَصدُر في الشرق أو الغرب لا تراعي الحق في أخبارها وتفسيراتها وتعليقاتها، وخاصة ما يتعلَّق بالإسلام والمسلمين. وكذلك كثير مِن الصحف العربية لا تَستَحِقُّ أكثر من صفة "صحف صفراء"، وهي الصحف المأجورة للشرق أو للغرب.

بالإضافة إلى ذلك فإن كثيرًا من الصحف اليوم أخذت تهتمُّ بالترفيه والتسلية مع الأسف؛ إذ إن الترفيه بنظرها لا يكون إلا بملء الصفحات الفنيَّة بزعمِهم، وبأخبار الخليعين والخليعات، وبالصور العارية، والأخبار السخيفة، وبغثاء لا ينفع الناس.

وكالات الأنباء:
تُعَدُّ وكالات الأنباء في كل بلاد العالم عنصرًا جوهريًّا في الصحافة المعاصِرة؛ إذ إنها هي التي تُزوِّد جميعَ وسائل الإعلام بالأخبار العالمية، ويوجد في جميع بلاد العالم وكالات تَخص الدول المُتعدِّدة، إلا أن هناك أربع وكالات عالمية تَحتكِر الأنباء العالمية، وهي:

1- وكالة الأنباء الفرنسية (فرانس بريس) (أ. ف. ب)، بدأت عمَلها عام 1944.

2- وكالة الأسوشيتد برس (أ. ب) الأمريكيَّة، وقد تأسَّست عام 1848م.

3- وكالة اليونايتد برس (ي. ب) الأمريكية، وقد تأسَّست عام 1907م.

4- وكالة رويتر، وتَملِكها الصحافة البريطانية - تأسَّست عام 1851م من قِبَل البارون رويتر.

وهذه الوكالات تَبُث 90% من المادة الإعلامية الدولية، هذا السيل الإعلامي الموجَّه نحو بلدان الشرق الإسلامي خاصة، وما يَحتويه من أفكار وتفسيرات، يُعادِل 100 ضعف ما يوجَّه بالطريق المعاكس، والسؤال الآن: ألا يُعَدُّ هذا غزوًا فكريًّا ضخمًا غير قادِرين - حاليًّا - بأوضاعِنا الإسلامية المؤلِمة على مواجهته؟

والذي يُهمُّنا معرفته في هذا المجال، هو أن وكالات الأنباء هذه لا تكتفي بتقديم الأخبار، بل تفسيرها، والتعليق عليها من وجهة نظر كل وكالة، وكما ألمَحْنا عند حديثِنا حول الإذاعة البريطانية أن وكالات الأنباء الغربية الأربع تَستخدِم الأخبار بطريقة بارعة؛ لإحداث انطباعات معيَّنة في المجتمعات الأخرى، وهذا يعتمد على أسلوب صياغة الأخبار، وطريقة عرضِها، وإبراز بعض جوانبها دون البعض الآخر؛ حيث يقع المستمِع ضحية تفسيرات وأخبار تَخدُم مصلحة الغرب الصليبي قبل كل شيء.

ومِن المؤسف حقًّا أننا في الشرق الإسلامي نَعتمِد اعتمادًا كليًّا على هذه الوكالات، نَنقُل أخبارها حرفًا بحرف، حسب تصوراتها وتفسيراتها، دون أن نُتعِب أنفسَنا في تحليل الأنباء، وبيان أهدافِها ومراميها.

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة