الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قريش تعقد اجتماعها في دار الندوة

قريش تعقد اجتماعها في دار الندوة

قريش تعقد اجتماعها في دار الندوة

لقد ترك تتابع هجرة الصحابة من مكة إلى المدينة ، واجتماعهم بإخوانهم الأوس والخزرج وانضوائهم تحت قيادة واحدة أثراً ملموساً على قريش ، إذ شعرت أن أمنها وكيانها بدأ يهتز ويتزعزع ، الأمر الذي استدعى منها أن تجتمع وتنظر فيما هي فاعلة بشأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن تبقى من صحابته في مكة.

وعقد الاجتماع في دار الندوة ، وهي دار قصي بن كلاب التي كانت قريش لا تقضي أمراً إلا فيها ، وضم الاجتماع العديد من قبائل العرب ، وكان من جملة من حضر ذلك الاجتماع إبليس - أعاذنا الله من شره وكيده- الذي حضر على هيئة شيخ نجدي . وبعد مناقشات ومشاورات نتج عن ذلك الاجتماع ثلاثة آراء :

الرأي الأول : رأي إخراج الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة ، ونفيه منها ، وعدم المبالاة به أينما ذهب، ولكن الشيخ النجدي سرعان ما تدخل واعترض على ذلك بحجة قدرته في التأثير على من يحلّ عليهم فيطيعوه ، فيقوى شأنه ، ثم يعود إلى قريش .

وكان الرأي الثاني : أن يُحبس الرسول صلى الله عليه وسلم ، وتُغلق عليه الأبواب حتى يموت ، فينتهي خبره ، فاعترض الشيخ النجدي مرة أخرى ، محتجاً بأن أصحابه سيعرفون خبره ، ويبلغهم أمره ، فيعملون على فك أسره .

أما الرأي الثالث وهو الذي تم الاتفاق عليه فكان : أن يقتل الرسول صلى الله عليه وسلم ، وكان صاحب هذا الرأي كبير مجرمي مكة أبو جهل بن هشام ، الذي اقترح أن يُؤخذ من كل قبيلةٍ شابٌ قويٌ ذو نسب ، ثم يعطى كل واحدٍ منهم سيفاً صارماً ، فيعمدوا إليه جميعاً فيضربوه ضربة رجلٍ واحد ، فيتفرق دمه بين القبائل ، فلا يقدر بنو عبد مناف على حربهم جميعاً ، وقد لاقى هذا الرأي ارتياحاً وقبولاً عند المجتمعين ، وأيده الشيطان عليه من ربه ما يستحق .

وفض الاجتماع على العمل بهذا القرار الآثم الجائر الظالم الذي يدل على ما وصل إليه القوم من حقد وحنق، وظلم وبغي ، وكيف أن الكفر قد تغلغل في قلوبهم ، وتمكن من عقولهم .

وقد أشار القرآن الكريم إلى ما دُبِّر في ذاك الاجتماع ، قال تعالى : { وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين } (الأنفال :30)، إلا أن الله سبحانه وهو العاصم لرسوله من كل سوء كما أخبر بقوله : { والله يعصمك من الناس } (المائدة:67) ، وقد أرسل جبريل عليه السلام ليطلع رسول الله صلى الله عليه وسلم على حقيقة الأمر ، ويأمره في الوقت نفسه بأخذ الأهبة والاستعداد للهجرة ، وهو ما كان ينتظره صلى الله عليه وسلم . وهكذا بدأت الاستعدادات لترتيب أمر الهجرة سراً ، وتم الترتيب مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه بعد أن أخبره صلى الله عليه وسلم بأنه قد أُذن له في الخروج .

وهذا ما سنقف عليه في مناسبة أخرى إذا يسر الله ذلك ، والله ولي التوفيق .

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة