الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إساءات البابا.. حلقة في مسلسل الإهانة

إساءات البابا.. حلقة في مسلسل الإهانة

لم يكن في العالم حديث في الأيام السابقة إلا حول كلمة بابا الفاتيكان التي أساء فيها إلى دين الإسلام وتطاول فيها على نبي الإسلام، وأهان فيها المنتسبين لدين الإسلام من خلال محاضرة ألقاها في إحدى جامعات ألمانيا، ولما كان الحدث خطيرًا بخطورة الإساءات التي أساء بها لديننا ونبينا صلى الله عليه وسلم، وبقدر المكان الذي يمثله هذا الرجل في العالم؛ كان لابد وأن نقف وقفة من خلال بعض نقاط أرجو أن تكون محددة وواضحة.. وهذه النقاط هي:

أولا: هل هو خطأ غير المقصود
يحاول البعض أن يوهم الناس والمسلمين خاصة أن ما قاله بابا الفاتيكان لم يكن سوى خطأ غير مقصود، وقد كان يمكن أن نظن ذلك لو كانت مجرد كلمة عابرة خلال المحاضرة، فيقال إنها سقطة أو زلة لسان أو كلمة خانه فيها التعبير، لكن الحقيقة أن الحديث عن الإسلام أخذ ما يقارب ثلث المحاضرة أو ربعها على أقل تقدير، فالأمر ملاحظ ومدروس خصوصًا وهو رجل أكاديمي يعلم تمامًا معنى كلمة محاضرة، ومما يؤكد أن الرجل يعي تمامًا ما يقول ويقصده تمام القصد أنه لم يتهم الإسلام اتهاما واحدًا بل أربعة اتهامات كلها ثقيلة وكبيرة رغم كونها قديمة:
الأول: أن محمدًا صلى الله عليه وسلم لم يأت بجديد ولم يأت إلا بما هو شر أو غير إنساني.
الثاني: أن الإسلام انتشر بالسيف، وأنه دين عنف ودم.. وهي فرية قديمة جدًّا.
الثالث: أن صورة الإله في العقيدة الإسلامية لا تتماشى مع العقل.
الرابع: اتهام الإسلام بالجمود وعدم القابلية للتطور واستيعاب مستجدات الأمور.

فهل يمكن أن يقال بعد كل هذا إنه خطأ غير مقصود أو سوء فهم منا؟!! كما يقول بعض بني جلدتنا في سبيل التماس الأعذار والبحث عن مخرج.

لماذا ندافع عنهم؟
لا أدري لماذا ندافع عنهم؟ لماذا نبحث لهم عن مخارج لإساءاتهم واستهزائهم، عندما قال بوش إنها حرب صليبية قالوا لم يقصد، وإن الكلمة صرفت عن معناها، واستخدمت في غير مغزاها، وأخرجت عن سياقها.

ولما وصف برلسكوني (رئيس وزراء إيطاليا السابق) الإسلام بأنه "دين رجعي، ولا يواكب الحضارة، وأن الإسلام يدعو إلى العنصرية وهو دين الإرهاب"..، وجدنا من يدافع عنه، حتى الرسوم المسيئة في الدانمارك خرج علينا من يقول إن المسألة حرية صحافة وأن المسلمين كبروا الموضوع وأنه لم يكن ليستحق كل هذا.

وهكذا كلام ممثل الأرثوذكس في العالم يجد من يدافع عن تطاوله واستهزائه وسخريته.. فلماذا ندافع عنهم؟

لماذا نحاول أن نوهم عوام المسلمين أنهم يحبوننا ولا يبغضوننا؟! لماذا نحاول أن نخفي الحقيقة عن الناس أنهم أصحاب دين يطلبون نصره ويسعون لنشره، ولو على حساب سحق الإسلام وأهله.. لماذا يصر البعض على أنه ليست هناك حرب باسم النصرانية ضد الإسلام مع أنهم هم يقولون ذلك؟!
نعـم يقولون ذلك ويكتبون ذلك، ويعلنون ذلك وينشرون ذلك:
فقد كتبت مجلة (ناشيونال ريفيو) مقالاً بعنوان: "إنها الحرب فلنغزهم في بلادهم".. جاء فيه: علينا غزوهم في بلادهم، وقتل قادتهم، وإجبارهم على التحول إلى المسيحية.

وجاء في المقال الأسبوعي للنيويورك تايمز بتاريخ 7/10/2001م: "إنها حرب صليبية"، وفي نفس المجلة بعد سنوات بتاريخ 14/4/2004م: "إن عزم بوش للبقاء في العراق هو عزم وحماس المنصر الديني".

وفي تقرير بالقناة الأولى الألمانية 24/6/2004 عن دور الطوائف التنصيرية في العراق جاء فيه: "سيكون العراق مركزًا لانطلاق للحرب المقدسة".

وفي نفس القناة بتاريخ28/6/2004: "إن أمريكا تقوم بحرب نصرانية تبشيرية وجعل العراق قاعدة لتنصير العالم الإسلامي".

ونقلت صحيفة الحياة اللندنية عن نواب في حزب العمال البريطاني 8/2/2004 قولهم: "إن الحرب على العراق كانت حملة صليبية".

ولما ذهب رئيس الوزراء البريطاني لزيارة البصرة أقام قداسا مع الجنود وأنشدوا جميعا:
جند النصارى الزاحفون إلى الحرب
يتقدمكم صليب المسيح
وبظهور آية النصر
هربت كتائب الشيطان
إخوة نمشي على خطى سار عليها القديسون
وحدة الأمل والعقيدة.

وقديمًا قال الرئيس نيكسون: لقد انتصرنا على العدو الشيوعي ولم يبق لنا عدو إلا الإسلام.
وأخيرًا قال: مارك رايسكوت رئيس حملة الحزب الجمهوري 19/4/2004م: إن بوش يقود حملة صليبية عالمية ضد الإسلام.

فهذه أقوالهم وهذه حقيقتهم التي نحاول نحن إخفاءها، وصدق ربنا تعالى إذ يقول: {قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر}، ويقول: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ}(البقرة:109)، وقال: {وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}(البقرة:217)، و{وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} (البقرة:120)

لماذا تطاولوا علينا؟
إن الذي ينظر في السنوات الأخيرة إلى إساءات النصارى للإسلام يجد أنها قد ارتفعت وتيرتها، وزادت حدتها، وتنوعت مصادرها، فقد أسيء إلى الإسلام من قبل الساسة والقادة، وأسيء إلى الإسلام من قبل الكتاب والمثقفين، وأسيء إلى الإسلام من قبل الممثلين والفنانين، وأسيء إلى الإسلام من قبل الصحفيين والإعلاميين، ومن فترة ويساء إلى الإسلام من قبل قساوسة ومبشرين وأخيرًا من قبل أكبر رأس في رجال الدين النصراني.. حتى الكاريكاتير لم يجد رساموه في المسلمين ما يخوفهم، وأرادوا أن يشاركوا في الحملة وأن يضربوا بسهم فيها.. وكأنهم يجرعوننا المذلة على جميع مستوياتهم، وبكل طوائفهم وبكل الأساليب وما تركوا بابا من أبواب الإهانة إلا وفعلوه جهارًا نهارًا.. طعنوا في ديننا، وبالوا على قرآننا، واستهزؤوا برسولنا، وسخروا من كل ما هو إسلامي.. فما الذي جرأهم على ذلك؟

إنه حالنا وهواننا فإنهم لم يجدوا في المسلمين ما يردعهم أو يمنعهم، لم يجدوا رشيدًا يكتب لملوكهم "يابن الكافرة الجواب ما ترى لا ما تسمع"، لم يجدوا معتصمًا يجرد جيشا لا من أجل امرأة نادت واامعتصماه، بل من أجل دين يهان ونبي يستهزأ به، فمن أي شيء يخافون ولماذا لا يتطاولون، وقديمًا قيل:
تعدو الذئاب على من لا كلاب له .. .. وتتقي مربض المستأسد الضاري
وكل حق لا يحميه سيف فهو ضائع.
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة على قصعتها ....".

ماهو المطلوب منا:
مطلوب اليوم من علماء الأمة وقفة واضحة شجاعة لتوضيح الأمور وفضح السياسات الصليبية القديمة والحديثة، دون مواربة، وإلا فإن صمت العلماء يعتبر مريبًا وغير مبرر ولا مفهوم.

مطلوب من كل صاحب قلم أن يكتب ويدافع عن دينه وعن رسوله في الصحف السيارة، وفي المجلات ومواقع النت.

مطلوب من كل صاحب لسان وبيان أن ينافح عن رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم.

مطلوب من كل مسلم أن يعلم حقيقة أهل الكفر وأنهم جميعا تمتلئ قلوبهم قيحا وصديدا على المسلمين ودينهم.

مطلوب عودة إلى دين الله تشجي حلوقهم وتدمي قلوبهم حين يرون تمسك المسلمين بهذا الدين العظيم.

مطلوب هبة على مستوى القادة تدلل على أنهم مازالوا يعتزون بدينهم ويحبون نبيهم فإذا لم يكن للفاتيكان بضاعة يقاطعها الشعوب فإن لنا فيها تمثيلا سياسيا يمكن الضغط بسحبه أو أي صورة تبين أننا مازلنا مسلمين.

مطلوب زرع حب رسول الله في قلوب الناشئة وتعليمهم سيرته حتى تتعلق بهم قلوبهم وتشتاق للدفاع عنه نفوسهم ويكونوا مستعدين لبذل كل غال ورخيص من أجل ألا يمس جنابه الكريم من قبل أي كافر أو جاحد لئيم.

مطلوب الكثير حتى تعود لأمة الإسلام هيبتها وتسترد لها كرامتها ولكن إلى ذلك الحين تحملوا فما يأتي سيكون أضعاف ما مضى وصدق ربي {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ} (آل عمران:118).

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة

لا يوجد مواد ذات صلة