الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

موجبات الوضوء وما يستحب له

موجبات الوضوء وما يستحب له

موجبات الوضوء وما يستحب له

أولاً: موجبات الوضوء

موجبات الوضوء هي الأمور التي يُشترط الوضوءُ لها، ويجب من أجلها، وإذا أحدث الشخصُ حَرُمَت عليه، وهي:

1- الصلاة:

فقد قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [سورة المائدة:6]، أي: إذا أردتم القيام إلى الصلاة فيجب عليكم الوضوء.
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : (لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ) رواه البخاري ومسلم.
فَدَلَّت النصوصُ على أن الصلاة لا تصح بدون الوضوء؛ يستوي في ذلك العالم والجاهل والذاكر والناسي ، ولكن إن صلى بغير وضوء جاهلاً أو ناسيًا فلا إثم عليه، وتجب عليه الإعادة.

2- الطواف حول الكعبة:

يجب الوضوء للطواف بالبيت الحرام سواء أكان الطواف فرضًا أم نفلاً؛ لفعله - صلى الله عليه وسلم - ، فقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما أن عائشة - رضي الله تعالى عنها - قالت: (إن أول شيء بدأ به – صلى الله عليه وسلم - حين قَدِمَ مكة أنه توضأ، ثم طاف بالبيت)، وقد أمرَ النبي - صلى الله عليه وسلم - بالاقتداء بأفعاله في الحج فقال: (لتأخذوا مناسككم؛ فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه) رواه مسلم.
ولأن الطواف بالكعبة كالصلاة، فتجب فيه الطهارة، قال - صلى الله عليه وسلم - : (الطواف بالبيت صلاة، إلا أن الله أحل فيه النطق، فمن نطق فيه فلا ينطق إلا بخير) رواه الحاكم وابن حبان.

3- مَسُّ المصحف وحملُه:

يجب الوضوء من أجل مس المصحف وحمله لقول الله تعالى: {لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة:79]، وقوله - صلى الله عليه وسلم - : (لا يمَسُّ القرآنَ إلا طاهر) رواه الحاكم .

ويَحْرُم على المُحْدِثُ حَمْلُ المصحف؛ لأن مسّه حرام، وحمله أَوْلَى.
ويجوز للمُحْدِث تصفُّح أوراق المصحف بعود أو قلم؛ لأنه غير مباشر له.
ويجوز للمُحْدِث حمل المصحف في حقيبة ضِمْنَ أمتعة أخرى، كما يجوز له مس المصحف إن كان ضمن تفسيرٍ وكان التفسير أكثر من القرآن؛ لأن ذلك لا يُخِلُّ بتعظيمه.
ويجوز للصبيان حَمْلُ المصحف وهم مُحْدثون؛ لأنهم لا يستطيعون المحافظة على طهارتهم، وحاجتهم ماسة لحمله من أجل حفظه.

ثانيًا: ما يُستحب له الوضوء

يُسْتَحبُّ الوضوء ويُندبُ في الأحوال التالية:

1- عند قراءة القرآن وذكر الله تعالى:

وذلك من إجلال الله تعالى وتعظيمه، وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يَكْره أن يَذكُر الله تعالى على غير طهارة؛ كما ثبت في الحديث عن المهاجر بن قنفذ - رضي الله، تعالى عنه - ، أنه أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يبول، فسلم عليه، فلم يرد عليه حتى توضأ، ثم اعتذر إليه فقال: (إني كرِهت أن أذكر الله عز وجل إلا على طُهر) أو قال: (على طهارة) رواه أبو داود وابن ماجه.

والقرآن أفضل أنواع الذكر ، فيُستحب لقارئ القرآن أن يقرأه حال كونه متوضئًا.

ومع كون الوضوء لقراءة القرآن مستحبّ إلا أن القراءة تجوز بدونه. ودلَّ على جواز التّلاوة على غير وضوء أحاديث، من أظهرها: حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها حيث قالت: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه) رواه مسلم، أي: حتى ولو كان غير متوضئ، فدل هذا الحديث على أن الوضوء لقراءة القرآن وذكر الله تعالى مستحب وليس بواجب.

2- عند كل صلاة:

فمع كون الوضوء كافٍ ومجزئ لأداء جميع الصلوات به ما لم يُحدث المتوضئ، إلا أن العادة المستمرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم هي الوضوء لكل وقت صلاة، فعن أنس بن مالك - رضي الله تعالى عنه - قال: (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ عند كل صلاة) رواه البخاري.

3- عند إرادة الجُنُبُ معاودة الجماع:

فيُستحب للجنب من جماع زوجته إذا أراد أن يُعاود الجماع أن يتوضأ بين الجِماعَين ؛ فعن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعود فليتوضأ) رواه مسلم.

4- إذا أراد الجنب النومَ أو الأكل أو الشرب:

فيستحب للجنب إذا أراد النوم أو الأكل أو الشرب أن يتوضأ؛ وذلك اقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ، فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن ينام وهو جنب، غسل فرجه، وتوضأ للصلاة) رواه البخاري ومسلم. والمراد: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد أن ينام وهو جنب، توضأ وضوءًا مثل وضوءه للصلاة.
وفي رواية عند الإمام مسلم: عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كان جنبًا، فأراد أن يأكل أو ينام، توضأ وضوءَه للصلاة).

5- قبل الغُسل من الجنابة:

يُستحب للجنب أن يتوضأ قبل أن يُعمِّمَ جسده بالماء في الاغتسال من الجنابة؛ فقد بيَّنت أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها صفة غُسْل النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة يبدأ فيغسل يديه، ثم يُفرغ بيمينه على شماله فيغسل فرجه، ثم يتوضأ وضوءَه للصلاة. ثم يأخذ الماء فيدخل أصابعه في أصول الشعر، حتى إذا رأى أن قد استبرأ حَفَنَ على رأسه ثلاث حفنات، ثم أفاض على سائر جسده، ثم غسل رجليه) رواه مسلم.

6- عند النوم:

يستحب أن ينام المسلم على طهارة، وبذلك كان صلى الله عليه وسلم يوصي صحابته الكرام، فعن البراء بن عازب رضي الله تعالى عنه قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (إذا أتيت مَضْجَعَك، فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن، وقل: اللهم أسلمت نفسي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رهبةً ورغبةً إليك، لا مَلجأ ولا مَنْجا منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبنبيك الذي أرسلت. فإن مُتَّ مُتَّ على الفطرة، فاجعلهن آخر ما تقول) رواه البخاري ومسلم.

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة