الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مشروعية الغسل وحكمته

مشروعية الغسل وحكمته

مشروعية الغسل وحكمته

عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (حق على كل مسلم، أن يغتسل في كل سبعة أيام يوماً، يغسل فيه رأسه وجسده) متفق عليه.

معنى الغُسل

هو جَرَيانُ الماء على جميع البدن بنية مخصوصة.

مشروعية الغسل

الغسل مشروع في دين الإسلام، سواء أكان للطهارة ورفع الأحداث أم للنظافة والتَّبَرُّد والنشاط. وقد دل على مشروعية الغسل: القرآن والسنة والإجماع.

أما القرآن: فقد وردت آيات كثيرة تحُثُّ عليه، منها قول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة:222]، أي: إن الله يحب التوابين من الذنوب، ويحب المتطهرين بالماء من الأحداث والنجاسات.

وأمَّا السنة: فهذا الحديث الذي نحن بصدد شرحه، حيث روى البخاري ومسلم في "صحيحيهما" عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (حق على كل مسلم، أن يغتسل في كل سبعة أيام يوماً، يغسل فيه رأسه وجسده).

والمراد بـ (الحَقِّ) هنا: أنه مما يتأكد طلبُه، وأنه مما لا يليق بالمسلم تركُه، وقد حمله العلماء على غسل يوم الجمعة.

وأما الإجماع: فقد أجمع الأئمة المجتهدون على أن الغسلَ لصحة العبادة واجبٌ وشَرْطٌ لها، وأن الغسل للنظافة مستحب، ولا يُعْرف في هذا مخالفٌ.

حكمة مشروعيته

للغسل حِكَمٌ كثيرة وفوائد متعددة، منها:

1- حصول الثواب: فالغسل الشرعي عبادةٌ تُكْسِبُ صاحبَها الثواب؛ لأن في فعله والإتيان به امتثال لأمر الشارع وتطبيق لأحكامه، فكان فيه الأجر الكبير، قال صلى الله عليه وسلم: (الطُّهور شطر الإيمان) رواه مسلم، وشَطرُ الشيء: نصفُهُ، والطُّهور يشمل الوضوء والغُسل، والمراد بـ (الإيمان) هنا الصلاةُ كما قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} [البقرة:143]، والطهارة شرط في صحة الصلاة فصارت كالشَّطْرِ.

2- حصول النظافة: فالغُسل يُزيل ما أصاب الجسم من القَذَرَ، وما عَلِقَ به مِن وَسخَ، وما يُفرِزُه من عَرَق، كما يزيل الرائحة الكريهة التي تنبعِثُ منه.

وفي هذه النظافة التي يُكْسِبُها الاغتسالُ وِقايةٌ للجسم من الجراثيم التي تسبب الأمراض، وفيها تَطْيِيبٌ لرائحته، مما يدعو لحصول الألفة والمحبة والاحترام بين الناس؛ ولذلك طلبه الشَّرع في مواطنَ كثيرةٍ يجتمع فيها الناس، كالغسل للجمعة، والغسل للعيدين، ونحوهما.

وقد روى الإمام مسلم في "صحيحه" عن عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها أنها قالت: كان الناسُ أهلَ عملٍ، ولم يكن لَهُم كُفَاةٌ -هم الخَدَم الذين يكفونهم العمل- فكانوا يكون لهم تَفَلٌ -رائحةٌ كريهة- فقيل لهم: (لو اغتسلتم يوم الجمعة!).

وعن عائشة رضي الله تعالى عنها أيضًا أنها قالت: كان الناس ينتابون يوم الجمعة من منازلهم والعوالي -هي القُرى التي حول المدينة- فيأتون في الغبار، يصيبهم الغبار والعَرَق، فيخرجُ منهم العرقُ، فأتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم إنسانٌ منهم، وهو عندي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لو أنكم تطهرتم ليومكم هذا!) رواه البخاري ومسلم.

3- حصول النشاط: فالغسل يُكْسِبُ جسمَ المغتسلِ حيوية ونشاطًا، ويطرُد عنه الخمول والفتور والكسل، ولاسيما إذا كان بعد أسبابهِ الموجبةِ له كالجماع.

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة