الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحاديث الولي في النكاح

أحاديث الولي في النكاح

أحاديث الولي في النكاح

جاءت الشريعة بما يحفظ للخلق حقوقهم، ويصون أعراضهم، ومن ذلك الحق الذي جعله الله بيد الأولياء، وهو ما يعبر عنه الفقهاء بـ(الولاية على المرأة في النكاح)؛ حفاظا على حق المرأة من الضياع، ومع ذلك لم يسمح الشارع للأولياء بالتعسف في استعمال هذا الحق في إهدار حق المرأة ومصادرة رأيها في شريك حياتها، فنهى عن العضل، وجعلهن أحق بأنفسهن بالمعروف.

وفي الأحاديث اعتبار لحق الولي في النكاح، وفي بعضها اعتبار لحق المرأة أيضا، مما جعل في ذهن بعض الناس تداخلاً أو تعارضا بين الأحاديث، وبيان ذلك فيما يلي:

الأحاديث في حق الولي:

حديث أبي موسى الأشــعري رضي الله عنه أن رســول الله صلى الله عليه وسلم قـال: (لا نكاح إلا بولي) رواه أبو داود وغيره بأسانيد موصولة ومرسلة، وكلها صحيحة كما قال الحاكم في المستدرك.

حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها ، فنكاحها باطل ، فنكاحها باطل ، فنكاحها باطل ، فإن دخل بها فالمهر لها بما استحل من فرجها ، فإن اشتجروا ، فالسلطان ولي من لا ولي له) رواه الترمذي، وحسنه وقال: "والعمل في هذا الباب على حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (لا نكاح إلا بولي) عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، منهم: عمر بن الخطاب ، وعلي بن أبي طالب ، وعبدالله بن عباس ، وأبو هريرة ، وغيرهم".

الأحاديث في حق المرأة في الاستئذان والاستئمار:

في صحيح مسلم عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الأيم أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها)، وفي رواية: (الأيم أحق بنفسها)، فهل معنى الحديث أنها أحق بنفسها من وليها فتتولى النكاح بنفسها من دون وليها؟ أم أن الحق لا زال لوليها ؟ وكيف نجمع بين هذين الظاهرين المتعارضين؟

قال النووي: "وقوله صلى الله عليه و سلم "أحق بنفسها" يحتمل من حيث اللفظ أن المراد أحق من وليها في كل شيء من عقد وغيره، كما قاله أبو حنيفة وداود، ويحتمل أنها أحق بالرضا أي لا تُزوَّج حتى تنطق بالإذن بخلاف البكر، ولكن لمَّا صح قوله صلى الله عليه وسلم: (لا نكاح إلا بولى) مع غيره من الأحاديث الدالة على اشتراط الولي، تعين الاحتمال الثاني".

ومن خلال قوله صلى الله عليه وسلم: (أحق) يتبين أن الحق مشترك بين المرأة وبين وليها، فهي أحق بنفسها لكن مع إذن وليها وبهذا يزول التداخل بين الحقين، ويرتفع التعارض بين ظواهر النصوص السابقة، على أنه لا بد من الإشارة إلى أن هذه المسألة من مسائل الخلاف بين الفقهاء ليس هذا موضع بيانه، فقد قال بعض الفقهاء بجواز أن تزوج المرأة نفسها من غير وليها، وهو رأي لأبي حنيفة وأبي يوسف، وبعضهم ربما نسب القول إجمالا الى الأحناف وهذا خطأ، ففي المذهب خلاف في هذه المسألة على ثلاثة أقوال: صحة العقد، وعدم الصحة، وتوقف الصحة على إذن الولي، ولكن لما كان هذا القول معارضا للنص حكى بعض أهل العلم إجماع الصحابة على اشتراط الولي في النكاح إشارة إلى عدم اعتبار الخلاف مع النص حتى قال ابن المنذر: إنه لا يُعرف عن أحد من الصحابة خلاف في ذلك.

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة