الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعجيل الفطر وتأخير السحور

تعجيل الفطر وتأخير السحور

تعجيل الفطر وتأخير السحور

عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أَن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لاَ يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الفِطْرَ) متفق عليه، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السُّحُورِ بَرَكَةً) متفق عليه.

وعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: "كُنْتُ أَتَسَحَّرُ فِي أَهْلِي، ثُمَّ يَكُونُ سُرْعَةٌ بِي أَنْ أُدْرِكَ صَلَاةَ الْفَجْرِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم" رواه البخاري، وعن أنس عن زيد بن ثابت رضي الله عنهما قال: "تَسَحَّرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ، قُلْتُ: كَمْ كَانَ بَيْنَ الأَذَانِ وَالسَّحُورِ؟ قَالَ: قَدْرُ خَمْسِينَ آيَةً" رواه البخاري.

يرتبط بشعيرة الصيام سنن نبوية كثيرة، منها: "تعجيل الفطر" و"تأخير السحور"، وهما من سنن الرحمة في ديننا الحنيف، لأنهما يتعلقان بالالتزام بما فرضه الله تعالى علينا وشرعه لنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم دون زيادة أو نقصان، فالزيادة غلوّ والنقصان تفريط.

تعجيل الفطر

يتجلّى ذلك في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لاَ يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الفِطْرَ): قال الإمام النووي: "أي لا يزال أمر الأمة منتظما وهم بخير ما داموا محافظين على هذه السُّنّة، وإذا أخروه كان ذلك علامة على فساد يقعون فيه"، فتعجيل الفطر علامة على أنهم ملتزمون بسُّنَّة النبي صلى الله عليه وسلم، كما أنهم رحماء بأنفسهم وأهليهم، فلا يُرهقون أبدانهم بما لا فائدة منه، ويتحقق ذلك التعجُّل بشيء من التمر أو الماء بمجرَّد دخول وقت المغرب، كما في الحديث المتفق عليه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أقبل الليل من هاهنا، وأدبر النهار من هاهنا، وغربت الشمس؛ فقد أفطر الصائم).

وعند الإمام مسلم عن أبي عطية قال: دخلت أنا ومسروق على عائشة رضي الله عنها فقال لها مسروق: رجلان من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كلاهما لا يألو عن الخير: أحدهما يعجل المغرب والإفطار، والآخر يؤخر المغرب والإفطار؟ فقالت: "من يعجل المغرب والإفطار؟"، قال: عبد الله يعني ابن مسعود، فقالت: "هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع".

تأخير السحور

وأما تأخير السحور فإنه من السنن الفعلية التي نقلها كثير من الصحابة رضوان الله عليهم عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما في حديث زيد بن ثابت رضي الله عنهما قال: "تَسَحَّرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ، قلت: كَمْ كَانَ بَيْنَ الأَذَانِ وَالسَّحُورِ؟ قَالَ: قَدْرُ خَمْسِينَ آيَةً" رواه البخاري، وحديث سهل بن سعد رضي الله عنه قال: "كُنْتُ أَتَسَحَّرُ فِي أَهْلِي، ثُمَّ يَكُونُ سُرْعَةٌ بِي أَنْ أُدْرِكَ صَلَاةَ الْفَجْرِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" رواه البخاري، وهذا يعني أن الفارق بين انتهاء السحور والفجر دقائق قليلة، وهذا التأخير يعطي الصائم قوة على الصيام، وقدرة على تحمُّل مشقَّة الجوع والعطش؛ لكن ينبغي أن يكون الدافع الحقيقي لتأخير السحور هو الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم واتباعه، ومخالفة أهل الكتاب، حتى يتحصّل أجر هذه السُّنَّة.

ودليل مخالفة أهل الكتاب ما أخرجه الإمام مسلم وغيره عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص قال: كان عمرو بن العاص رضي الله عنه يأمرنا أن نصنع له طعاما ليتسَحَّرَ به, قال: فَلا يُصِيبُ منه كثيرًا, فقلنا: تأْمُرُنا به ولا تُصِيبُ منه كثيرًا, فقال: "إِنِّي لا آمُرُكُمْ أَنِّي أَشْتَهِيهِ, وَلَكِنِّي سَمِعْت ُرَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إِنَّ فَصْلَ مَا بَيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ أَكْلَةُ السَّحَرِ) رواه مسلم.

فلنحرص على تطبيق سنتي: "تعجيل الفطر" و"تأخير السحور" حتى ننال ما يترتب عليهما من فضائل، وننال أجر إحياء هاتين السُّنتين من سنن المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه.

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة