الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أنماط التَّوكيد في لغة الحديث الشَّريف 3-3

أنماط التَّوكيد في لغة الحديث الشَّريف 3-3

أنماط التَّوكيد في لغة الحديث الشَّريف 3-3

لا يزال حديثنا موصولًا عن أنماط التَّوكيد في لغة الحديث النّبويّ الشَّريف، من خلال دراسة متن الأحاديث النّبويّة الواردة في (صحيح البخاري)، حيث نكمل ما تبقى من الكلام على النَّمط الثّالث: وهو التّوكيد بالقَصْر، فمن أنواعه غير ما سبق ذكره.

الجملة ذات الفعل المتعدّي إلى مفعولين بوساطة:

أ- الجملة ذات الفعل المتعدّي إلى الأوّل بنفسه، والثّاني بحرف الجرّ: (ما، وإلاّ):
ومِن أمثلة ذلك في حديث النَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (ما أَجِدُ لكم إلاّ أنْ تلحقوا بالذَّوْدِ).
الجملة السّابقة فعلها (أجد) وفاعلها الضّمير المستتر (أنا) العائد على النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام، ومفعولها الأوّل المصدر المؤوّل من (أن تلحقوا بالذّود) ومفعولها الثّاني (لكم)، ولم ترد غير هذه الجملة في هذا النّمط.

ب- الجملة ذات الفعل المتعدّي إلى الأوّل بوساطة الألف، وإلى الثّاني بحرف جرّ: (لا، وإلاّ):
ومِن أمثلة ذلك في حديث النَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (لا يُبايعُهُ إلاّ لدُنْيا).
الجملة السّابقة تألّفت من الفعل (يبايع)، وفاعله ضمير مستتر تقديره (هو) يعود على رجل ما، ومفعوله الأوّل (الهاء) ومفعوله الثّاني (لدينا)، وقد أكّد مضمون الجملة بوساطة قصر الفاعل على المفعول الثّاني، ولم ترد غيرها.

جـ- قَصر المفعول على الفاعل:
1- الجملة ذات الفعل المتعدّي إلى مفعول واحد بنفسه: (لا، وإلاّ):
ومِن أمثلة ذلك في حديث النَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (مفتاح الغيبِ خمسٌ، لا يعلمها إلاّ اللهُ)، (في بابٍ يُسمى الريانُ، لا يدخلُهُ إلاّ الصائمون)، (ولا يمْلأ عَينَ ابن آدم إلا التّرابُ).
فيما مرّ جمل تألّفت من الفعل (يعلم، يدخل، يملأ)، وفاعل كلّ جملة (الله، الصّائمون، التّراب)، ومفعول كلّ جملة (الهاء، الهاء، عين)، وقد أكّد مضمون هذه الجمل بوساطة قصر المفعول على الفاعل، وقد وردت هذه الصّورة في (أربعة عشر) موضعًا.
2- الجملة ذات الفعل المتعدّي إلى مفعول واحد بزيادة الهمزة: (لا، وإلاّ):
ومِن أمثلة ذلك في حديث النَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (الأنصار لا يُحِبُّهم إلاّ مؤمنٌ).
فيما مرّ جملة فعلها (يحب)، وفاعله (مؤمن)، ومفعول (الهاء)، وقد أكّد مضمونها بوساطة قصر المفعول على الفاعل، وقد وردت هذه الصّورة في (ثلاثة) مواضع.
3- الجملة ذات الفعل المتعدّي إلى مفعولين بنفسه: (لا، وإلاّ):
ومِن أمثلة ذلك في حديث النَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (لا يَمْنَعُهُ أن يَنْقَلِبَ إلى أهله إلاّ الصَّلاةُ).
في المثال السّابق جملة فعلها (يمنع)، وفاعلها (الصّلاة) والمفعول الأوّل (الهاء)، والمفعول الثّاني المصدر المؤوّل من (أن ينقلب)، وقد أكّد مضمون الجملة بوساطة قصر المفعولين على الفاعل، وقد وردت هذه الجملة في موضع (واحد).
4- الجملة ذات الفعل المتعدي إلى المفعول الأول بالهمزة، والثّاني بحرف الجرّ: (لا، وإلا):
ومِن أمثلة ذلك قول النَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (لا يُنْجيْكُمْ من هذه الصخرة إلاّ أنْ تدعوا اللهَ بصالح أعمالكم).
الجملة السّابقة فعلها (ينجي) وفاعلها المصدر المؤوّل من (أنْ تدعوا اللهَ)، ومفعوله الأوّل (الكاف)، ومفعوله الثّاني (من هذه الصّخرة)، وقد أكّد مضمونها بوساطة قصر المفعولين على الفاعل، ولم يرد غيرها في هذا النّمط.

التّركيب الثّاني: القَصْر بـ(إنَّما):

ورد هذا التّركيب في (ثلاثة وثلاثين) موضعًا، على وفق ما يأتي:

أوّلًا: الجملة ذات الفعل الماضي التّام المبني للمعلوم:
أ. قصر الفعل على الفاعل: ومِن أمثلة ذلك قول النَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (إنّما ذَبَحَ لنفسِهِ)، (إنّما سمَّيتَ على كلبِك).
فيما مرّ جملتان تألـّفتا من الفعل (ذبح، سمّى)، ومن الفاعل (الضّمير المستتر (هو)، (التّاء)، وقد أكّد مضمونها بوساطة قصر الفعل على الفاعل، وقد وردت هذه الصّورة في (خمسة) مواضع.
ب. قصر الفعل على المفعول به: (الجملة ذات الفعل المتعدي إلى مفعولٍ واحدٍ بنفسه): ومِن أمثلة ذلك في حديث النَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (إنما صَنَعْتُ هذا لتأتمّوا).
في المثال السّابق جملة فعلية فعلها (صَنَعَ)، وفاعلها (التّاء) ومفعولها (هذا)، وقد أكّد مضمونها بوساطة قصر الفاعل على المفعول، وقد وردت في (أربعة) مواضع.

ثانيًا: الجملة ذات الفعل الماضي التّام المبني للمجهول:
أ. قصر الفعل على نائب الفاعل: ومِن أمثلة ذلك قول النَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (إنّما جُعِلَ الإمامُ ليُـؤتمَّ به).
فيما مرّ جملة فعلية فعلها (جُعِلَ)، والنّائب عن الفاعل (الإمام)، وقد أكّد مضمونها بوساطة قصر الفعل على نائب الفاعل، وقد وردت هذه الجملة في (سبعة) مواضع.
ب. قصر نائب الفاعل على المفعول به: ومِن أمثلة ذلك قول النَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (إنّما جُعِلْتُ قاسِمًا أقْسِمُ بينكم).
في المثال السّابق جملة فعلها (جُعِلَ)، والنّائب عن الفاعل (التّاء)، والمفعول به (قاسمًا)، وقد أكّد مضمونها بوساطة قصر نائب الفاعل على المفعول، وقد وردت هذه الجملة في موضع واحد فقط.

ثالثًا: الجملة ذات الفعل المضارع التّام المبني للمعلوم:
أ. قصر الفعل على الفاعل: ومِن أمثلة ذلك قول النَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (إنّما تَحزنُ لهم ضروعُ مواشيهم)، فهذه جملة تألّفت من الفعل (تحزن)، والفاعل (ضروعُ)، وقد أكّد مضمونها بوساطة قصر الفعل على الفاعل، وقد وردت في (ثلاثة) مواضع.
ب. قصر الفاعل على المفعول به:
- الجملة ذات الفعل المتعدّي إلى مفعوله بنفسه: ومِن أمثلة ذلك قول النَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (إنّما يرحمُ الله من عباده الرحماءَ)، (إنّما يُجرجرُ في بطنه نار جهنّم).
فيما مر جملتان تألفتا من الفعل (يناجي، يجرجر)، والفاعل (لفظ الجلالة (الله)، الضّمير المستتر (هو)، والمفعول به (الرّحماء، نارَ)، وقد أكّد مضمون الجملتين بوساطة قصر الفاعل على المفعول به، وقد وردت هذه الجملة في (سبعة) مواضع.
- الجملة ذات الفعل المتعدي إلى مفعوله بوساطة:
الجملة ذات الفعل المتعدي بوساطة الألف: ومِن أمثلة ذلك في حديث النَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (إنّما يناجي ربَّه).
في المثال السّابق جملة مؤلّفة من الفعل (يناجي)، وفاعله ضمير مستتر تقديره (هو) ومفعوله (رب)، وقد أكّد مضمونها بوساطة قصر الفاعل على المفعول، ولم يرد غيرها.
الجملة ذات الفعل المتعدّي بوساطة التّشديد والهمزة: ومِن أمثلة ذلك في حديث النَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (إنّما أتَألَّفُهُم).
فيما مرّ جملة تألّفت من الفعل (أتألّف)، وفاعله الضّمير المستتر (أنا)، ومفعوله الهاء، وقد أكّد مضمونها بوساطة قصر الفاعل على المفعول، ولم يرد في هذا المضمار غيرها.
ج. قصر المفعول به على الفاعل: ومِن أمثلة ذلك في حديث النَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (إنّما يلبسُ هذا مَنْ لا خَلاق له).
فيما مرّ جملة فعلها (يلبس)، وفاعله (من)، ومفعوله (هذا)، وقد أكّد مضمونها بوساطة قصر المفعول به على الفاعل، وقد وردت هذه الجملة في (موضعين).

رابعًا: الجملة ذات الفعل المضارع التّام المبني للمجهول:
قصر الفعل على نائب الفاعل: ومِن أمثلة ذلك في حديث النَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (إنّما يُستخرجُ بالنَّذْرِ مِنَ البَخيل).
فيما مرّ جملة فعلها (يستخرج)، والنّائب عن الفاعل (من البخيل)، وقد أكّد مضمونها بوساطة قصر الفعل على نائب الفاعل، ولم يرد غيرها في هذا المضمار.

خامسًا: الجملة الفعلية ذات الفعل الماضي النّاقص:
قصر الاسم على الخبر: ومِن أمثلة ذلك في حديث النَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (إنّما كان الّذي أُتيت وحيًا).
المثال السّابق جملة فعليّة فعلها (كان) النّاقصة، واسمه (الّذي) وخبره (وحي)، وقد أكّد مضمون الجملة بوساطة قصر الاسم على الخبر، ولم يرد غيرها في هذا المضمار.

والله وليّ التّوفيق.

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة