الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عودة أرض العرب مروجاً وأنهاراً

عودة أرض العرب مروجاً وأنهاراً

عودة أرض العرب مروجاً وأنهاراً

يمر كوكب الأرض بدورات مناخية متقلبة ، هذه الدورات تتم على مراحل زمنية متطاولة ومتدرجة قد تمتد إلى مئات بل آلاف السنين .

وقد اكتشف علماء الجيولوجيا في العصر الحديث ، أن الأرض قد مرت بعدد من دورات زحف الجليد على اليابسة ، وتعرف هذه الدورات باسم " الدورات الجليدية " ، حيث تتحول كمية من مياه البحار إلى ثلوج ، وتتجمع في أحد قطبي الأرض أو فيهما معاً ، ثم تبدأ بالزحف في اتجاه خط الاستواء ، وقد ينحسر الزحف في الدورة الواحدة عدة مرات ، وفي أثناء هذا الزحف الجليدي على اليابسة تتحول مناطق معينة في خطوط الطول والعرض العليا إلى مناطق جليدية تنعدم فيها الحياة ، بينما يتغير الطقس في مناطق أخرى ، فتتحول إلى مناطق أمطار غزيرة ، بسبب التغير الحاصل في المناخ ، ومن هذه المناطق الحزام الصحراوي الممتد من موريتانيا غرباً إلى أواسط آسيا شرقاً ، حيث ثبت أن هناك أودية جافة منتشرة في صحارى تلك المنطقة ، وأنها شقت في تلك الفترة حين كانت أنهاراً متدفقة ثم جفت مع تناقص كمية الأمطار .

ومن ذلك ما حدث في بلاد العرب ، فقد ثبت بالدراسة أن جزيرة العرب قد مرت خلال الثلاثين ألف السنة الماضية بفترات ممطرة ، كُسِيَت خلالها بالمروج الخضراء ، وتدفقت فيها الأنهار بالمياه الجارية ، وتحولت المنخفضات فيها إلى بحيرات ، حتى إن صحراء الربع الخالي التي تعتبر اليوم واحدة من أكثر مناطق الأرض جفافاً ، ثبت أن بها أعداداً من البحيرات الجافة والمجاري المائية المدفونة تحت رمالها ، وأن تلك البحيرات والمجاري كانت زاخرة بالحياة ومتدفقة بالمياه إلى زمن قوم عاد ، الذين أقاموا في جنوب الجزيرة العربية حضارة لا تدانيها حضارة في زمنها ، وقد حكى لنا القرآن شيئا من أخبارهم ، فقال عز وجل عن نبيه هود وهو يعظ قومه ويذكرهم نعم الله عليهم : {واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون * أمدكم بأموال وبنين * وجنات وعيون * إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم } (الشعراء: 132- 135) .

ونحن اليوم نعيش في نهاية آخر دورة من دورات الانحسار الجليدي ، ويبشر العلماء ببداية دورة جليدية جديدة ، وقد بدأت بوادرها بالفعل ، حيث تشير الدراسات المناخية إلى أننا قادمون على فترة ممطرة جديدة ، شواهدها بدايات زحف الجليد في نصف الكرة الشمالي باتجاه الجنوب ، وانخفاض في درجات حرارة فصل الشتاء ، ولولا التزايد المطرد في معدلات التلوث البيئي التي تزيد من ظاهرة الاحتباس الحراري ، لشاهدنا زحف الجليد على كل من أمريكا الشمالية وأوربا وآسيا في زماننا الراهن ، مما يؤكد عودة هذه الصحراء القاحلة مروجاً وأنهارا مرة أخرى .

فهذه الحقائق لم يتوصل الإنسان إلى معرفتها إلا في العقود المتأخرة من القرن العشرين ، وقد أشار إليها النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل ذلك بقرون متطاولة وأزمان متباعدة ، وذلك في الحديث الذي رواه الإمام مسلم عن أبي هريرة حيث قال : ( لا تقوم الساعة حتى يكثر المال ويفيض ، حتى يخرج الرجل بزكاة ماله فلا يجد أحدا يقبلها منه ، وحتى تعود أرض العرب مروجا وأنهارا ) .

والعود في الأصل هو رجوع الشيء إلى ما كان عليه سابقاً ، وعلى هذا يكون المعنى أن أرض العرب كانت مروجاً وأنهارا ً، وأنها بعد فترة من الزمن ستعود ثانية فتجري فيها الأنهار ، وتمتلئ بالمروج الخضراء التي تغطي أرضها .

فمن أين له - صلى الله عليه وسلم - الإتيان بهذه الحقائق الكونية التي لم يدركها العلماء إلا في العصر الحديث ، إن لم يكن نبيا رسولاً ، تلقى هذا العلم عن رب الكون ، وخالق السموات والأرض ، الذي أرسله وأيده بهذه المعجزات والبراهين لتقوم بها الحجة على العالمين في كل زمان ومكان.

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة