ولما بين تعالى دلائل التوحيد ، تأثره بقصص بعثة الرسل لعلو كلمته ، فقال سبحانه :
[ ص: 4395 ] القول في تأويل قوله تعالى :
[23 - 25]
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=23ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=24فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما هذا إلا بشر مثلكم يريد أن يتفضل عليكم ولو شاء الله لأنـزل ملائكة ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين nindex.php?page=treesubj&link=31788_31791_32024_33953_34167_28994nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=25إن هو إلا رجل به جنة فتربصوا به حتى حين .
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=23ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=24فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما هذا أي : الداعي إلى عبادة الله وحده . بدعوى الرسالة منه :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=24إلا بشر مثلكم يريد أن يتفضل عليكم أي : أن يطلب الفضل عليكم ويرأسكم ، كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=78وتكون لكما الكبرياء في الأرض nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=24ولو شاء الله أي : إرسال رسول :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=24لأنـزل ملائكة أي : من السماء :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=24ما سمعنا بهذا أي : بمثل ما يدعو إليه :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=24في آبائنا الأولين nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=25إن هو إلا رجل به جنة فتربصوا به حتى حين أي : لعله يرجع أو يفيق من جنته أو يتمادى فنكيد له . قال الرازي : واعلم أنه سبحانه ما ذكر الجواب عن شبههم هذه الخمسة ، لركاكتها ووضوح فسادها . وذلك لأن كل عاقل يعلم أن الرسول لا يصير رسولا إلا لأنه من جنس الملك . وإنما يصير كذلك بأن يتميز من غيره بالمعجزات . فسواء كان من جنس الملك أو جنس البشر ، فعند ظهور المعجز عليه يجب أن يكون رسولا . بل جعل الرسول من جملة البشر أولى . لما مر بيانه في السورة المتقدمة . وهو أن الجنسية مظنة الألفة والمؤانسة . وأما قولهم :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=24يريد أن يتفضل [ ص: 4396 ] عليكم فإن أرادوا به إرادته لإظهار فضله ، حتى يلزمهم الانقياد لطاعته ، فهذا واجب على الرسول . وإن أرادوا به أن يرتفع عليهم على سبيل التجبر والتكبر والانقياد ، فالأنبياء منزهون عن ذلك . وأما قولهم :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=24ما سمعنا بهذا فهو استدلال بعدم التقليد ، على عدم وجود الشيء . وهو في غاية السقوط . لأن وجود التقليد لا يدل على وجود الشيء . فعدمه من أن يدل على عدمه ؟ وأما قولهم :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=25به جنة فقد كذبوا . لأنهم كانوا يعلمون بالضرورة كمال عقله . وأما قولهم :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=25فتربصوا به فضعيف . لأنه إن ظهرت الدلالة على نبوته وهي المعجزة ، وجب عليهم قبول قوله في الحال ، ولا يجوز توقيف ذلك إلى ظهور دولته . لأن الدولة لا تدل على الحقيقة . وإن لم يظهر المعجز لم يجز قبول قوله ، سواء ظهرت الدولة أو لم تظهر . ولما كانت هذه الأجوبة في نهاية الظهور ، لا جرم تركها الله سبحانه ، انتهى .
وَلَمَّا بَيَّنَ تَعَالَى دَلَائِلَ التَّوْحِيدِ ، تَأَثَّرَهُ بِقِصَصِ بِعْثَةِ الرُّسُلِ لِعُلُوِّ كَلِمَتِهِ ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ :
[ ص: 4395 ] الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :
[23 - 25]
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=23وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=24فَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لأَنْـزَلَ مَلائِكَةً مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الأَوَّلِينَ nindex.php?page=treesubj&link=31788_31791_32024_33953_34167_28994nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=25إِنْ هُوَ إِلا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ .
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=23وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=24فَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَذَا أَيِ : الدَّاعِي إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ . بِدَعْوَى الرِّسَالَةِ مِنْهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=24إِلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ أَيْ : أَنْ يَطْلُبَ الْفَضْلَ عَلَيْكُمْ وَيَرْأَسَكُمْ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=78وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الأَرْضِ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=24وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ أَيْ : إِرْسَالَ رَسُولٍ :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=24لأَنْـزَلَ مَلائِكَةً أَيْ : مِنَ السَّمَاءِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=24مَا سَمِعْنَا بِهَذَا أَيْ : بِمِثْلِ مَا يَدْعُو إِلَيْهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=24فِي آبَائِنَا الأَوَّلِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=25إِنْ هُوَ إِلا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ أَيْ : لَعَلَّهُ يَرْجِعُ أَوْ يُفِيقُ مِنْ جَنَّتِهِ أَوْ يَتَمَادَى فَنَكِيدُ لَهُ . قَالَ الرَّازِيُّ : وَاعْلَمْ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ مَا ذَكَرَ الْجَوَابَ عَنْ شُبَهِهِمْ هَذِهِ الْخَمْسَةِ ، لِرَكَاكَتِهَا وَوُضُوحِ فَسَادِهَا . وَذَلِكَ لِأَنَّ كُلَّ عَاقِلٍ يَعْلَمُ أَنَّ الرَّسُولَ لَا يَصِيرُ رَسُولًا إِلَّا لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِ الْمَلَكِ . وَإِنَّمَا يَصِيرُ كَذَلِكَ بِأَنْ يَتَمَيَّزَ مِنْ غَيْرِهِ بِالْمُعْجِزَاتِ . فَسَوَاءٌ كَانَ مِنْ جِنْسِ الْمَلَكِ أَوْ جِنْسِ الْبَشَرِ ، فَعِنْدَ ظُهُورِ الْمُعْجَزِ عَلَيْهِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ رَسُولًا . بَلْ جَعْلُ الرَّسُولِ مِنْ جُمْلَةِ الْبَشَرِ أَوْلَى . لِمَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي السُّورَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ . وَهُوَ أَنَّ الْجِنْسِيَّةَ مَظِنَّةُ الْأُلْفَةِ وَالْمُؤَانَسَةِ . وَأَمَّا قَوْلُهُمْ :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=24يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ [ ص: 4396 ] عَلَيْكُمْ فَإِنْ أَرَادُوا بِهِ إِرَادَتَهُ لِإِظْهَارِ فَضْلِهِ ، حَتَّى يَلْزِمَهُمُ الِانْقِيَادُ لِطَاعَتِهِ ، فَهَذَا وَاجِبٌ عَلَى الرَّسُولِ . وَإِنْ أَرَادُوا بِهِ أَنْ يَرْتَفِعَ عَلَيْهِمْ عَلَى سَبِيلِ التَّجَبُّرِ وَالتَّكَبُّرِ وَالِانْقِيَادِ ، فَالْأَنْبِيَاءُ مُنَزَّهُونَ عَنْ ذَلِكَ . وَأَمَّا قَوْلُهُمْ :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=24مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فَهُوَ اسْتِدْلَالٌ بِعَدَمِ التَّقْلِيدِ ، عَلَى عَدَمِ وُجُودِ الشَّيْءِ . وَهُوَ فِي غَايَةِ السُّقُوطِ . لِأَنَّ وُجُودَ التَّقْلِيدِ لَا يَدُلُّ عَلَى وُجُودِ الشَّيْءِ . فَعَدَمُهُ مِنْ أَنْ يَدُلَّ عَلَى عَدَمِهِ ؟ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=25بِهِ جِنَّةٌ فَقَدْ كَذَّبُوا . لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْلَمُونَ بِالضَّرُورَةِ كَمَالَ عَقْلِهِ . وَأَمَّا قَوْلُهُمْ :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=25فَتَرَبَّصُوا بِهِ فَضَعِيفٌ . لِأَنَّهُ إِنْ ظَهَرَتِ الدَّلَالَةُ عَلَى نُبُوَّتِهِ وَهِيَ الْمُعْجِزَةُ ، وَجَبَ عَلَيْهِمْ قَبُولُ قَوْلِهِ فِي الْحَالِ ، وَلَا يَجُوزُ تَوْقِيفُ ذَلِكَ إِلَى ظُهُورِ دَوْلَتِهِ . لِأَنَّ الدَّوْلَةَ لَا تَدُلُّ عَلَى الْحَقِيقَةِ . وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ الْمُعْجِزُ لَمْ يَجُزْ قَبُولُ قَوْلِهِ ، سَوَاءٌ ظَهَرَتِ الدَّوْلَةُ أَوْ لَمْ تَظْهَرْ . وَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الْأَجْوِبَةُ فِي نِهَايَةِ الظُّهُورِ ، لَا جَرَمَ تَرَكَهَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ ، انْتَهَى .