القول في تأويل قوله تعالى :
[62 - 63]
nindex.php?page=treesubj&link=28640_30356_30497_30504_30506_34113_28994nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=62ولا نكلف نفسا إلا وسعها ولدينا كتاب ينطق بالحق وهم لا يظلمون nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=63بل قلوبهم في غمرة من هذا ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون .
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=62ولا نكلف نفسا إلا وسعها جملة مستأنفة ، سيقت للتحريض على ما وصف به السابقون من فعل الطاعات المؤدي إلى نيل الخيرات ، ببيان سهولته ، وكونه غير خارج عن حد الوسع والطاقة . أي : سنتنا جارية على ألا نكلف نفسا من النفوس إلا ما في وسعها . أو للترخيص فيما هو قاصر عن درجة أعمال أولئك الصالحين ، ببيان
nindex.php?page=treesubj&link=20716_28642أنه تعالى لا يكلف عباده إلا ما في وسعهم . فإن لم يبلغوا في فعل الطاعات مراتب السابقين ، فلا عليهم ، بعد أن يبذلوا طاقاتهم ويستفرغوا وسعهم ، أفاده
أبو السعود .
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=62ولدينا كتاب ينطق بالحق وهو كتاب الأعمال . كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=29هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=62وهم لا يظلمون nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=63بل قلوبهم في غمرة من هذا أي : مما عليه هؤلاء الموصوفون من المؤمنين :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=63ولهم أعمال أي : سيئة كثيرة :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=63من دون ذلك أي : الذي ذكر من كون قلوبهم في غفلة ، وهي فنون كفرهم ومعاصيهم :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=63هم لها عاملون أي : معتادون لا يزايلونها .
[ ص: 4406 ] تنبيه :
أغرب الإمام
أبو مسلم الأصفهاني فيما نقله عنه
الرازي ، فذهب إلى أن قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=63بل قلوبهم في غمرة من هذا إلى آخر الآية ، من تتمة صفات المؤمنين المشفقين . كأنه سبحانه قال بعد وصفهم :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=62ولا نكلف نفسا إلا وسعها ونهايته ما أتى به هؤلاء المشفقون ، ولدينا كتاب يحفظ أعمالهم ينطق بالحق وهم لا يظلمون . بل نوفر عليهم ثواب كل أعمالهم
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=63بل قلوبهم في غمرة من هذا هو أيضا وصف لهم بالحيرة كأنه قال : وهم مع ذلك الوجل والخوف كالمتحيرين في جعل أعمالهم مقبولة أو مردودة
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=63ولهم أعمال من دون ذلك أي : لهم أيضا من النوافل ووجوه البر سوى ما هم عليه . إما أعمالا قد عملوها في الماضي أو سيعملونها في المستقبل . ثم إنه تعالى رجع .
قال
الرازي : وقول
أبي مسلم أولى لأنه إذا أمكن رد الكلام إلى ما يتصل به من ذكر المشفقين ، كان أولى من رده إلى ما بعد منه ، وقد يوصف المرء لشدة فكره في أمر آخرته ، بأن قلبه في غمرة ، ويراد أنه قد استولى عليه الفكر في قبول عمله أو رده ، وفي أنه هل أداه كما يجب أو قصر . انتهى .
وبعد فإن نظم الآية الكريمة يحتمل لذلك . ولكن لم يرد وصف الغمرة في حق المؤمنين أصلا بل لم يوصف بها إلا قلوب المجرمين ، كما تراه في الآيات أولا . فالذوق الصحيح ورعاية نظائر الآيات ، يأبى ما أغرب به
أبو مسلم أشد الإباء . والله أعلم .
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :
[62 - 63]
nindex.php?page=treesubj&link=28640_30356_30497_30504_30506_34113_28994nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=62وَلا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=63بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هَذَا وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِنْ دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=62وَلا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ ، سِيقَتْ لِلتَّحْرِيضِ عَلَى مَا وُصِفَ بِهِ السَّابِقُونَ مِنْ فِعْلِ الطَّاعَاتِ الْمُؤَدِّي إِلَى نَيْلِ الْخَيْرَاتِ ، بِبَيَانِ سُهُولَتِهِ ، وَكَوْنِهِ غَيْرَ خَارِجٍ عَنْ حَدِّ الْوُسْعِ وَالطَّاقَةِ . أَيْ : سُنَّتُنَا جَارِيَةٌ عَلَى أَلَّا نُكَلِّفَ نَفْسًا مِنَ النُّفُوسِ إِلَّا مَا فِي وُسْعِهَا . أَوْ لِلتَّرْخِيصِ فِيمَا هُوَ قَاصِرٌ عَنْ دَرَجَةِ أَعْمَالِ أُولَئِكَ الصَّالِحِينَ ، بِبَيَانِ
nindex.php?page=treesubj&link=20716_28642أَنَّهُ تَعَالَى لَا يُكَلِّفُ عِبَادَهُ إِلَّا مَا فِي وُسْعِهِمْ . فَإِنْ لَمْ يَبْلُغُوا فِي فِعْلِ الطَّاعَاتِ مَرَاتِبَ السَّابِقِينَ ، فَلَا عَلَيْهِمْ ، بَعْدَ أَنْ يَبْذُلُوا طَاقَاتِهِمْ وَيَسْتَفْرِغُوا وُسْعَهُمْ ، أَفَادَهُ
أَبُو السُّعُودِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=62وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُوَ كِتَابُ الْأَعْمَالِ . كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=29هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=62وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=63بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هَذَا أَيْ : مِمَّا عَلَيْهِ هَؤُلَاءِ الْمَوْصُوفُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=63وَلَهُمْ أَعْمَالٌ أَيْ : سَيِّئَةٌ كَثِيرَةٌ :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=63مِنْ دُونِ ذَلِكَ أَيِ : الَّذِي ذُكِرَ مِنْ كَوْنِ قُلُوبِهِمْ فِي غَفْلَةٍ ، وَهِيَ فُنُونُ كُفْرِهِمْ وَمَعَاصِيهِمْ :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=63هُمْ لَهَا عَامِلُونَ أَيْ : مُعْتَادُونَ لَا يُزَايِلُونَهَا .
[ ص: 4406 ] تَنْبِيهٌ :
أَغْرَبَ الْإِمَامُ
أَبُو مُسْلِمٍ الْأَصْفَهَانِيُّ فِيمَا نَقَلَهُ عَنْهُ
الرَّازِيُّ ، فَذَهَبَ إِلَى أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=63بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هَذَا إِلَى آخِرِ الْآيَةِ ، مِنْ تَتِمَّةِ صِفَاتِ الْمُؤْمِنِينَ الْمُشْفِقِينَ . كَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ قَالَ بَعْدَ وَصْفِهِمْ :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=62وَلا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا وَنِهَايَتُهُ مَا أَتَى بِهِ هَؤُلَاءِ الْمُشْفِقُونَ ، وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَحْفَظُ أَعْمَالَهُمْ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ . بَلْ نُوَفِّرُ عَلَيْهِمْ ثَوَابَ كُلِّ أَعْمَالِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=63بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هَذَا هُوَ أَيْضًا وَصْفٌ لَهُمْ بِالْحَيْرَةِ كَأَنَّهُ قَالَ : وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ الْوَجَلِ وَالْخَوْفِ كَالْمُتَحَيِّرِينَ فِي جَعْلِ أَعْمَالِهِمْ مَقْبُولَةً أَوْ مَرْدُودَةً
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=63وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِنْ دُونِ ذَلِكَ أَيْ : لَهُمْ أَيْضًا مِنَ النَّوَافِلِ وَوُجُوهِ الْبِرِّ سِوَى مَا هُمْ عَلَيْهِ . إِمَّا أَعْمَالًا قَدْ عَمِلُوهَا فِي الْمَاضِي أَوْ سَيَعْمَلُونَهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ . ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى رَجَعَ .
قَالَ
الرَّازِيُّ : وَقَوْلُ
أَبِي مُسْلِمٍ أَوْلَى لِأَنَّهُ إِذَا أَمْكَنَ رَدُّ الْكَلَامِ إِلَى مَا يَتَّصِلُ بِهِ مِنْ ذِكْرِ الْمُشْفِقِينَ ، كَانَ أَوْلَى مِنْ رَدِّهِ إِلَى مَا بَعُدَ مِنْهُ ، وَقَدْ يُوصَفُ الْمَرْءُ لِشِدَّةِ فِكْرِهِ فِي أَمْرِ آخِرَتِهِ ، بِأَنَّ قَلْبَهُ فِي غَمْرَةٍ ، وَيُرَادُ أَنَّهُ قَدِ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ الْفِكْرُ فِي قَبُولِ عَمَلِهِ أَوْ رَدِّهِ ، وَفِي أَنَّهُ هَلْ أَدَّاهُ كَمَا يَجِبُ أَوْ قَصَّرَ . انْتَهَى .
وَبَعْدُ فَإِنَّ نَظْمَ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ يَحْتَمِلُ لِذَلِكَ . وَلَكِنْ لَمْ يَرِدْ وَصْفُ الْغَمْرَةِ فِي حَقِّ الْمُؤْمِنِينَ أَصْلًا بَلْ لَمْ يُوصَفْ بِهَا إِلَّا قُلُوبُ الْمُجْرِمِينَ ، كَمَا تَرَاهُ فِي الْآيَاتِ أَوَّلًا . فَالذَّوْقُ الصَّحِيحُ وَرِعَايَةُ نَظَائِرِ الْآيَاتِ ، يَأْبَى مَا أَغْرَبَ بِهِ
أَبُو مُسْلِمٍ أَشَدَّ الْإِبَاءِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .