nindex.php?page=treesubj&link=28994قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=20وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين
فيه ست مسائل : الأولى : قوله تعالى : ( وشجرة ) شجرة عطف على جنات . وأجاز
الفراء الرفع لأنه لم يظهر الفعل ، بمعنى وثم شجرة ؛ ويريد بها شجرة الزيتون . وأفردها بالذكر لعظيم منافعها في أرض
الشام والحجاز وغيرهما من البلاد ، وقلة تعاهدها بالسقي والحفر وغير ذلك من المراعاة في سائر الأشجار . ( تخرج ) في موضع الصفة .
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=20من طور سيناء أي أنبتها الله في الأصل من هذا الجبل الذي بارك الله فيه .
وطور سيناء من أرض
الشام وهو الجبل الذي كلم الله عليه
موسى - عليه السلام - ؛ قاله
ابن عباس وغيره ، وقد تقدم في البقرة والأعراف . والطور الجبل في كلام العرب . وقيل : هو مما عرب من كلام العجم . وقال
ابن زيد : هو جبل
بيت المقدس ممدود من
مصر إلى
أيلة . واختلف في سيناء ؛ فقال
قتادة : معناه الحسن ؛ ويلزم على هذا التأويل أن ينون الطور على النعت . وقال
مجاهد : معناه مبارك . وقال
معمر عن فرقة : معناه شجر ؛ ويلزمهم أن ينونوا الطور . وقال الجمهور : هو اسم الجبل ؛ كما تقول
جبل أحد . وعن
مجاهد أيضا : سيناء حجر بعينه أضيف الجبل إليه لوجوده عنده . وقال
مقاتل : كل جبل يحمل الثمار فهو سيناء ؛ أي حسن . وقرأ الكوفيون بفتح السين على وزن فعلاء ؛ وفعلاء في كلام العرب كثير ؛ يمنع من الصرف في المعرفة والنكرة ؛ لأن في آخرها ألف التأنيث ، وألف التأنيث ملازمة لما هي فيه ، وليس في الكلام فعلاء ، ولكن من قرأ سيناء بكسر السين جعله فعلالا ؛ فالهمزة فيه كهمزة حرباء ، ولم يصرف في هذه الآية لأنه جعل اسم بقعة . وزعم
الأخفش أنه اسم أعجمي .
الثانية :
nindex.php?page=treesubj&link=28994قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=20تنبت بالدهن قرأ الجمهور ( تنبت ) بفتح التاء وضم الباء ، والتقدير : تنبت ومعها الدهن ؛ كما تقول : خرج زيد بسلاحه . وقرأ
ابن كثير ، وأبو عمرو بضم التاء وكسر الباء . واختلف في التقدير على هذه القراءة ؛ فقال
أبو علي الفارسي : التقدير
[ ص: 108 ] تنبت جناها ومعه الدهن ؛ فالمفعول محذوف . وقيل : الباء زائدة ؛ مثل
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=195ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وهذا مذهب
أبي عبيدة . وقال الشاعر :
نضرب بالسيف ونرجو بالفرج
وقال آخر :
هن الحرائر لا ربات أخمرة سود المحاجر لا يقرأن بالسور
ونحو هذا قاله
أبو علي أيضا ؛ وقد تقدم . وقيل : نبت وأنبت بمعنى ؛ فيكون المعنى كما مضى في قراءة الجمهور ، وهو مذهب
الفراء ، وأبي إسحاق ، ومنه قول
زهير :
حتى إذا أنبت البقل
nindex.php?page=showalam&ids=13721والأصمعي ينكر أنبت ، ويتهم قصيدة
زهير التي فيها :
رأيت ذوي الحاجات حول بيوتهم قطينا بها حتى إذا أنبت البقل
أي نبت . وقرأ
الزهري ، والحسن ، nindex.php?page=showalam&ids=13723والأعرج ( تنبت بالدهن ) برفع التاء ونصب الباء . قال
ابن جني ، والزجاج : هي باء الحال ؛ أي تنبت ومعها دهنها . وفي قراءة
ابن مسعود : ( تخرج بالدهن ) وهي باء الحال .
ابن درستويه : الدهن الماء اللين ؛ تنبت من الإنبات . وقرأ
زر بن حبيش ( تنبت ) بضم التاء وكسر الباء ( الدهن ) بحذف الباء ونصبه . وقرأ
سليمان بن عبد الملك ، والأشهب ( بالدهان ) . والمراد من الآية تعديد نعمة الزيت على الإنسان ، وهي من أركان النعم التي لا غنى بالصحة عنها . ويدخل في معنى الزيتون شجر الزيت كله على اختلافه بحسب الأقطار .
الثالثة :
nindex.php?page=treesubj&link=28994قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=20وصبغ للآكلين قراءة الجمهور . وقرأت فرقة ( وأصباغ ) بالجمع . وقرأ
عامر بن عبد قيس ( ومتاعا ) ؛ ويراد به الزيت الذي يصطبغ به الأكل ؛ يقال : صبغ وصباغ ؛ مثل دبغ ودباغ ، ولبس ولباس . وكل إدام يؤتدم به فهو صبغ ؛ حكاه
الهروي ، وغيره . وأصل الصبغ ما يلون به الثوب ، وشبه الإدام به لأن الخبز يلون بالصبغ إذا غمس فيه . وقال
مقاتل : الأدم الزيتون ، والدهن الزيت . وقد جعل الله تعالى في هذه الشجرة أدما ودهنا ؛ فالصبغ على هذا الزيتون .
الرابعة : لا خلاف أن كل ما يصطبغ فيه من المائعات كالزيت ، والسمن ، والعسل ، والرب ،
[ ص: 109 ] والخل ، وغير ذلك من الأمراق أنه إدام . وقد نص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الخل ، فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500299نعم الإدام الخل رواه تسعة من الصحابة ، سبعة رجال وامرأتان . وممن رواه في الصحيح
جابر ، nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة ، وخارجة ، وعمر ، وابنه
عبيد الله ، nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ، nindex.php?page=showalam&ids=3وأبو هريرة ، nindex.php?page=showalam&ids=24وسمرة بن جندب ، وأنس ، nindex.php?page=showalam&ids=94وأم هانئ .
الخامسة : واختلف فيما كان جامدا كاللحم ، والتمر ، والزيتون ، وغير ذلك من الجوامد ؛ فالجمهور أن ذلك كله إدام ؛ فمن
nindex.php?page=treesubj&link=16533حلف ألا يأكل إداما فأكل لحما أو جبنا حنث . وقال
أبو حنيفة : لا يحنث ؛ وخالفه صاحباه . وقد روي عن
أبي يوسف مثل قول
أبي حنيفة . والبقل ليس بإدام في قولهم جميعا . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في التمر وجهان ؛ والمشهور أنه ليس بإدام لقوله في التنبيه . وقيل يحنث ؛ والصحيح أن هذا كله إدام . وقد روى
أبو داود ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=9228يوسف بن عبد الله بن سلام قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500300رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - أخذ كسرة من خبز شعير فوضع عليها تمرة فقال : هذا إدام هذه . وقال : صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=836055سيد إدام الدنيا والآخرة اللحم . ذكره
أبو عمر . وترجم
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ( باب الإدام ) وساق حديث
عائشة ؛ ولأن الإدام مأخوذ من المؤادمة وهي الموافقة ، وهذه الأشياء توافق الخبز فكان إداما . وفي الحديث عنه - عليه السلام - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=864053ائتدموا ولو بالماء .
nindex.php?page=showalam&ids=11990ولأبي حنيفة أن حقيقة الإدام الموافقة في الاجتماع على وجه لا يقبل الفصل ؛ كالخل ، والزيت ،
[ ص: 110 ] ونحوهما ، وأما اللحم ، والبيض ، وغيرهما لا يوافق الخبز بل يجاوزه كالبطيخ ، والتمر ، والعنب . والحاصل : أن كل ما يحتاج في الأكل إلى موافقة الخبز كان إداما ، وكل ما لا يحتاج ويؤكل على حدة لا يكون إداما ، والله أعلم .
السادسة : روى
الترمذي من حديث
عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500301كلوا الزيت وادهنوا به فإنه من شجرة مباركة . هذا حديث لا يعرف إلا من حديث
عبد الرزاق ، وكان يضطرب فيه ، فربما يذكر فيه عن
عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وربما رواه على الشك فقال : أحسبه عن
عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وربما قال : عن
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - . وقال
مقاتل : خص
الطور بالزيتون لأن أول الزيتون نبت منها . وقيل : إن الزيتون أول شجرة نبتت في الدنيا بعد الطوفان . والله أعلم .
nindex.php?page=treesubj&link=28994قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=20وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ
فِيهِ سِتُّ مَسَائِلَ : الْأُولَى : قَوْلُهُ تَعَالَى : ( وَشَجَرَةً ) شَجَرَةً عُطِفَ عَلَى جَنَّاتٍ . وَأَجَازَ
الْفَرَّاءُ الرَّفْعَ لِأَنَّهُ لَمْ يَظْهَرِ الْفِعْلُ ، بِمَعْنَى وَثَمَّ شَجَرَةً ؛ وَيُرِيدُ بِهَا شَجَرَةَ الزَّيْتُونِ . وَأَفْرَدَهَا بِالذِّكْرِ لِعَظِيمِ مَنَافِعِهَا فِي أَرْضِ
الشَّامِ وَالْحِجَازِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْبِلَادِ ، وَقِلَّةِ تَعَاهُدِهَا بِالسَّقْيِ وَالْحَفْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمُرَاعَاةِ فِي سَائِرِ الْأَشْجَارِ . ( تَخْرُجُ ) فِي مَوْضِعِ الصِّفَةِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=20مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ أَيْ أَنْبَتَهَا اللَّهُ فِي الْأَصْلِ مِنْ هَذَا الْجَبَلِ الَّذِي بَارَكَ اللَّهُ فِيهِ .
وَطُورِ سَيْنَاءَ مِنْ أَرْضِ
الشَّامِ وَهُوَ الْجَبَلُ الَّذِي كَلَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ
مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ؛ قَالَهُ
ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْبَقَرَةِ وَالْأَعْرَافِ . وَالطُّورُ الْجَبَلُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ . وَقِيلَ : هُوَ مِمَّا عُرِّبَ مِنْ كَلَامِ الْعَجَمِ . وَقَالَ
ابْنُ زَيْدٍ : هُوَ جَبَلُ
بَيْتِ الْمَقْدِسِ مَمْدُودٌ مِنْ
مِصْرَ إِلَى
أَيْلَةَ . وَاخْتُلِفَ فِي سَيْنَاءَ ؛ فَقَالَ
قَتَادَةُ : مَعْنَاهُ الْحَسَنُ ؛ وَيَلْزَمُ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ أَنْ يُنَوَّنَ الطُّورُ عَلَى النَّعْتِ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : مَعْنَاهُ مُبَارَكٌ . وَقَالَ
مَعْمَرٌ عَنْ فِرْقَةٍ : مَعْنَاهُ شَجَرٌ ؛ وَيَلْزَمُهُمْ أَنْ يُنَوِّنُوا الطُّورَ . وَقَالَ الْجُمْهُورُ : هُوَ اسْمُ الْجَبَلِ ؛ كَمَا تَقُولُ
جَبَلُ أُحُدٍ . وَعَنْ
مُجَاهِدٍ أَيْضًا : سَيْنَاءُ حَجَرٌ بِعَيْنِهِ أُضِيفَ الْجَبَلُ إِلَيْهِ لِوُجُودِهِ عِنْدَهُ . وَقَالَ
مُقَاتِلٌ : كُلُّ جَبَلٍ يَحْمِلُ الثِّمَارَ فَهُوَ سَيْنَاءُ ؛ أَيْ حَسَنٌ . وَقَرَأَ الْكُوفِيُّونَ بِفَتْحِ السِّينِ عَلَى وَزْنِ فَعْلَاءَ ؛ وَفَعْلَاءُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ كَثِيرٌ ؛ يُمْنَعُ مِنَ الصَّرْفِ فِي الْمَعْرِفَةِ وَالنَّكِرَةِ ؛ لِأَنَّ فِي آخِرِهَا أَلِفَ التَّأْنِيثِ ، وَأَلِفُ التَّأْنِيثِ مُلَازِمَةٌ لِمَا هِيَ فِيهِ ، وَلَيْسَ فِي الْكَلَامِ فَعْلَاءُ ، وَلَكِنْ مَنْ قَرَأَ سِينَاءَ بِكَسْرِ السِّينِ جَعَلَهُ فِعْلَالًا ؛ فَالْهَمْزَةُ فِيهِ كَهَمْزَةِ حِرْبَاءَ ، وَلَمْ يُصْرَفْ فِي هَذِهِ الْآيَةِ لِأَنَّهُ جُعِلَ اسْمَ بُقْعَةٍ . وَزَعَمَ
الْأَخْفَشُ أَنَّهُ اسْمٌ أَعْجَمِيٌّ .
الثَّانِيَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=28994قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=20تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ قَرَأَ الْجُمْهُورُ ( تَنْبُتُ ) بِفَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّ الْبَاءِ ، وَالتَّقْدِيرُ : تَنْبُتُ وَمَعَهَا الدُّهْنُ ؛ كَمَا تَقُولُ : خَرَجَ زَيْدٌ بِسِلَاحِهِ . وَقَرَأَ
ابْنُ كَثِيرٍ ، وَأَبُو عَمْرٍو بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الْبَاءِ . وَاخْتُلِفَ فِي التَّقْدِيرِ عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ ؛ فَقَالَ
أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ : التَّقْدِيرُ
[ ص: 108 ] تُنْبِتُ جَنَاهَا وَمَعَهُ الدُّهْنُ ؛ فَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ . وَقِيلَ : الْبَاءُ زَائِدَةٌ ؛ مِثْلُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=195وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَهَذَا مَذْهَبُ
أَبِي عُبَيْدَةَ . وَقَالَ الشَّاعِرُ :
نَضْرِبُ بِالسَّيْفِ وَنَرْجُو بِالْفَرَجِ
وَقَالَ آخَرُ :
هُنَّ الْحَرَائِرُ لَا رَبَّاتُ أَخْمِرَةٍ سُودُ الْمَحَاجِرِ لَا يَقْرَأْنَ بِالسُّوَرِ
وَنَحْوُ هَذَا قَالَهُ
أَبُو عَلِيٍّ أَيْضًا ؛ وَقَدْ تَقَدَّمَ . وَقِيلَ : نَبَتَ وَأَنْبَتَ بِمَعْنًى ؛ فَيَكُونُ الْمَعْنَى كَمَا مَضَى فِي قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ ، وَهُوَ مَذْهَبُ
الْفَرَّاءِ ، وَأَبِي إِسْحَاقَ ، وَمِنْهُ قَوْلُ
زُهَيْرٍ :
حَتَّى إِذَا أَنْبَتَ الْبَقْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=13721وَالْأَصْمَعِيُّ يُنْكِرُ أَنْبَتَ ، وَيَتَّهِمُ قَصِيدَةَ
زُهَيْرٍ الَّتِي فِيهَا :
رَأَيْتُ ذَوِي الْحَاجَاتِ حَوْلَ بُيُوتِهِمْ قَطِينًا بِهَا حَتَّى إِذَا أَنْبَتَ الْبَقْلُ
أَيْ نَبَتَ . وَقَرَأَ
الزُّهْرِيُّ ، وَالْحَسَنُ ، nindex.php?page=showalam&ids=13723وَالْأَعْرَجُ ( تُنْبَتُ بِالدُّهْنِ ) بِرَفْعِ التَّاءِ وَنَصْبِ الْبَاءِ . قَالَ
ابْنُ جِنِّي ، وَالزَّجَّاجُ : هِيَ بَاءُ الْحَالِ ؛ أَيْ تَنْبُتُ وَمَعَهَا دُهْنُهَا . وَفِي قِرَاءَةِ
ابْنِ مَسْعُودٍ : ( تَخْرُجُ بِالدُّهْنِ ) وَهِيَ بَاءُ الْحَالِ .
ابْنُ دَرَسْتُوَيْهِ : الدُّهْنُ الْمَاءُ اللَّيِّنُ ؛ تُنْبِتُ مِنَ الْإِنْبَاتِ . وَقَرَأَ
زِرُّ بْنُ حُبَيْشٍ ( تُنْبِتُ ) بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الْبَاءِ ( الدُّهْنُ ) بِحَذْفِ الْبَاءِ وَنَصْبِهِ . وَقَرَأَ
سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ ، وَالْأَشْهَبُ ( بِالدِّهَانِ ) . وَالْمُرَادُ مِنَ الْآيَةِ تَعْدِيدُ نِعْمَةِ الزَّيْتِ عَلَى الْإِنْسَانِ ، وَهِيَ مِنْ أَرْكَانِ النِّعَمُ الَّتِي لَا غِنَى بِالصِّحَّةِ عَنْهَا . وَيَدْخُلُ فِي مَعْنَى الزَّيْتُونِ شَجَرُ الزَّيْتِ كُلُّهُ عَلَى اخْتِلَافِهِ بِحَسَبِ الْأَقْطَارِ .
الثَّالِثَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=28994قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=20وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ قِرَاءَةُ الْجُمْهُورِ . وَقَرَأَتْ فِرْقَةٌ ( وَأَصْبَاغٌ ) بِالْجَمْعِ . وَقَرَأَ
عَامِرُ بْنُ عَبْدِ قَيْسٍ ( وَمَتَاعًا ) ؛ وَيُرَادُ بِهِ الزَّيْتُ الَّذِي يُصْطَبَغُ بِهِ الْأَكْلُ ؛ يُقَالُ : صِبْغٌ وَصِبَاغٌ ؛ مِثْلَ دِبْغٍ وَدِبَاغٍ ، وَلِبْسٍ وَلِبَاسٍ . وَكُلُّ إِدَامٍ يُؤْتَدَمُ بِهِ فَهُوَ صِبْغٌ ؛ حَكَاهُ
الْهَرَوِيُّ ، وَغَيْرُهُ . وَأَصْلُ الصِّبْغِ مَا يُلَوَّنُ بِهِ الثَّوْبُ ، وَشُبِّهَ الْإِدَامُ بِهِ لِأَنَّ الْخُبْزَ يُلَوَّنُ بِالصِّبْغِ إِذَا غُمِسَ فِيهِ . وَقَالَ
مُقَاتِلٌ : الْأُدْمُ الزَّيْتُونُ ، وَالدُّهْنُ الزَّيْتُ . وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الشَّجَرَةِ أُدْمًا وَدُهْنًا ؛ فَالصِّبْغُ عَلَى هَذَا الزَّيْتُونُ .
الرَّابِعَةُ : لَا خِلَافَ أَنَّ كُلَّ مَا يُصْطَبَغُ فِيهِ مِنَ الْمَائِعَاتِ كَالزَّيْتِ ، وَالسَّمْنِ ، وَالْعَسَلِ ، وَالرُّبِّ ،
[ ص: 109 ] وَالْخَلِّ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَمْرَاقِ أَنَّهُ إِدَامٌ . وَقَدْ نَصَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْخَلِّ ، فَقَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500299نِعْمَ الْإِدَامُ الْخَلُّ رَوَاهُ تِسْعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ ، سَبْعَةُ رِجَالٍ وَامْرَأَتَانِ . وَمِمَّنْ رَوَاهُ فِي الصَّحِيحِ
جَابِرٌ ، nindex.php?page=showalam&ids=25وَعَائِشَةُ ، وَخَارِجَةُ ، وَعُمَرُ ، وَابْنُهُ
عُبَيْدُ اللَّهِ ، nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ ، nindex.php?page=showalam&ids=3وَأَبُو هُرَيْرَةَ ، nindex.php?page=showalam&ids=24وَسَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ ، وَأَنَسٌ ، nindex.php?page=showalam&ids=94وَأُمُّ هَانِئٍ .
الْخَامِسَةُ : وَاخْتُلِفَ فِيمَا كَانَ جَامِدًا كَاللَّحْمِ ، وَالتَّمْرِ ، وَالزَّيْتُونِ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْجَوَامِدِ ؛ فَالْجُمْهُورُ أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ إِدَامٌ ؛ فَمَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=16533حَلَفَ أَلَّا يَأْكُلَ إِدَامًا فَأَكَلَ لَحْمًا أَوْ جُبْنًا حَنِثَ . وَقَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ : لَا يَحْنَثُ ؛ وَخَالَفَهُ صَاحِبَاهُ . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ
أَبِي يُوسُفَ مِثْلُ قَوْلِ
أَبِي حَنِيفَةَ . وَالْبَقْلُ لَيْسَ بِإِدَامٍ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا . وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ فِي التَّمْرِ وَجْهَانِ ؛ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَيْسَ بِإِدَامٍ لِقَوْلِهِ فِي التَّنْبِيهِ . وَقِيلَ يَحْنَثُ ؛ وَالصَّحِيحُ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ إِدَامٌ . وَقَدْ رَوَى
أَبُو دَاوُدَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=9228يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500300رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَذَ كِسْرَةً مِنْ خُبْزِ شَعِيرٍ فَوَضَعَ عَلَيْهَا تَمْرَةً فَقَالَ : هَذَا إِدَامُ هَذِهِ . وَقَالَ : صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=836055سَيِّدُ إِدَامِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ اللَّحْمُ . ذَكَرَهُ
أَبُو عُمَرَ . وَتَرْجَمَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ ( بَابَ الْإِدَامِ ) وَسَاقَ حَدِيثَ
عَائِشَةَ ؛ وَلِأَنَّ الْإِدَامَ مَأْخُوذٌ مِنَ الْمُؤَادَمَةِ وَهِيَ الْمُوَافَقَةُ ، وَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ تُوَافِقُ الْخُبْزَ فَكَانَ إِدَامًا . وَفِي الْحَدِيثِ عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=864053ائْتَدِمُوا وَلَوْ بِالْمَاءِ .
nindex.php?page=showalam&ids=11990وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ حَقِيقَةَ الْإِدَامِ الْمُوَافَقَةُ فِي الِاجْتِمَاعِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَقْبَلُ الْفَصْلَ ؛ كَالْخَلِّ ، وَالزَّيْتِ ،
[ ص: 110 ] وَنَحْوِهِمَا ، وَأَمَّا اللَّحْمُ ، وَالْبَيْضُ ، وَغَيْرُهُمَا لَا يُوَافِقُ الْخُبْزَ بَلْ يُجَاوِزُهُ كَالْبِطِّيخِ ، وَالتَّمْرِ ، وَالْعِنَبِ . وَالْحَاصِلُ : أَنَّ كُلَّ مَا يُحْتَاجُ فِي الْأَكْلِ إِلَى مُوَافَقَةِ الْخُبْزِ كَانَ إِدَامًا ، وَكُلُّ مَا لَا يُحْتَاجُ وَيُؤْكَلُ عَلَى حِدَةٍ لَا يَكُونُ إِدَامًا ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
السَّادِسَةُ : رَوَى
التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ
عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500301كُلُوا الزَّيْتَ وَادَّهِنُوا بِهِ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ . هَذَا حَدِيثٌ لَا يُعْرَفُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ
عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، وَكَانَ يَضْطَرِبُ فِيهِ ، فَرُبَّمَا يُذْكَرُ فِيهِ عَنْ
عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَرُبَّمَا رَوَاهُ عَلَى الشَّكِّ فَقَالَ : أَحْسَبُهُ عَنْ
عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَرُبَّمَا قَالَ : عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15944زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . وَقَالَ
مُقَاتِلٌ : خُصَّ
الطُّورُ بِالزَّيْتُونِ لِأَنَّ أَوَّلَ الزَّيْتُونِ نَبَتَ مِنْهَا . وَقِيلَ : إِنَّ الزَّيْتُونَ أَوَّلُ شَجَرَةٍ نَبَتَتْ فِي الدُّنْيَا بَعْدَ الطُّوفَانِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .