nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=7nindex.php?page=treesubj&link=29022_28904_33679_30554والسماء ذات الحبك nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=8إنكم لفي قول مختلف nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=9يؤفك عنه من أفك
هذا قسم أيضا لتحقيق اضطراب أقوالهم في الطعن في الدين وهو كالتذييل للذي قبله ، لأن ما قبله خاص بإثبات الجزاء . وهذا يعم إبطال أقوالهم الضالة فالقسم لتأكيد المقسم عليه لأنهم غير شاعرين بحالهم المقسم على وقوعه ، ومتهالكون على الاستزادة منه ، فهم منكرون لما في أقوالهم من اختلاف واضطراب جاهلون به جهلا مركبا والجهل المركب إنكار للعلم الصحيح .
والقول في القسم بـ " السماء " كالقول في القسم بـ الذاريات .
ومناسبة هذا القسم للمقسم عليه في وصف السماء بأنها ذات حبك ، أي طرائق لأن المقسم عليه : إن قولهم مختلف طرائق قددا ولذلك وصف المقسم به ليكون إيماء إلى نوع جواب القسم .
[ ص: 341 ] والحبك : بضمتين جمع حباك ككتاب وكتب ومثال ومثل ، أو جمع حبيكة مثل طريقة وطرق ، وهي مشتقة من الحبك بفتح فسكون وهو إجادة النسج وإتقان الصنع . فيجوز أن يكون المراد بحبك السماء نجومها لأنها تشبه الطرائق الموشاة في الثوب المحبوك المتقن . وروي عن
الحسن nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير وقيل الحبك : طرائق المجرة التي تبدو ليلا في قبة الجو .
وقيل : طرائق السحاب . وفسر الحبك بإتقان الخلق . روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وعكرمة وقتادة .
وهذا يقتضي أنهم جعلوا الحبك مصدرا أو اسم مصدر ، ولعله من النادر : وإجراء هذا الوصف على السماء إدماج أدمج به الاستدلال على قدرة الله تعالى مع الامتنان بحسن المرأى .
واعلم أن رواية رويت عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري أنه قرأ " الحبك " بكسر الحاء وضم الباء وهي غير جارية على لغة من لغات العرب . وجعل بعض أئمة اللغة الحبك شاذا فالظن أن راويها أخطأ لأن وزن فعل بكسر الفاء وضم العين وزن مهمل في لغة العرب كلهم لشدة ثقل الانتقال من الكسر إلى الضم مما سلمت منه اللغة العربية . ووجهت هذه القراءة بأنها من تداخل اللغات وهو توجيه ضعيف لأن إعمال تداخل اللغتين إنما يقبل إذا لم يفض إلى زنة مهجورة لأنها إذا هجرت بالأصالة فهجرها في التداخل أجدر ووجهها
أبو حيان باتباع حركة الحاء لحركة تاء " ذات " وهو أضعف من توجيه تداخل اللغتين فلا جدوى في التكلف .
والقول المختلف : المتناقض الذي يخالف بعضه بعضا فيقتضي بعضه إبطال بعض الذي هم فيه ، هو جميع أقوالهم والقرآن والرسول صلى الله عليه وسلم وكذلك أقوالهم في دين الإشراك فإنها مختلفة مضطربة متناقضة فقالوا : القرآن سحر وشعر ، وقالوا أساطير الأولين اكتتبها ، وقالوا إن هذا إلا اختلاق ، وقالوا لو نشاء لقلنا مثل هذا وقالوا : مرة (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=5في آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب ) وغير ذلك ، وقالوا : وحي الشياطين .
وقالوا في الرسول صلى الله عليه وسلم أقوالا : شاعر ، ساحر ، مجنون ، كاهن ، يعلمه بشر ، بعد أن كانوا يلقبونه الأمين .
[ ص: 342 ] وقالوا في أصول شركهم بتعدد الآلهة مع اعترافهم بأن الله خالق كل شيء وقالوا
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=3ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله ،
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=28وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها .
و ( في ) للظرفية المجازية وهي شدة الملابسة الشبيهة بملابسة الظرف للمظروف مثل
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=15ويمدهم في طغيانهم يعمهون .
والمقصود بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=8إنكم لفي قول مختلف الكناية عن لازم الاختلاف وهو التردد في الاعتقاد ، ويلزمه بطلان قولهم وذلك مصب التأكيد بالقسم وحرف " إن " واللام .
و يؤفك : يصرف . والأفك بفتح الهمزة وسكون الفاء : الصرف . وأكثر ما يستعمل في الصرف عن أمر حسن ، قاله
مجاهد كما في اللسان ، وهو ظاهر كلام أئمة اللغة والفراء وشمر وذلك مدلوله في مواقعه من القرآن .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=9يؤفك عنه من أفك يجوز أن تكون في محل صفة ثانية لـ "
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=8قول مختلف ، ويجوز أن تكون مستأنفة استئنافا بيانيا ناشئا عن قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=6وإن الدين لواقع ، فتكون جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=7والسماء ذات الحبك nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=8إنكم لفي قول مختلف معترضة بين الجملة البيانية والجملة المبين عنها .
ثم إن لفظ " قول " يقتضي شيئا مقولا في شأنه فإذ لم يذكر بعد " قول " ما يدل على مقول صلح لجميع أقوالهم التي اختلقوها في شأنه للقرآن ودعوة الإسلام كما تقدم .
فلما جاء ضمير غيبة بعد لفظ " قول " احتمل أن يعود الضمير إلى " قول " لأنه مذكور ، وأن يعود إلى أحوال المقول في شأنه فقيل ضمير عنه عائد إلى " قول مختلف " وأن معنى " يؤفك عنه " يصرف بسببه ، أي يصرف المصروفون عن الإيمان فتكون عن للتعليل كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=53وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=114وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه ، وقيل ضمير " عنه " عائد إلى " ما توعدون " أو عائد إلى " الدين " ، أي الجزاء أن يؤفك عن الإيمان بالبعث والجزاء من أفك . وعن
[ ص: 343 ] الحسن وقتادة : أنه عائد إلى القرآن أو إلى الدين أي لأنهما مما جرى القول في شأنهما ، وحرف ( عن ) للمجاوزة .
وعلى كل فالمراد بقوله " من أفك " المشركون المصروفون عن التصديق . والمراد بالذي فعل الإفك المجهول المشركون الصارفون لقومهم عن الإيمان ، وهما الفريقان اللذان تضمنهما قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=26وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون .
وإنما حذف فاعل " يؤفك " وأبهم مفعوله بالموصولية للاستيعاب مع الإيجاز .
وقد حملهم الله بهاتين الجملتين تبعة أنفسهم وتبعة المغرورين بأقوالهم كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=13وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم .
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=7nindex.php?page=treesubj&link=29022_28904_33679_30554وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=8إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=9يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ
هَذَا قَسَمٌ أَيْضًا لِتَحْقِيقِ اضْطِرَابِ أَقْوَالِهِمْ فِي الطَّعْنِ فِي الدِّينِ وَهُوَ كَالتَّذْيِيلِ لِلَّذِي قَبْلَهُ ، لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ خَاصٌّ بِإِثْبَاتِ الْجَزَاءِ . وَهَذَا يَعُمُّ إِبْطَالَ أَقْوَالِهِمُ الضَّالَّةِ فَالْقَسَمُ لِتَأْكِيدِ الْمُقْسَمِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُمْ غَيْرُ شَاعِرِينَ بِحَالِهِمُ الْمُقْسَمِ عَلَى وُقُوعِهِ ، وَمُتَهَالِكُونَ عَلَى الِاسْتِزَادَةِ مِنْهُ ، فَهُمْ مُنْكِرُونَ لِمَا فِي أَقْوَالِهِمْ مِنِ اخْتِلَافٍ وَاضْطِرَابٍ جَاهِلُونَ بِهِ جَهْلًا مُرَكَّبًا وَالْجَهْلُ الْمُرَكَّبُ إِنْكَارٌ لِلْعِلْمِ الصَّحِيحِ .
وَالْقَوْلُ فِي الْقَسَمِ بِـ " السَّمَاءِ " كَالْقَوْلِ فِي الْقَسَمِ بِـ الذَّارِيَاتِ .
وَمُنَاسَبَةُ هَذَا الْقَسَمِ لِلْمُقْسَمِ عَلَيْهِ فِي وَصْفِ السَّمَاءِ بِأَنَّهَا ذَاتُ حُبُكٍ ، أَيْ طَرَائِقَ لِأَنَّ الْمُقْسَمَ عَلَيْهِ : إِنَّ قَوْلَهُمْ مُخْتَلِفٌ طَرَائِقَ قِدَدًا وَلِذَلِكَ وَصَفَ الْمُقْسَمَ بِهِ لِيَكُونَ إِيمَاءً إِلَى نَوْعِ جَوَابِ الْقَسَمِ .
[ ص: 341 ] وَالْحُبُكُ : بِضَمَّتَيْنِ جَمْعُ حِبَاكٍ كَكِتَابٍ وَكُتُبٍ وَمِثَالٍ وَمُثُلٍ ، أَوْ جَمْعُ حَبِيكَةٍ مِثْلُ طَرِيقَةٍ وَطُرُقٍ ، وَهِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنَ الْحُبُكِ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ وَهُوَ إِجَادَةُ النَّسْجِ وَإِتْقَانُ الصُّنْعِ . فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِحُبُكِ السَّمَاءِ نُجُومُهَا لِأَنَّهَا تُشْبِهُ الطَّرَائِقَ الْمُوَشَّاةَ فِي الثَّوْبِ الْمَحْبُوكِ الْمُتْقَنِ . وَرُوِيَ عَنِ
الْحَسَنِ nindex.php?page=showalam&ids=15992وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَقِيلَ الْحُبُكُ : طَرَائِقُ الْمَجَرَّةِ الَّتِي تَبْدُو لَيْلًا فِي قُبَّةِ الْجَوِّ .
وَقِيلَ : طَرَائِقُ السَّحَابِ . وَفُسِّرَ الْحُبُكُ بِإِتْقَانِ الْخَلْقِ . رُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةَ وَقَتَادَةَ .
وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُمْ جَعَلُوا الْحُبُكَ مَصْدَرًا أَوِ اسْمَ مَصْدَرٍ ، وَلَعَلَّهُ مِنَ النَّادِرِ : وَإِجْرَاءُ هَذَا الْوَصْفِ عَلَى السَّمَاءِ إِدْمَاجٌ أُدْمِجَ بِهِ الِاسْتِدْلَالُ عَلَى قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى مَعَ الِامْتِنَانِ بِحُسْنِ الْمَرْأَى .
وَاعْلَمْ أَنَّ رِوَايَةً رُويَتْ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ قَرَأَ " الْحِبُكِ " بِكَسْرِ الْحَاءِ وَضَمَّ الْبَاءِ وَهِيَ غَيْرُ جَارِيَةٍ عَلَى لُغَةٍ مِنْ لُغَاتِ الْعَرَبِ . وَجَعَلَ بَعْضُ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ الْحِبُكَ شَاذًّا فَالظَّنُّ أَنَّ رَاوِيَهَا أَخْطَأَ لِأَنَّ وَزْنَ فِعُلٍ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَضَمِّ الْعَيْنِ وَزْنٌ مُهْمَلٌ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ كُلِّهِمْ لِشِدَّةٍ ثِقَلِ الِانْتِقَالِ مِنَ الْكَسْرِ إِلَى الضَّمِّ مِمَّا سَلِمَتْ مِنْهُ اللُّغَةُ الْعَرَبِيَّةُ . وَوُجِّهَتْ هَذِهِ الْقِرَاءَةُ بِأَنَّهَا مِنْ تَدَاخُلِ اللُّغَاتِ وَهُوَ تَوْجِيهٌ ضَعِيفٌ لِأَنَّ إِعْمَالَ تَدَاخُلِ اللُّغَتَيْنِ إِنَّمَا يُقْبَلُ إِذَا لَمْ يُفْضِ إِلَى زِنَةٍ مَهْجُورَةٍ لِأَنَّهَا إِذَا هُجِرَتْ بِالْأَصَالَةِ فَهَجْرُهَا فِي التَّدَاخُلِ أَجْدَرُ وَوَجَّهَهَا
أَبُو حَيَّانَ بِاتِّبَاعِ حَرَكَةِ الْحَاءِ لِحَرَكَةِ تَاءِ " ذَاتِ " وَهُوَ أَضْعَفُ مِنْ تَوْجِيهِ تَدَاخُلِ اللُّغَتَيْنِ فَلَا جَدْوَى فِي التَّكَلُّفِ .
وَالْقَوْلُ الْمُخْتَلِفُ : الْمُتَنَاقِضُ الَّذِي يُخَالِفُ بَعْضُهُ بَعْضًا فَيَقْتَضِي بَعْضُهُ إِبْطَالَ بَعْضِ الَّذِي هُمْ فِيهِ ، هُوَ جَمِيعُ أَقْوَالِهِمْ وَالْقُرْآنُ وَالرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَذَلِكَ أَقْوَالُهُمْ فِي دِينِ الْإِشْرَاكِ فَإِنَّهَا مُخْتَلِفَةٌ مُضْطَرِبَةٌ مُتَنَاقِضَةٌ فَقَالُوا : الْقُرْآنُ سِحْرٌ وَشِعْرٌ ، وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا ، وَقَالُوا إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ ، وَقَالُوا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا وَقَالُوا : مَرَّةً (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=5فِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ ) وَغَيْرُ ذَلِكَ ، وَقَالُوا : وَحْيُ الشَّيَاطِينِ .
وَقَالُوا فِي الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْوَالًا : شَاعِرٌ ، سَاحِرٌ ، مَجْنُونٌ ، كَاهِنٌ ، يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ ، بَعْدَ أَنْ كَانُوا يُلَقِّبُونَهُ الْأَمِينَ .
[ ص: 342 ] وَقَالُوا فِي أُصُولِ شِرْكِهِمْ بِتَعَدُّدِ الْآلِهَةِ مَعَ اعْتِرَافِهِمْ بِأَنَّ اللَّهَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَقَالُوا
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=3مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=28وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا .
وَ ( فِي ) لِلظَّرْفِيَّةِ الْمَجَازِيَّةِ وَهِيَ شِدَّةُ الْمُلَابَسَةِ الشَّبِيهَةِ بِمُلَابَسَةِ الظَّرْفِ لِلْمَظْرُوفِ مِثْلَ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=15وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ .
وَالْمَقْصُودُ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=8إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ الْكِنَايَةُ عَنْ لَازِمِ الِاخْتِلَافِ وَهُوَ التَّرَدُّدُ فِي الِاعْتِقَادِ ، وَيَلْزَمُهُ بُطْلَانُ قَوْلِهِمْ وَذَلِكَ مَصَبُّ التَّأْكِيدِ بِالْقَسَمِ وَحَرْفِ " إِنَّ " وَاللَّامِ .
وَ يُؤْفَكُ : يُصْرَفُ . وَالْأَفْكُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْفَاءِ : الصَّرْفُ . وَأَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَلُ فِي الصَّرْفِ عَنْ أَمْرٍ حَسَنٍ ، قَالَهُ
مُجَاهِدٌ كَمَا فِي اللِّسَانِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ وَالْفَرَّاءِ وَشَمَرٍ وَذَلِكَ مَدْلُولُهُ فِي مَوَاقِعِهِ مِنَ الْقُرْآنِ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=9يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ فِي مَحَلِّ صِفَةٍ ثَانِيَةٍ لِـ "
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=8قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مُسْتَأْنَفَةً اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا نَاشِئًا عَنْ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=6وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ ، فَتَكُونُ جُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=7وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=8إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الْجُمْلَةِ الْبَيَانِيَّةِ وَالْجُمْلَةِ الْمُبَيَّنِ عَنْهَا .
ثُمَّ إِنَّ لَفْظَ " قَوْلٍ " يَقْتَضِي شَيْئًا مَقُولًا فِي شَأْنِهِ فَإِذْ لَمْ يُذْكَرْ بَعْدَ " قَوْلِ " مَا يَدُلُّ عَلَى مَقُولٍ صَلَحَ لِجَمِيعِ أَقْوَالِهِمُ الَّتِي اخْتَلَقُوهَا فِي شَأْنِهِ لِلْقُرْآنِ وَدَعْوَةِ الْإِسْلَامِ كَمَا تَقَدَّمَ .
فَلَمَّا جَاءَ ضَمِيرُ غَيْبَةٍ بَعْدَ لَفْظِ " قَوْلٍ " احْتَمَلَ أَنْ يَعُودَ الضَّمِيرُ إِلَى " قَوْلٍ " لِأَنَّهُ مَذْكُورٌ ، وَأَنْ يَعُودَ إِلَى أَحْوَالِ الْمَقُولِ فِي شَأْنِهِ فَقِيلَ ضَمِيرٌ عَنْهُ عَائِدٌ إِلَى " قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ " وَأَنَّ مَعْنَى " يُؤْفَكُ عَنْهُ " يُصْرَفُ بِسَبَبِهِ ، أَيْ يُصْرَفُ الْمَصْرُوفُونَ عَنِ الْإِيمَانِ فَتَكُونُ عَنْ لِلتَّعْلِيلِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=53وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=114وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ ، وَقِيلَ ضَمِيرُ " عَنْهُ " عَائِدٌ إِلَى " مَا تُوعَدُونَ " أَوْ عَائِدٌ إِلَى " الدِّينِ " ، أَيِ الْجَزَاءُ أَنْ يُؤْفَكَ عَنِ الْإِيمَانِ بِالْبَعْثِ وَالْجَزَاءِ مَنْ أُفِكَ . وَعَنِ
[ ص: 343 ] الْحَسَنِ وَقَتَادَةَ : أَنَّهُ عَائِدٌ إِلَى الْقُرْآنِ أَوْ إِلَى الدِّينِ أَيْ لِأَنَّهُمَا مِمَّا جَرَى الْقَوْلُ فِي شَأْنِهِمَا ، وَحَرْفُ ( عَنْ ) لِلْمُجَاوَزَةِ .
وَعَلَى كُلٍّ فَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ " مَنْ أُفِكَ " الْمُشْرِكُونَ الْمَصْرُوفُونَ عَنِ التَّصْدِيقِ . وَالْمُرَادُ بِالَّذِي فَعَلَ الْإِفْكَ الْمَجْهُولَ الْمُشْرِكُونَ الصَّارِفُونَ لِقَوْمِهِمْ عَنِ الْإِيمَانِ ، وَهُمَا الْفَرِيقَانِ اللَّذَانِ تَضَمَّنَهُمَا قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=26وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ .
وَإِنَّمَا حُذِفَ فَاعِلُ " يُؤْفَكُ " وَأُبْهِمَ مَفْعُولُهُ بِالْمَوْصُولِيَّةِ لِلِاسْتِيعَابِ مَعَ الْإِيجَازِ .
وَقَدْ حَمَّلَهُمُ اللَّهُ بِهَاتَيْنِ الْجُمْلَتَيْنِ تَبِعَةَ أَنْفُسِهِمْ وَتَبِعَةَ الْمَغْرُورِينَ بِأَقْوَالِهِمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=13وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ .