قال المصنف رحمه الله تعالى ( ثم ، لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { السعي وهو ركن من أركان الحج } فلا يصح السعي إلا بعد طواف ، فإن سعى ثم طاف لم يعتد بالسعي ، لما روى أيها الناس اسعوا فإن السعي قد كتب عليكم قال { ابن عمر بالبيت سبعا وصلى خلف المقام ركعتين ثم طاف بين الصفا والمروة سبعا } ، قال الله تعالى { لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة } فنحن نصنع ما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم والسعي أن يمر سبع مرات بين الصفا والمروة لما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { جابر بالصفا حتى فرغ من آخر سعيه على المروة فإن مر من الصفا إلى المروة حسب ذلك مرة ، وإذا رجع من المروة إلى الصفا حسب ذلك مرة أخرى } ، وقال نبدأ بالذي بدأ الله به ، وبدأ : لا يحسب رجوعه من أبو بكر الصيرفي المروة إلى الصفا مرة ، وهذا خطأ لأنه استوفى ما بينهما بالسعي فحسب مرة ، كما لو بدأ من الصفا وجاء إلى المروة .
فإن بدأ بالمروة وسعى إلى الصفا لم يجزه ، لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { } ويرقى على ابدءوا بما بدأ الله به الصفا حتى يرى البيت فيستقبله ويقول : الله أكبر الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير ، لا إله إلا الله وحده ، أنجز وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده ، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون ; لما روى [ ص: 88 ] قال { جابر الصفا فبدأ بالصفا فرقى عليه حتى إذا رأى البيت توجه إليه وكبر ثم قال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير ، لا إله إلا الله وحده ، أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده ، ثم دعا ثم قال مثل هذا ثلاثا ثم نزل } . ثم يدعو لنفسه بما أحب من أمر الدين والدنيا ، لما روي عن خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رضي الله عنهما أنه كان يدعو بعد التهليل والتكبير لنفسه ، فإذا فرغ من الدعاء نزل من ابن عمر الصفا ويمشي حتى يكون بينه وبين الميل الأخضر المعلق بفناء المسجد نحو من ستة أذرع ، فيسعى سعيا شديدا حتى يحاذي الميلين الأخضرين اللذين بفناء المسجد وحذاء دار ثم يمشي حتى يصعد العباس المروة ، لما روى رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا نزل من حابر الصفا مشى حتى إذا انصبت قدماه في بطن الوادي سعى حتى يخرج منه فإذا وصل مشى حتى يأتي المروة والمستحب أن يقول بين الصفا والمروة : رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت الأعز الأكرم لما روت عن امرأة من صفية بنت شيبة بني نوفل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك فإن ترك السعي ومشى في الجميع جاز ، لما روي أن رضي الله عنه { ابن عمر الصفا والمروة وقال : إن أمشي فقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي وأنا شيخ كبير } وإن سعى راكبا جاز ، لما روى كان يمشي بين قال { جابر بالبيت وبين الصفا والمروة ليراه الناس ، ويسألوه } . طاف النبي صلى الله عليه وسلم في طواف حجة الوداع على راحلته
والمستحب إذا صعد المروة أن يفعل مثل ما فعل على الصفا ، لما روى { جابر المروة مثل ما فعل على الصفا } قال في الأم : فإن سعى بين أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل على الصفا والمروة ولم يرق عليهما أجزأه . وقال أبو حفص بن الوكيل : لا يجزئه حتى يرقى عليهما ، ليتيقن أنه استوفى السعي بينهما . وهذا لا يصح لأن المستحق هو السعي بينهما وقد فعل ذلك ، وإن كانت امرأة ذات جمال فالمستحب أن تطوف وتسعى ليلا ، فإن فعلت ذلك نهارا مشت في موضع السعي وإن أقيمت الصلاة أو عرض عارض قطع السعي فإذا فرغ بنى ، لما روي أن رضي الله عنهما " كان يطوف بين ابن عمر الصفا والمروة " فأعجله البول فتنحى ، ودعا بماء فتوضأ ثم قام فأتم على ما مضى ) .
- فرع في بيان واجبات السعي وشروطه
- فرع لمن أحرم بالحج من مكة إذا طاف للوداع لخروجه إلى منى أن يقدم السعي بعد هذا الطواف
- فرع سعى ثم تيقن أنه ترك شيئا من الطواف
- فرع الموالاة بين مراتب السعي
- فرع سنن السعي
- فرع إذا فرغوا من السعي صلوا ركعتين على المروة
- فرع السعي في غير موضع السعي
- فرع يكره أن يقف في سعيه
- فرع يسن الاضطباع في جميع المسعى
- فرع أتى بالسعي بعد طواف القدوم
- فرع مذاهب العلماء في حكم السعي
- فرع سعى قبل الطواف
- فرع الترتيب في السعي
- فرع أقيمت الصلاة المكتوبة وهو في أثناء السعي
- فرع السعي يصح من المحدث والجنب والحائض
التالي
السابق
[ ص: 89 ] الشرح ) أما حديث { } فرواه يا أيها الناس اسعوا ، فإن الله كتب عليكم السعي الشافعي في مسنده وأحمد والدارقطني من رواية والبيهقي حبيبة بنت تجراة - بتاء مثناة فوق مفتوحة ثم جيم ساكنة ثم راء - وحبيبة بفتح الحاء وتخفيف الباء - هذا هو المشهور ، ويقال حبيبة - بضم الحاء وتشديد الياء - وحديثها هذا ليس بقوي . في إسناده ضعف . قال في الاستيعاب : فيه اضطراب . وأما حديث ابن عبد البر الأول فرواه ابن عمر البخاري إلى قوله : أسوة حسنة . وأما حديث ومسلم الأول فرواه جابر في جملة حديث مسلم الطويل . وأما حديث { جابر } فرواه ابدءوا بما بدأ الله به من رواية مسلم لكن لفظه " أبدأ " على الخبر والذي في نسخ المهذب " ابدءوا " بواو الجمع على الأمر ، وفي رواية جابر " فابدءوا " بلفظ الأمر ، وإسنادها صحيح على شرط النسائي . وأما حديث مسلم الثاني فرواه جابر لكن في لفظه مخالفة ، وهذا لفظ مسلم قال { مسلم بالصفا فرقى عليه حتى رأى البيت فاستقبل القبلة فوحد الله تعالى وكبره ، وقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير ، لا إله إلا الله وحده ، أنجز وعده ، ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده ، ثم دعا بين ذلك ، قال مثل هذا ثلاث مرات ، ثم نزل إلى المروة } هذا لفظ رواية فبدأ ، وفي روايتين مسلم بإسنادين على شرط للنسائي قال { مسلم } زاد : يحيي ويميت كما وقع في المهذب . وأما دعاء لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير المذكور بعد التكبير والتهليل لنفسه فصحيح ، رواه ابن عمر في الموطأ عن مالك عن نافع . وأما حديث ابن عمر في المشي والسعي فصحيح رواه جابر بمعناه ، وهذا لفظه قال { مسلم المروة حتى انصبت قدماه في بطن الوادي ، حتى إذا صعد مشى حتى أتى المروة ففعل على المروة كل فعل على الصفا } هذا [ ص: 90 ] لفظ ثم نزل إلى ، وفي رواية مسلم أبي داود { المروة حتى إذا انصبت قدماه رمل في بطن الوادي حتى إذا صعد مشى حتى أتى المروة } . وفي رواية ثم نزل إلى { النسائي بطن المسيل فسعى حتى صعدت قدماه ثم مشى حتى أتى المروة فصعد عليها ثم بدا له البيت } وأما حديث { ثم نزل حتى إذا تصوبت قدماه في } فرواه رب اغفر وارحم وأنت الأعز الأكرم موقوفا على البيهقي ابن مسعود من قولهما . وأما حديث وابن عمر { ابن عمر الصفا والمروة } إلى آخره فرواه أنه كان يمشي بين أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وغيرهم بلفظه هذا المذكور في المهذب ، قال والبيهقي الترمذي هو حديث حسن صحيح ، وفيما قاله نظر ; لأن جميع طرقه تدور على عن كثير بن جمهان - بضم الجيم - عن عطاء بن السائب وفي هذا نظر ; لأن ابن عمر اختلط في آخر عمره وتركوا الاحتجاج بروايات من سمع منه آخرا ، والراوي عنه في عطاء الترمذي ممن سمع منه آخرا ولكن رواه من رواية النسائي عن سفيان الثوري ، عطاء وسفيان ممن سمع منه قديما ، وكثير بن جمهان مستور . وقد رواه أبو داود ولم يضعفه فهو أيضا حسن عنده . وأما حديث { جابر بالبيت وبالصفا والمروة ليراه الناس وليشرف وليسألوه } فرواه أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف في حجة الوداع على راحلته بهذا اللفظ وأما حديث مسلم { جابر المروة ففعل على المروة كما فعل على الصفا } رواه أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بهذا اللفظ . وأما ألفاظ الفصل فقوله : وهزم الأحزاب وحده ، أي الطوائف التي تحزبت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وحصروا مسلم المدينة .
وقوله " وحده " معناه هزمهم بغير قتال منكم ، بل أرسل عليهم ريحا وجنودا لم تروها . قوله " فبدأ بالصفا " فرقى عليه ، هو - بكسر [ ص: 91 ] القاف ، يقال رقي يرقى كعلم يعلم ، قال الله تعالى { أو ترقى في السماء } وقوله " الميل الأخضر " هو العمود ، قوله " معلق بفناء المسجد " - بكسر الفاء والمد - والمراد ركن المسجد ، وعبارة . المعلق في ركن المسجد ومعناه المبني فيه . والمراد بالمسجد الشافعي المسجد الحرام قوله " وحذاء دار " هكذا ذكره العباس المصنف هنا . وفي التنبيه . وكذا ذكره كثير من الأصحاب وهو غلط في اللفظ ، وصوابه حذف لفظة " حذاء " ، بل يقال المعلقين بفناء المسجد ودار ، وكذا ذكره العباس في مختصر الشافعي المزني والدارمي والماوردي والقاضي حسين وأبو علي والمسعودي وصاحب العدة وآخرون بحذف لفظة " حذاء " ، وهو الصواب ; لأنه في نفس حائط دار . وقال صاحب التتمة : وجدار دار العباس - بجيم وبراء بعد الألف - وهذا حسن ، والمراد بالجدار الحائط ، العباس صاحب هذه الدار ، وهو والعباس أبو الفضل العباس بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنه وأما فصحابية على المشهور . وقيل تابعية . وسبق ذكرها في آخر باب محظورات الإحرام . صفية بنت شيبة
( أما الأحكام ) فقال والأصحاب : الشافعي فالسنة أن يرجع إلى الحجر الأسود فيستلمه ، ثم يخرج من باب إذا فرغ من ركعتي الطواف الصفا إلى المسعى ، ثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ذكره المصنف ، وبيناه في آخر فصل الطواف . وقال الماوردي في الحاوي : إذا استلم الحجر استحب أن يأتي الملتزم ويدعو فيه ويدخل الحجر ويدعو تحت الميزاب . وذكر الغزالي في الإحياء أنه يأتي الملتزم إذا فرغ من الطواف قبل ركعتيه ثم يصليهما . وقال : يطوف ثم يصلي ركعتيه ثم يأتي الملتزم ثم يعود إلى الحجر الأسود فيستلمه ثم يخرج إلى ابن جرير الطبري الصفا ، وكل هذا شاذ [ ص: 92 ] مردود على قائله لمخالفته الأحاديث الصحيحة ، بل الصواب الذي تظاهرت به الأحاديث الصحيحة ثم نصوص وجماهير الأصحاب وجماهير العلماء من غير أصحابنا أنه لا يشتغل عقب صلاة الطواف بشيء ، إلا استلام الحجر الأسود ، ثم الخروج إلى الشافعي الصفا والله تعالى أعلم .
وقوله " وحده " معناه هزمهم بغير قتال منكم ، بل أرسل عليهم ريحا وجنودا لم تروها . قوله " فبدأ بالصفا " فرقى عليه ، هو - بكسر [ ص: 91 ] القاف ، يقال رقي يرقى كعلم يعلم ، قال الله تعالى { أو ترقى في السماء } وقوله " الميل الأخضر " هو العمود ، قوله " معلق بفناء المسجد " - بكسر الفاء والمد - والمراد ركن المسجد ، وعبارة . المعلق في ركن المسجد ومعناه المبني فيه . والمراد بالمسجد الشافعي المسجد الحرام قوله " وحذاء دار " هكذا ذكره العباس المصنف هنا . وفي التنبيه . وكذا ذكره كثير من الأصحاب وهو غلط في اللفظ ، وصوابه حذف لفظة " حذاء " ، بل يقال المعلقين بفناء المسجد ودار ، وكذا ذكره العباس في مختصر الشافعي المزني والدارمي والماوردي والقاضي حسين وأبو علي والمسعودي وصاحب العدة وآخرون بحذف لفظة " حذاء " ، وهو الصواب ; لأنه في نفس حائط دار . وقال صاحب التتمة : وجدار دار العباس - بجيم وبراء بعد الألف - وهذا حسن ، والمراد بالجدار الحائط ، العباس صاحب هذه الدار ، وهو والعباس أبو الفضل العباس بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنه وأما فصحابية على المشهور . وقيل تابعية . وسبق ذكرها في آخر باب محظورات الإحرام . صفية بنت شيبة
( أما الأحكام ) فقال والأصحاب : الشافعي فالسنة أن يرجع إلى الحجر الأسود فيستلمه ، ثم يخرج من باب إذا فرغ من ركعتي الطواف الصفا إلى المسعى ، ثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ذكره المصنف ، وبيناه في آخر فصل الطواف . وقال الماوردي في الحاوي : إذا استلم الحجر استحب أن يأتي الملتزم ويدعو فيه ويدخل الحجر ويدعو تحت الميزاب . وذكر الغزالي في الإحياء أنه يأتي الملتزم إذا فرغ من الطواف قبل ركعتيه ثم يصليهما . وقال : يطوف ثم يصلي ركعتيه ثم يأتي الملتزم ثم يعود إلى الحجر الأسود فيستلمه ثم يخرج إلى ابن جرير الطبري الصفا ، وكل هذا شاذ [ ص: 92 ] مردود على قائله لمخالفته الأحاديث الصحيحة ، بل الصواب الذي تظاهرت به الأحاديث الصحيحة ثم نصوص وجماهير الأصحاب وجماهير العلماء من غير أصحابنا أنه لا يشتغل عقب صلاة الطواف بشيء ، إلا استلام الحجر الأسود ، ثم الخروج إلى الشافعي الصفا والله تعالى أعلم .
ثم فالسنة أن يخرج من باب إذا أراد الخروج للسعي الصفا ، فيأتي سفح جبل الصفا فيرقى عليه قدر قامة حتى يرى البيت وهو يتراءى له من باب المسجد باب الصفا . لا من فوق جدار المسجد ، بخلاف المروة ، فإذا صعده استقبل الكعبة وهلل وكبر فيقول : الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ولله الحمد ، الله أكبر على ما هدانا ، والحمد لله على ما أولانا ، لا إله إلا الله وحده لا شريك له . له الملك وله الحمد ، يحيي ويميت ، بيده الخير ، وهو على كل شيء قدير ، لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، أنجز وعده ، ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه ، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون ، ثم يدعو بما أحب من أمر الدين والدنيا والآخرة لنفسه ولمن شاء . واستحبوا أن يقول : اللهم إنك قلت ( ادعوني أستجب لكم ) وإنك لا تخلف الميعاد ، وإني أسألك كما هديتني إلى الإسلام أن لا تنزعه مني . حتى تتوفاني وأنا ، لما روى مسلم في الموطأ عن مالك أنه سمع نافع يقول هذا على ابن عمر الصفا وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري . ومسلم
وروى عن البيهقي عن نافع أنه كان يقول على ابن عمر الصفا " اللهم اعصمنا بدينك وطواعيتك وطواعية رسولك ، وجنبنا حدودك ، اللهم اجعلنا نحبك ، ونحب ملائكتك وأنبياءك ورسلك ، ونحب عبادك الصالحين ، اللهم حببنا إليك وإلى ملائكتك وإلى أنبيائك ورسلك وإلى عبادك الصالحين ، اللهم يسرنا لليسرى وجنبنا العسرى ، واغفر لنا في [ ص: 93 ] الآخرة والأولى واجعلنا من أئمة المتقين " وبإسناده عن أن نافع كان يقول عند ابن عمر الصفا " اللهم أحيني على سنة نبيك صلى الله عليه وسلم وتوفني على ملته وأعذني من مضلات الفتن " قال أصحابنا : ولا يلبي على الصفا . هذا هو المذهب ، وفيه وجه أنه يلبي إن كان حاجا وهو في طواف القدوم ، وبه جزم الماوردي والقاضي حسين وأبو علي البندنيجي والمتولي وصاحب العدة . قال أصحابنا : ثم يعيد هذا الذكر والدعاء ثانيا ويعيد الذكر ثالثا ، وهل يعيد الدعاء ثالثا ؟ فيه وجهان ( أحدهما ) لا يعيده ، وبه قطع أبو علي البندنيجي والقاضي وصاحب العدة حسين والرافعي وآخرون ( وأصحهما ) يعيده ، وبه قطع الماوردي والمصنف في التنبيه والروياني في البحر وآخرون ، وهذا هو الصواب لحديث الذي ذكرنا قريبا عن صحيح جابر وغيره ، وهو صريح في الدعاء ثلاثا ، فإذا فرغ من الذكر والدعاء نزل من مسلم الصفا متوجها إلى المروة فيمشي على سجية مشيه المعتاد ، حتى يبقى بينه وبين الميل الأخضر المعلق بركن المسجد على يساره قدر ست أذرع ثم يسعى سعيا شديدا حتى يتوسط بين الميلين الأخضرين اللذين أحدهما في ركن المسجد والآخر متصل بدار رضي الله عنه ثم يترك شدة السعي ويمشي على عادته حتى يأتي العباس المروة فيصعد عليها حتى يظهر له البيت إن ظهر ، فيأتي بالذكر والدعاء الذي قاله على الصفا ، فهذه مرة من سعيه ثم يعود من المروة إلى الصفا ، فيمشي في موضع مشيه ويسعى في موضع سعيه ، فإذا وصل إلى الصفا صعده وفعل من الذكر والدعاء ما فعله أولا . وهذا مرة ثانية من سعيه ، ثم يعود إلى المروة كما فعل أولا ثم يعود إلى الصفا ، وهكذا حتى يكمل سبع مرات يبدأ بالصفا ويختم بالمروة . ويستحب أن يدعو بين الصفا والمروة في مشيه وسعيه . ويستحب قراءة القرآن فيه ، فهذه صفة السعي
وروى عن البيهقي عن نافع أنه كان يقول على ابن عمر الصفا " اللهم اعصمنا بدينك وطواعيتك وطواعية رسولك ، وجنبنا حدودك ، اللهم اجعلنا نحبك ، ونحب ملائكتك وأنبياءك ورسلك ، ونحب عبادك الصالحين ، اللهم حببنا إليك وإلى ملائكتك وإلى أنبيائك ورسلك وإلى عبادك الصالحين ، اللهم يسرنا لليسرى وجنبنا العسرى ، واغفر لنا في [ ص: 93 ] الآخرة والأولى واجعلنا من أئمة المتقين " وبإسناده عن أن نافع كان يقول عند ابن عمر الصفا " اللهم أحيني على سنة نبيك صلى الله عليه وسلم وتوفني على ملته وأعذني من مضلات الفتن " قال أصحابنا : ولا يلبي على الصفا . هذا هو المذهب ، وفيه وجه أنه يلبي إن كان حاجا وهو في طواف القدوم ، وبه جزم الماوردي والقاضي حسين وأبو علي البندنيجي والمتولي وصاحب العدة . قال أصحابنا : ثم يعيد هذا الذكر والدعاء ثانيا ويعيد الذكر ثالثا ، وهل يعيد الدعاء ثالثا ؟ فيه وجهان ( أحدهما ) لا يعيده ، وبه قطع أبو علي البندنيجي والقاضي وصاحب العدة حسين والرافعي وآخرون ( وأصحهما ) يعيده ، وبه قطع الماوردي والمصنف في التنبيه والروياني في البحر وآخرون ، وهذا هو الصواب لحديث الذي ذكرنا قريبا عن صحيح جابر وغيره ، وهو صريح في الدعاء ثلاثا ، فإذا فرغ من الذكر والدعاء نزل من مسلم الصفا متوجها إلى المروة فيمشي على سجية مشيه المعتاد ، حتى يبقى بينه وبين الميل الأخضر المعلق بركن المسجد على يساره قدر ست أذرع ثم يسعى سعيا شديدا حتى يتوسط بين الميلين الأخضرين اللذين أحدهما في ركن المسجد والآخر متصل بدار رضي الله عنه ثم يترك شدة السعي ويمشي على عادته حتى يأتي العباس المروة فيصعد عليها حتى يظهر له البيت إن ظهر ، فيأتي بالذكر والدعاء الذي قاله على الصفا ، فهذه مرة من سعيه ثم يعود من المروة إلى الصفا ، فيمشي في موضع مشيه ويسعى في موضع سعيه ، فإذا وصل إلى الصفا صعده وفعل من الذكر والدعاء ما فعله أولا . وهذا مرة ثانية من سعيه ، ثم يعود إلى المروة كما فعل أولا ثم يعود إلى الصفا ، وهكذا حتى يكمل سبع مرات يبدأ بالصفا ويختم بالمروة . ويستحب أن يدعو بين الصفا والمروة في مشيه وسعيه . ويستحب قراءة القرآن فيه ، فهذه صفة السعي
[ ص: 94 ] فرع ) في بيان وسننه وآدابه . أما الواجبات فأربعة ( أحدها ) أن يقطع جميع المسافة بين واجبات السعي وشروطه الصفا والمروة ، فلو بقي منها بعض خطوة لم يصح سعيه ، حتى لو كان راكبا اشترط أن يسير دابته حتى تضع حافرها على الجبل أو إليه ، حتى لا يبقى من المسافة شيء ، ويجب على الماشي أن يلصق في الابتداء والانتهاء رجله بالجبل ، بحيث لا يبقى بينهما فرجة ، فيلزمه أن يلصق العقب بأصل ما يذهب منه ، ويلصق رءوس أصابع رجليه بما يذهب إليه . هذا كله إذا لم يصعد على الصفا وعلى المروة ، فإن صعد فهو الأكمل وقد زاد خيرا . وهكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ذكرناه في الأحاديث الصحيحة السابقة . وهكذا عملت الصحابة فمن بعدهم ، وليس هذا الصعود شرطا واجبا بل هو سنة متأكدة ، ولكن بعض الدرج مستحدث فليحذر من أن يخلفها وراءه ، فلا يصح سعيه حينئذ ، وينبغي أن يصعد في الدرج حتى يستيقن .
هذا هو المذهب . ولنا وجه أنه يجب الصعود على الصفا والمروة قدرا يسيرا ولا يصح سعيه إلا بذلك ليستيقن قطع جميع المسافة كما يلزمه غسل جزء من الرأس في غسل الوجه ليستيقن إكمال الوجه ، حكاه المصنف والأصحاب عن أبي حفص بن الوكيل من أصحابنا ، واتفقوا على تضعيفه . والصواب أنه لا يجب الصعود ، وهو نص ، وبه قطع الأصحاب للحديث الصحيح السابق { الشافعي أن النبي صلى الله عليه وسلم سعى راكبا } ومعلوم أن الراكب لا يصعد . قال أصحابنا : وأما استيقان قطع جميع المسافة فيحصل بما ذكرناه من إلصاق العقب والأصابع ، وهذا الذي ذكرناه عن ابن الوكيل أن مذهبه أنه يشترط صعود الصفا والمروة بشيء قليل هو المشهور عنه ، الذي نقله عنه الجمهور . ونقل البغوي وغيره عنه أنه يشترط صعودهما قدر قامة رجل ، والصحيح عنه الأول .
( والواجب الثاني ) الترتيب ، وهو أن يبدأ [ ص: 95 ] من الصفا ، فإن بدأ بالمروة لم يحسب مروره منها إلى الصفا ، فإذا عاد من الصفا كان هذا أول سعيه ، ويشترط أيضا في المرة الثانية أن يكون ابتداؤها من المروة ، وفي الثالثة من الصفا ، والرابعة من المروة ، والخامسة من الصفا ، والسادسة من المروة ، والسابعة من الصفا ويختم بالمروة ، فلو أنه لما أراد العودة من المروة إلى الصفا للمرة الثانية عدل عن موضع السعي ، وجعل طريقه في المسجد أو غيره ، وابتدأ المرة الثانية من الصفا أيضا لم يحسب له تلك المرة على المذهب ، وبه قطع ابن القطان وابن المرزبان والدارمي والماوردي والقاضي والجمهور . وحكى أبو الطيب الروياني وغيره وجها شاذا أنها تحسب والصواب الأول ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم سعى هكذا وقال : { } . قال لتأخذوا عني مناسككم الماوردي : ولو نكس السعي فبدأ أولا بالمروة ، وختم السابعة بالصفا لم تجزه المرة الأولى التي بدأها من المروة ، وتصير الثانية التي بدأها من الصفا أولى ، ويحسب ما بعدها فيحصل له ست مرات ويبقى عليه سابعة فيبدؤها من الصفا فإذا وصل المروة تم سعيه .
قال الماوردي : وكذا الحكم فيما لو نسي بعض السبع ، فإن نسي السابعة أتى بها يبدؤها من الصفا ، ولو نسي السادسة وسعى السابعة حسبت له الخمس الأول ولا تحسب السادسة والسابعة ; لأن الترتيب شرط ، فلا تصح السابعة حتى يأتي بالسادسة ، فيلزمه سادسة يبدؤها من المروة ، ثم سابعة يبدؤها من الصفا ، فيتم سعيه بوصوله المروة ، وقال : لو نسي الخامس لم يعتد بالسادس وجعل السابع خامسا ثم أتى بالسادس ثم السابع . قال : وكذا الحكم لو ، فلو ترك ذراعا من المرة السابعة فله ثلاثة أحوال ( أحدها ) أن يتركه من آخر السابعة ، فيعود ويأتي بالذراع ويجزئه ، فإن رجع إلى بلده قبل [ ص: 96 ] الإتيان به كان على إحرامه . ترك شيئا من المسعى لم يستوفه في سعيه
( الثاني ) أن يتركه من أول السابعة فيلزمه أن يأتي بالسابعة بكمالها من أولها إلى آخرها ، كمن ترك الآية الأولى من الفاتحة يلزمه استئناف الفاتحة بكمالها .
( الثالث ) أن يتركه من وسط السابعة فيحسب ما مضى منها ويلزمه أن يأتي بما تركه وما بعده إلى آخر السابعة .
ولو ترك ذراعا من السادسة لم تحسب السابعة ; لأنها لا تحسب حتى تصح السادسة . وأما السادسة فحكمها كما ذكرناه في السابعة إذا ترك منها ذراعا ، ويجيء فيها الأحوال الثلاثة والله أعلم .
( الواجب الثالث ) إكمال سبع مرات يحسب الذهاب من الصفا إلى المروة مرة ، والرجوع من المروة إلى الصفا مرة ثانية ، والعود إلى المروة ثالثة ، والعود إلى الصفا رابعة ، وإلى المروة خامسة وإلى الصفا سادسة ، ومنه إلى المروة سابعة ، فيبدأ بالصفا ويختم بالمروة ، هذا هو المذهب الصحيح المشهور الذي نص عليه وقطع به جماهير الأصحاب المتقدمين والمتأخرين ، وجماهير العلماء . وعليه عمل الناس ، وبه تظاهرت الأحاديث الصحيحة . وقال جماعة من أصحابنا : يحسب الذهاب من الشافعي الصفا إلى المروة ، والعود منها إلى الصفا مرة واحدة ، فتكون المرة من الصفا إلى الصفا ، كما أن الطواف تكون المرة من الحجر الأسود إلى الحجر الأسود ، وكما أن في مسح الرأس يحسب الذهاب من مقدمه إلى مؤخره والرجوع مرة واحدة . وممن قال هذا من أصحابنا أبو عبد الرحمن ابن بنت الشافعي وأبو علي بن خيران ، وأبو سعيد الإصطخري وأبو حفص بن الوكيل . وقال به أيضا وأبو بكر الصيرفي وهذا غلط ظاهر . محمد بن جرير الطبري
[ ص: 97 ] دليلنا الأحاديث الصحيحة ، منها حديث في صحيح جابر { مسلم بالصفا وفرغ على المروة } والفرق بينه وبين الطواف الذي قاسوا عليه أن الطواف لا يحصل فيه قطع المسافة كلها إلا بالمرور من الحجر الأسود إلى الحجر الأسود ، وأما هنا فيحصل قطع المسافة كلها بالمرور إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم سعى سبعا ، بدأ المروة ، وإذا رجع إلى الصفا حصل قطعها مرة أخرى ، فحسب ذلك مرتين . واعلم أنهم اختلفوا في حكاية قول ، فحكى الشيخ الصيرفي أبو حامد والماوردي والجمهور عنه أنه يقول : يحسب الذهاب من الصفا إلى المروة والعودة إلى الصفا ، كلاهما مرة واحدة ولا يحسب أحدهما مرة . وحكى القاضي في تعليقه أنه قال : إذا وصل أبو الطيب المروة في المرة الأولى حصل له مرة من السبع ، قال : وعوده إلى الصفا ليس بشيء فلا يحسب له ، وإنما هو توصل إلى السعي ، قال : حتى لو عاد مارا في المسجد لا بين الصفا والمروة جاز ، وحسب كل مرة من الصفا إلى المروة ، والمشهور عنه ما قدمناه عن الشيخ والجمهور ، والروايتان عنه باطلتان ، والصواب في حكم المسألة ما قدمناه عن الجمهور أن الذهاب مرة والعود أخرى ، والله تعالى أعلم . أبي حامد
هذا هو المذهب . ولنا وجه أنه يجب الصعود على الصفا والمروة قدرا يسيرا ولا يصح سعيه إلا بذلك ليستيقن قطع جميع المسافة كما يلزمه غسل جزء من الرأس في غسل الوجه ليستيقن إكمال الوجه ، حكاه المصنف والأصحاب عن أبي حفص بن الوكيل من أصحابنا ، واتفقوا على تضعيفه . والصواب أنه لا يجب الصعود ، وهو نص ، وبه قطع الأصحاب للحديث الصحيح السابق { الشافعي أن النبي صلى الله عليه وسلم سعى راكبا } ومعلوم أن الراكب لا يصعد . قال أصحابنا : وأما استيقان قطع جميع المسافة فيحصل بما ذكرناه من إلصاق العقب والأصابع ، وهذا الذي ذكرناه عن ابن الوكيل أن مذهبه أنه يشترط صعود الصفا والمروة بشيء قليل هو المشهور عنه ، الذي نقله عنه الجمهور . ونقل البغوي وغيره عنه أنه يشترط صعودهما قدر قامة رجل ، والصحيح عنه الأول .
( والواجب الثاني ) الترتيب ، وهو أن يبدأ [ ص: 95 ] من الصفا ، فإن بدأ بالمروة لم يحسب مروره منها إلى الصفا ، فإذا عاد من الصفا كان هذا أول سعيه ، ويشترط أيضا في المرة الثانية أن يكون ابتداؤها من المروة ، وفي الثالثة من الصفا ، والرابعة من المروة ، والخامسة من الصفا ، والسادسة من المروة ، والسابعة من الصفا ويختم بالمروة ، فلو أنه لما أراد العودة من المروة إلى الصفا للمرة الثانية عدل عن موضع السعي ، وجعل طريقه في المسجد أو غيره ، وابتدأ المرة الثانية من الصفا أيضا لم يحسب له تلك المرة على المذهب ، وبه قطع ابن القطان وابن المرزبان والدارمي والماوردي والقاضي والجمهور . وحكى أبو الطيب الروياني وغيره وجها شاذا أنها تحسب والصواب الأول ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم سعى هكذا وقال : { } . قال لتأخذوا عني مناسككم الماوردي : ولو نكس السعي فبدأ أولا بالمروة ، وختم السابعة بالصفا لم تجزه المرة الأولى التي بدأها من المروة ، وتصير الثانية التي بدأها من الصفا أولى ، ويحسب ما بعدها فيحصل له ست مرات ويبقى عليه سابعة فيبدؤها من الصفا فإذا وصل المروة تم سعيه .
قال الماوردي : وكذا الحكم فيما لو نسي بعض السبع ، فإن نسي السابعة أتى بها يبدؤها من الصفا ، ولو نسي السادسة وسعى السابعة حسبت له الخمس الأول ولا تحسب السادسة والسابعة ; لأن الترتيب شرط ، فلا تصح السابعة حتى يأتي بالسادسة ، فيلزمه سادسة يبدؤها من المروة ، ثم سابعة يبدؤها من الصفا ، فيتم سعيه بوصوله المروة ، وقال : لو نسي الخامس لم يعتد بالسادس وجعل السابع خامسا ثم أتى بالسادس ثم السابع . قال : وكذا الحكم لو ، فلو ترك ذراعا من المرة السابعة فله ثلاثة أحوال ( أحدها ) أن يتركه من آخر السابعة ، فيعود ويأتي بالذراع ويجزئه ، فإن رجع إلى بلده قبل [ ص: 96 ] الإتيان به كان على إحرامه . ترك شيئا من المسعى لم يستوفه في سعيه
( الثاني ) أن يتركه من أول السابعة فيلزمه أن يأتي بالسابعة بكمالها من أولها إلى آخرها ، كمن ترك الآية الأولى من الفاتحة يلزمه استئناف الفاتحة بكمالها .
( الثالث ) أن يتركه من وسط السابعة فيحسب ما مضى منها ويلزمه أن يأتي بما تركه وما بعده إلى آخر السابعة .
ولو ترك ذراعا من السادسة لم تحسب السابعة ; لأنها لا تحسب حتى تصح السادسة . وأما السادسة فحكمها كما ذكرناه في السابعة إذا ترك منها ذراعا ، ويجيء فيها الأحوال الثلاثة والله أعلم .
( الواجب الثالث ) إكمال سبع مرات يحسب الذهاب من الصفا إلى المروة مرة ، والرجوع من المروة إلى الصفا مرة ثانية ، والعود إلى المروة ثالثة ، والعود إلى الصفا رابعة ، وإلى المروة خامسة وإلى الصفا سادسة ، ومنه إلى المروة سابعة ، فيبدأ بالصفا ويختم بالمروة ، هذا هو المذهب الصحيح المشهور الذي نص عليه وقطع به جماهير الأصحاب المتقدمين والمتأخرين ، وجماهير العلماء . وعليه عمل الناس ، وبه تظاهرت الأحاديث الصحيحة . وقال جماعة من أصحابنا : يحسب الذهاب من الشافعي الصفا إلى المروة ، والعود منها إلى الصفا مرة واحدة ، فتكون المرة من الصفا إلى الصفا ، كما أن الطواف تكون المرة من الحجر الأسود إلى الحجر الأسود ، وكما أن في مسح الرأس يحسب الذهاب من مقدمه إلى مؤخره والرجوع مرة واحدة . وممن قال هذا من أصحابنا أبو عبد الرحمن ابن بنت الشافعي وأبو علي بن خيران ، وأبو سعيد الإصطخري وأبو حفص بن الوكيل . وقال به أيضا وأبو بكر الصيرفي وهذا غلط ظاهر . محمد بن جرير الطبري
[ ص: 97 ] دليلنا الأحاديث الصحيحة ، منها حديث في صحيح جابر { مسلم بالصفا وفرغ على المروة } والفرق بينه وبين الطواف الذي قاسوا عليه أن الطواف لا يحصل فيه قطع المسافة كلها إلا بالمرور من الحجر الأسود إلى الحجر الأسود ، وأما هنا فيحصل قطع المسافة كلها بالمرور إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم سعى سبعا ، بدأ المروة ، وإذا رجع إلى الصفا حصل قطعها مرة أخرى ، فحسب ذلك مرتين . واعلم أنهم اختلفوا في حكاية قول ، فحكى الشيخ الصيرفي أبو حامد والماوردي والجمهور عنه أنه يقول : يحسب الذهاب من الصفا إلى المروة والعودة إلى الصفا ، كلاهما مرة واحدة ولا يحسب أحدهما مرة . وحكى القاضي في تعليقه أنه قال : إذا وصل أبو الطيب المروة في المرة الأولى حصل له مرة من السبع ، قال : وعوده إلى الصفا ليس بشيء فلا يحسب له ، وإنما هو توصل إلى السعي ، قال : حتى لو عاد مارا في المسجد لا بين الصفا والمروة جاز ، وحسب كل مرة من الصفا إلى المروة ، والمشهور عنه ما قدمناه عن الشيخ والجمهور ، والروايتان عنه باطلتان ، والصواب في حكم المسألة ما قدمناه عن الجمهور أن الذهاب مرة والعود أخرى ، والله تعالى أعلم . أبي حامد
قال أصحابنا : لو لزمه الأخذ بالأقل ، فلو اعتقد إتمام سعيه فأخبره عدل أو عدلان ببقاء شيء ، قال سعى أو طاف وشك في العدد قبل الفراغ والأصحاب : لا يلزمه الإتيان به لكن يستحب والله أعلم . الشافعي
( الواجب الرابع ) قال أصحابنا : يشترط كون سواء كان بعد طواف القدوم أو طواف الزيارة ، ولا يتصور وقوعه بعد طواف الوداع ; لأن طواف الوداع هو الواقع بعد فراغ المناسك ، فإذا بقي السعي لم يكن المفعول طواف الوداع . واستدل السعي بعد طواف صحيح الماوردي لاشتراط كون السعي بعد طواف صحيح بالأحاديث الصحيحة - أن النبي [ ص: 98 ] صلى الله عليه وسلم { } - وإجماع المسلمين . ونقل سعى بعد الطواف وقال صلى الله عليه وسلم لتأخذوا عني مناسككم الماوردي وغيره الإجماع في اشتراط ذلك وشذ إمام الحرمين فقال في كتابه " الأساليب " : قال بعض أئمتنا : لو اعتد بالسعي ، وهذا النقل غلط ظاهر مردود بالأحاديث الصحيحة وبالإجماع الذي قدمناه عن نقل قدم السعي على الطواف الماوردي ، والله أعلم .
( فرع ) قال صاحب البيان : قال : الشيخ أبو نصر مكة إذا طاف للوداع لخروجه إلى منى أن يقدم السعي بعد هذا الطواف ، قال وبمذهبنا هذا قال يجوز لمن أحرم بالحج من ابن عمر وابن الزبير والقاسم بن محمد . وقال مالك وأحمد وإسحاق : لا يجوز ذلك له ، وإنما يجوز للقادم . دليلنا أنه إذا جاز ذلك لمن أحرم من خارج مكة جاز للمحرم منها . هذا نقل صاحب البيان ، ولم أر لغيره ما يوافقه ، وظاهر كلام الأصحاب أنه لا يجوز السعي إلا بعد طواف القدوم أو الإفاضة كما سبق ، والله أعلم
( فرع ) قال أصحابنا : ولو لم يصح سعيه ، فيلزمه أن يأتي ببقية الطواف إن قلنا يجوز تفريقه وهو المذهب وإلا فيستأنف ، فإذا أتى ببقيته أو استأنفه أعاد السعي ، والله أعلم . سعى ثم تيقن أنه ترك شيئا من الطواف
( فرع ) سنة على المذهب ، فلو تخلل فصل يسير أو طويل بينهن لم يضر ، وإن كان شهرا أو سنة أو أكثر ، هذا هو المذهب ، وبه قطع الجمهور . وقال الموالاة بين مراتب السعي الماوردي : إن فرق يسيرا جاز ، وإن فرق كثيرا ، فإن جوزنا التفريق الكثير بين مرات الطواف وهو الأصح ، فههنا أولى ، وإلا ففي السعي وجهان ( أحدهما ) وهو قول أصحابنا البصريين : لا يجوز ( والثاني ) وهو قول أصحابنا البغداديين : يجوز ; لأن السعي أخف من الطواف ، ولهذا يجوز مع الحدث وكشف [ ص: 99 ] العورة ، هذا نقل الماوردي . وقال أبو علي البندنيجي إن فرق يسيرا لم يضر وجاز البناء ، وكذا إن فرق كثيرا لعذر ، كالخروج للصلاة المكتوبة والطهارة وغيرهما ، وإن فرق كثيرا بلا عذر فقولان . قال في الأم : يبني ، وفي القديم يستأنف ، والله أعلم .
وأما فسنة ، فلو فرق بينهما تفريقا قليلا أو كثيرا جاز وصح سعيه ما لم يتخلل بينهما الوقوف ، فإن تخلل الوقوف لم يجز أن يسعى بعده قبل طواف الإفاضة ، بل يتعين حينئذ السعي بعد طواف الإفاضة بالاتفاق صرح به الموالاة بين الطواف والسعي القفال وأبو علي البندنيجي والبغوي والمتولي وصاحب العدة وآخرون ولا نعلم فيه خلافا إلا أن الغزالي قال في الوسيط فيه تردد ولم يذكر شيخه التردد ، بل حكى قول البندنيجي وسكت عليه . واحتج له المتولي بأنه دخل وقت الطواف المفروض فلم يجز أن يسعى سعيا تابعا لطواف نفل مع إمكان طواف فرض ، وهذا الذي ذكرناه من الموالاة بين الطواف والسعي سنة ، وأنه لو تخلل زمان طويل كسنة وسنتين وأكثر جاز أن يسعى ويصح سعيه ويكون مضموما إلى السعي الأول ، وهو المذهب وبه قطع جماهير الأصحاب في طريقتي العراق وخراسان ، وكلهم يمثلون بما لو أخره سنتين جاز ، وممن صرح بذلك وقطع به الشيخ أبو حامد ، والقاضيان والقفال أبو الطيب في تعليقهما وحسين وأبو علي السنجي والمحاملي والفوراني والبغوي وصاحب العدة والبيان وخلائق لا يحصون . وقال الماوردي : هل تشترط الموالاة بين الطواف والسعي ؟ فيه وجهان ( أحدهما ) وهو قول أصحابنا البغداديين لا تشترط الموالاة ، بل يجوز تأخيره يوما وشهرا وأكثر لأنهما ركنان فلا تشترط الموالاة بينهما كالوقوف وطواف الإفاضة ( والثاني ) تشترط الموالاة بينهما ، فإن فرق كثيرا لم يصح السعي ، وهو قول أصحابنا البصريين ; لأن السعي لما افتقر إلى تقدم الطواف ليمتاز عما لغير الله تعالى افتقر إلى الموالاة بينه وبينه [ ص: 100 ] ليقع الميز به ، ولا يحصل الميز إذ أخره . هذا نقل الماوردي . وقال المتولي : في اشتراط الموالاة بين الطواف والسعي قولان مبنيان على القولين في الموالاة في الوضوء . قال ووجه الشبه أنهما ركنان في عبادة ، وأمكن الموالاة بينهما فصار كاليد مع الوجه في الوضوء ، والصواب ما قدمناه عن الجمهور قياسا على تأخير طواف الإفاضة عن الوقوف ، فإنه يجوز تأخيره سنين كثيرة ، ولا آخر له ما دام حيا بلا خلاف ، والله أعلم .
وأما فسنة ، فلو فرق بينهما تفريقا قليلا أو كثيرا جاز وصح سعيه ما لم يتخلل بينهما الوقوف ، فإن تخلل الوقوف لم يجز أن يسعى بعده قبل طواف الإفاضة ، بل يتعين حينئذ السعي بعد طواف الإفاضة بالاتفاق صرح به الموالاة بين الطواف والسعي القفال وأبو علي البندنيجي والبغوي والمتولي وصاحب العدة وآخرون ولا نعلم فيه خلافا إلا أن الغزالي قال في الوسيط فيه تردد ولم يذكر شيخه التردد ، بل حكى قول البندنيجي وسكت عليه . واحتج له المتولي بأنه دخل وقت الطواف المفروض فلم يجز أن يسعى سعيا تابعا لطواف نفل مع إمكان طواف فرض ، وهذا الذي ذكرناه من الموالاة بين الطواف والسعي سنة ، وأنه لو تخلل زمان طويل كسنة وسنتين وأكثر جاز أن يسعى ويصح سعيه ويكون مضموما إلى السعي الأول ، وهو المذهب وبه قطع جماهير الأصحاب في طريقتي العراق وخراسان ، وكلهم يمثلون بما لو أخره سنتين جاز ، وممن صرح بذلك وقطع به الشيخ أبو حامد ، والقاضيان والقفال أبو الطيب في تعليقهما وحسين وأبو علي السنجي والمحاملي والفوراني والبغوي وصاحب العدة والبيان وخلائق لا يحصون . وقال الماوردي : هل تشترط الموالاة بين الطواف والسعي ؟ فيه وجهان ( أحدهما ) وهو قول أصحابنا البغداديين لا تشترط الموالاة ، بل يجوز تأخيره يوما وشهرا وأكثر لأنهما ركنان فلا تشترط الموالاة بينهما كالوقوف وطواف الإفاضة ( والثاني ) تشترط الموالاة بينهما ، فإن فرق كثيرا لم يصح السعي ، وهو قول أصحابنا البصريين ; لأن السعي لما افتقر إلى تقدم الطواف ليمتاز عما لغير الله تعالى افتقر إلى الموالاة بينه وبينه [ ص: 100 ] ليقع الميز به ، ولا يحصل الميز إذ أخره . هذا نقل الماوردي . وقال المتولي : في اشتراط الموالاة بين الطواف والسعي قولان مبنيان على القولين في الموالاة في الوضوء . قال ووجه الشبه أنهما ركنان في عبادة ، وأمكن الموالاة بينهما فصار كاليد مع الوجه في الوضوء ، والصواب ما قدمناه عن الجمهور قياسا على تأخير طواف الإفاضة عن الوقوف ، فإنه يجوز تأخيره سنين كثيرة ، ولا آخر له ما دام حيا بلا خلاف ، والله أعلم .
( فرع ) في . وهي جميع ما سبق في كيفية السعي سوى الواجبات المذكورة ، وهي سنن كثيرة ( إحداها ) يستحب أن يكون عقب الطواف وأن يواليه ، فإن أخره عن الطواف أو فرق بين مراته جاز على المذهب ما لم يتخلل بينهما الوقوف كما سبق ، وفيه خلاف ضعيف سبق الآن . ( الثانية ) يستحب أن يسعى على طهارة من الحدث والنجس ساترا عورته ، فلو سعى محدثا أو جنبا أو حائضا أو نفساء أو عليه نجاسة أو مكشوف العورة ، جاز وصح سعيه بلا خلاف ، لحديث سنن السعي رضي الله عنها { عائشة بالبيت } رواه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال وقد حاضت : اصنعي ما يصنع الحاج غير أن لا تطوفي البخاري وسبق بيانه مرات . ( الثالثة ) الأفضل أن يتحرى زمان الخلوة لسعيه وطوافه ، وإذا كثرت الزحمة فينبغي أن يتحفظ من أيدي الناس ، وترك هيئة من هيئات السعي أهون من إيذاء مسلم ومن تعريض نفسه للأذى ، وإذا عجز عن السعي في موضعه للزحمة تشبه في حركته بالساعي كما قلنا في الرمل . قال ومسلم في الأم والأصحاب : يستحب للمرأة أن تسعى في الليل لأنه أستر وأسلم لها ولغيرها من الفتنة ، فإن طافت نهارا جاز وتسدل على وجهها ما يستره من غير مماسته البشرة . [ ص: 101 ] الرابعة ) الأفضل أن لا يركب في سعيه إلا لعذر كما سبق في الطواف ، لأنه أشبه بالتواضع . لكن سبق هناك خلاف في تسمية الطواف راكبا مكروها ، واتفقوا على أن السعي راكبا ليس بمكروه ، لكنه خلاف الأفضل لأن سبب الكراهة هناك عند من أثبتها خوف تنجس المسجد بالدابة ، وصيانته من امتهانه بها . الشافعي
وهذا المعنى منتصف في السعي . وهذا معنى قول صاحب الحاوي الركوب في السعي أخف من الركوب في الطواف . ولو سعى به غيره محمولا جاز لكن الأولى سعيه بنفسه إن لم يكن صبيا صغيرا أو له عذر كمرض ونحوه .
( الخامسة ) أن يكون الخروج إلى السعي من باب الصفا ( السادسة ) أن يرقى على الصفا وعلى المروة قدر قامة في كل واحد منهما .
( السابعة ) الذكر والدعاء على الصفا والمروة كما سبق بيانه . ويستحب أن يقول في مروره بينهما رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم وأنت الأعز الأكرم ، اللهم آتنا في الدنيا حسنة ، وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ، وأن يقرأ القرآن وسبق بيان أدلة كل هذا .
( الثامنة ) يستحب أن يكون سعيه في موضع السعي الذي سبق بيانه سعيا شديدا فوق الرمل . والسعي مستحب في كل مرة من السبع ، بخلاف الرمل فإنه مختص بالثلاث الأول ، كما أن السعي الشديد في موضعه سنة ، فكذلك المشي على عادته في باقي المسافة سنة ، ولو سعى في جميع المسافة أو مشى فيها صح وفاته الفضيلة ، والله أعلم .
( فرع ) أما المرأة ففيها وجهان ( الصحيح ) المشهور ، وبه قطع الجمهور أنها لا تسعى في موضع السعي ، بل تمشي جميع المسافة ، سواء كانت نهارا أو ليلا في الخلوة لأنها عورة ، وأمرها مبني على الستر ، ولهذا [ ص: 102 ] لا ترمل في الطواف ( والثاني ) أنها إن سعت في الليل - حال خلو المسعى - استحب لها السعي في موضع السعي كالرجل ، والله أعلم
وهذا المعنى منتصف في السعي . وهذا معنى قول صاحب الحاوي الركوب في السعي أخف من الركوب في الطواف . ولو سعى به غيره محمولا جاز لكن الأولى سعيه بنفسه إن لم يكن صبيا صغيرا أو له عذر كمرض ونحوه .
( الخامسة ) أن يكون الخروج إلى السعي من باب الصفا ( السادسة ) أن يرقى على الصفا وعلى المروة قدر قامة في كل واحد منهما .
( السابعة ) الذكر والدعاء على الصفا والمروة كما سبق بيانه . ويستحب أن يقول في مروره بينهما رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم وأنت الأعز الأكرم ، اللهم آتنا في الدنيا حسنة ، وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ، وأن يقرأ القرآن وسبق بيان أدلة كل هذا .
( الثامنة ) يستحب أن يكون سعيه في موضع السعي الذي سبق بيانه سعيا شديدا فوق الرمل . والسعي مستحب في كل مرة من السبع ، بخلاف الرمل فإنه مختص بالثلاث الأول ، كما أن السعي الشديد في موضعه سنة ، فكذلك المشي على عادته في باقي المسافة سنة ، ولو سعى في جميع المسافة أو مشى فيها صح وفاته الفضيلة ، والله أعلم .
( فرع ) أما المرأة ففيها وجهان ( الصحيح ) المشهور ، وبه قطع الجمهور أنها لا تسعى في موضع السعي ، بل تمشي جميع المسافة ، سواء كانت نهارا أو ليلا في الخلوة لأنها عورة ، وأمرها مبني على الستر ، ولهذا [ ص: 102 ] لا ترمل في الطواف ( والثاني ) أنها إن سعت في الليل - حال خلو المسعى - استحب لها السعي في موضع السعي كالرجل ، والله أعلم
( فرع ) قال الشيخ : رأيت الناس أبو محمد الجويني المروة ، قال : وذلك حسن وزيادة طاعة ، ولكن لم يثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . هذا كلام إذا فرغوا من السعي صلوا ركعتين على ، وقال أبي محمد : ينبغي أن يكره ذلك لأنه ابتداء شعار ، وقد قال أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله ليس في السعي صلاة . وهذا الذي قاله الشافعي أظهر ، والله أعلم . أبو عمرو
( فرع ) قال والأصحاب : لا يجوز الشافعي ، فلو مر وراء موضع السعي في السعي في غير موضع السعي زقاق العطارين أو غيره لم يصح سعيه ; لأن السعي مختص بمكان فلا يجوز فعله في غيره كالطواف . قال أبو علي البندنيجي في كتابه الجامع : موضع السعي بطن الوادي . قال في القديم : فإن التوى شيئا يسيرا أجزأه . وإن عدل حتى يفارق الوادي المؤدي إلى الشافعي زقاق العطارين لم يجز وكذا قال الدارمي : إن التوى في السعي يسيرا جاز ، وإن دخل المسجد أو زقاق العطارين فلا ، والله أعلم .
( فرع ) قال الدارمي : لحديث . . . ونحوه ، فإن فعله أجزأه يكره أن يقف في سعيه
( فرع ) قد سبق في فصل الطواف أنه ، وذكرنا وجها شاذا عن حكاية يسن الاضطباع في جميع المسعى الدارمي عن ابن القطان أنه إنما [ ص: 103 ] يضطبع في موضع السعي الشديد دون موضع المشي . وهذا غلط ، والله أعلم .
( فرع ) السعي ركن من أركان الحج لا يتم الحج إلا به ، ولا يجبر بدم ولا يفوت ما دام صاحبه حيا ، فلو بقي منه مرة من السعي أو خطوة لم يصح حجه ، ولم يتحلل من إحرامه حتى يأتي بما بقي ، ولا يحل له النساء وإن طال ذلك سنين ، ولا خلاف في هذا عندنا إلا ما شذ به الدارمي فقال : قال : إن أبو حنيفة لزمه في كل شوط إطعام مسكين نصف صاع إلى أربعة أشواط ففيها الدم . قال : وحكى ترك السعي عمدا أو سهوا ابن القطان عن أبي علي قولا آخر كمذهب وهذا القول شاذ وغلط ، والله أعلم أبي حنيفة
( فرع ) السعي ركن من أركان الحج لا يتم الحج إلا به ، ولا يجبر بدم ولا يفوت ما دام صاحبه حيا ، فلو بقي منه مرة من السعي أو خطوة لم يصح حجه ، ولم يتحلل من إحرامه حتى يأتي بما بقي ، ولا يحل له النساء وإن طال ذلك سنين ، ولا خلاف في هذا عندنا إلا ما شذ به الدارمي فقال : قال : إن أبو حنيفة لزمه في كل شوط إطعام مسكين نصف صاع إلى أربعة أشواط ففيها الدم . قال : وحكى ترك السعي عمدا أو سهوا ابن القطان عن أبي علي قولا آخر كمذهب وهذا القول شاذ وغلط ، والله أعلم أبي حنيفة
( فرع ) قال والأصحاب : إذا الشافعي وقع ركنا ولا يعاد بعد طواف الإفاضة ، فإن أعاده كان خلاف الأولى . وقال الشيخ أتى بالسعي بعد طواف القدوم وولده أبو محمد الجويني إمام الحرمين وغيرهما : يكره إعادته لأنه بدعة ، ودليل المسألة حديث { جابر الصفا والمروة إلا طوافا واحدا طوافه الأول } رواه أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يطوفوا بين ، يعني بالطواف السعي لقوله تعالى { مسلم فلا جناح عليه أن يطوف بهما } .
( فرع ) ذكرنا أن مذهبنا أنه لو سعى راكبا جاز ، ولا يقال مكروه ، لكنه خلاف الأولى ولا دم عليه ، وبه قال أنس بن مالك وعطاء . قال ومجاهد : وكره الركوب ابن المنذر عائشة وعروة وأحمد وإسحاق ، وقال : لا يجزئه ويلزمه الإعادة . وقال أبو ثور لا يركب إلا لضرورة . وقال مجاهد : إن كان أبو حنيفة بمكة أعاده ولا دم ، وإن رجع إلى وطنه بلا إعادة لزمه دم . دليلنا الحديث الصحيح السابق { أن النبي صلى الله عليه وسلم سعى راكبا } .
( فرع ) ذكرنا أن مذهبنا أنه لو سعى راكبا جاز ، ولا يقال مكروه ، لكنه خلاف الأولى ولا دم عليه ، وبه قال أنس بن مالك وعطاء . قال ومجاهد : وكره الركوب ابن المنذر عائشة وعروة وأحمد وإسحاق ، وقال : لا يجزئه ويلزمه الإعادة . وقال أبو ثور لا يركب إلا لضرورة . وقال مجاهد : إن كان أبو حنيفة بمكة أعاده ولا دم ، وإن رجع إلى وطنه بلا إعادة لزمه دم . دليلنا الحديث الصحيح السابق { أن النبي صلى الله عليه وسلم سعى راكبا } .
[ ص: 104 ] فرع ) في مذهبنا أنه ركن من أركان الحج والعمرة لا يتم واحد منهما إلا به ، ولا يجبر بدم ، ولو بقي منه خطوة لم يتم حجه ولم يتحلل من إحرامه . وبه قالت مذاهب العلماء في حكم السعي عائشة ومالك وإسحاق وأبو ثور وداود في رواية . وقال وأحمد : هو واجب ليس بركن بل ينوب عنه . وقال أبو حنيفة في رواية : ليس هو بركن ولا دم في تركه ، والأصح عنه أنه واجب ليس بركن فيجبر بالدم . وقال أحمد ابن مسعود وأبي بن كعب وابن عباس وابن الزبير وأنس : هو تطوع ليس بركن ولا واجب ولا دم في تركه وحكى وابن سيرين عن ابن المنذر الحسن وقتادة أنه يجب فيه الدم ، وعن والثوري أنه قال : من طاوس لزمه دم ، وإن ترك دونها لزمه لكل شوط نصف صاع وليس هو بركن ، وهو مذهب ترك من السعي أربعة أشواط ، وعن أبي حنيفة رواية أنه تطوع لا شيء في تركه ، ورواية فيه الدم . عطاء
قال : إن ثبت حديث ابن المنذر بنت أبي تجراة الذي قدمناه أنها سمعت النبي يقول { } فهو ركن . قال اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي : وإلا فهو تطوع قال : وحديثها رواه الشافعي عبد الله بن المؤمل وقد تكلموا فيه . واحتج القائلون بأنه تطوع بقوله تعالى { إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما } وفي الشواذ قراءة فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما ، ورفع الجناح في الطواف بهما يدل على أنه مباح لا واجب . واحتج أصحابنا بحديث ابن مسعود من صفية بنت شيبة بني عبد الدار أنهن سمعن من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد استقبل الناس في المسعى وقال { } رواه يا أيها الناس اسعوا فإن السعي قد كتب عليكم الدارقطني بإسناد حسن ، والجواب عن الآية ما أجابت والبيهقي عائشة رضي الله عنها لما سألها عن هذا فقالت " إنما نزلت الآية هكذا ; لأن [ ص: 105 ] عروة بن الزبير الأنصار كانوا يتحرجون من الطواف بين الصفا والمروة ، أي يخافون الحرج فيه ، فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فأنزل الله تعالى الآية " رواه البخاري . ومسلم
قال : إن ثبت حديث ابن المنذر بنت أبي تجراة الذي قدمناه أنها سمعت النبي يقول { } فهو ركن . قال اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي : وإلا فهو تطوع قال : وحديثها رواه الشافعي عبد الله بن المؤمل وقد تكلموا فيه . واحتج القائلون بأنه تطوع بقوله تعالى { إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما } وفي الشواذ قراءة فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما ، ورفع الجناح في الطواف بهما يدل على أنه مباح لا واجب . واحتج أصحابنا بحديث ابن مسعود من صفية بنت شيبة بني عبد الدار أنهن سمعن من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد استقبل الناس في المسعى وقال { } رواه يا أيها الناس اسعوا فإن السعي قد كتب عليكم الدارقطني بإسناد حسن ، والجواب عن الآية ما أجابت والبيهقي عائشة رضي الله عنها لما سألها عن هذا فقالت " إنما نزلت الآية هكذا ; لأن [ ص: 105 ] عروة بن الزبير الأنصار كانوا يتحرجون من الطواف بين الصفا والمروة ، أي يخافون الحرج فيه ، فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فأنزل الله تعالى الآية " رواه البخاري . ومسلم
( فرع ) لو لم يصح سعيه عندنا ، وبه قال جمهور العلماء ، وقدمنا عن سعى قبل الطواف الماوردي أنه نقل الإجماع فيه ، وهو مذهب مالك وأبي حنيفة . وحكى وأحمد عن ابن المنذر وبعض أهل الحديث أنه يصح ، حكاه أصحابنا عن عطاء عطاء . دليلنا أن النبي صلى الله عليه وسلم سعى بعد الطواف ، وقال صلى الله عليه وسلم : { وداود } . وأما حديث لتأخذوا عني مناسككم ابن شريك الصحابي رضي الله عنه قال { } فرواه خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجا فكان الناس يأتونه ، فمن قائل : يا رسول الله سعيت قبل أن أطوف ، أو أخرت شيئا ، أو قدمت شيئا ، فكان يقول : لا حرج إلا على رجل اقترض عرض رجل مسلم وهو ظالم ، فذلك الذي هلك وحرج أبو داود بإسناد صحيح كل رجاله رجال الصحيحين إلا أسامة بن شريك الصحابي وهذا الحديث محمول على ما حمله وغيره ، وهو أن قوله : سعيت قبل أن أطوف ، أي سعيت بعد طواف القدوم وقبل طواف الإفاضة ، والله أعلم الخطابي
( فرع ) مذهبنا أن شرط ، فيبدأ الترتيب في السعي بالصفا ، فلو بدأ بالمروة لم يعتد به ، وبهذا قال الحسن البصري والأوزاعي . قال مالك وأحمد وجمهور العلماء وحكاه وداود عن ابن المنذر أيضا ، والمشهور عن أبي حنيفة : أنه ليس بشرط فيصح الابتداء أبي حنيفة بالمروة . وعن روايتان ( إحداهما ) كمذهبنا ( والثانية ) يجزي الجاهل . عطاء
دليلنا قوله صلى الله عليه وسلم { } وهو حديث صحيح كما سبق ، والله أعلم . ابدءوا بما بدأ الله به
دليلنا قوله صلى الله عليه وسلم { } وهو حديث صحيح كما سبق ، والله أعلم . ابدءوا بما بدأ الله به
[ ص: 106 ] فرع ) لو قطعه وصلاها ثم بنى عليه ، هذا مذهبنا وبه قال جمهور العلماء ، منهم أقيمت الصلاة المكتوبة وهو في أثناء السعي وابنه ابن عمر سالم وعطاء وأبو حنيفة ، قال وأبو ثور : هو قول أكثر العلماء ، وقال ابن المنذر : لا يقطعه للصلاة إلا أن يضيق وقتها . مالك
( فرع ) مذهبنا ومذهب الجمهور أن ، وعن السعي يصح من المحدث والجنب والحائض الحسن أنه إن كان قبل التحلل أعاد السعي ، وإن كان بعده فلا شيء عليه ، دليلنا قوله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها وقد حاضت { لعائشة بالبيت } رواه اصنعي ما يصنع الحاج غير أن لا تطوفي البخاري ومسلم .