(
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=91إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به أولئك لهم عذاب أليم وما لهم من ناصرين )
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=91إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به أولئك لهم عذاب أليم وما لهم من ناصرين )
اعلم أن الكافر على ثلاثة أقسام : أحدها : الذي
nindex.php?page=treesubj&link=32482يتوب عن الكفر توبة صحيحة مقبولة ، وهو الذي ذكره الله تعالى في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=89إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم ) .
وثانيها : الذي
nindex.php?page=treesubj&link=32482_30553يتوب عن ذلك الكفر توبة فاسدة وهو الذي ذكره الله في الآية المتقدمة ، وقال : إنه لن تقبل توبته . وثالثها : الذي
nindex.php?page=treesubj&link=32482_30549يموت على الكفر من غير توبة البتة وهو المذكور في هذه الآية ، ثم إنه تعالى أخبر عن هؤلاء بثلاثة أنواع :
النوع الأول : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=91فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به ) ، قال
الواحدي : ملء الشيء قدر ما يملؤه ، وانتصب "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=91ذهبا " على التفسير ، ومعنى التفسير أن يكون الكلام تاما إلا أن يكون مبهما ، كقوله : عندي عشرون ، فالعدد معلوم ، والمعدود مبهم ، فإذا قلت : درهما فسرت العدد ، وكذلك إذا قلت : هو أحسن الناس فقد أخبرت عن حسنه ، ولم تبين في ماذا ، فإذا قلت وجها أو فعلا فقد بينته ونصبته على التفسير ، وإنما نصبته لأنه ليس له ما يخفضه ولا ما يرفعه ، فلما خلا من هذين نصب لأن النصب أخف الحركات فيجعل كأنه لا عامل فيه .
قال صاحب " الكشاف " : وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش " ذهب " بالرفع ردا على ملء ، كما يقال : عندي عشرون نفسا رجال .
وهاهنا ثلاثة أسئلة :
السؤال الأول : لم قيل في الآية المتقدمة " لن تقبل " بغير فاء وفي هذه الآية " فلن يقبل " بالفاء ؟ .
[ ص: 116 ] الجواب : أن دخول الفاء يدل على أن الكلام مبني على الشرط والجزاء ، وعند عدم الفاء لم يفهم من الكلام كونه شرطا وجزاء ، تقول : الذي جاءني له درهم ، فهذا لا يفيد أن الدرهم حصل له بسبب المجيء ، وإذا قلت : الذي جاءني فله درهم ، فهذا لا يفيد أن الدرهم حصل له بسبب المجيء ، فذكر الفاء في هذه الآية يدل على أن عدم قبول الفدية معلل بالموت على الكفر .
السؤال الثاني :
nindex.php?page=treesubj&link=20928_34077ما فائدة الواو في قوله : ( nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=91ولو افتدى به ) ؟ .
الجواب : ذكروا فيه وجوها :
الأول : قال
الزجاج : إنها للعطف ، والتقدير : لو تقرب إلى الله بملء الأرض ذهبا لم ينفعه ذلك مع كفره ، ولو افتدى من العذاب بملء الأرض ذهبا لم يقبل منه ، وهذا اختيار
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري قال : وهذا أوكد في التغليظ ؛ لأنه تصريح بنفي القبول من جميع الوجوه .
الثاني : ( الواو ) دخلت لبيان التفصيل بعد الإجمال ، وذلك لأن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=91فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ) يحتمل الوجوه الكثيرة ، فنص على نفي القبول بجهة الفدية .
الثالث : وهو وجه خطر ببالي ، وهو أن من غضب على بعض عبيده ، فإذا أتحفه ذلك العبد بتحفة وهدية لم يقبلها البتة إلا أنه قد يقبل منه الفدية ، فأما إذا لم يقبل منه الفدية أيضا كان ذلك غاية الغضب ، والمبالغة إنما تحصل بتلك المرتبة التي هي الغاية ، فحكم تعالى بأنه لا يقبل منهم ملء الأرض ذهبا ولو كان واقعا على سبيل الفداء تنبيها على أنه لما لم يكن مقبولا بهذا الطريق ، فبأن لا يكون مقبولا منه بسائر الطرق أولى .
السؤال الثالث : أن من المعلوم أن الكافر لا يملك يوم القيامة نقيرا ولا قطميرا ، ومعلوم أن بتقدير أن يملك الذهب فلا ينفع الذهب البتة في الدار الآخرة ، فما فائدة قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=91فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ) .
الجواب : فيه وجهان :
أحدهما : أنهم إذا ماتوا على الكفر فلو أنهم كانوا قد أنفقوا في الدنيا ملء الأرض ذهبا لن يقبل الله تعالى ذلك منهم ؛ لأن
nindex.php?page=treesubj&link=30551الطاعة مع الكفر لا تكون مقبولة ، والثاني : أن الكلام وقع على سبيل الفرض ، فالذهب كناية عن أعز الأشياء ، والتقدير : لو أن الكافر يوم القيامة قدر على أعز الأشياء ثم قدر على بذله في غاية الكثرة لعجز أن يتوسل بذلك إلى تخليص نفسه من عذاب الله ، وبالجملة فالمقصود أنهم آيسون من تخليص النفس من العقاب .
النوع الثاني من الوعيد المذكور في هذه الآية : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=91لهم عذاب أليم ) ، واعلم أنه تعالى لما بين أن الكافر لا يمكنه تخليص النفس من العذاب ، أردفه بصفة ذلك العذاب ، فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=91لهم عذاب أليم ) أي مؤلم .
النوع الثالث من الوعيد قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=91وما لهم من ناصرين ) ، والمعنى أنه تعالى لما بين أنه لا خلاص لهم عن هذا العذاب الأليم بسبب الفدية ، بين أيضا أنه لا خلاص لهم عنه بسبب النصرة والإعانة والشفاعة ، ولأصحابنا أن يحتجوا بهذه الآية على إثبات الشفاعة ، وذلك لأنه تعالى ختم تعديد
وعيد الكفار بعدم النصرة والشفاعة ، فلو حصل هذا المعنى في حق غير الكافر بطل تخصيص هذا الوعيد بالكفر ، والله أعلم .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=91إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ )
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=91إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ )
اعْلَمْ أَنَّ الْكَافِرَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ : أَحَدُهَا : الَّذِي
nindex.php?page=treesubj&link=32482يَتُوبُ عَنِ الْكُفْرِ تَوْبَةً صَحِيحَةً مَقْبُولَةً ، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=89إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) .
وَثَانِيهَا : الَّذِي
nindex.php?page=treesubj&link=32482_30553يَتُوبُ عَنْ ذَلِكَ الْكُفْرِ تَوْبَةً فَاسِدَةً وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي الْآيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ ، وَقَالَ : إِنَّهُ لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُ . وَثَالِثُهَا : الَّذِي
nindex.php?page=treesubj&link=32482_30549يَمُوتُ عَلَى الْكُفْرِ مِنْ غَيْرِ تَوْبَةٍ الْبَتَّةَ وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ ، ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى أَخْبَرَ عَنْ هَؤُلَاءِ بِثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ :
النَّوْعُ الْأَوَّلُ : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=91فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ ) ، قَالَ
الْوَاحِدِيُّ : مِلْءُ الشَّيْءِ قَدْرُ مَا يَمْلَؤُهُ ، وَانْتَصَبَ "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=91ذَهَبًا " عَلَى التَّفْسِيرِ ، وَمَعْنَى التَّفْسِيرِ أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ تَامًّا إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُبْهَمًا ، كَقَوْلِهِ : عِنْدِي عِشْرُونَ ، فَالْعَدَدُ مَعْلُومٌ ، وَالْمَعْدُودُ مُبْهَمٌ ، فَإِذَا قُلْتَ : دِرْهَمًا فَسَّرْتَ الْعَدَدَ ، وَكَذَلِكَ إِذَا قُلْتَ : هُوَ أَحْسَنُ النَّاسِ فَقَدْ أَخْبَرْتَ عَنْ حُسْنِهِ ، وَلَمْ تُبَيِّنْ فِي مَاذَا ، فَإِذَا قُلْتَ وَجْهًا أَوْ فِعْلًا فَقَدْ بَيَّنْتَهُ وَنَصَبْتَهُ عَلَى التَّفْسِيرِ ، وَإِنَّمَا نَصَبْتَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَا يَخْفِضُهُ وَلَا مَا يَرْفَعُهُ ، فَلَمَّا خَلَا مِنْ هَذَيْنِ نُصِبَ لِأَنَّ النَّصْبَ أَخَفُّ الْحَرَكَاتِ فَيُجْعَلُ كَأَنَّهُ لَا عَامِلَ فِيهِ .
قَالَ صَاحِبُ " الْكَشَّافِ " : وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الْأَعْمَشُ " ذَهَبٌ " بِالرَّفْعِ رَدًّا عَلَى مِلْءِ ، كَمَا يُقَالُ : عِنْدِي عِشْرُونَ نَفْسًا رِجَالٌ .
وَهَاهُنَا ثَلَاثَةُ أَسْئِلَةٍ :
السُّؤَالُ الْأَوَّلُ : لِمَ قِيلَ فِي الْآيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ " لَنْ تُقْبَلَ " بِغَيْرِ فَاءٍ وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ " فَلَنْ يُقْبَلَ " بِالْفَاءِ ؟ .
[ ص: 116 ] الْجَوَابُ : أَنَّ دُخُولَ الْفَاءِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ مَبْنِيٌّ عَلَى الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ ، وَعِنْدَ عَدَمِ الْفَاءِ لَمْ يُفْهَمْ مِنَ الْكَلَامِ كَوْنُهُ شَرْطًا وَجَزَاءً ، تَقُولُ : الَّذِي جَاءَنِي لَهُ دِرْهَمٌ ، فَهَذَا لَا يُفِيدُ أَنَّ الدِّرْهَمَ حَصَلَ لَهُ بِسَبَبِ الْمَجِيءِ ، وَإِذَا قُلْتَ : الَّذِي جَاءَنِي فَلَهُ دِرْهَمٌ ، فَهَذَا لَا يُفِيدُ أَنَّ الدِّرْهَمَ حَصَلَ لَهُ بِسَبَبِ الْمَجِيءِ ، فَذِكْرُ الْفَاءِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عَدَمَ قَبُولِ الْفِدْيَةِ مُعَلَّلٌ بِالْمَوْتِ عَلَى الْكُفْرِ .
السُّؤَالُ الثَّانِي :
nindex.php?page=treesubj&link=20928_34077مَا فَائِدَةُ الْوَاوِ فِي قَوْلِهِ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=91وَلَوِ افْتَدَى بِهِ ) ؟ .
الْجَوَابُ : ذَكَرُوا فِيهِ وُجُوهًا :
الْأَوَّلُ : قَالَ
الزَّجَّاجُ : إِنَّهَا لِلْعَطْفِ ، وَالتَّقْدِيرُ : لَوْ تَقَرَّبَ إِلَى اللَّهِ بِمَلْءِ الْأَرْضِ ذَهَبًا لَمْ يَنْفَعْهُ ذَلِكَ مَعَ كُفْرِهِ ، وَلَوِ افْتَدَى مِنَ الْعَذَابِ بِمَلْءِ الْأَرْضِ ذَهَبًا لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ ، وَهَذَا اخْتِيَارُ
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابْنِ الْأَنْبَارِيِّ قَالَ : وَهَذَا أَوْكَدُ فِي التَّغْلِيظِ ؛ لِأَنَّهُ تَصْرِيحٌ بِنَفْيِ الْقَبُولِ مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ .
الثَّانِي : ( الْوَاوُ ) دَخَلَتْ لِبَيَانِ التَّفْصِيلِ بَعْدَ الْإِجْمَالِ ، وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=91فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا ) يَحْتَمِلُ الْوُجُوهَ الْكَثِيرَةَ ، فَنَصَّ عَلَى نَفْيِ الْقَبُولِ بِجِهَةِ الْفِدْيَةِ .
الثَّالِثُ : وَهُوَ وَجْهٌ خَطَرَ بِبَالِي ، وَهُوَ أَنَّ مَنْ غَضِبَ عَلَى بَعْضِ عَبِيدِهِ ، فَإِذَا أَتْحَفَهُ ذَلِكَ الْعَبْدُ بِتُحْفَةٍ وَهَدِيَّةٍ لَمْ يَقْبَلْهَا الْبَتَّةَ إِلَّا أَنَّهُ قَدْ يَقْبَلُ مِنْهُ الْفِدْيَةَ ، فَأَمَّا إِذَا لَمْ يَقْبَلْ مِنْهُ الْفِدْيَةَ أَيْضًا كَانَ ذَلِكَ غَايَةَ الْغَضَبِ ، وَالْمُبَالَغَةُ إِنَّمَا تَحْصُلُ بِتِلْكَ الْمَرْتَبَةِ الَّتِي هِيَ الْغَايَةُ ، فَحَكَمَ تَعَالَى بِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ مِنْهُمْ مِلْءَ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوْ كَانَ وَاقِعًا عَلَى سَبِيلِ الْفِدَاءِ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مَقْبُولًا بِهَذَا الطَّرِيقِ ، فَبِأَنْ لَا يَكُونَ مَقْبُولًا مِنْهُ بِسَائِرِ الطُّرُقِ أَوْلَى .
السُّؤَالُ الثَّالِثُ : أَنَّ مِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْكَافِرَ لَا يَمْلِكُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ نَقِيرًا وَلَا قِطْمِيرًا ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ بِتَقْدِيرِ أَنْ يَمْلِكَ الذَّهَبَ فَلَا يَنْفَعُ الذَّهَبُ الْبَتَّةَ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ ، فَمَا فَائِدَةُ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=91فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا ) .
الْجَوَابُ : فِيهِ وَجْهَانِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّهُمْ إِذَا مَاتُوا عَلَى الْكُفْرِ فَلَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا قَدْ أَنْفَقُوا فِي الدُّنْيَا مِلْءَ الْأَرْضِ ذَهَبًا لَنْ يَقْبَلَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ مِنْهُمْ ؛ لِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30551الطَّاعَةَ مَعَ الْكُفْرِ لَا تَكُونُ مَقْبُولَةً ، وَالثَّانِي : أَنَّ الْكَلَامَ وَقَعَ عَلَى سَبِيلِ الْفَرْضِ ، فَالذَّهَبُ كِنَايَةٌ عَنْ أَعَزِّ الْأَشْيَاءِ ، وَالتَّقْدِيرُ : لَوْ أَنَّ الْكَافِرَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَدَرَ عَلَى أَعَزِّ الْأَشْيَاءِ ثُمَّ قَدَرَ عَلَى بَذْلِهِ فِي غَايَةِ الْكَثْرَةِ لَعَجَزَ أَنْ يَتَوَسَّلَ بِذَلِكَ إِلَى تَخْلِيصِ نَفْسِهِ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ ، وَبِالْجُمْلَةِ فَالْمَقْصُودُ أَنَّهُمْ آيِسُونَ مِنْ تَخْلِيصِ النَّفْسِ مِنَ الْعِقَابِ .
النَّوْعُ الثَّانِي مِنَ الْوَعِيدِ الْمَذْكُورِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=91لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا بَيَّنَ أَنَّ الْكَافِرَ لَا يُمْكِنُهُ تَخْلِيصُ النَّفْسِ مِنَ الْعَذَابِ ، أَرْدَفَهُ بِصِفَةِ ذَلِكَ الْعَذَابِ ، فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=91لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) أَيْ مُؤْلِمٌ .
النَّوْعُ الثَّالِثُ مِنَ الْوَعِيدِ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=91وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ ) ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا بَيَّنَ أَنَّهُ لَا خَلَاصَ لَهُمْ عَنْ هَذَا الْعَذَابِ الْأَلِيمِ بِسَبَبِ الْفِدْيَةِ ، بَيَّنَ أَيْضًا أَنَّهُ لَا خَلَاصَ لَهُمْ عَنْهُ بِسَبَبِ النُّصْرَةِ وَالْإِعَانَةِ وَالشَّفَاعَةِ ، وَلِأَصْحَابِنَا أَنْ يَحْتَجُّوا بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى إِثْبَاتِ الشَّفَاعَةِ ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ تَعَالَى خَتَمَ تَعْدِيدَ
وَعِيدِ الْكُفَّارِ بِعَدَمِ النُّصْرَةِ وَالشَّفَاعَةِ ، فَلَوْ حَصَلَ هَذَا الْمَعْنَى فِي حَقِّ غَيْرِ الْكَافِرِ بَطَلَ تَخْصِيصُ هَذَا الْوَعِيدِ بِالْكُفْرِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .