الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
[ ص: 461 ] وقال الشيخ العالم العامل الورع الناسك ; شيخ الإسلام بقية السلف الكرام " أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام الشامي - رحمه الله - : ( فصل ) : تضمن حديث nindex.php?page=treesubj&link=28648_28632_28647_28855سؤال النبي صلى الله عليه وسلم عن " الإسلام " و " الإيمان " و " الإحسان " ; وجوابه عن ذلك وقوله في آخر الحديث : { nindex.php?page=hadith&LINKID=596374هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم } . فجعل هذا كله من الدين . وللناس في " الإسلام " و " الإيمان " من الكلام الكثير : مختلفين تارة ومتفقين أخرى . ما يحتاج الناس معه إلى معرفة الحق في ذلك ; وهذا يكون بأن تبين الأصول المعلومة المتفق عليها . ثم بذلك يتوصل إلى معرفة الحقيقة المتنازع فيها ; فنقول : ما علم [ بـ ] الكتاب والسنة والإجماع وهو من المنقول نقلا متواترا [ ص: 462 ] عن النبي صلى الله عليه وسلم بل هو من المعلوم بالاضطرار من دين الإسلام - دين النبي صلى الله عليه وسلم - أن الناس كانوا على عهده بالمدينة " ثلاثة أصناف " : مؤمن ، وكافر مظهر للكفر ، ومنافق ظاهره الإسلام وهو في الباطن كافر . ولهذا التقسيم أنزل الله في أول سورة البقرة ذكر الأصناف الثلاثة فأنزل أربع آيات في صفة المؤمنين وآيتين في صفة الكافرين . وبضع عشرة آية في صفة المنافقين . فقوله تعالى : { nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2هدى للمتقين } { nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=3الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون } { nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=4والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون } { nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=5أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون } في صفة المؤمنين . وقوله : { nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=6إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون } الآيتين : في صفة الكفار الذين يموتون كفارا . وقوله : { nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=8ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين } . الآيات في صفة المنافقين ; إلى أن ضرب لهم مثلين : أحدهما بالنار ، والآخر بالماء ; كما ضرب المثل بهذين للمؤمنين في قوله تعالى { nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=17أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها } الآية .
[ ص: 463 ] وأما قبل الهجرة فلم يكن الناس إلا مؤمن أو كافر لم يكن هناك منافق فإن المسلمين كانوا مستضعفين فكان من آمن آمن باطنا وظاهرا ، ومن لم يؤمن فهو كافر . فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وصار للمؤمنين بها عز وأنصار ودخل جمهور أهلها في الإسلام طوعا واختيارا : كان بينهم من أقاربهم ومن غير أقاربهم من أظهر الإسلام موافقة رهبة أو رغبة وهو في الباطن كافر . وكان رأس هؤلاء عبد الله بن أبي ابن سلول وقد نزل فيه وفي أمثاله من المنافقين آيات . والقرآن يذكر المؤمنين والمنافقين في غير موضع كما ذكرهم في سورة البقرة وآل عمران والنساء والمائدة وسورة العنكبوت والأحزاب . وكان هؤلاء في أهل المدينة والبادية كما قال تعالى : { nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=101وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم } .