nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=18إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين
موقع جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=18إنما يعمر مساجد الله الاستئناف البياني ; لأن جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=17ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله لما اقتضت إقصاء المشركين عن العبادة في المساجد كانت بحيث تثير سؤالا في نفوس السامعين أن يتطلبوا من هم الأحقاء بأن يعمروا المساجد ، فكانت هذه الجملة مفيدة جواب هذا السائل .
ومجيء صيغة القصر فيها مؤذن بأن المقصود إقصاء فرق أخرى عن أن يعمروا مساجد الله ، غير المشركين الذين كان إقصاؤهم بالصريح ، فتعين أن يكون المراد من الموصول وصلته خصوص المسلمين ; لأن مجموع الصفات المذكورة في الصلة لا يثبت لغيرهم ،
فاليهود والنصارى آمنوا بالله واليوم الآخر لكنهم لم يقيموا الصلاة ولم يؤتوا الزكاة ; لأن المقصود بالصلاة والزكاة العبادتان المعهودتان بهذين الاسمين والمفروضتان في الإسلام ، ألا ترى إلى قوله - تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=43قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين كناية عن أن لم يكونوا مسلمين .
واستغنى عن ذكر الإيمان برسوله
محمد - صلى الله عليه وسلم - بما يدل عليه من آثار شريعته : وهو الإيمان باليوم الآخر ، وإقام الصلاة : وإيتاء الزكاة .
[ ص: 142 ] وقصر خشيتهم على التعلق بجانب الله - تعالى - بصيغة القصر ليس المراد منه أنهم لا يخافون شيئا غير الله فإنهم قد يخافون الأسد ويخافون العدو ، ولكن معناه إذا تردد الحال بين خشيتهم الله وخشيتهم غيره قدموا خشية الله على خشية غيره كقوله آنفا
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=13أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه ، فالقصر إضافي باعتبار تعارض خشيتين .
وهذا من خصائص المؤمنين : فأما المشركون فهم يخشون شركاءهم وينتهكون حرمات الله لإرضاء شركائهم ، وأما
أهل الكتاب فيخشون الناس ويعصون الله بتحريف كلمه ومجاراة أهواء العامة ، وقد ذكرهم الله بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=44فلا تخشوا الناس واخشون
وفرع على وصف المسلمين بتلك الصفات رجاء أن يكونوا من المهتدين ، أي من الفريق الموصوف بالمهتدين وهو الفريق الذي الاهتداء خلق لهم في هذه الأعمال وفي غيرها . ووجه هذا الرجاء أنهم لما أتوا بما هو اهتداء لا محالة قوي الأمل في أن يستقروا على ذلك ويصير خلقا لهم فيكونوا من أهله ، ولذلك قال
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=18أن يكونوا من المهتدين ، ولم يقل أن يكونوا مهتدين .
وفي هذا حث على الاستزادة من هذا الاهتداء وتحذير من الغرور والاعتماد على بعض العمل الصالح باعتقاد أن بعض الأعمال يغني عن بقيتها .
والتعبير عنهم باسم الإشارة للتنبيه على أنهم استحقوا هذا الأمل فيهم بسبب تلك الأعمال التي عدت لهم .
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=18إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ
مَوْقِعُ جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=18إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ الِاسْتِئْنَافُ الْبَيَانِيُّ ; لِأَنَّ جُمْلَةَ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=17مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ لَمَّا اقْتَضَتْ إِقْصَاءَ الْمُشْرِكِينَ عَنِ الْعِبَادَةِ فِي الْمَسَاجِدِ كَانَتْ بِحَيْثُ تُثِيرُ سُؤَالًا فِي نُفُوسِ السَّامِعِينَ أَنْ يَتَطَلَّبُوا مَنْ هُمُ الْأَحِقَّاءُ بِأَنْ يَعْمُرُوا الْمَسَاجِدَ ، فَكَانَتْ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مُفِيدَةً جَوَابَ هَذَا السَّائِلِ .
وَمَجِيءُ صِيغَةِ الْقَصْرِ فِيهَا مُؤْذِنٌ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ إِقْصَاءُ فِرَقٍ أُخْرَى عَنْ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ ، غَيْرِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ كَانَ إِقْصَاؤُهُمْ بِالصَّرِيحِ ، فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنَ الْمَوْصُولِ وَصِلَتِهِ خُصُوصَ الْمُسْلِمِينَ ; لِأَنَّ مَجْمُوعَ الصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ فِي الصِّلَةِ لَا يَثْبُتُ لِغَيْرِهِمْ ،
فَالْيَهُودُ وَالنَّصَارَى آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ لَكِنَّهُمْ لَمْ يُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَمْ يُؤْتُوا الزَّكَاةَ ; لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ الْعِبَادَتَانِ الْمَعْهُودَتَانِ بِهَذَيْنِ الِاسْمَيْنِ وَالْمَفْرُوضَتَانِ فِي الْإِسْلَامِ ، أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ - تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=43قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ كِنَايَةً عَنْ أَنْ لَمْ يَكُونُوا مُسْلِمِينَ .
وَاسْتَغْنَى عَنْ ذِكْرِ الْإِيمَانِ بِرَسُولِهِ
مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ آثَارِ شَرِيعَتِهِ : وَهُوَ الْإِيمَانُ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ ، وَإِقَامُ الصَّلَاةِ : وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ .
[ ص: 142 ] وَقَصَرَ خَشْيَتَهُمْ عَلَى التَّعَلُّقِ بِجَانِبِ اللَّهِ - تَعَالَى - بِصِيغَةِ الْقَصْرِ لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهُ أَنَّهُمْ لَا يَخَافُونَ شَيْئًا غَيْرَ اللَّهِ فَإِنَّهُمْ قَدْ يَخَافُونَ الْأَسَدَ وَيَخَافُونَ الْعَدُوَّ ، وَلَكِنَّ مَعْنَاهُ إِذَا تَرَدَّدَ الْحَالُ بَيْنَ خَشْيَتِهِمُ اللَّهَ وَخَشْيَتِهِمْ غَيْرَهُ قَدَّمُوا خَشْيَةَ اللَّهِ عَلَى خَشْيَةِ غَيْرِهِ كَقَوْلِهِ آنِفًا
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=13أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ ، فَالْقَصْرُ إِضَافِيٌّ بِاعْتِبَارِ تَعَارُضِ خَشْيَتَيْنِ .
وَهَذَا مِنْ خَصَائِصِ الْمُؤْمِنِينَ : فَأَمَّا الْمُشْرِكُونَ فَهُمْ يَخْشَوْنَ شُرَكَاءَهُمْ وَيَنْتَهِكُونَ حُرُمَاتِ اللَّهِ لِإِرْضَاءِ شُرَكَائِهِمْ ، وَأَمَّا
أَهْلُ الْكِتَابِ فَيَخْشَوْنَ النَّاسَ وَيَعْصُونَ اللَّهَ بِتَحْرِيفِ كَلِمِهِ وَمُجَارَاةِ أَهْوَاءِ الْعَامَّةِ ، وَقَدْ ذَكَّرَهُمُ اللَّهُ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=44فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ
وَفَرَّعَ عَلَى وَصْفِ الْمُسْلِمِينَ بِتِلْكَ الصِّفَاتِ رَجَاءَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ، أَيْ مِنَ الْفَرِيقِ الْمَوْصُوفِ بِالْمُهْتَدِينَ وَهُوَ الْفَرِيقُ الَّذِي الِاهْتِدَاءُ خُلُقٌ لَهُمْ فِي هَذِهِ الْأَعْمَالِ وَفِي غَيْرِهَا . وَوَجْهُ هَذَا الرَّجَاءِ أَنَّهُمْ لَمَّا أَتَوْا بِمَا هُوَ اهْتِدَاءٌ لَا مَحَالَةَ قَوِيَ الْأَمَلُ فِي أَنْ يَسْتَقِرُّوا عَلَى ذَلِكَ وَيَصِيرُ خُلُقًا لَهُمْ فَيَكُونُوا مِنْ أَهْلِهِ ، وَلِذَلِكَ قَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=18أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ، وَلَمْ يَقُلْ أَنْ يَكُونُوا مُهْتَدِينَ .
وَفِي هَذَا حَثُّ عَلَى الِاسْتِزَادَةِ مِنْ هَذَا الِاهْتِدَاءِ وَتَحْذِيرٌ مِنَ الْغُرُورِ وَالِاعْتِمَادِ عَلَى بَعْضِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ بِاعْتِقَادِ أَنَّ بَعْضَ الْأَعْمَالِ يُغْنِي عَنْ بَقِيَّتِهَا .
وَالتَّعْبِيرُ عَنْهُمْ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّهُمُ اسْتَحَقُّوا هَذَا الْأَمَلَ فِيهِمْ بِسَبَبِ تِلْكَ الْأَعْمَالِ الَّتِي عُدَّتْ لَهُمْ .