[ ص: 401 ] قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=65يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=66الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين nindex.php?page=treesubj&link=28979قوله تعالى nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=65ياأيها النبي حرض المؤمنين على القتال أي حثهم وحضهم . يقال : حارض على الأمر وواظب وواصب وأكب بمعنى واحد . والحارض : الذي قد قارب الهلاك ، ومنه قوله عز وجل :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=85حتى تكون حرضا أي تذوب غما ، فتقارب الهلاك فتكون من الهالكين
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=65إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين لفظ خبر ، ضمنه وعد بشرط ، لأن معناه إن يصبر منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين . وعشرون وثلاثون وأربعون كل واحد منها اسم موضوع على صورة الجمع لهذا العدد . ويجري هذا الاسم مجرى
فلسطين . فإن قال قائل : لم كسر أول عشرين وفتح أول ثلاثين وما بعده إلى الثمانين إلا ستين ؟ فالجواب عند
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه أن عشرين من عشرة بمنزلة اثنين من واحد ، فكسر أول عشرين كما كسر اثنان . والدليل على هذا قولهم : ستون وتسعون ، كما قيل : ستة وتسعة . وروى
أبو داود عن
ابن عباس قال : نزلت
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=65إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين فشق ذلك على المسلمين ، حين فرض الله عليهم ألا يفر واحد من عشرة ، ثم إنه جاء التخفيف فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=66الآن خفف الله عنكم قرأ
أبو توبة إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=66مائة صابرة يغلبوا مائتين . قال : فلما خفف الله تعالى عنهم من العدد نقص من الصبر بقدر ما خفف عنهم . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : قال قوم إن هذا كان يوم
بدر ونسخ . وهذا خطأ من قائله . ولم ينقل قط أن المشركين صافوا المسلمين عليها ، ولكن الباري جل وعز فرض ذلك عليهم أولا ، وعلق ذلك بأنكم تفقهون ما تقاتلون عليه ، وهو الثواب . وهم لا يعلمون ما يقاتلون عليه .
[ ص: 402 ] قلت : وحديث
ابن عباس يدل على أن ذلك فرض . ثم لما شق ذلك عليهم حط الفرض إلى ثبوت الواحد للاثنين ، فخفف عنهم وكتب عليهم ألا يفر مائة من مائتين ، فهو على هذا القول تخفيف لا نسخ . وهذا حسن . وقد ذكر القاضي
ابن الطيب أن
الحكم إذا نسخ بعضه أو بعض أوصافه ، أو غير عدده فجائز أن يقال إنه نسخ ، لأنه حينئذ ليس بالأول ، بل هو غيره . وذكر في ذلك خلافا .
[ ص: 401 ] قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=65يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=66الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ nindex.php?page=treesubj&link=28979قَوْلُهُ تَعَالَى nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=65يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ أَيْ حُثَّهُمْ وَحُضَّهُمْ . يُقَالُ : حَارَضَ عَلَى الْأَمْرِ وَوَاظَبَ وَوَاصَبَ وَأَكَبَّ بِمَعْنًى وَاحِدٍ . وَالْحَارِضُ : الَّذِي قَدْ قَارَبَ الْهَلَاكَ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=85حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَيْ تَذُوبُ غَمًّا ، فَتُقَارِبُ الْهَلَاكَ فَتَكُونُ مِنَ الْهَالِكِينَ
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=65إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ لَفْظُ خَبَرٍ ، ضِمْنُهُ وَعْدٌ بِشَرْطٍ ، لِأَنَّ مَعْنَاهُ إِنْ يَصْبِرْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ . وَعِشْرُونَ وَثَلَاثُونَ وَأَرْبَعُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا اسْمٌ مَوْضُوعٌ عَلَى صُورَةِ الْجَمْعِ لِهَذَا الْعَدَدِ . وَيَجْرِي هَذَا الِاسْمُ مَجْرَى
فِلَسْطِينَ . فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : لِمَ كُسِرَ أَوَّلُ عِشْرِينَ وَفُتِحَ أَوَّلُ ثَلَاثِينَ وَمَا بَعْدَهُ إِلَى الثَّمَانِينَ إِلَّا سِتِّينَ ؟ فَالْجَوَابُ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ أَنَّ عِشْرِينَ مِنْ عَشَرَةٍ بِمَنْزِلَةِ اثْنَيْنِ مِنْ وَاحِدٍ ، فَكُسِرَ أَوَّلُ عِشْرِينَ كَمَا كُسِرَ اثْنَانِ . وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا قَوْلُهُمْ : سِتُّونَ وَتِسْعُونَ ، كَمَا قِيلَ : سِتَّةٌ وَتِسْعَةٌ . وَرَوَى
أَبُو دَاوُدَ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : نَزَلَتْ
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=65إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ ، حِينَ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أَلَّا يَفِرَّ وَاحِدٌ مِنْ عَشَرَةٍ ، ثُمَّ إِنَّهُ جَاءَ التَّخْفِيفُ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=66الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ قَرَأَ
أَبُو تَوْبَةَ إِلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=66مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ . قَالَ : فَلَمَّا خَفَّفَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ مِنَ الْعَدَدِ نَقَصَ مِنَ الصَّبْرِ بِقَدْرِ مَا خُفِّفَ عَنْهُمْ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابْنُ الْعَرَبِيِّ : قَالَ قَوْمٌ إِنَّ هَذَا كَانَ يَوْمَ
بَدْرٍ وَنُسِخَ . وَهَذَا خَطَأٌ مِنْ قَائِلِهِ . وَلَمْ يُنْقَلْ قَطُّ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ صَافُّوا الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهَا ، وَلَكِنَّ الْبَارِيَ جَلَّ وَعَزَّ فَرَضَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ أَوَّلًا ، وَعَلَّقَ ذَلِكَ بِأَنَّكُمْ تَفْقَهُونَ مَا تُقَاتِلُونَ عَلَيْهِ ، وَهُوَ الثَّوَابُ . وَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ مَا يُقَاتِلُونَ عَلَيْهِ .
[ ص: 402 ] قُلْتُ : وَحَدِيثُ
ابْنِ عَبَّاسٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ فَرْضٌ . ثُمَّ لَمَّا شَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ حَطَّ الْفَرْضَ إِلَى ثُبُوتِ الْوَاحِدِ لِلِاثْنَيْنِ ، فَخَفَّفَ عَنْهُمْ وَكَتَبَ عَلَيْهِمْ أَلَّا يَفِرَّ مِائَةٌ مِنْ مِائَتَيْنِ ، فَهُوَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ تَخْفِيفٌ لَا نَسْخٌ . وَهَذَا حَسَنٌ . وَقَدْ ذَكَرَ الْقَاضِي
ابْنُ الطَّيِّبِ أَنَّ
الْحُكْمَ إِذَا نُسِخَ بَعْضُهُ أَوْ بَعْضُ أَوْصَافِهِ ، أَوْ غُيِّرَ عَدَدُهُ فَجَائِزٌ أَنْ يُقَالَ إِنَّهُ نُسِخَ ، لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَيْسَ بِالْأَوَّلِ ، بَلْ هُوَ غَيْرُهُ . وَذَكَرَ فِي ذَلِكَ خِلَافًا .