[ ص: 233 ] الْبَابُ السَّادِسَ عَشَرَ : فِي الْحِمَى وَالْأَرْفَاقِ وَحِمَى الْمَوَاتِ هُوَ الْمَنْعُ مِنْ إحْيَائِهِ إمْلَاكًا لِيَكُونَ مُسْتَبْقَى الْإِبَاحَةِ لِنَبْتِ الْكَلَأِ وَرَعْيِ الْمَوَاشِي .
{
قَدْ nindex.php?page=treesubj&link=6675_6698_6670_6671حَمَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ وَصَعِدَ جَبَلًا بِالْبَقِيعِ } قَالَ
أَبُو عُبَيْدٍ : هُوَ النَّقِيعُ بِالنُّونِ .
وَقَالَ : {
هَذَا حِمَايَ وَأَشَارَ بِيَدِهِ إلَى الْقَاعِ } .
وَهُوَ قَدْرُ مِيلٍ فِي سِتَّةِ أَمْيَالٍ حَمَاهُ لِخَيْلِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ
الْأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرِينَ . فَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=24703_6675حِمَى الْأَئِمَّةِ مِنْ بَعْدِهِ فَإِنْ حَمَوْا بِهِ جَمِيعَ الْمَوَاتِ أَوْ أَكْثَرَهُ لَمْ يَجُزْ ; وَإِنْ حَمَوْا أَقَلَّهُ لِخَاصٍّ مِنْ النَّاسِ أَوْ لِأَغْنِيَائِهِمْ لَمْ يَجُزْ .
وَإِنْ حَمَوْهُ لِكَافَّةِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ فَفِي جَوَازِهِ قَوْلَانِ : أَحَدُهُمَا لَا يَجُوزُ وَيَكُونُ الْحِمَى خَاصًّا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرِوَايَةِ
الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30728أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ حَمَى الْبَقِيعَ قَالَ : لَا حِمَى إلَّا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ } .
وَالْقَوْلُ الثَّانِي : أَنَّ حِمَى الْأَئِمَّةِ بَعْدَهُ جَائِزٌ كَجَوَازِهِ لَهُ ; لِأَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ لِصَلَاحِ الْمُسْلِمِينَ لَا لِنَفْسِهِ فَكَذَلِكَ مَنْ قَامَ مَقَامَهُ فِي مَصَالِحِهِمْ . قَدْ حَمَى
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
بِالرَّبَذَةِ لِأَهْلِ الصَّدَقَةِ وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِ مَوْلَاهُ
أَبَا سَلَامَةَ . وَحَمَى
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ الشَّرَفِ مِثْلَ مَا حَمَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبُو بَكْرٍ مِنْ
الرَّبْذَةِ وَوَلَّى عَلَيْهِ مَوْلًى لَهُ يُقَالُ لَهُ
هُنَيُّ وَقَالَ : يَا
هُنَيُّ ضُمَّ جَنَاحَكَ عَنْ النَّاسِ ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ
[ ص: 234 ] الْمَظْلُومِ فَإِنَّ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ مُجَابَةٌ ، وَأَدْخِلْ رَبَّ الصَّرِيمَةِ وَرَبَّ الْغَنِيمَةِ ، وَإِيَّاكَ وَنَعَمُ
nindex.php?page=showalam&ids=7بْنِ عَفَّانَ وَابْنِ عَوْفٍ فَإِنَّهُمَا إنْ تَهْلَكْ مَاشِيَتُهُمَا يَرْجِعَانِ إلَى نَخْلٍ وَزَرْعٍ ، وَإِنَّ رَبَّ الصَّرِيمَةِ وَرَبَّ الْغَنِيمَةِ يَأْتِينِي بِعِيَالِهِ فَيَقُولُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، أَفَتَارِكُهُمْ أَنَا ؟ لَا أَبَا لَكَ ، فَالْكَلَأُ أَهْوَنُ عَلَيَّ مِنْ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ ، وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلَا الْمَالُ الَّذِي أَحْمِلُ عَلَيْهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا حَمَيْتُ عَلَيْهِمْ مِنْ بِلَادِهِمْ شِبْرًا : فَأَمَّا قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30727لَا حِمَى إلَّا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ } .
فَمَعْنَاهُ لَا حِمًى إلَّا عَلَى مِثْلِ مَا حَمَاهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَلِمَصَالِحِ كَافَّةِ الْمُسْلِمِينَ ; لَا عَلَى مِثْلِ مَا كَانُوا عَلَيْهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ تَفَرُّدِ الْعَزِيزِ مِنْهُمْ بِالْحِمَى لِنَفْسِهِ ، كَاَلَّذِي كَانَ يَفْعَلُهُ
كُلَيْبُ بْنُ وَائِلٍ ; فَإِنَّهُ كَانَ يُوَافِي بِكَلْبٍ عَلَى نَشَازٍ مِنْ الْأَرْضِ ثُمَّ يَسْتَعْدِيهِ وَيَحْمِي مَا انْتَهَى إلَيْهِ عُوَاؤُهُ مِنْ كُلِّ الْجِهَاتِ ، وَيُشَارِكُ النَّاسُ فِيمَا عَدَاهُ حَتَّى كَانَ ذَلِكَ سَبَبَ قَتْلِهِ ، وَفِيهِ يَقُولُ
الْعَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ مِنْ الطَّوِيلِ :
كَمَا كَانَ يَبْغِيهَا كُلَيْبٌ بِظُلْمِهِ مِنْ الْعِزِّ حَتَّى طَاحَ وَهُوَ قَتِيلُهَا عَلَى وَائِلٍ إذْ يَتْرُكُ الْكَلْبَ نَابِحًا
وَإِذْ يَمْنَعُ الْأَقْنَاءَ مِنْهَا حُلُولُهَا
وَإِذَا جَرَى عَلَى الْأَرْضِ حُكْمُ الْحِمَى اسْتِبْقَاءً لِمَوَاتِهَا سَابِلًا وَمَنْعًا مِنْ إحْيَائِهَا مِلْكًا رُوعِيَ حُكْمُ الْمَحْمِيِّ ، فَإِنْ كَانَ لِلْكَافَّةِ تَسَاوَى فِيهِ جَمِيعُهُمْ مِنْ غَنِيٍّ وَفَقِيرٍ وَمُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ فِي رَعْيِ كَلَئِهِمْ بِخَيْلِهِمْ وَمَاشِيَتِهِمْ ، فَإِنْ خُصَّ بِهِ الْمُسْلِمُونَ اشْتَرَكَ فِيهِ أَغْنِيَاؤُهُمْ وَفُقَرَاؤُهُمْ وَمُنِعَ مِنْهُمْ
أَهْلُ الذِّمَّةِ ; وَإِنْ خُصَّ بِهِ الْفُقَرَاءُ وَالْمَسَاكِينُ مُنِعَ مِنْهُ الْأَغْنِيَاءُ
وَأَهْلُ الذِّمَّةِ ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُخَصَّ بِهِ الْأَغْنِيَاءُ دُونَ الْفُقَرَاءِ ، وَلَا
أَهْلُ الذِّمَّةِ دُونَ الْمُسْلِمِينَ ، وَإِنْ خَصَّ بِهِ نَعَمَ الصَّدَقَةِ أَوْ خَيْلَ الْمُجَاهِدِينَ لَمْ يُشْرِكْهُمْ فِيهِ غَيْرُهُمْ ثُمَّ يَكُونُ الْحِمَى جَارِيًا عَلَى مَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ مِنْ عُمُومٍ وَخُصُوصٍ .
فَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=24703اتَّسَعَ الْحِمَى الْمَخْصُوصُ لِعُمُومِ النَّاسِ جَازَ أَنْ يَشْتَرِكُوا فِيهِ لِارْتِفَاعِ الضَّرَرِ عَمَّنْ خَصَّ بِهِ ، وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=24703_6676_6674ضَاقَ الْحِمَى الْعَامُّ عَنْ جَمِيعِ النَّاسِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَخْتَصَّ بِهِ أَغْنِيَاؤُهُمْ ، وَفِي جَوَازِ اخْتِصَاصِ فُقَرَائِهِمْ بِهِ
[ ص: 235 ] وَجْهَانِ ، وَإِذَا اسْتَقَرَّ حُكْمٌ لِحِمًى عَلَى أَرْضٍ فَأَقْدَمَ عَلَيْهَا مَنْ أَحْيَاهَا وَنَقَضَ حِمَاهَا رُوعِيَ الْحِمَى ، فَإِنْ كَانَ مِمَّا حَمَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ الْحِمَى ثَابِتًا وَالْإِحْيَاءُ بَاطِلًا وَالْمُتَعَرِّضُ لِإِحْيَائِهِ مَرْدُودًا مَزْجُورًا لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ سَبَبُ الْحِمَى بَاقِيًا ; لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُعَارِضَ حُكْمَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَقْضٍ وَلَا إبْطَالٍ .
وَإِنْ كَانَ مِنْ حِمَى الْأَئِمَّةِ بَعْدَهُ فَفِي إقْرَارِ إحْيَائِهِ قَوْلَانِ : أَحَدُهُمَا لَا يُقَرُّ وَيَجْرِي عَلَيْهِ الْحِمَى كَاَلَّذِي حَمَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ حُكْمٌ نَفَذَ بِحَقٍّ .
وَالْقَوْلُ الثَّانِي : يُقَرُّ الْإِحْيَاءُ وَيَكُونُ حُكْمُهُ أَثْبَتَ مِنْ الْحِمَى لِتَصْرِيحِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=35353مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَوَاتًا فَهِيَ لَهُ } . وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ مِنْ الْوُلَاةِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ أَرْبَابِ الْمَوَاشِي عِوَضًا عَنْ مَرَاعِي مَوَاتٍ أَوْ حِمًى لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=15208الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ : فِي الْمَاءِ وَالنَّارِ وَالْكَلَإِ } .