قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=18مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا على شيء ذلك هو الضلال البعيد ألم تر أن الله خلق السماوات والأرض بالحق إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد وما ذلك على الله بعزيز قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=18مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اختلف النحويون في رفع " مثل " فقال
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه : ارتفع بالابتداء والخبر مضمر ; التقدير : وفيما يتلى عليكم أو يقص
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=18مثل الذين كفروا بربهم ثم ابتدأ فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=18أعمالهم كرماد أي كمثل رماد
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=18اشتدت به الريح . وقال
الزجاج : أي مثل الذين كفروا فيما يتلى عليكم أعمالهم كرماد ، وهو عند
الفراء [ ص: 309 ] على إلغاء المثل ، التقدير :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=18الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد . وعنه أيضا أنه على حذف مضاف ; التقدير : مثل أعمال الذين كفروا بربهم كرماد ; وذكر الأول عنه
المهدوي ، والثاني
القشيري والثعلبي ويجوز أن يكون مبتدأ كما يقال : صفة فلان أسمر ; ف " مثل " بمعنى صفة . ويجوز في الكلام جر أعمالهم على بدل الاشتمال من " الذين " واتصل هذا بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=15وخاب كل جبار عنيد والمعنى : أعمالهم محبطة غير مقبولة . والرماد ما بقي بعد احتراق الشيء ; فضرب الله هذه الآية مثلا لأعمال الكفار في أنه يمحقها كما تمحق الريح الشديدة الرماد في يوم عاصف . والعصف شدة الريح ; وإنما كان ذلك لأنهم أشركوا فيها غير الله تعالى . وفي وصف اليوم بالعصوف ثلاثة أقاويل : أحدها : أن العصوف وإن كان للريح فإن اليوم قد يوصف به ; لأن الريح تكون فيه ، فجاز أن يقال : يوم عاصف ، كما يقال : يوم حار ويوم بارد ، والبرد والحر فيهما . والثاني : أن يريد
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=18في يوم عاصف الريح ; لأنها ذكرت في أول الكلمة ، كما قال الشاعر :
إذا جاء يوم مظلم الشمس كاسف
يريد كاسف الشمس فحذف ; لأنه قد مر ذكره ; ذكرهما
الهروي . والثالث : أنه من نعت الريح ; غير أنه لما جاء بعد اليوم أتبع إعرابه كما قيل : جحر ضب خرب ; ذكره
الثعلبي nindex.php?page=showalam&ids=15151والماوردي . وقرأ
ابن أبي إسحاق وإبراهيم بن أبي بكر nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=18في يوم عاصف .
لا يقدرون يعني الكفار .
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=18مما كسبوا على شيء يريد في الآخرة ; أي من ثواب ما عملوا من البر في الدنيا ، لإحباطه بالكفر .
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=18ذلك هو الضلال البعيد أي الخسران الكبير ; وإنما جعله كبيرا بعيدا لفوات استدراكه بالموت .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=19ألم تر أن الله خلق السماوات والأرض بالحق الرؤية هنا رؤية القلب ; لأن المعنى : ألم ينته علمك إليه . وقرأ
حمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=10خالق السماوات والأرض . ومعنى " بالحق " ليستدل بها على قدرته .
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=19إن يشأ يذهبكم أيها الناس ; أي هو قادر على الإفناء كما قدر على إيجاد الأشياء ; فلا تعصوه فإنكم إن عصيتموه
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=19يذهبكم ويأت بخلق جديد أفضل وأطوع منكم ; إذ لو كانوا مثل الأولين فلا فائدة في الإبدال .
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=20وما ذلك على الله بعزيز أي منيع متعذر
[ ص: 310 ]
قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=18مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=18مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اخْتَلَفَ النَّحْوِيُّونَ فِي رَفْعِ " مَثَلُ " فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ : ارْتَفَعَ بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَرُ مُضْمَرٌ ; التَّقْدِيرُ : وَفِيمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ أَوْ يُقَصُّ
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=18مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ ثُمَّ ابْتَدَأَ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=18أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ أَيْ كَمَثَلِ رَمَادٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=18اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ . وَقَالَ
الزَّجَّاجُ : أَيْ مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِيمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ ، وَهُوَ عِنْدَ
الْفَرَّاءِ [ ص: 309 ] عَلَى إِلْغَاءِ الْمَثَلِ ، التَّقْدِيرُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=18الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ . وَعَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ ; التَّقْدِيرُ : مَثَلُ أَعْمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ كَرَمَادٍ ; وَذَكَرَ الْأَوَّلَ عَنْهُ
الْمَهْدَوِيُّ ، وَالثَّانِي
الْقُشَيْرِيُّ وَالثَّعْلَبِيُّ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُبْتَدَأً كَمَا يُقَالُ : صِفَةُ فُلَانٍ أَسْمَرُ ; فَ " مَثَلُ " بِمَعْنَى صِفَةُ . وَيَجُوزُ فِي الْكَلَامِ جَرُّ أَعْمَالِهِمْ عَلَى بَدَلِ الِاشْتِمَالِ مِنَ " الَّذِينَ " وَاتَّصَلَ هَذَا بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=15وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ وَالْمَعْنَى : أَعْمَالُهُمْ مُحْبَطَةٌ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ . وَالرَّمَادُ مَا بَقِيَ بَعْدَ احْتِرَاقِ الشَّيْءِ ; فَضَرَبَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ مَثَلًا لِأَعْمَالِ الْكُفَّارِ فِي أَنَّهُ يَمْحَقُهَا كَمَا تَمْحَقُ الرِّيحُ الشَّدِيدَةُ الرَّمَادَ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ . وَالْعَصْفُ شِدَّةُ الرِّيحِ ; وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ أَشْرَكُوا فِيهَا غَيْرَ اللَّهِ تَعَالَى . وَفِي وَصْفِ الْيَوْمِ بِالْعُصُوفِ ثَلَاثَةُ أَقَاوِيلَ : أَحَدُهَا : أَنَّ الْعُصُوفَ وَإِنْ كَانَ لِلرِّيحِ فَإِنَّ الْيَوْمَ قَدْ يُوصَفُ بِهِ ; لِأَنَّ الرِّيحَ تَكُونُ فِيهِ ، فَجَازَ أَنْ يُقَالَ : يَوْمٌ عَاصِفٌ ، كَمَا يُقَالُ : يَوْمٌ حَارٌّ وَيَوْمٌ بَارِدٌ ، وَالْبَرْدُ وَالْحَرُّ فِيهِمَا . وَالثَّانِي : أَنْ يُرِيدَ
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=18فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ الرِّيحَ ; لِأَنَّهَا ذُكِرَتْ فِي أَوَّلِ الْكَلِمَةِ ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ :
إِذَا جَاءَ يَوْمٌ مُظْلِمُ الشَّمْسِ كَاسِفُ
يُرِيدُ كَاسِفُ الشَّمْسِ فَحَذَفَ ; لِأَنَّهُ قَدْ مَرَّ ذِكْرُهُ ; ذَكَرَهُمَا
الْهَرَوِيُّ . وَالثَّالِثُ : أَنَّهُ مِنْ نَعْتِ الرِّيحِ ; غَيْرَ أَنَّهُ لَمَّا جَاءَ بَعْدَ الْيَوْمِ أَتْبَعَ إِعْرَابَهُ كَمَا قِيلَ : جُحْرُ ضَبٍّ خَرِبٍ ; ذَكَرَهُ
الثَّعْلَبِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=15151وَالْمَاوَرْدِيُّ . وَقَرَأَ
ابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=18فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ .
لَا يَقْدِرُونَ يَعْنِي الْكُفَّارَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=18مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ يُرِيدُ فِي الْآخِرَةِ ; أَيْ مِنْ ثَوَابِ مَا عَمِلُوا مِنَ الْبِرِّ فِي الدُّنْيَا ، لِإِحْبَاطِهِ بِالْكُفْرِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=18ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ أَيِ الْخُسْرَانُ الْكَبِيرُ ; وَإِنَّمَا جَعَلَهُ كَبِيرًا بَعِيدًا لِفَوَاتِ اسْتِدْرَاكِهِ بِالْمَوْتِ .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=19أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ الرُّؤْيَةُ هُنَا رُؤْيَةُ الْقَلْبِ ; لِأَنَّ الْمَعْنَى : أَلَمْ يَنْتَهِ عِلْمُكَ إِلَيْهِ . وَقَرَأَ
حَمْزَةُ nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=10خَالِقُ السَمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ . وَمَعْنَى " بِالْحَقِّ " لِيَسْتَدِلَّ بِهَا عَلَى قُدْرَتِهِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=19إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ ; أَيْ هُوَ قَادِرٌ عَلَى الْإِفْنَاءِ كَمَا قَدَرَ عَلَى إِيجَادِ الْأَشْيَاءِ ; فَلَا تَعْصُوهُ فَإِنَّكُمْ إِنْ عَصَيْتُمُوهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=19يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ أَفْضَلَ وَأَطْوَعَ مِنْكُمْ ; إِذْ لَوْ كَانُوا مِثْلَ الْأَوَّلِينَ فَلَا فَائِدَةَ فِي الْإِبْدَالِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=20وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ أَيْ مَنِيعٍ مُتَعَذِّرٍ
[ ص: 310 ]