قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=24ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون
فيه مسألتان : الأولى : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=24ألم تر كيف ضرب الله مثلا لما ذكر تعالى مثل أعمال الكفار وأنها كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف ، ذكر مثل أقوال المؤمنين وغيرها ، ثم فسر ذلك المثل فقال : " كلمة طيبة " الثمر ، فحذف لدلالة الكلام عليه . قال
ابن عباس : الكلمة الطيبة
[ ص: 314 ] لا إله إلا الله ، والشجرة الطيبة المؤمن . وقال
مجاهد nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج : الكلمة الطيبة الإيمان .
عطية العوفي nindex.php?page=showalam&ids=14354والربيع بن أنس : هي المؤمن نفسه . وقال
مجاهد أيضا
وعكرمة : الشجرة النخلة ; فيجوز أن يكون المعنى : أصل الكلمة في قلب المؤمن - وهو الإيمان - شبهه بالنخلة في المنبت ، وشبه ارتفاع عمله في السماء بارتفاع فروع النخلة ، وثواب الله له بالثمر . وروي من حديث
أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
إن مثل الإيمان كمثل شجرة ثابتة ، الإيمان عروقها والصلاة أصلها والزكاة فروعها والصيام أغصانها والتأذي في الله نباتها وحسن الخلق ورقها والكف عن محارم الله ثمرتها . ويجوز أن يكون المعنى : أصل النخلة ثابت في الأرض ; أي عروقها تشرب من الأرض وتسقيها السماء من فوقها ، فهي زاكية نامية . وخرج
الترمذي من حديث
أنس بن مالك قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=835339أتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقناع فيه رطب ، فقال : nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=24مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها - قال - هي النخلة ، nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=26ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار - قال - هي الحنظل . وروي عن
أنس قوله وقال : وهو أصح . وخرج
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني عن
ابن عمر قال : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=839459قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=24ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أتدرون ما هي فوقع في نفسي أنها النخلة . قال
السهيلي ولا يصح فيها ما روي عن
علي بن أبي طالب أنها جوزة الهند ; لما صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث
ابن عمر nindex.php?page=hadith&LINKID=835340إن من الشجرة شجرة لا يسقط ورقها وهي مثل المؤمن خبروني ما هي - ثم قال - هي النخلة خرجه
مالك في " الموطأ " من رواية
ابن القاسم وغيره إلا
يحيى فإنه أسقطه من روايته . وخرجه أهل الصحيح وزاد فيه
الحارث بن أسامة زيادة تساوي رحلة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
وهي النخلة لا تسقط لها أنملة وكذلك المؤمن لا تسقط له دعوة . فبين معنى الحديث والمماثلة
وذكر
الغزنوي عنه - عليه السلام - :
مثل المؤمن كالنخلة إن صاحبته نفعك وإن [ ص: 315 ] جالسته نفعك وإن شاورته نفعك كالنخلة كل شيء منها ينتفع به . وقال :
كلوا من عمتكم يعني النخلة خلقت من فضلة طينة
آدم - عليه السلام - وكذلك أنها برأسها تبقى ، وبقلبها تحيا ، وثمرها بامتزاج الذكر والأنثى . وقد قيل : إنها لما كانت أشبه الأشجار بالإنسان شبهت به ; وذلك أن كل شجرة إذا قطع رأسها تشعبت الغصون من جوانبها ، والنخلة إذا قطع رأسها يبست وذهبت أصلا ; ولأنها تشبه الإنسان وسائر الحيوان في الالتقاح لأنها لا تحمل حتى تلقح قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=839464خير المال سكة مأبورة ومهرة مأمورة ) . والإبار اللقاح وسيأتي في سورة " الحجر " بيانه . ولأنها من فضلة طينة
آدم . ويقال : إن الله - عز وجل - لما صور
آدم من الطين فضلت قطعة طين فصورها بيده وغرسها في جنة عدن . قال النبي - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=835342أكرموا عمتكم قالوا : ومن عمتنا يا رسول الله ؟ قال : النخلة .
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=25تؤتي أكلها كل حين قال
الربيع : كل حين غدوة وعشية كذلك يصعد عمل المؤمن أول النهار وآخره ; وقال
ابن عباس . وعنه تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها قال : هو شجرة جوزة الهند لا تتعطل من ثمرة ، تحمل في كل شهر ، شبه عمل المؤمن لله - عز وجل - في كل وقت : بالنخلة التي تؤتي أكلها في أوقات مختلفة . وقال
الضحاك : كل ساعة من ليل أو نهار شتاء وصيفا يؤكل في جميع الأوقات ، وكذلك المؤمن لا يخلو من الخير في الأوقات كلها . وقال
النحاس : وهذه الأقوال متقاربة غير متناقضة ; لأن الحين عند جميع أهل اللغة إلا من شذ منهم بمعنى الوقت يقع لقليل الزمان وكثيره ، وأنشد
الأصمعي بيت
النابغة :
تناذرها الراقون من سوء سمها تطلقه حينا وحينا تراجع
فهذا يبين لك أن الحين بمعنى الوقت ، فالإيمان ثابت في قلب المؤمن ، وعمله وقوله وتسبيحه عال مرتفع في السماء ارتفاع فروع النخلة ، وما يكسب من بركة الإيمان وثوابه كما ينال من ثمرة النخلة في أوقات السنة كلها ، من الرطب والبسر والبلح والزهو والتمر والطلع . وفي رواية عن
ابن عباس : إن الشجرة شجرة في الجنة تثمر في كل وقت . و " مثلا " مفعول
[ ص: 316 ] ب " ضرب " ، و " كلمة " بدل منه ، والكاف في قوله : " كشجرة " في موضع نصب على الحال من كلمة التقدير : كلمة طيبة مشبهة بشجرة طيبة . الثانية : قوله تعالى : "
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=25تؤتي أكلها كل حين " لما كانت الأشجار تؤتي أكلها كل سنة مرة كان في ذلك بيان حكم الحين ; ولهذا قلنا : من حلف ألا يكلم فلانا حينا ، ولا يقول كذا حينا أن الحين سنة . وقد ورد الحين في موضع آخر يراد به أكثر من ذلك لقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=1هل أتى على الإنسان حين من الدهر قيل في " التفسير " : أربعون عاما . وحكى
عكرمة أن رجلا قال : إن فعلت كذا وكذا إلى حين فغلامه حر ، فأتى
عمر بن عبد العزيز فسأله ، فسألني عنها فقلت : إن من الحين حينا لا يدرك ، قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=111وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين فأرى أن تمسك ما بين صرام النخلة إلى حملها ، فكأنه أعجبه ; وهو قول
أبي حنيفة في الحين أنه ستة أشهر اتباعا
لعكرمة وغيره . وقد مضى ما للعلماء في الحين في " البقرة " مستوفى والحمد لله .
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=25ويضرب الله الأمثال أي الأشباه
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=25للناس لعلهم يتذكرون ويعتبرون ; وقد تقدم .
قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=24أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ
فِيهِ مَسْأَلَتَانِ : الْأُولَى : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=24أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى مَثَلَ أَعْمَالِ الْكُفَّارِ وَأَنَّهَا كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ ، ذَكَرَ مَثَلَ أَقْوَالِ الْمُؤْمِنِينَ وَغَيْرِهَا ، ثُمَّ فَسَّرَ ذَلِكَ الْمَثَلَ فَقَالَ : " كَلِمَةً طَيِّبَةً " الثَّمَرُ ، فَحَذَفَ لِدَلَالَةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ . قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ
[ ص: 314 ] لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَالشَّجَرَةُ الطَّيِّبَةُ الْمُؤْمِنُ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ nindex.php?page=showalam&ids=13036وَابْنُ جُرَيْجٍ : الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ الْإِيمَانُ .
عَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=14354وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ : هِيَ الْمُؤْمِنُ نَفْسُهُ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ أَيْضًا
وَعِكْرِمَةُ : الشَّجَرَةُ النَّخْلَةُ ; فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى : أَصْلُ الْكَلِمَةِ فِي قَلْبِ الْمُؤْمِنِ - وَهُوَ الْإِيمَانُ - شَبَّهَهُ بِالنَّخْلَةِ فِي الْمَنْبَتِ ، وَشَبَّهَ ارْتِفَاعَ عَمَلِهِ فِي السَّمَاءِ بِارْتِفَاعِ فُرُوعِ النَّخْلَةِ ، وَثَوَابَ اللَّهِ لَهُ بِالثَّمَرِ . وَرُوِيَ مِنْ حَدِيثِ
أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ :
إِنَّ مَثَلَ الْإِيمَانِ كَمَثَلِ شَجَرَةٍ ثَابِتَةٍ ، الْإِيمَانُ عُرُوقُهَا وَالصَّلَاةُ أَصْلُهَا وَالزَّكَاةُ فُرُوعُهَا وَالصِّيَامُ أَغْصَانُهَا وَالتَّأَذِّي فِي اللَّهِ نَبَاتُهَا وَحُسْنُ الْخُلُقِ وَرَقُهَا وَالْكَفُّ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ ثَمَرَتُهَا . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى : أَصْلُ النَّخْلَةِ ثَابِتٌ فِي الْأَرْضِ ; أَيْ عُرُوقُهَا تَشْرَبُ مِنَ الْأَرْضِ وَتَسْقِيهَا السَّمَاءُ مِنْ فَوْقِهَا ، فَهِيَ زَاكِيَةٌ نَامِيَةٌ . وَخَرَّجَ
التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ
أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=835339أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقِنَاعٍ فِيهِ رُطَبٌ ، فَقَالَ : nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=24مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا - قَالَ - هِيَ النَّخْلَةُ ، nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=26وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ - قَالَ - هِيَ الْحَنْظَلُ . وَرُوِيَ عَنْ
أَنَسٍ قَوْلُهُ وَقَالَ : وَهُوَ أَصَحُّ . وَخَرَّجَ
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدَّارَقُطْنِيُّ عَنِ
ابْنِ عُمَرَ قَالَ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=839459قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=24ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : أَتَدْرُونَ مَا هِيَ فَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ . قَالَ
السُّهَيْلِيُّ وَلَا يَصِحُّ فِيهَا مَا رُوِيَ عَنْ
عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهَا جَوْزَةُ الْهِنْدِ ; لِمَا صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ nindex.php?page=hadith&LINKID=835340إِنَّ مِنَ الشَّجَرَةِ شَجَرَةً لَا يَسْقُطُ وَرَقُهَا وَهِيَ مَثَلُ الْمُؤْمِنِ خَبِّرُونِي مَا هِيَ - ثُمَّ قَالَ - هِيَ النَّخْلَةُ خَرَّجَهُ
مَالِكٌ فِي " الْمُوَطَّأِ " مِنْ رِوَايَةِ
ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ إِلَّا
يَحْيَى فَإِنَّهُ أَسْقَطَهُ مِنْ رِوَايَتِهِ . وَخَرَّجَهُ أَهْلُ الصَّحِيحِ وَزَادَ فِيهِ
الْحَارِثُ بْنُ أُسَامَةَ زِيَادَةً تُسَاوِي رِحْلَةً ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ :
وَهِيَ النَّخْلَةُ لَا تَسْقُطُ لَهَا أُنْمُلَةٌ وَكَذَلِكَ الْمُؤْمِنُ لَا تَسْقُطُ لَهُ دَعْوَةٌ . فَبَيَّنَ مَعْنَى الْحَدِيثِ وَالْمُمَاثَلَةِ
وَذَكَرَ
الْغَزْنَوِيُّ عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - :
مَثَلُ الْمُؤْمِنِ كَالنَّخْلَةِ إِنْ صَاحَبْتَهُ نَفَعَكَ وَإِنْ [ ص: 315 ] جَالَسْتَهُ نَفَعَكَ وَإِنْ شَاوَرْتَهُ نَفَعَكَ كَالنَّخْلَةِ كُلُّ شَيْءٍ مِنْهَا يُنْتَفَعُ بِهِ . وَقَالَ :
كُلُوا مِنْ عَمَّتِكُمْ يَعْنِي النَّخْلَةَ خُلِقَتْ مِنْ فَضْلَةِ طِينَةِ
آدَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَكَذَلِكَ أَنَّهَا بِرَأْسِهَا تَبْقَى ، وَبِقَلْبِهَا تَحْيَا ، وَثَمَرُهَا بِامْتِزَاجِ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى . وَقَدْ قِيلَ : إِنَّهَا لَمَّا كَانَتْ أَشْبَهَ الْأَشْجَارِ بِالْإِنْسَانِ شُبِّهَتْ بِهِ ; وَذَلِكَ أَنَّ كُلَّ شَجَرَةٍ إِذَا قُطِعَ رَأْسُهَا تَشَعَّبَتِ الْغُصُونُ مِنْ جَوَانِبِهَا ، وَالنَّخْلَةِ إِذَا قُطِعَ رَأْسُهَا يَبِسَتْ وَذَهَبَتْ أَصْلًا ; وَلِأَنَّهَا تُشْبِهُ الْإِنْسَانَ وَسَائِرَ الْحَيَوَانِ فِي الِالْتِقَاحِ لِأَنَّهَا لَا تَحْمِلُ حَتَّى تُلَقَّحَ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=839464خَيْرُ الْمَالِ سِكَّةٌ مَأْبُورَةٌ وَمُهْرَةٌ مَأْمُورَةٌ ) . وَالْإِبَارُ اللِّقَاحُ وَسَيَأْتِي فِي سُورَةِ " الْحِجْرِ " بَيَانُهُ . وَلِأَنَّهَا مِنْ فَضْلَةِ طِينَةِ
آدَمَ . وَيُقَالُ : إِنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - لَمَّا صَوَّرَ
آدَمَ مِنَ الطِّينِ فَضَلَتْ قِطْعَةُ طِينٍ فَصَوَّرَهَا بِيَدِهِ وَغَرَسَهَا فِي جَنَّةِ عَدْنٍ . قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=835342أَكْرِمُوا عَمَّتَكُمْ قَالُوا : وَمَنْ عَمَّتُنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : النَّخْلَةُ .
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=25تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ قَالَ
الرَّبِيعُ : كُلٌّ حِينِ غُدْوَةٍ وَعَشِيَّةٍ كَذَلِكَ يَصْعَدُ عَمَلُ الْمُؤْمِنِ أَوَّلَ النَّهَارِ وَآخِرَهُ ; وَقَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ . وَعَنْهُ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا قَالَ : هُوَ شَجَرَةُ جَوْزَةِ الْهِنْدِ لَا تَتَعَطَّلُ مِنْ ثَمَرَةٍ ، تَحْمِلُ فِي كُلِّ شَهْرٍ ، شَبَّهَ عَمَلَ الْمُؤْمِنِ لِلَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - فِي كُلِّ وَقْتٍ : بِالنَّخْلَةِ الَّتِي تُؤْتِي أُكُلَهَا فِي أَوْقَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ . وَقَالَ
الضَّحَّاكُ : كُلَّ سَاعَةٍ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ شِتَاءً وَصَيْفًا يُؤْكَلُ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ ، وَكَذَلِكَ الْمُؤْمِنُ لَا يَخْلُو مِنَ الْخَيْرِ فِي الْأَوْقَاتِ كُلِّهَا . وَقَالَ
النَّحَّاسُ : وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ مُتَقَارِبَةٌ غَيْرُ مُتَنَاقِضَةٍ ; لِأَنَّ الْحِينَ عِنْدَ جَمِيعِ أَهْلِ اللُّغَةِ إِلَّا مَنْ شَذَّ مِنْهُمْ بِمَعْنَى الْوَقْتِ يَقَعُ لِقَلِيلِ الزَّمَانِ وَكَثِيرِهِ ، وَأَنْشَدَ
الْأَصْمَعِيُّ بَيْتَ
النَّابِغَةِ :
تَنَاذَرَهَا الرَّاقُونَ مِنْ سُوءِ سُمِّهَا تُطَلِّقُهُ حِينًا وَحِينًا تُرَاجِعُ
فَهَذَا يُبَيِّنُ لَكَ أَنَّ الْحِينَ بِمَعْنَى الْوَقْتِ ، فَالْإِيمَانُ ثَابِتٌ فِي قَلْبِ الْمُؤْمِنِ ، وَعَمَلُهُ وَقَوْلُهُ وَتَسْبِيحُهُ عَالٍ مُرْتَفِعٌ فِي السَّمَاءِ ارْتِفَاعَ فُرُوعِ النَّخْلَةِ ، وَمَا يَكْسِبُ مِنْ بَرَكَةِ الْإِيمَانِ وَثَوَابِهِ كَمَا يَنَالُ مِنْ ثَمَرَةِ النَّخْلَةِ فِي أَوْقَاتِ السَّنَةِ كُلِّهَا ، مِنَ الرُّطَبِ وَالْبُسْرِ وَالْبَلَحِ وَالزَّهْوِ وَالتَّمْرِ وَالطَّلْعِ . وَفِي رِوَايَةٍ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ : إِنَّ الشَّجَرَةَ شَجَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ تُثْمِرُ فِي كُلِّ وَقْتٍ . وَ " مَثَلًا " مَفْعُولٌ
[ ص: 316 ] بَ " ضَرَبَ " ، وَ " كَلِمَةً " بَدَلٌ مِنْهُ ، وَالْكَافِ فِي قَوْلِهِ : " كَشَجَرَةٍ " فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ مِنْ كَلِمَةِ التَّقْدِيرِ : كَلِمَةٌ طَيِّبَةٌ مُشَبَّهَةٌ بِشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ . الثَّانِيَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى : "
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=25تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ " لَمَّا كَانَتِ الْأَشْجَارُ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً كَانَ فِي ذَلِكَ بَيَانُ حُكْمِ الْحِينِ ; وَلِهَذَا قُلْنَا : مَنْ حَلَفَ أَلَّا يُكَلِّمَ فُلَانًا حِينًا ، وَلَا يَقُولُ كَذَا حِينًا أَنَّ الْحِينَ سَنَةٌ . وَقَدْ وَرَدَ الْحِينُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ يُرَادُ بِهِ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=1هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ قِيلَ فِي " التَّفْسِيرِ " : أَرْبَعُونَ عَامًا . وَحَكَى
عِكْرِمَةُ أَنَّ رَجُلًا قَالَ : إِنْ فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا إِلَى حِينٍ فَغُلَامُهُ حُرٌّ ، فَأَتَى
عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَسَأَلَهُ ، فَسَأَلَنِي عَنْهَا فَقُلْتُ : إِنَّ مِنَ الْحِينِ حِينًا لَا يُدْرَكُ ، قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=111وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ فَأَرَى أَنْ تُمْسِكَ مَا بَيْنَ صِرَامِ النَّخْلَةِ إِلَى حَمْلِهَا ، فَكَأَنَّهُ أَعْجَبَهُ ; وَهُوَ قَوْلُ
أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْحِينِ أَنَّهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ اتِّبَاعًا
لِعِكْرِمَةَ وَغَيْرِهِ . وَقَدْ مَضَى مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي الْحِينِ فِي " الْبَقَرَةِ " مُسْتَوْفًى وَالْحَمْدُ لِلَّهِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=25وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ أَيِ الْأَشْبَاهَ
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=25لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ وَيَعْتَبِرُونَ ; وَقَدْ تَقَدَّمَ .