قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=81وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا [ ص: 282 ] فيه ثلاث مسائل : الأولى : روى
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي عن
ابن مسعود قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=835547دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - مكة عام الفتح وحول الكعبة ثلاثمائة وستون نصبا ، فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يطعنها بمخصرة في يده - وربما قال بعود - ويقول : nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=81جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا . جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد لفظ
الترمذي . وقال : هذا حديث حسن صحيح . وكذا في حديث
مسلم ( نصبا ) . وفي رواية ( صنما ) . قال علماؤنا : إنما كانت بهذا العدد لأنهم كانوا يعظمون في يوم صنما ويخصون أعظمها بيومين . وقوله : فجعل يطعنها بعود في يده يقال إنها كانت مثبتة بالرصاص وأنه كلما طعن منها صنما في وجهه خر لقفاه ، أو في قفاه خر لوجهه . وكان يقول :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=81جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا حكاه
أبو عمر nindex.php?page=showalam&ids=14961والقاضي عياض . وقال
القشيري : فما بقي منها صنم إلا خر لوجهه ، ثم أمر بها فكسرت .
الثانية : في هذه الآية دليل على
كسر نصب المشركين وجميع الأوثان إذا غلب عليهم ، ويدخل بالمعنى
nindex.php?page=treesubj&link=16805كسر آلة الباطل كله ، وما لا يصلح إلا لمعصية الله كالطنابير والعيدان والمزامير التي لا معنى لها إلا اللهو بها عن ذكر الله - تعالى - . قال
ابن المنذر : وفي معنى الأصنام الصور المتخذة من المدر والخشب وشبهها ، وكل ما يتخذه الناس مما لا منفعة فيه إلا اللهو المنهي عنه . ولا يجوز بيع شيء منه إلا الأصنام التي تكون من الذهب والفضة والحديد والرصاص ، إذا غيرت عما هي عليه وصارت نقرا أو قطعا فيجوز بيعها والشراء بها . قال
المهلب : وما كسر من آلات الباطل وكان في حبسها بعد كسرها منفعة فصاحبها أولى بها مكسورة ; إلا أن يرى الإمام حرقها بالنار على معنى التشديد والعقوبة في المال . وقد تقدم حرق
ابن عمر - رضي الله عنه - . وقد هم النبي - صلى الله عليه وسلم - بتحريق دور من تخلف عن صلاة الجماعة . وهذا أصل في
[ ص: 283 ] العقوبة في المال مع قوله - عليه السلام - في الناقة التي لعنتها صاحبتها :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500170دعوها فإنها ملعونة فأزال ملكها عنها تأديبا لصاحبتها ، وعقوبة لها فيما دعت عليه بما دعت به . وقد أراق
عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لبنا شيب بماء على صاحبه .
الثالثة : ما ذكرنا من تفسير الآية ينظر إلى قوله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=835548والله لينزلن عيسى ابن مريم حكما عادلا فليكسرن الصليب وليقتلن الخنزير وليضعن الجزية ولتتركن القلاص فلا يسعى عليها الحديث . خرجه الصحيحان . ومن هذا الباب هتك النبي - صلى الله عليه وسلم - الستر الذي فيه الصور ، وذلك أيضا دليل على
nindex.php?page=treesubj&link=16805إفساد الصور وآلات الملاهي كما ذكرنا . وهذا كله يوجب المنع من اتخاذها ويوجب التغيير على صاحبها .
nindex.php?page=hadith&LINKID=835549إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة ويقال لهم : أحيوا ما خلقتم ; وحسبك ! وسيأتي هذا المعنى في [ النمل ] إن شاء الله - تعالى - .
قوله - تعالى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=81وقل جاء الحق أي الإسلام . وقيل : القرآن ; قال
مجاهد . وقيل : الجهاد .
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=81وزهق الباطل قيل الشرك . وقيل الشيطان ; قاله
مجاهد . والصواب تعميم اللفظ بالغاية الممكنة ، فيكون التفسير جاء الشرع بجميع ما انطوى فيه .
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=81وزهق الباطل : بطل الباطل . ومن هذا زهوق النفس وهو بطلانها . يقال زهقت نفسه تزهق زهوقا ، وأزهقتها .
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=81إن الباطل كان زهوقا أي لا بقاء له والحق الذي يثبت .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=81وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا [ ص: 282 ] فِيهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ : الْأُولَى : رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=13948وَالتِّرْمِذِيُّ عَنِ
ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=835547دَخَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ وَحَوْلَ الْكَعْبَةِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ نُصُبًا ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَطْعَنُهَا بِمِخْصَرَةٍ فِي يَدِهِ - وَرُبَّمَا قَالَ بِعُودٍ - وَيَقُولُ : nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=81جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا . جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ لَفْظُ
التِّرْمِذِيِّ . وَقَالَ : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ . وَكَذَا فِي حَدِيثِ
مُسْلِمٍ ( نُصُبًا ) . وَفِي رِوَايَةٍ ( صَنَمًا ) . قَالَ عُلَمَاؤُنَا : إِنَّمَا كَانَتْ بِهَذَا الْعَدَدِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُعَظِّمُونَ فِي يَوْمٍ صَنَمًا وَيَخُصُّونَ أَعْظَمَهَا بِيَوْمَيْنِ . وَقَوْلُهُ : فَجَعَلَ يَطْعَنُهَا بِعُودٍ فِي يَدِهِ يُقَالُ إِنَّهَا كَانَتْ مُثَبَّتَةً بِالرَّصَاصِ وَأَنَّهُ كُلَّمَا طَعَنَ مِنْهَا صَنَمًا فِي وَجْهِهِ خَرَّ لِقَفَاهُ ، أَوْ فِي قَفَاهُ خَرَّ لِوَجْهِهِ . وَكَانَ يَقُولُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=81جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا حَكَاهُ
أَبُو عُمَرَ nindex.php?page=showalam&ids=14961وَالْقَاضِي عِيَاضٌ . وَقَالَ
الْقُشَيْرِيُّ : فَمَا بَقِيَ مِنْهَا صَنَمٌ إِلَّا خَرَّ لِوَجْهِهِ ، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَكُسِرَتْ .
الثَّانِيَةُ : فِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى
كَسْرِ نُصُبِ الْمُشْرِكِينَ وَجَمِيعِ الْأَوْثَانِ إِذَا غُلِبَ عَلَيْهِمْ ، وَيَدْخُلُ بِالْمَعْنَى
nindex.php?page=treesubj&link=16805كَسْرُ آلَةِ الْبَاطِلِ كُلِّهِ ، وَمَا لَا يَصْلُحُ إِلَّا لِمَعْصِيَةِ اللَّهِ كَالطَّنَابِيرِ وَالْعِيدَانِ وَالْمَزَامِيرِ الَّتِي لَا مَعْنَى لَهَا إِلَّا اللَّهْوُ بِهَا عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ - تَعَالَى - . قَالَ
ابْنُ الْمُنْذِرِ : وَفِي مَعْنَى الْأَصْنَامِ الصُّوَرُ الْمُتَّخَذَةُ مِنَ الْمَدَرِ وَالْخَشَبِ وَشَبَهِهَا ، وَكُلُّ مَا يَتَّخِذُهُ النَّاسُ مِمَّا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ إِلَّا اللَّهْوُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ . وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْهُ إِلَّا الْأَصْنَامَ الَّتِي تَكُونُ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْحَدِيدِ وَالرَّصَاصِ ، إِذَا غُيِّرَتْ عَمَّا هِيَ عَلَيْهِ وَصَارَتْ نُقَرًا أَوْ قِطَعًا فَيَجُوزُ بَيْعُهَا وَالشِّرَاءُ بِهَا . قَالَ
الْمُهَلِّبُ : وَمَا كُسِرَ مِنَ آلَاتِ الْبَاطِلِ وَكَانَ فِي حَبْسِهَا بَعْدَ كَسْرِهَا مَنْفَعَةٌ فَصَاحِبُهَا أَوْلَى بِهَا مَكْسُورَةً ; إِلَّا أَنْ يَرَى الْإِمَامُ حَرْقَهَا بِالنَّارِ عَلَى مَعْنَى التَّشْدِيدِ وَالْعُقُوبَةِ فِي الْمَالِ . وَقَدْ تَقَدَّمَ حَرْقُ
ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - . وَقَدْ هَمَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِتَحْرِيقِ دُورِ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ . وَهَذَا أَصْلٌ فِي
[ ص: 283 ] الْعُقُوبَةِ فِي الْمَالِ مَعَ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي النَّاقَةِ الَّتِي لَعَنَتْهَا صَاحِبَتُهَا :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500170دَعُوهَا فَإِنَّهَا مَلْعُونَةٌ فَأَزَالَ مُلْكَهَا عَنْهَا تَأْدِيبًا لِصَاحِبَتِهَا ، وَعُقُوبَةً لَهَا فِيمَا دَعَتْ عَلَيْهِ بِمَا دَعَتْ بِهِ . وَقَدْ أَرَاقَ
عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَبَنًا شِيبَ بِمَاءٍ عَلَى صَاحِبِهِ .
الثَّالِثَةُ : مَا ذَكَرْنَا مِنْ تَفْسِيرِ الْآيَةِ يُنْظَرُ إِلَى قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=835548وَاللَّهِ لَيَنْزِلَنَّ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا عَادِلًا فَلَيَكْسِرَنَّ الصَّلِيبَ وَلَيَقْتُلَنَّ الْخِنْزِيرَ وَلَيَضَعَنَّ الْجِزْيَةَ وَلَتُتْرَكَنَّ الْقِلَاصُ فَلَا يُسْعَى عَلَيْهَا الْحَدِيثَ . خَرَّجَهُ الصَّحِيحَانِ . وَمِنْ هَذَا الْبَابِ هَتْكُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - السِّتْرِ الَّذِي فِيهِ الصُّوَرُ ، وَذَلِكَ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=16805إِفْسَادِ الصُّوَرِ وَآلَاتِ الْمَلَاهِي كَمَا ذَكَرْنَا . وَهَذَا كُلُّهُ يُوجِبُ الْمَنْعَ مِنَ اتِّخَاذِهَا وَيُوجِبُ التَّغْيِيرَ عَلَى صَاحِبِهَا .
nindex.php?page=hadith&LINKID=835549إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيُقَالُ لَهُمْ : أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ ; وَحَسْبُكَ ! وَسَيَأْتِي هَذَا الْمَعْنَى فِي [ النَّمْلِ ] إِنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى - .
قَوْلُهُ - تَعَالَى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=81وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ أَيِ الْإِسْلَامُ . وَقِيلَ : الْقُرْآنُ ; قَالَ
مُجَاهِدٌ . وَقِيلَ : الْجِهَادُ .
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=81وَزَهَقَ الْبَاطِلُ قِيلَ الشِّرْكُ . وَقِيلَ الشَّيْطَانُ ; قَالَهُ
مُجَاهِدٌ . وَالصَّوَابُ تَعْمِيمُ اللَّفْظِ بِالْغَايَةِ الْمُمْكِنَةِ ، فَيَكُونُ التَّفْسِيرُ جَاءَ الشَّرْعُ بِجَمِيعِ مَا انْطَوَى فِيهِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=81وَزَهَقَ الْبَاطِلُ : بَطَلَ الْبَاطِلُ . وَمِنْ هَذَا زُهُوقُ النَّفْسِ وَهُوَ بُطْلَانُهَا . يُقَالُ زَهَقَتْ نَفْسُهُ تَزْهَقُ زُهُوقًا ، وَأَزْهَقْتُهَا .
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=81إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا أَيْ لَا بَقَاءَ لَهُ وَالْحَقُّ الَّذِي يَثْبُتُ .