قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=26وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئا وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود
فيه مسألتان :
الأولى :
قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=26وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أي واذكر إذ بوأنا
لإبراهيم ؛ [ ص: 35 ] يقال : بوأته منزلا وبوأت له . كما يقال : مكنتك ومكنت لك ؛ فاللام في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=26لإبراهيم صلة للتأكيد ؛ كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=72ردف لكم ، وهذا قول
الفراء . وقيل :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=26بوأنا لإبراهيم مكان البيت أي أريناه أصله ليبنيه ، وكان قد درس بالطوفان وغيره ، فلما جاءت مدة
إبراهيم - عليه السلام - أمره الله ببنيانه ، فجاء إلى موضعه وجعل يطلب أثرا ، فبعث الله ريحا فكشفت عن أساس
آدم - عليه السلام - ؛ فرتب قواعده عليه ؛ حسبما تقدم بيانه في ( البقرة ) . وقيل : ( بوأنا ) نازلة منزلة فعل يتعدى باللام ؛ كنحو جعلنا ، أي جعلنا
لإبراهيم مكان البيت مبوأ . وقال الشاعر :
كم من أخ لي ماجد بوأته بيدي لحدا
الثانية :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=26أن لا تشرك هي مخاطبة
لإبراهيم - عليه السلام - في قول الجمهور . وقرأ
عكرمة ( أن لا يشرك ) بالياء ، على نقل معنى القول الذي قيل له . قال
أبو حاتم : ولا بد من نصب الكاف على هذه القراءة ، بمعنى لئلا يشرك . وقيل : إن ( أن ) مخففة من الثقيلة . وقيل مفسرة . وقيل زائدة ؛ مثل
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=96فلما أن جاء البشير . وفي الآية طعن على من أشرك من قطان البيت ؛ أي هذا كان الشرط على أبيكم ممن بعده وأنتم ، فلم تفوا بل أشركتم . وقالت فرقة : الخطاب من قول
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=26أن لا تشرك لمحمد - صلى الله عليه وسلم - ؛ وأمر بتطهير البيت والأذان بالحج . والجمهور على أن ذلك
لإبراهيم ؛ وهو الأصح . وتطهير البيت عام في الكفر والبدع وجميع الأنجاس والدماء . وقيل : عنى به التطهير عن الأوثان ؛ كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=30فاجتنبوا الرجس من الأوثان ؛ وذلك أن
جرهما والعمالقة كانت لهم أصنام في محل البيت وحوله قبل أن يبنيه
إبراهيم - عليه السلام - . وقيل : المعنى نزه بيتي عن أن يعبد فيه صنم . وهذا أمر بإظهار التوحيد فيه . وقد مضى ما للعلماء في تنزيه
المسجد الحرام وغيره من المساجد بما فيه كفاية في سورة ( براءة ) . والقائمون هم المصلون . وذكر تعالى من أركان الصلاة أعظمها ، وهو القيام والركوع والسجود .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=26وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ
فِيهِ مَسْأَلَتَانِ :
الْأُولَى :
قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=26وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَيْ وَاذْكُرْ إِذْ بَوَّأْنَا
لِإِبْرَاهِيمَ ؛ [ ص: 35 ] يُقَالُ : بَوَّأْتُهُ مَنْزِلًا وَبَوَّأْتُ لَهُ . كَمَا يُقَالُ : مَكَّنْتُكَ وَمَكَّنْتُ لَكَ ؛ فَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=26لِإِبْرَاهِيمَ صِلَةٌ لِلتَّأْكِيدِ ؛ كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=72رَدِفَ لَكُمْ ، وَهَذَا قَوْلُ
الْفَرَّاءِ . وَقِيلَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=26بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَيْ أَرَيْنَاهُ أَصْلَهُ لِيَبْنِيَهُ ، وَكَانَ قَدْ دَرَسَ بِالطُّوفَانِ وَغَيْرِهِ ، فَلَمَّا جَاءَتْ مُدَّةُ
إِبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَمَرَهُ اللَّهُ بِبُنْيَانِهِ ، فَجَاءَ إِلَى مَوْضِعِهِ وَجَعَلَ يَطْلُبُ أَثَرًا ، فَبَعَثَ اللَّهُ رِيحًا فَكَشَفَتْ عَنْ أَسَاسِ
آدَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ؛ فَرَتَّبَ قَوَاعِدَهُ عَلَيْهِ ؛ حَسْبَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي ( الْبَقَرَةِ ) . وَقِيلَ : ( بَوَّأْنَا ) نَازِلَةٌ مَنْزِلَةَ فِعْلٍ يَتَعَدَّى بِاللَّامِ ؛ كَنَحْوِ جَعَلْنَا ، أَيْ جَعَلْنَا
لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ مُبَوَّأً . وَقَالَ الشَّاعِرُ :
كَمْ مِنْ أَخٍ لِي مَاجِدٍ بَوَّأْتُهُ بِيَدِي لَحْدًا
الثَّانِيَةُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=26أَنْ لَا تُشْرِكْ هِيَ مُخَاطَبَةٌ
لِإِبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي قَوْلِ الْجُمْهُورِ . وَقَرَأَ
عِكْرِمَةُ ( أَنْ لَا يُشْرِكَ ) بِالْيَاءِ ، عَلَى نَقْلِ مَعْنَى الْقَوْلِ الَّذِي قِيلَ لَهُ . قَالَ
أَبُو حَاتِمٍ : وَلَا بُدَّ مِنْ نَصْبِ الْكَافِ عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ ، بِمَعْنَى لِئَلَّا يُشْرِكَ . وَقِيلَ : إِنَّ ( أَنْ ) مُخَفَّفَةٌ مِنَ الثَّقِيلَةِ . وَقِيلَ مُفَسِّرَةٌ . وَقِيلَ زَائِدَةٌ ؛ مِثْلُ
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=96فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ . وَفِي الْآيَةِ طَعْنٌ عَلَى مَنْ أَشْرَكَ مِنْ قُطَّانِ الْبَيْتِ ؛ أَيْ هَذَا كَانَ الشَّرْطَ عَلَى أَبِيكُمْ مِمَّنْ بَعْدَهُ وَأَنْتُمْ ، فَلَمْ تَفُوا بَلْ أَشْرَكْتُمْ . وَقَالَتْ فِرْقَةٌ : الْخِطَابُ مِنْ قَوْلِ
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=26أَنْ لَا تُشْرِكْ لِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ؛ وَأُمِرَ بِتَطْهِيرِ الْبَيْتِ وَالْأَذَانِ بِالْحَجِّ . وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ
لِإِبْرَاهِيمَ ؛ وَهُوَ الْأَصَحُّ . وَتَطْهِيرُ الْبَيْتِ عَامٌّ فِي الْكُفْرِ وَالْبِدَعِ وَجَمِيعِ الْأَنْجَاسِ وَالدِّمَاءِ . وَقِيلَ : عَنَى بِهِ التَّطْهِيرَ عَنِ الْأَوْثَانِ ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=30فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ ؛ وَذَلِكَ أَنَّ
جُرْهُمًا وَالْعَمَالِقَةَ كَانَتْ لَهُمْ أَصْنَامٌ فِي مَحَلِّ الْبَيْتِ وَحَوْلَهُ قَبْلَ أَنْ يَبْنِيَهُ
إِبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - . وَقِيلَ : الْمَعْنَى نَزِّهْ بَيْتِيَ عَنْ أَنْ يُعْبَدَ فِيهِ صَنَمٌ . وَهَذَا أَمْرٌ بِإِظْهَارِ التَّوْحِيدِ فِيهِ . وَقَدْ مَضَى مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي تَنْزِيهِ
الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْمَسَاجِدِ بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ فِي سُورَةِ ( بَرَاءَةٌ ) . وَالْقَائِمُونَ هُمُ الْمُصَلُّونَ . وَذَكَرَ تَعَالَى مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ أَعْظَمَهَا ، وَهُوَ الْقِيَامُ وَالرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ .