قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=57إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون والذين هم بآيات ربهم يؤمنون والذين هم بربهم لا يشركون والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون [ ص: 123 ] nindex.php?page=treesubj&link=28994قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=57إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون لما فرغ من ذكر الكفرة وتوعدهم عقب ذلك بذكر المؤمنين المسارعين في الخيرات ووعدهم ، وذكر ذلك بأبلغ صفاتهم . و مشفقون خائفون وجلون مما خوفهم الله تعالى .
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=58والذين هم بآيات ربهم يؤمنون والذين هم بربهم لا يشركون والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة قال
الحسن : يؤتون الإخلاص ويخافون ألا يقبل منهم . وروى
الترمذي ، nindex.php?page=hadith&LINKID=3500306عن عائشة - رضي الله عنها - زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت : سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن هذه الآية nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=60والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة قالت عائشة : أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون ؟ قال : لا يا بنت الصديق ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون وهم يخافون ألا يقبل منهم أولئك الذين يسارعون في الخيرات . وقال
الحسن : لقد أدركنا أقواما كانوا من حسناتهم أن ترد عليهم أشفق منكم على سيئاتكم أن تعذبوا عليها . وقرأت
عائشة - رضي الله عنها -
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ، والنخعي ( والذين يأتون ما أتوا ) مقصورا من الإتيان . قال
الفراء : ولو صحت هذه القراءة عن
عائشة لم تخالف قراءة الجماعة ؛ لأن الهمز من العرب من يلزم فيه الألف في كل الحالات إذا كتب ؛ فيكتب سئل الرجل بألف بعد السين ، ويستهزئون بألف بين الزاي والواو ، وشيء وشيء بألف بعد الياء ، فغير مستنكر في مذهب هؤلاء أن يكتب ( يؤتون ) بألف بعد الياء ، فيحتمل هذا اللفظ بالبناء على هذا الخط قراءتين ( يؤتون ما آتوا ) و ( يأتون ما أتوا ) . وينفرد ما عليه الجماعة باحتمال تأويلين : أحدهما : الذين يعطون ما أعطوا من الزكاة والصدقة وقلوبهم خائفة . والآخر : والذين يؤتون الملائكة الذين يكتبون الأعمال على العباد ما آتوا وقلوبهم وجلة ؛ فحذف مفعول في هذا الباب لوضوح معناه ؛ كما حذف في قوله - عز وجل - :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=49فيه يغاث الناس وفيه يعصرون والمعنى يعصرون السمسم والعنب ؛ فاختزل المفعول لوضوح تأويله . ويكون الأصل في الحرف على هجائه الموجود في الإمام ( يأتون ) بألف مبدلة من الهمزة فكتبت الألف واوا لتآخي حروف المد واللين في الخفاء ؛ حكاه
ابن الأنباري . قال
النحاس : المعروف من قراءة
ابن عباس ( والذين يأتون ما أتوا ) وهي القراءة المروية عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن
عائشة - رضي الله عنها - ، ومعناها يعملون ما عملوا ؛ ما روي في الحديث . والوجل نحو الإشفاق والخوف ؛ فالتقي والتائب خوفه أمر العاقبة وما يطلع عليه بعد الموت . في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=60أنهم إلى ربهم راجعون تنبيه على الخاتمة .
[ ص: 124 ] وفي صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=hadith&LINKID=3500307وإنما الأعمال بالخواتيم . وأما المخلط فينبغي له أن يكون تحت خوف من أن ينفذ عليه الوعيد بتخليطه . وقال أصحاب الخواطر : وجل العارف من طاعته أكثر وجلا من وجله من مخالفته ؛ لأن المخالفة تمحوها التوبة ، والطاعة تطلب بتصحيح الفرض . أنهم أي لأنهم ، أو من أجل أنهم إلى ربهم راجعون .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=57إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ [ ص: 123 ] nindex.php?page=treesubj&link=28994قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=57إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ لَمَّا فَرَغَ مِنْ ذِكْرِ الْكَفَرَةِ وَتَوَعَّدَهُمْ عَقِبَ ذَلِكَ بِذِكْرِ الْمُؤْمِنِينَ الْمُسَارِعِينَ فِي الْخَيْرَاتِ وَوَعَدَهُمْ ، وَذَكَرَ ذَلِكَ بِأَبْلَغِ صِفَاتِهِمْ . وَ مُشْفِقُونَ خَائِفُونَ وَجِلُونَ مِمَّا خَوَّفَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى .
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=58وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ قَالَ
الْحَسَنُ : يُؤْتُونَ الْإِخْلَاصَ وَيَخَافُونَ أَلَّا يُقْبَلَ مِنْهُمْ . وَرَوَى
التِّرْمِذِيُّ ، nindex.php?page=hadith&LINKID=3500306عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَتْ : سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=60وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ قَالَتْ عَائِشَةُ : أَهُمُ الَّذِينَ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ وَيَسْرِقُونَ ؟ قَالَ : لَا يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ وَلَكِنَّهُمُ الَّذِينَ يَصُومُونَ وَيُصَلُّونَ وَيَتَصَدَّقُونَ وَهُمْ يَخَافُونَ أَلَّا يُقْبَلَ مِنْهُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ . وَقَالَ
الْحَسَنُ : لَقَدْ أَدْرَكْنَا أَقْوَامًا كَانُوا مِنْ حَسَنَاتِهِمْ أَنْ تُرَدَّ عَلَيْهِمْ أَشْفَقَ مِنْكُمْ عَلَى سَيِّئَاتِكُمْ أَنْ تُعَذَّبُوا عَلَيْهَا . وَقَرَأَتْ
عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -
nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ ، وَالنَّخَعِيُّ ( وَالَّذِينَ يَأْتُونَ مَا أَتَوْا ) مَقْصُورًا مِنَ الْإِتْيَانِ . قَالَ
الْفَرَّاءُ : وَلَوْ صَحَّتْ هَذِهِ الْقِرَاءَةُ عَنْ
عَائِشَةَ لَمْ تُخَالِفْ قِرَاءَةَ الْجَمَاعَةِ ؛ لِأَنَّ الْهَمْزَ مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَلْزَمُ فِيهِ الْأَلِفَ فِي كُلِّ الْحَالَاتِ إِذَا كَتَبَ ؛ فَيَكْتَبُ سُئِلَ الرَّجُلُ بِأَلِفٍ بَعْدَ السِّينِ ، وَيَسْتَهْزِئُونَ بِأَلِفٍ بَيْنَ الزَّايِ وَالْوَاوِ ، وَشَيْءٌ وَشَيْءٍ بِأَلِفٍ بَعْدَ الْيَاءِ ، فَغَيْرُ مُسْتَنْكَرٍ فِي مَذْهَبِ هَؤُلَاءِ أَنْ يُكْتَبَ ( يُؤْتُونَ ) بِأَلِفٍ بَعْدَ الْيَاءِ ، فَيَحْتَمِلُ هَذَا اللَّفْظُ بِالْبِنَاءِ عَلَى هَذَا الْخَطِّ قِرَاءَتَيْنِ ( يُؤْتُونَ مَا آتَوْا ) وَ ( يَأْتُونَ مَا أَتَوْا ) . وَيَنْفَرِدُ مَا عَلَيْهِ الْجَمَاعَةُ بِاحْتِمَالِ تَأْوِيلَيْنِ : أَحَدُهُمَا : الَّذِينَ يُعْطُونَ مَا أَعْطَوْا مِنَ الزَّكَاةِ وَالصَّدَقَةِ وَقُلُوبُهُمْ خَائِفَةٌ . وَالْآخَرُ : وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْأَعْمَالَ عَلَى الْعِبَادِ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ؛ فَحُذِفَ مَفْعُولٌ فِي هَذَا الْبَابِ لِوُضُوحِ مَعْنَاهُ ؛ كَمَا حُذِفَ فِي قَوْلِهِ - عَزَّ وَجَلَّ - :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=49فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ وَالْمَعْنَى يَعْصِرُونَ السِّمْسِمَ وَالْعِنَبَ ؛ فَاخْتُزِلَ الْمَفْعُولُ لِوُضُوحِ تَأْوِيلِهِ . وَيَكُونُ الْأَصْلُ فِي الْحَرْفِ عَلَى هِجَائِهِ الْمَوُجُودِ فِي الْإِمَامِ ( يَأْتُونَ ) بِأَلِفٍ مُبْدَلَةٍ مِنَ الْهَمْزَةِ فَكُتِبَتِ الْأَلِفُ وَاوًا لِتَآخِي حُرُوفِ الْمَدِّ وَاللِّينِ فِي الْخَفَاءِ ؛ حَكَاهُ
ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ . قَالَ
النَّحَّاسُ : الْمَعْرُوفُ مِنْ قِرَاءَةِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ( وَالَّذِينَ يَأْتُونَ مَا أَتَوْا ) وَهِيَ الْقِرَاءَةُ الْمَرْوِيَّةُ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَنْ
عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - ، وَمَعْنَاهَا يَعْمَلُونَ مَا عَمِلُوا ؛ مَا رُوِيَ فِي الْحَدِيثِ . وَالْوَجَلُ نَحْوُ الْإِشْفَاقِ وَالْخَوْفِ ؛ فَالتَّقِيُّ وَالتَّائِبُ خَوْفُهُ أَمْرُ الْعَاقِبَةِ وَمَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْمَوْتِ . فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=60أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ تَنْبِيهٌ عَلَى الْخَاتِمَةِ .
[ ص: 124 ] وَفِي صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ nindex.php?page=hadith&LINKID=3500307وَإِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالْخَوَاتِيمِ . وَأَمَّا الْمُخَلِّطُ فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَكُونَ تَحْتَ خَوْفٍ مِنْ أَنْ يَنْفُذَ عَلَيْهِ الْوَعِيدُ بِتَخْلِيطِهِ . وَقَالَ أَصْحَابُ الْخَوَاطِرِ : وَجَلُ الْعَارِفِ مِنْ طَاعَتِهِ أَكْثَرُ وَجَلًا مِنْ وَجَلِهِ مِنْ مُخَالَفَتِهِ ؛ لِأَنَّ الْمُخَالَفَةَ تَمْحُوهَا التَّوْبَةُ ، وَالطَّاعَةُ تُطْلَبُ بِتَصْحِيحِ الْفَرْضِ . أَنَّهُمْ أَيْ لِأَنَّهُمْ ، أَوْ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ .