قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=99حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون nindex.php?page=treesubj&link=28994قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=99حتى إذا جاء أحدهم الموت عاد الكلام إلى ذكر المشركين ؛ أي قالوا
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=82أئذا متنا إلى قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=83إن هذا إلا أساطير الأولين . ثم احتج عليهم وذكرهم قدرته على كل شيء ، ثم قال هم مصرون على ذلك حتى إذا جاء أحدهم الموت تيقن ضلالته وعاين الملائكة التي تقبض روحه ؛ كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=50ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة .
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=99قال رب ارجعون تمنى الرجعة كي يعمل صالحا فيما ترك . وقد يكون القول في النفس ؛ قال الله - عز وجل - :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=8ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول . فأما قوله ارجعون وهو مخاطب ربه - عز وجل - ولم يقل ( ارجعني ) جاء على تعظيم الذكر للمخاطب . وقيل : استغاثوا بالله - عز وجل - أولا ، فقال قائلهم : ثم رجع إلى مخاطبة الملائكة فقال : ارجعون إلى الدنيا ؛ قال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج . وقيل : إن معنى ارجعون على جهة التكرير ؛ أي أرجعني ، أرجعني ، أرجعني ، وهكذا . قال
المزني في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=24ألقيا في جهنم قال : معناه ألق ألق . قال
الضحاك : المراد به أهل الشرك .
قلت : ليس سؤال الرجعة مختصا بالكافر فقد يسألها المؤمن كما في آخر سورة المنافقين على ما يأتي . ودلت الآية على أن أحدا لا يموت حتى يعرف اضطرارا أهو من أولياء الله أم من أعداء الله ، ولولا ذلك لما سأل الرجعة ، فيعلموا ذلك قبل نزول الموت وذواقه .
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=100لعلي أعمل صالحا قال
ابن عباس : يريد أشهد أن لا إله إلا الله .
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=100فيما تركت أي فيما ضيعت وتركت العمل به من الطاعات . وقيل
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=100فيما تركت من المال فأتصدق . و لعل تتضمن ترددا ؛
[ ص: 139 ] وهذا الذي يسأل الرجعة قد استيقن العذاب ، وهو يوطن نفسه على العمل الصالح قطعا من غير تردد . فالتردد يرجع إما إلى رده إلى الدنيا ، وإما إلى التوفيق ؛ أي أعمل صالحا إن وفقتني ؛ إذ ليس على قطع من وجود القدرة والتوفيق لو رد إلى الدنيا . كلا هذه كلمة رد ؛ أي ليس الأمر على ما يظنه من أنه يجاب إلى الرجوع إلى الدنيا ، بل هو كلام يطيح في أدراج الريح . وقيل : لو أجيب إلى ما يطلب لما وفى بما يقول ؛ كما قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=28ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه . وقيل :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=100كلا إنها كلمة هو قائلها ترجع إلى الله تعالى ؛ أي لا خلف في خبره ، وقد أخبر أنه لن يؤخر نفسا إذا جاء أجلها ، وأخبر بأن هذا الكافر لا يؤمن . وقيل :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=100إنها كلمة هو قائلها عند الموت ، ولكن لا تنفع .
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=100ومن ورائهم برزخ أي ومن أمامهم وبين أيديهم . وقيل : من خلفهم . برزخ أي حاجز بين الموت والبعث ؛ قاله
الضحاك ، ومجاهد ، وابن زيد . وعن
مجاهد أيضا أن البرزخ هو الحاجز بين الموت ، والرجوع إلى الدنيا . وعن
الضحاك : هو ما بين الدنيا والآخرة .
ابن عباس : حجاب .
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : أجل .
قتادة : بقية الدنيا . وقيل : الإمهال إلى يوم القيامة ؛ حكاه
ابن عيسى .
الكلبي : هو الأجل ما بين النفختين ، وبينهما أربعون سنة . وهذه الأقوال متقاربة . وكل حاجز بين شيئين فهو برزخ . قال
الجوهري : البرزخ الحاجز بين الشيئين . والبرزخ ما بين الدنيا والآخرة من وقت الموت إلى البعث ؛ فمن مات فقد دخل في البرزخ . وقال رجل بحضرة
الشعبي : رحم الله فلانا فقد صار من أهل الآخرة ! فقال : لم يصر من أهل الآخرة ، ولكنه صار من أهل البرزخ ، وليس من الدنيا ولا من الآخرة . وأضيف يوم إلى يبعثون لأنه ظرف زمان ، والمراد بالإضافة المصدر .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=99حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ nindex.php?page=treesubj&link=28994قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=99حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ عَادَ الْكَلَامُ إِلَى ذِكْرِ الْمُشْرِكِينَ ؛ أَيْ قَالُوا
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=82أَئِذَا مِتْنَا إِلَى قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=83إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ . ثُمَّ احْتَجَّ عَلَيْهِمْ وَذَكَّرَهُمْ قُدْرَتَهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ ، ثُمَّ قَالَ هُمْ مُصِرُّونَ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ تَيَقَّنَ ضَلَالَتَهُ وَعَايَنَ الْمَلَائِكَةَ الَّتِي تَقْبِضُ رُوحَهُ ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=50وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ .
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=99قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ تَمَنَّى الرَّجْعَةَ كَيْ يَعْمَلَ صَالِحًا فِيمَا تَرَكَ . وَقَدْ يَكُونُ الْقَوْلُ فِي النَّفْسِ ؛ قَالَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - :
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=8وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ . فَأَمَّا قَوْلُهُ ارْجِعُونِ وَهُوَ مُخَاطِبُ رَبِّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - وَلَمْ يَقُلْ ( ارْجِعْنِي ) جَاءَ عَلَى تَعْظِيمِ الذِّكْرِ لِلْمُخَاطَبِ . وَقِيلَ : اسْتَغَاثُوا بِاللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - أَوَّلًا ، فَقَالَ قَائِلُهُمْ : ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مُخَاطَبَةِ الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ : ارْجِعُونِ إِلَى الدُّنْيَا ؛ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنُ جُرَيْجٍ . وَقِيلَ : إِنَّ مَعْنَى ارْجِعُونِ عَلَى جِهَةِ التَّكْرِيرِ ؛ أَيْ أَرْجِعْنِي ، أَرْجِعْنِي ، أَرْجِعْنِي ، وَهَكَذَا . قَالَ
الْمُزَنِيُّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=24أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ قَالَ : مَعْنَاهُ أَلْقِ أَلْقِ . قَالَ
الضَّحَّاكُ : الْمُرَادُ بِهِ أَهْلُ الشِّرْكِ .
قُلْتُ : لَيْسَ سُؤَالُ الرَّجْعَةِ مُخْتَصًّا بِالْكَافِرِ فَقَدْ يَسْأَلُهَا الْمُؤْمِنُ كَمَا فِي آخِرِ سُورَةِ الْمُنَافِقِينَ عَلَى مَا يَأْتِي . وَدَلَّتِ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ أَحَدًا لَا يَمُوتُ حَتَّى يُعْرَفَ اضْطِرَارًا أَهُوَ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ أَمْ مِنْ أَعْدَاءِ اللَّهِ ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمَا سَأَلَ الرَّجْعَةَ ، فَيَعْلَمُوا ذَلِكَ قَبْلَ نُزُولِ الْمَوْتِ وَذَوَاقِهِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=100لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : يُرِيدُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ .
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=100فِيمَا تَرَكْتُ أَيْ فِيمَا ضَيَّعْتُ وَتَرَكْتُ الْعَمَلَ بِهِ مِنَ الطَّاعَاتِ . وَقِيلَ
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=100فِيمَا تَرَكْتُ مِنَ الْمَالِ فَأَتَصَدَّقَ . وَ لَعَلَّ تَتَضَمَّنُ تَرَدُّدًا ؛
[ ص: 139 ] وَهَذَا الَّذِي يَسْأَلُ الرَّجْعَةَ قَدِ اسْتَيْقَنَ الْعَذَابَ ، وَهُوَ يُوَطِّنُ نَفْسَهُ عَلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ قَطْعًا مِنْ غَيْرِ تَرَدُّدٍ . فَالتَّرَدُّدُ يَرْجِعُ إِمَّا إِلَى رَدِّهِ إِلَى الدُّنْيَا ، وَإِمَّا إِلَى التَّوْفِيقِ ؛ أَيْ أَعْمَلُ صَالِحًا إِنْ وَفَّقْتَنِي ؛ إِذْ لَيْسَ عَلَى قَطْعٍ مِنْ وُجُودِ الْقُدْرَةِ وَالتَّوْفِيقِ لَوْ رُدَّ إِلَى الدُّنْيَا . كَلَّا هَذِهِ كَلِمَةُ رَدٍّ ؛ أَيْ لَيْسَ الْأَمْرُ عَلَى مَا يَظُنُّهُ مِنْ أَنَّهُ يُجَابُ إِلَى الرُّجُوعِ إِلَى الدُّنْيَا ، بَلْ هُوَ كَلَامٌ يَطِيحُ فِي أَدْرَاجِ الرِّيحِ . وَقِيلَ : لَوْ أُجِيبَ إِلَى مَا يَطْلُبُ لَمَا وَفَّى بِمَا يَقُولُ ؛ كَمَا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=28وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ . وَقِيلَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=100كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا تَرْجِعُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ؛ أَيْ لَا خُلْفَ فِي خَبَرِهِ ، وَقَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ لَنْ يُؤَخِّرَ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا ، وَأَخْبَرَ بِأَنَّ هَذَا الْكَافِرَ لَا يُؤْمِنُ . وَقِيلَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=100إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا عِنْدَ الْمَوْتِ ، وَلَكِنْ لَا تَنْفَعُ .
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=100وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ أَيْ وَمِنْ أَمَامِهِمْ وَبَيْنَ أَيْدِيهِمْ . وَقِيلَ : مِنْ خَلْفِهِمْ . بَرْزَخٌ أَيْ حَاجِزٌ بَيْنَ الْمَوْتِ وَالْبَعْثِ ؛ قَالَهُ
الضَّحَّاكُ ، وَمُجَاهِدٌ ، وَابْنُ زَيْدٍ . وَعَنْ
مُجَاهِدٍ أَيْضًا أَنَّ الْبَرْزَخَ هُوَ الْحَاجِزُ بَيْنَ الْمَوْتِ ، وَالرُّجُوعِ إِلَى الدُّنْيَا . وَعَنِ
الضَّحَّاكِ : هُوَ مَا بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ .
ابْنُ عَبَّاسٍ : حِجَابٌ .
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ : أَجَلٌ .
قَتَادَةُ : بَقِيَّةُ الدُّنْيَا . وَقِيلَ : الْإِمْهَالُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ؛ حَكَاهُ
ابْنُ عِيسَى .
الْكَلْبِيُّ : هُوَ الْأَجَلُ مَا بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ ، وَبَيْنَهُمَا أَرْبَعُونَ سَنَةً . وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ مُتَقَارِبَةٌ . وَكُلُّ حَاجِزٍ بَيْنَ شَيْئَيْنِ فَهُوَ بَرْزَخٌ . قَالَ
الْجَوْهَرِيُّ : الْبَرْزَخُ الْحَاجِزُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ . وَالْبَرْزَخُ مَا بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ مِنْ وَقْتِ الْمَوْتِ إِلَى الْبَعْثِ ؛ فَمَنْ مَاتَ فَقَدْ دَخَلَ فِي الْبَرْزَخِ . وَقَالَ رَجُلٌ بِحَضْرَةِ
الشَّعْبِيِّ : رَحِمَ اللَّهُ فُلَانًا فَقَدْ صَارَ مِنْ أَهْلِ الْآخِرَةِ ! فَقَالَ : لَمْ يَصِرْ مِنْ أَهْلِ الْآخِرَةِ ، وَلَكِنَّهُ صَارَ مِنْ أَهْلِ الْبَرْزَخِ ، وَلَيْسَ مِنَ الدُّنْيَا وَلَا مِنَ الْآخِرَةِ . وَأُضِيفَ يَوْمٌ إِلَى يُبْعَثُونَ لِأَنَّهُ ظَرْفُ زَمَانٍ ، وَالْمُرَادُ بِالْإِضَافَةِ الْمَصْدَرُ .