[ ص: 20 ] قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=27وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه وله المثل الأعلى في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم .
nindex.php?page=treesubj&link=29001قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=27وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده أما بدء خلقه فبعلوقه في الرحم قبل ولادته ، وأما إعادته فإحياؤه بعد الموت بالنفخة الثانية للبعث ; فجعل ما علم من ابتداء خلقه دليلا على ما يخفى من إعادته ; استدلالا بالشاهد على الغائب ، ثم أكد ذلك بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=27وهو أهون عليه وقرأ
ابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر : ( يبدئ الخلق ) من أبدأ يبدئ ; دليله قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=13إنه هو يبدئ ويعيد . ودليل قراءة العامة قوله سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=29كما بدأكم تعودون . و
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=27أهون بمعنى هين ; أي الإعادة هين عليه ; قاله
الربيع بن خثيم والحسن . فأهون بمعنى هين ; لأنه ليس شيء أهون على الله من شيء . قال
أبو عبيدة : ومن جعل أهون يعبر عن تفضيل شيء على شيء فقوله مردود بقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=169وكان ذلك على الله يسيرا وبقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=255ولا يئوده حفظهما . والعرب تحمل أفعل على فاعل ، ومنه قول
nindex.php?page=showalam&ids=14899الفرزدق :
إن الذي سمك السماء بنى لنا بيتا دعائمه أعز وأطول
أي دعائمه عزيزة طويلة . وقال آخر [
معن بن أوس ] :
لعمرك ما أدري وإني لأوجل على أينا تعدو المنية أول
أراد : إني لوجل . وأنشد
أبو عبيدة أيضا :
إني لأمنحك الصدود وإنني قسما إليك مع الصدود لأميل
أراد لمائل . وأنشد
أحمد بن يحيى :
تمنى رجال أن أموت وإن أمت فتلك سبيل لست فيها بأوحد
أراد بواحد . وقال آخر :
لعمرك إن الزبرقان لباذل لمعروفه عند السنين وأفضل
أي وفاضل . ومنه قولهم : الله أكبر ; إنما معناه الله الكبير . وروى
معمر عن
قتادة قال :
[ ص: 21 ] في قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود ( وهو عليه هين ) . وقال
مجاهد وعكرمة والضحاك : إن المعنى أن الإعادة أهون عليه - أي على الله - من البداية ; أي أيسر ، وإن كان جميعه على الله تعالى هينا ; وقاله
ابن عباس . ووجهه أن هذا مثل ضربه الله تعالى لعباده ; يقول : إعادة الشيء على الخلائق أهون من ابتدائه ; فينبغي أن يكون البعث لمن قدر على البداية عندكم وفيما بينكم أهون عليه من الإنشاء . وقيل : الضمير في عليه للمخلوقين ; أي وهو أهون عليه ، أي على الخلق ، يصاح بهم صيحة واحدة فيقومون ويقال لهم : كونوا فيكونون ; فذلك أهون عليهم من أن يكونوا نطفا ، ثم علقا ، ثم مضغا ، ثم أجنة ، ثم أطفالا ، ثم غلمانا ، ثم شبانا ، ثم رجالا أو نساء . وقاله
ابن عباس وقطرب . وقيل أهون أسهل ; قال :
وهان على أسماء أن شطت النوى يحن إليها واله ويتوق
أي سهل عليها ، وقال الربيع بن خثيم في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=27وهو أهون عليه قال : ما شيء على الله بعزيز . عكرمة : تعجب الكفار من إحياء الله الموتى فنزلت هذه الآية .
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=27وله المثل الأعلى أي ما أراده جل وعز كان . وقال
الخليل : المثل الصفة ; أي وله الوصف الأعلى في السماوات والأرض كما قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=35مثل الجنة التي وعد المتقون أي صفتها . وقد مضى الكلام في ذلك . وعن مجاهد :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=27المثل الأعلى قول لا إله إلا الله ; ومعناه : أي الذي له الوصف الأعلى ، أي الأرفع الذي هو الوصف بالوحدانية . وكذا قال قتادة : إن المثل الأعلى شهادة أن لا إله إلا الله ; ويعضده قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=28ضرب لكم مثلا من أنفسكم على ما نبينه آنفا إن شاء الله تعالى . وقال
الزجاج :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=27وله المثل الأعلى في السماوات والأرض أي قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=27وهو أهون عليه قد ضربه لكم مثلا فيما يصعب ويسهل ; يريد التفسير الأول . وقال
ابن عباس : أي ليس كمثله شيء
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=27وهو العزيز الحكيم تقدم .
[ ص: 20 ] قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=27وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ .
nindex.php?page=treesubj&link=29001قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=27وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ أَمَّا بَدْءُ خَلْقِهِ فَبِعُلُوقِهِ فِي الرَّحِمِ قَبْلَ وِلَادَتِهِ ، وَأَمَّا إِعَادَتُهُ فَإِحْيَاؤُهُ بَعْدَ الْمَوْتِ بِالنَّفْخَةِ الثَّانِيَةِ لِلْبَعْثِ ; فَجَعَلَ مَا عَلِمَ مِنِ ابْتِدَاءِ خَلْقِهِ دَلِيلًا عَلَى مَا يَخْفَى مِنْ إِعَادَتِهِ ; اسْتِدْلَالًا بِالشَّاهِدِ عَلَى الْغَائِبِ ، ثُمَّ أَكَّدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=27وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَقَرَأَ
ابْنُ مَسْعُودٍ nindex.php?page=showalam&ids=12وَابْنُ عُمَرَ : ( يُبْدِئُ الْخَلْقَ ) مِنْ أَبْدَأَ يُبْدِئُ ; دَلِيلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=13إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ . وَدَلِيلُ قِرَاءَةِ الْعَامَّةِ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=29كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ . وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=27أَهْوَنُ بِمَعْنَى هَيِّنٍ ; أَيِ الْإِعَادَةُ هَيِّنٌ عَلَيْهِ ; قَالَهُ
الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ وَالْحَسَنُ . فَأَهْوَنُ بِمَعْنَى هَيِّنٍ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ . قَالَ
أَبُو عُبَيْدَةَ : وَمَنْ جَعَلَ أَهْوَنَ يُعَبِّرُ عَنْ تَفْضِيلِ شَيْءٍ عَلَى شَيْءٍ فَقَوْلُهُ مَرْدُودٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=169وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا وَبِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=255وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا . وَالْعَرَبُ تَحْمِلُ أَفْعَلَ عَلَى فَاعِلٍ ، وَمِنْهُ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=14899الْفَرَزْدَقِ :
إِنَّ الَّذِي سَمَكَ السَّمَاءَ بَنَى لَنَا بَيْتًا دَعَائِمُهُ أَعَزُّ وَأَطْوَلُ
أَيْ دَعَائِمُهُ عَزِيزَةٌ طَوِيلَةٌ . وَقَالَ آخَرُ [
مَعْنُ بْنُ أَوْسٍ ] :
لَعَمْرُكَ مَا أَدْرِي وَإِنِّي لَأَوْجَلُ عَلَى أَيِّنَا تَعْدُو الْمَنِيَّةُ أَوَّلُ
أَرَادَ : إِنِّي لَوَجِلٌ . وَأَنْشَدَ
أَبُو عُبَيْدَةَ أَيْضًا :
إِنِّي لَأَمْنَحُكَ الصُّدُودَ وَإِنَّنِي قَسَمًا إِلَيْكَ مَعَ الصُّدُودِ لَأَمْيَلُ
أَرَادَ لَمَائِلٌ . وَأَنْشَدَ
أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى :
تَمَنَّى رِجَالٌ أَنْ أَمُوتَ وَإِنْ أَمُتْ فَتِلْكَ سَبِيلٌ لَسْتُ فِيهَا بِأَوْحَدَ
أَرَادَ بِوَاحِدٍ . وَقَالَ آخَرُ :
لَعَمْرُكَ إِنَّ الزِّبْرِقَانَ لَبَاذِلٌ لِمَعْرُوفِهِ عِنْدَ السِّنِينَ وَأَفْضَلُ
أَيْ وَفَاضِلٌ . وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ : اللَّهُ أَكْبَرُ ; إِنَّمَا مَعْنَاهُ اللَّهُ الْكَبِيرُ . وَرَوَى
مَعْمَرٌ عَنْ
قَتَادَةَ قَالَ :
[ ص: 21 ] فِي قِرَاءَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ( وَهُوَ عَلَيْهِ هَيِّنٌ ) . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ وَالضَّحَّاكُ : إِنَّ الْمَعْنَى أَنَّ الْإِعَادَةَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ - أَيْ عَلَى اللَّهِ - مِنَ الْبِدَايَةِ ; أَيْ أَيْسَرُ ، وَإِنْ كَانَ جَمِيعُهُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى هَيِّنًا ; وَقَالَهُ
ابْنُ عَبَّاسٍ . وَوَجْهُهُ أَنَّ هَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِعِبَادِهِ ; يَقُولُ : إِعَادَةُ الشَّيْءِ عَلَى الْخَلَائِقِ أَهْوَنُ مِنِ ابْتِدَائِهِ ; فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْبَعْثُ لِمَنْ قَدَرَ عَلَى الْبِدَايَةِ عِنْدَكُمْ وَفِيمَا بَيْنَكُمْ أَهْوَنُ عَلَيْهِ مِنَ الْإِنْشَاءِ . وَقِيلَ : الضَّمِيرُ فِي عَلَيْهِ لِلْمَخْلُوقِينَ ; أَيْ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ ، أَيْ عَلَى الْخَلْقِ ، يُصَاحُ بِهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَيَقُومُونَ وَيُقَالُ لَهُمْ : كُونُوا فَيَكُونُونَ ; فَذَلِكَ أَهْوَنُ عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْ يَكُونُوا نُطَفًا ، ثُمَّ عَلَقًا ، ثُمَّ مُضَغًا ، ثُمَّ أَجِنَّةً ، ثُمَّ أَطْفَالًا ، ثُمَّ غِلْمَانًا ، ثُمَّ شُبَّانًا ، ثُمَّ رِجَالًا أَوْ نِسَاءً . وَقَالَهُ
ابْنُ عَبَّاسٍ وَقُطْرُبٌ . وَقِيلَ أَهْوَنُ أَسْهَلُ ; قَالَ :
وَهَانَ عَلَى أَسْمَاءٍ أَنْ شَطَّتِ النَّوَى يَحِنُّ إِلَيْهَا وَالِهٌ وَيَتُوقُ
أَيْ سَهُلَ عَلَيْهَا ، وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=27وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ قَالَ : مَا شَيْءٌ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ . عِكْرِمَةُ : تَعَجَّبَ الْكُفَّارُ مِنْ إِحْيَاءِ اللَّهِ الْمَوْتَى فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ .
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=27وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى أَيْ مَا أَرَادَهُ جَلَّ وَعَزَّ كَانَ . وَقَالَ
الْخَلِيلُ : الْمَثَلُ الصِّفَةُ ; أَيْ وَلَهُ الْوَصْفُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كَمَا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=35مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ أَيْ صِفَتُهَا . وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِي ذَلِكَ . وَعَنْ مُجَاهِدٍ :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=27الْمَثَلُ الْأَعْلَى قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهَ ; وَمَعْنَاهُ : أَيِ الَّذِي لَهُ الْوَصْفُ الْأَعْلَى ، أَيِ الْأَرْفَعُ الَّذِي هُوَ الْوَصْفُ بِالْوَحْدَانِيَّةِ . وَكَذَا قَالَ قَتَادَةُ : إِنَّ الْمَثَلَ الْأَعْلَى شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهَ ; وَيُعَضِّدُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=28ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَلَى مَا نُبَيِّنُهُ آنِفًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى . وَقَالَ
الزَّجَّاجُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=27وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَيْ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=27وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ قَدْ ضَرَبَهُ لَكُمْ مَثَلًا فِيمَا يَصْعُبُ وَيَسْهُلُ ; يُرِيدُ التَّفْسِيرَ الْأَوَّلَ . وَقَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : أَيْ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=27وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ تَقَدَّمَ .