قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=34إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير .
زعم
الفراء أن هذا معنى النفي ; أي ما يعلمه أحد إلا الله تعالى . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12940أبو جعفر النحاس : وإنما صار فيه معنى النفي والإيجاب بتوقيف الرسول صلى الله عليه وسلم على ذلك ; لأنه صلى الله عليه وسلم قال في قول الله عز وجل :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=59وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو : " إنها هذه " .
قلت : قد ذكرنا في سورة ( الأنعام ) حديث
ابن عمر في هذا ، خرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري . وفي حديث
جبريل عليه السلام قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832310أخبرني عن الساعة ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما المسئول عنها [ ص: 77 ] بأعلم من السائل ، هن خمس لا يعلمهن إلا الله تعالى : إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا " ، قال : " صدقت " . لفظ
nindex.php?page=showalam&ids=14724أبي داود الطيالسي . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود : كل شيء أوتي نبيكم صلى الله عليه وسلم غير خمس :
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=34إن الله عنده علم الساعة الآية إلى آخرها . وقال
ابن عباس : هذه الخمسة لا يعلمها إلا الله تعالى ، ولا يعلمها ملك مقرب ولا نبي مرسل ; فمن ادعى أنه يعلم شيئا من هذه فقد كفر بالقرآن ; لأنه خالفه . ثم إن
الأنبياء يعلمون كثيرا من الغيب بتعريف الله تعالى إياهم . والمراد إبطال كون الكهنة والمنجمين ومن يستسقي بالأنواء ، وقد يعرف بطول التجارب أشياء من ذكورة الحمل وأنوثته إلى غير ذلك ; حسبما تقدم ذكره في ( الأنعام ) . وقد تختلف التجربة وتنكسر العادة ويبقى العلم لله تعالى وحده . وروي أن يهوديا كان يحسب حساب النجوم ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=11لابن عباس : إن شئت نبأتك نجم ابنك ، وأنه يموت بعد عشرة أيام ، وأنت لا تموت حتى تعمى ، وأنا لا يحول علي الحول حتى أموت . قال : فأين موتك يا يهودي ؟ فقال : لا أدري . فقال
ابن عباس : صدق الله .
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=34وما تدري نفس بأي أرض تموت فرجع
ابن عباس فوجد ابنه محموما ، ومات بعد عشرة أيام . ومات اليهودي قبل الحول ، ومات
ابن عباس أعمى . قال
علي بن الحسين راوي هذا الحديث : هذا أعجب الأحاديث .
وقال
مقاتل : إن
هذه الآية نزلت في رجل من أهل البادية اسمه الوارث بن عمرو بن حارثة ، أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن امرأتي حبلى فأخبرني ماذا تلد ، وبلادنا جدبة فأخبرني متى ينزل الغيث ، وقد علمت متى ولدت فأخبرني متى أموت ، وقد علمت ما عملت اليوم فأخبرني ماذا أعمل غدا ، وأخبرني متى تقوم الساعة ؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية ; ذكره
القشيري nindex.php?page=showalam&ids=15151والماوردي . وروى
أبو المليح عن
أبي عزة الهذلي قال : قال رسول صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=864524إذا أراد الله تعالى قبض روح عبد بأرض جعل له إليها حاجة فلم ينته حتى يقدمها - ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=34إن الله عنده علم الساعة - إلى قوله - nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=34بأي أرض تموت [ ص: 78 ] ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي ، وخرجه
ابن ماجه من حديث
ابن مسعود بمعناه . وقد ذكرناه في كتاب ( التذكرة ) مستوفى . وقراءة العامة : ( وينزل ) مشددا . وقرأ
ابن كثير وأبو عمرو وحمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي مخففا . وقرأ
أبي بن كعب : ( بأية أرض ) . الباقون : ( بأي أرض ) . قال
الفراء : اكتفى بتأنيث الأرض من تأنيث أي . وقيل : أراد بالأرض المكان فذكر . قال الشاعر [
عامر بن جوين الطائي ] :
فلا مزنة ودقت ودقها ولا أرض أبقل إبقالها
وقال
الأخفش : يجوز مررت بجارية أي جارية ، وأية جارية . وشبه
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه تأنيث أي بتأنيث كل في قولهم : كلتهن .
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=34إن الله عليم خبير خبير نعت ل ( عليم ) أو خبر بعد خبر . والله تعالى أعلم .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=34إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ .
زَعَمَ
الْفَرَّاءُ أَنَّ هَذَا مَعْنَى النَّفْيِ ; أَيْ مَا يَعْلَمُهُ أَحَدٌ إِلَّا اللَّهَ تَعَالَى . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12940أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ : وَإِنَّمَا صَارَ فِيهِ مَعْنَى النَّفْيِ وَالْإِيجَابِ بِتَوْقِيفِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي قَوْلِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=59وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ : " إِنَّهَا هَذِهِ " .
قُلْتُ : قَدْ ذَكَرْنَا فِي سُورَةِ ( الْأَنْعَامِ ) حَدِيثَ
ابْنِ عُمَرَ فِي هَذَا ، خَرَّجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ . وَفِي حَدِيثِ
جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832310أَخْبِرْنِي عَنِ السَّاعَةِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا [ ص: 77 ] بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ ، هُنَّ خَمْسٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى : إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذا تَكْسِبُ غَدًا " ، قَالَ : " صَدَقْتَ " . لَفْظُ
nindex.php?page=showalam&ids=14724أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ : كُلُّ شَيْءٍ أُوتِيَ نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَ خَمْسٍ :
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=34إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ الْآيَةَ إِلَى آخِرِهَا . وَقَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : هَذِهِ الْخَمْسَةُ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى ، وَلَا يَعْلَمُهَا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَلَا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ ; فَمَنِ ادَّعَى أَنَّهُ يَعْلَمُ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ فَقَدْ كَفَرَ بِالْقُرْآنِ ; لِأَنَّهُ خَالَفَهُ . ثُمَّ إِنَّ
الْأَنْبِيَاءَ يَعْلَمُونَ كَثِيرًا مِنَ الْغَيْبِ بِتَعْرِيفِ اللَّهِ تَعَالَى إِيَّاهُمْ . وَالْمُرَادُ إِبْطَالُ كَوْنِ الْكَهَنَةِ وَالْمُنَجِّمِينَ وَمَنْ يَسْتَسْقِي بِالْأَنْوَاءِ ، وَقَدْ يَعْرِفُ بِطُولِ التَّجَارِبِ أَشْيَاءَ مِنْ ذُكُورَةِ الْحَمْلِ وَأُنُوثَتِهِ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ ; حَسْبَمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي ( الْأَنْعَامِ ) . وَقَدْ تَخْتَلِفُ التَّجْرِبَةُ وَتَنْكَسِرُ الْعَادَةُ وَيَبْقَى الْعِلْمُ لِلَّهِ تَعَالَى وَحْدَهُ . وَرُوِيَ أَنَّ يَهُودِيًّا كَانَ يَحْسُبُ حِسَابَ النُّجُومِ ، فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11لِابْنِ عَبَّاسٍ : إِنْ شِئْتَ نَبَّأْتُكَ نَجْمَ ابْنِكَ ، وَأَنَّهُ يَمُوتُ بَعْدَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ ، وَأَنْتَ لَا تَمُوتُ حَتَّى تَعْمَى ، وَأَنَا لَا يَحُولُ عَلَيَّ الْحَوْلُ حَتَّى أَمُوتَ . قَالَ : فَأَيْنَ مَوْتُكَ يَا يَهُودِيُّ ؟ فَقَالَ : لَا أَدْرِي . فَقَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : صَدَقَ اللَّهُ .
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=34وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ فَرَجَعَ
ابْنُ عَبَّاسٍ فَوَجَدَ ابْنَهُ مَحْمُومًا ، وَمَاتَ بَعْدَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ . وَمَاتَ الْيَهُودِيُّ قَبْلَ الْحَوْلِ ، وَمَاتَ
ابْنُ عَبَّاسٍ أَعْمَى . قَالَ
عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ رَاوِي هَذَا الْحَدِيثِ : هَذَا أَعْجَبُ الْأَحَادِيثِ .
وَقَالَ
مُقَاتِلٌ : إِنَّ
هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ اسْمُهُ الْوَارِثُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَارِثَةَ ، أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : إِنَّ امْرَأَتِي حُبْلَى فَأَخْبِرْنِي مَاذَا تَلِدُ ، وَبِلَادَنَا جَدْبَةٌ فَأَخْبِرْنِي مَتَى يَنْزِلُ الْغَيْثُ ، وَقَدْ عَلِمْتُ مَتَى وُلِدْتُ فَأَخْبِرْنِي مَتَى أَمُوتُ ، وَقَدْ عَلِمْتُ مَا عَمِلْتُ الْيَوْمَ فَأَخْبِرْنِي مَاذَا أَعْمَلُ غَدًا ، وَأَخْبِرْنِي مَتَى تَقُومُ السَّاعَةُ ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ ; ذَكَرَهُ
الْقُشَيْرِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=15151وَالْمَاوَرْدِيُّ . وَرَوَى
أَبُو الْمَلِيحِ عَنْ
أَبِي عَزَّةَ الْهُذَلِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=864524إِذَا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى قَبْضَ رُوحِ عَبْدٍ بِأَرْضٍ جَعَلَ لَهُ إِلَيْهَا حَاجَةً فَلَمْ يَنْتَهِ حَتَّى يَقْدُمَهَا - ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=34إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ - إِلَى قَوْلِهِ - nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=34بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ [ ص: 78 ] ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15151الْمَاوَرْدِيُّ ، وَخَرَّجَهُ
ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ بِمَعْنَاهُ . وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ ( التَّذْكِرَةِ ) مُسْتَوْفًى . وَقِرَاءَةُ الْعَامَّةِ : ( وَيُنَزِّلُ ) مُشَدَّدًا . وَقَرَأَ
ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو وَحَمْزَةُ nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ مُخَفَّفًا . وَقَرَأَ
أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ : ( بِأَيَّةِ أَرْضٍ ) . الْبَاقُونَ : ( بِأَيِّ أَرْضٍ ) . قَالَ
الْفَرَّاءُ : اكْتَفَى بِتَأْنِيثِ الْأَرْضِ مِنْ تَأْنِيثِ أَيٍّ . وَقِيلَ : أَرَادَ بِالْأَرْضِ الْمَكَانَ فَذَكَّرَ . قَالَ الشَّاعِرُ [
عَامِرُ بْنُ جُوَيْنٍ الطَّائِيُّ ] :
فَلَا مُزْنَةَ وَدَقَتْ وَدَقَهَا وَلَا أَرْضَ أَبْقَلَ إِبْقَالَهَا
وَقَالَ
الْأَخْفَشُ : يَجُوزُ مَرَرْتُ بِجَارِيَةٍ أَيِّ جَارِيَةٍ ، وَأَيَّةِ جَارِيَةٍ . وَشَبَّهَ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ تَأْنِيثَ أَيٍّ بِتَأْنِيثِ كُلٍّ فِي قَوْلِهِمْ : كُلَّتُهُنَّ .
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=34إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ خَبِيرٌ نَعْتٌ لِ ( عَلِيمٌ ) أَوْ خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ . وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .