القول في تأويل قوله تعالى:
[ 46 ]
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=46قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة إن هو إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد .
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=46قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله أي: بخصلة واحدة إن فعلتموها أصبتم الحق، وقد فسرها بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=46أن تقوموا لله مثنى وفرادى أي: قياما خالصا لله بلا محاباة
[ ص: 4966 ] ، ولا مراءاة، اثنين اثنين، وواحدا واحدا:
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=46ثم تتفكروا أي: في أمره صلى الله عليه وسلم وما جاء به من الهدى، والإصلاح، وتهذيب الأخلاق، ورفع النفس عن عبادة ما هو أحط منها من الأوثان، إلى عبادة فاطر الأرض والسماوات، واتباع الأحسن، ونبذ التقاليد، وإنزال الرؤساء إلى مصاف المرؤوسين رغبة في الإخاء والمساواة، إلى غير ذلك من
nindex.php?page=treesubj&link=28640محاسن الإسلام، وخصائصه المعروفة في الكتب المؤلفة في ذلك.
وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=46ما بصاحبكم من جنة أي: جنون. مستأنف منبه لهم على أن ما عرفوه من رجاحة عقله كاف في ترجح صدقه، فإنه لا يدعه أن يتصدى لادعاء أمر خطير، وخطب عظيم من غير تحقيق وثوق ببرهان. فيفتضح على رؤوس الأشهاد، ويلقي نفسه إلى الهلاك، فكيف وقد انضم إليه معجزات كثيرة؟ وجوز كون الجملة معلقا عنها; لقول
ابن مالك : إن ( تفكر) يعلق حملا على أفعال القلوب، والتعبير عنه صلى الله عليه وسلم بـ: (صاحبهم); للإيماء أن حاله معروف مشهور بينهم، لأنه نشأ بين أظهرهم معروفا بقوة العقل، ورزانة الحلم وسداد القول والفعل
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=46إن هو إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد وهو عذاب الآخرة والمآل.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى:
[ 46 ]
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=46قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ .
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=46قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ أَيْ: بِخَصْلَةٍ وَاحِدَةٍ إِنْ فَعَلْتُمُوهَا أَصَبْتُمُ اَلْحَقَّ، وَقَدْ فَسَّرَهَا بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=46أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى أَيْ: قِيَامًا خَالِصًا لِلَّهِ بِلَا مُحَابَاةٍ
[ ص: 4966 ] ، وَلَا مُرَاءَاةٍ، اِثْنَيْنِ اِثْنَيْنِ، وَوَاحِدًا وَاحِدًا:
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=46ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا أَيْ: فِي أَمْرِهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا جَاءَ بِهِ مِنَ اَلْهُدَى، وَالْإِصْلَاحِ، وَتَهْذِيبِ اَلْأَخْلَاقِ، وَرَفْعِ اَلنَّفْسِ عَنْ عِبَادَةِ مَا هُوَ أَحَطُّ مِنْهَا مِنَ اَلْأَوْثَانِ، إِلَى عِبَادَةِ فَاطِرِ اَلْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتِ، وَاتِّبَاعِ اَلْأَحْسَنِ، وَنَبْذِ اَلتَّقَالِيدِ، وَإِنْزَالِ اَلرُّؤَسَاءِ إِلَى مَصَافِّ اَلْمَرْؤُوسِينَ رَغْبَةً فِي اَلْإِخَاءِ وَالْمُسَاوَاةِ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=28640مَحَاسِنِ اَلْإِسْلَامِ، وَخَصَائِصِهِ اَلْمَعْرُوفَةِ فِي اَلْكُتُبِ اَلْمُؤَلَّفَةِ فِي ذَلِكَ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=46مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ أَيْ: جُنُونٍ. مُسْتَأْنَفٌ مُنَبِّهٌ لَهُمْ عَلَى أَنَّ مَا عَرَفُوهُ مِنْ رَجَاحَةِ عَقْلِهِ كَافٍ فِي تَرَجُّحِ صِدْقِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَدَعُهُ أَنْ يَتَصَدَّى لِادِّعَاءِ أَمْرٍ خَطِيرٍ، وَخَطْبٍ عَظِيمٍ مِنْ غَيْرِ تَحْقِيقِ وُثُوقٍ بِبُرْهَانٍ. فَيَفْتَضِحَ عَلَى رُؤُوسِ اَلْأَشْهَادِ، وَيُلْقِيَ نَفْسَهُ إِلَى اَلْهَلَاكِ، فَكَيْفَ وَقَدِ اِنْضَمَّ إِلَيْهِ مُعْجِزَاتٌ كَثِيرَةٌ؟ وَجُوِّزَ كَوْنُ اَلْجُمْلَةِ مُعَلَّقًا عَنْهَا; لِقَوْلِ
اِبْنِ مَالِكٍ : إِنَّ ( تَفَكَّرَ) يُعَلَّقُ حَمْلًا عَلَى أَفْعَالِ اَلْقُلُوبِ، وَالتَّعْبِيرُ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بـِ: (صَاحِبِهِمْ); لِلْإِيمَاءِ أَنَّ حَالَهُ مَعْرُوفٌ مَشْهُورٌ بَيْنَهُمْ، لِأَنَّهُ نَشَأَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ مَعْرُوفًا بِقُوَّةِ اَلْعَقْلِ، وَرَزَانَةِ اَلْحِلْمِ وَسَدَادِ اَلْقَوْلِ وَالْفِعْلِ
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=46إِنْ هُوَ إِلا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ وَهُوَ عَذَابُ اَلْآخِرَةِ وَالْمَآلُ.