nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=21nindex.php?page=treesubj&link=29004_28750لقد كان لكم في رسول الله إسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا .
بعد توبيخ المنافقين والذين في قلوبهم مرض أقبل الكلام على خطاب المؤمنين في عموم جماعتهم ثناء على ثباتهم وتأسيهم بالرسول - صلى الله عليه وسلم - على تفاوت درجاتهم في ذلك الائتساء ، فالكلام خبر ولكن اقترانه بحرفي التوكيد في لقد يومئ إلى تعريض بالتوبيخ للذين لم ينتفعوا بالإسوة الحسنة من المنافقين والذين في قلوبهم مرض فلذلك أتي بالضمير مجملا ابتداء من قوله لكم ، ثم فصل بالبدل منه بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=21لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا ، أي بخلاف لمن لم يكن كأولئك ، فاللام في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=21لمن كان يرجو الله توكيد للام التي في المبدل منه مثل قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=114تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا ، فمعنى هذه الآية قريب من معنى قوله تعالى في سورة براءة في قصة
تبوك :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=87رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون لكن الرسول والذين آمنوا معه جاهدوا بأموالهم الآية .
والإسوة بكسر الهمزة وضمها اسم لما يؤتسى به ، أي يقتدى به ويعمل مثل عمله . وحق الأسوة أن يكون المؤتسى به هو القدوة ولذلك فحرف في جاء على
[ ص: 303 ] أسلوب ما يسمى بالتجريد المفيد للمبالغة إذ يجرد من الموصوف بصفة موصوف مثله ليكون كذاتين ، كقول
أبي خالد الخارجي :
وفي الرحمن للضعفاء كاف
أي الرحمن كاف . فالأصل : رسول الله إسوة ، فقيل : في رسول الله إسوة . وجعل متعلق الائتساء ذات الرسول - صلى الله عليه وسلم - دون وصف خاص ليشمل الائتساء به في أقواله بامتثال أوامره واجتناب ما ينهى عنه ، والائتساء بأفعاله من الصبر والشجاعة والثبات .
وقرأ الجمهور ( إسوة ) بكسر الهمزة . وقرأ
عاصم بضم الهمزة وهما لغتان .
و
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=21لمن كان يرجو الله بدل من الضمير في لكم بدل بعض من كل أو شبه الاشتمال لأن المخاطبين بضمير لكم يشتملون على من يرجون الله واليوم الآخر ، أو هو بدل مطابق إن كان المراد بضمير لكم خصوص المؤمنين ، وفي إعادة اللام في البدل تكثير للمعاني المذكورة بكثرة الاحتمالات وكل يأخذ حظه منها .
فالذين ائتسوا بالرسول - صلى الله عليه وسلم - يومئذ ثبت لهم أنهم ممن يرجون الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا . وفيه تعريض بفريق من الذين صدهم عن الائتساء به ممن كانوا منافقين أو في قلوبهم مرض من الشك في الدين .
وفي الآية دلالة على
nindex.php?page=treesubj&link=21404_28750فضل الاقتداء بالنبيء - صلى الله عليه وسلم - وأنه الإسوة الحسنة لا محالة ولكن ليس فيها تفصيل وتحديد لمراتب الائتساء والواجب منه والمستحب ، وتفصيله في أصول الفقه . واصطلاح أهل الأصول على جعل التأسي لقبا لاتباع الرسول في أعماله التي لم يطالب بها الأمة على وجه التشريع . وذكر
القرطبي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14231الخطيب البغدادي أنه روي عن
عقبة بن حسان الهجري عن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بن أنس عن
نافع عن ابن عمر
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=21لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة قال : في جوع النبيء - صلى الله عليه وسلم - .
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=21nindex.php?page=treesubj&link=29004_28750لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ إِسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا .
بَعْدَ تَوْبِيخِ الْمُنَافِقِينَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَقْبَلَ الْكَلَامُ عَلَى خِطَابِ الْمُؤْمِنِينَ فِي عُمُومِ جَمَاعَتِهِمْ ثَنَاءً عَلَى ثَبَاتِهِمْ وَتَأَسِّيهِمْ بِالرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى تَفَاوُتِ دَرَجَاتِهِمْ فِي ذَلِكَ الِائْتِسَاءِ ، فَالْكَلَامُ خَبَرٌ وَلَكِنَّ اقْتِرَانَهُ بِحَرْفَيِ التَّوْكِيدِ فِي لَقَدْ يُومِئُ إِلَى تَعْرِيضٍ بِالتَّوْبِيخِ لِلَّذِينَ لَمْ يَنْتَفِعُوا بِالْإِسْوَةِ الْحَسَنَةِ مِنَ الْمُنَافِقِينَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَلِذَلِكَ أُتِيَ بِالضَّمِيرِ مُجْمَلًا ابْتِدَاءً مِنْ قَوْلِهِ لَكُمْ ، ثُمَّ فُصِّلَ بِالْبَدَلِ مِنْهُ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=21لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ، أَيْ بِخِلَافٍ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ كَأُولَئِكَ ، فَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=21لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ تَوْكِيدٌ لِلَّامِ الَّتِي فِي الْمُبْدَلِ مِنْهُ مِثْلَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=114تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا ، فَمَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ قَرِيبٌ مِنْ مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ بَرَاءَةٌ فِي قِصَّةِ
تَبُوكَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=87رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ الْآيَةَ .
وَالْإِسْوَةُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّهَا اسْمٌ لِمَا يُؤْتَسَى بِهِ ، أَيْ يُقْتَدَى بِهِ وَيُعْمَلُ مِثْلُ عَمَلِهِ . وَحَقُّ الْأُسْوَةِ أَنْ يَكُونَ الْمُؤْتَسَى بِهِ هُوَ الْقُدْوَةُ وَلِذَلِكَ فَحَرْفُ فِي جَاءَ عَلَى
[ ص: 303 ] أُسْلُوبِ مَا يُسَمَّى بِالتَّجْرِيدِ الْمُفِيدِ لِلْمُبَالَغَةِ إِذْ يُجَرَّدُ مِنَ الْمَوْصُوفِ بِصِفَةِ مَوْصُوفٍ مِثْلِهِ لِيَكُونَ كَذَاتَيْنِ ، كَقَوْلِ
أَبِي خَالِدٍ الْخَارِجِيِّ :
وَفِي الرَّحْمَنِ لِلضُّعَفَاءِ كَافِ
أَيِ الرَّحْمَنُ كَافٍ . فَالْأَصْلُ : رَسُولُ اللَّهِ إِسْوَةٌ ، فَقِيلَ : فِي رَسُولِ اللَّهِ إِسْوَةٌ . وَجُعِلَ مُتَعَلِّقُ الِائْتِسَاءِ ذَاتَ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دُونَ وَصْفٍ خَاصٍّ لِيَشْمَلَ الِائْتِسَاءَ بِهِ فِي أَقْوَالِهِ بِامْتِثَالِ أَوَامِرِهِ وَاجْتِنَابِ مَا يُنْهَى عَنْهُ ، وَالِائْتِسَاءَ بِأَفْعَالِهِ مِنَ الصَّبْرِ وَالشَّجَاعَةِ وَالثَّبَاتِ .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ ( إِسْوَةٌ ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ . وَقَرَأَ
عَاصِمٌ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَهُمَا لُغَتَانِ .
وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=21لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ بَدَلٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي لَكُمْ بَدَلَ بَعْضٍ مِنْ كُلٍّ أَوْ شِبْهَ الِاشْتِمَالِ لِأَنَّ الْمُخَاطَبِينَ بِضَمِيرِ لَكُمْ يَشْتَمِلُونَ عَلَى مَنْ يَرْجُونَ اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ ، أَوْ هُوَ بَدَلٌ مُطَابِقٌ إِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِضَمِيرِ لَكُمْ خُصُوصُ الْمُؤْمِنِينَ ، وَفِي إِعَادَةِ اللَّامِ فِي الْبَدَلِ تَكْثِيرٌ لِلْمَعَانِي الْمَذْكُورَةِ بِكَثْرَةِ الِاحْتِمَالَاتِ وَكُلٌّ يَأْخُذُ حَظَّهُ مِنْهَا .
فَالَّذِينَ ائْتَسَوْا بِالرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَئِذٍ ثَبَتَ لَهُمْ أَنَّهُمْ مِمَّنْ يَرْجُونَ اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا . وَفِيهِ تَعْرِيضٌ بِفَرِيقٍ مِنَ الَّذِينَ صَدَّهُمْ عَنِ الِائْتِسَاءِ بِهِ مِمَّنْ كَانُوا مُنَافِقِينَ أَوْ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مِنَ الشَّكِّ فِي الدِّينِ .
وَفِي الْآيَةِ دَلَالَةٌ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=21404_28750فَضْلِ الِاقْتِدَاءِ بِالنَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَّهُ الْإِسْوَةُ الْحَسَنَةُ لَا مَحَالَةَ وَلَكِنْ لَيْسَ فِيهَا تَفْصِيلٌ وَتَحْدِيدٌ لِمَرَاتِبِ الِائْتِسَاءِ وَالْوَاجِبِ مِنْهُ وَالْمُسْتَحَبِّ ، وَتَفْصِيلُهُ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ . وَاصْطِلَاحُ أَهْلِ الْأُصُولِ عَلَى جَعْلِ التَّأَسِّي لَقَبًا لِاتِّبَاعِ الرَّسُولِ فِي أَعْمَالِهِ الَّتِي لَمْ يُطَالِبْ بِهَا الْأُمَّةَ عَلَى وَجْهِ التَّشْرِيعِ . وَذَكَرَ
الْقُرْطُبِيُّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14231الْخَطِيبِ الْبَغْدَادِيِّ أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ
عُقْبَةَ بْنِ حَسَّانَ الْهَجَرِيِّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ
نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=21لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ قَالَ : فِي جُوعِ النَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .