nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=30nindex.php?page=treesubj&link=29004يا نساء النبيء من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين وكان ذلك على الله يسيرا .
nindex.php?page=treesubj&link=23662تولى الله خطابهن بعد أن أمر رسوله بتخييرهن فخيرهن فاخترن الله ورسوله والدار الآخرة فخاطبهن ربهن خطابا لأنهن أصبحن على عهد مع الله تعالى : " أن يؤتيهن أجرا عظيما " . وقد سماه
عمر عهدا فإنه كان كثيرا ما يقرأ في صلاة الصبح سورة الأحزاب فإذا بلغ هذه الآية رفع بها صوته فقيل له في ذلك فقال ( أذكرهن العهد ) ، ولما كان الأجر الموعود منوطا بالإحسان أريد تحذيرهن من المعاصي بلوغا بهن إلى مرتبة الملكية مبالغة في التحذير إذ جعل عذاب المعصية على فرض أن تأتيها إحداهن عذابا مضاعفا .
ونداؤهن للاهتمام بما سيلقى إليهن .
وناداهن بوصف ( نساء النبيء ) ليعلمن أن ما سيلقى إليهن خبر يناسب علو أقدارهن . والنساء هنا مراد به الحلائل ، وتقدم في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=61ونساءنا ونساءكم في سورة آل عمران .
وقرأ الجمهور ( يأت ) بتحتية في أوله مراعاة لمدلول ( من ) الشرطية لأن مدلولها شيء فأصله عدم التأنيث . وقرأه
يعقوب ( من تأت ) بفوقية في أوله مراعاة لماصدق ( من ) أي إحدى النساء .
وقرأ الجمهور ( يضاعف ) بتحتية في أوله للغائب وفتح العين مبنيا للنائب
[ ص: 319 ] ورفع ( العذاب ) على أنه نائب فاعل . وقرأه
ابن كثير وابن عامر ( نضعف ) بنون العظمة وبتشديد العين مكسورة ونصب ( العذاب ) على المفعولية ، فيكون إظهار اسم الجلالة في قوله بعده
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=30وكان ذلك على الله يسيرا إظهارا في مقام الإضمار . وقرأه
أبو عمرو ويعقوب ( يضعف ) بتحتية للغائب وتشديد العين مفتوحة . ومفاد هذه القراءات متحد المعنى على التحقيق .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري عن
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبي عمرو بن العلاء وعن
nindex.php?page=showalam&ids=12078أبي عبيدة معمر بن المثنى أن بين ( ضاعف وضعف ) فرقا ، فأما ( ضاعف ) فيفيد جعل الشيء مثليه فتصير ثلاثة أعذبة وأما ( ضعف ) المشدد فيفيد جعل الشيء مثله . قال
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري : وهذا التفريق لا نعلم أحدا من أهل العلم ادعاه غيرهما .
وصيغة التثنية في قوله ضعفين مستعملة في إرادة الكثرة كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=4ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير لظهور أن البصر لا يرجع خاسئا وحسيرا من تكرر النظر مرتين ، والتثنية ترد في كلام العرب كناية عن التكرير ، كقولهم : لبيك وسعديك ، وقولهم : دواليك ، ولذلك لا نشتغل بتحديد المضاعفة المرادة في الآية بأنها تضعيف مرة واحدة بحيث يكون هذا العذاب بمقدار ما هو لأمثال الفاحشة مرتين أو بمقدار ذلك ثلاث مرات وذلك ما لم يشتغل به أحد من المفسرين ، وما إعراضهم عنه إلا لأن أفهامهم سبقت إلى الاستعمال المشهور في الكلام ، فما روي عن
أبي عمرو وأبي عبيدة لا يلتفت إليه .
والفاحشة : المعصية قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=33قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن وكلما وردت الفاحشة في القرآن نكرة فهي المعصية وإذا وردت معرفة فهي الزنا ونحوه .
والمبينة : بصيغة اسم الفاعل مبالغة في بيان كونها فاحشة ووضوحه حتى كأنها تبين نفسها وكذلك قرأها الجمهور . وقرأ
ابن كثير وأبو بكر بفتح الياء ، أي يبينها فاعلها .
والمضاعفة : تكرير شيء ذي مقدار بمثل مقداره .
[ ص: 320 ] والضعف : مماثل عدد ما . وتقدم في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=38فآتهم عذابا ضعفا من النار في سورة الأعراف .
ومعنى مضاعفة العذاب : أنه يكون ضعف عذاب أمثال تلك المعصية إذا صدرت من غيرهن ، وهو ضعف في القوة وفي المدة ، وأريد عذاب الآخرة .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=30وكان ذلك على الله يسيرا معترضة ، وتقدم القول في نظيرها آنفا . والمعنى : أن الله يحقق وعيده ولا يمنعه من ذلك أنها زوجة نبيء ، قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=10كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين إلى قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=10فلم يغنيا عنهما من الله شيئا .
والتعريف في العذاب تعريف العهد ، أي العذاب الذي جعله الله للفاحشة .
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=30nindex.php?page=treesubj&link=29004يَا نِسَاءَ النَّبِيءِ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا .
nindex.php?page=treesubj&link=23662تَوَلَّى اللَّهُ خِطَابَهُنَّ بَعْدَ أَنْ أَمَرَ رَسُولَهُ بِتَخْيِيرِهِنَّ فَخَيَّرَهُنَّ فَاخْتَرْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَخَاطَبَهُنَّ رَبُّهُنَّ خِطَابًا لِأَنَّهُنَّ أَصْبَحْنَ عَلَى عَهْدٍ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى : " أَنْ يُؤْتِيَهُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا " . وَقَدْ سَمَّاهُ
عُمَرُ عَهْدًا فَإِنَّهُ كَانَ كَثِيرًا مَا يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ سُورَةَ الْأَحْزَابِ فَإِذَا بَلَغَ هَذِهِ الْآيَةَ رَفَعَ بِهَا صَوْتَهُ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ ( أُذَكِّرُهُنَّ الْعَهْدَ ) ، وَلَمَّا كَانَ الْأَجْرُ الْمَوْعُودُ مَنُوطًا بِالْإِحْسَانِ أُرِيدَ تَحْذِيرُهُنَّ مِنَ الْمَعَاصِي بُلُوغًا بِهِنَّ إِلَى مَرْتَبَةِ الْمَلَكِيَّةِ مُبَالَغَةً فِي التَّحْذِيرِ إِذْ جُعِلَ عَذَابُ الْمَعْصِيَةِ عَلَى فَرْضِ أَنْ تَأْتِيَهَا إِحْدَاهُنَّ عَذَابًا مُضَاعَفًا .
وَنِدَاؤُهُنَّ لِلِاهْتِمَامِ بِمَا سَيُلْقَى إِلَيْهِنَّ .
وَنَادَاهُنَّ بِوَصْفِ ( نِسَاءَ النَّبِيءِ ) لِيَعْلَمْنَ أَنَّ مَا سَيُلْقَى إِلَيْهِنَّ خَبَرٌ يُنَاسِبُ عُلُوَّ أَقْدَارِهِنَّ . وَالنِّسَاءُ هَنَا مُرَادٌ بِهِ الْحَلَائِلُ ، وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=61وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ ( يَأْتِ ) بِتَحْتِيَّةٍ فِي أَوَّلِهِ مُرَاعَاةً لِمَدْلُولِ ( مَنِ ) الشَّرْطِيَّةِ لِأَنَّ مَدْلُولَهَا شَيْءٌ فَأَصْلُهُ عَدَمُ التَّأْنِيثِ . وَقَرَأَهُ
يَعْقُوبُ ( مَنْ تَأْتِ ) بِفَوْقِيَّةٍ فِي أَوَّلِهِ مُرَاعَاةً لِمَاصَدَقَ ( مَنْ ) أَيْ إِحْدَى النِّسَاءِ .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ ( يُضَاعَفْ ) بِتَحْتِيَّةٍ فِي أَوَّلِهِ لِلْغَائِبِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ مَبْنِيًّا لِلنَّائِبِ
[ ص: 319 ] وَرَفْعُ ( الْعَذَابُ ) عَلَى أَنَّهُ نَائِبُ فَاعِلٍ . وَقَرَأَهُ
ابْنُ كَثِيرٍ وَابْنُ عَامِرٍ ( نُضَعِّفْ ) بِنُونِ الْعَظَمَةِ وَبِتَشْدِيدِ الْعَيْنِ مَكْسُورَةً وَنُصِبَ ( الْعَذَابَ ) عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ ، فَيَكُونُ إِظْهَارُ اسْمِ الْجَلَالَةِ فِي قَوْلِهِ بَعْدَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=30وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا إِظْهَارًا فِي مَقَامِ الْإِضْمَارِ . وَقَرَأَهُ
أَبُو عُمَرٍو وَيَعْقُوبُ ( يُضَعَّفْ ) بِتَحْتِيَّةٍ لِلْغَائِبِ وَتَشْدِيدِ الْعَيْنِ مَفْتُوحَةً . وَمُفَادُ هَذِهِ الْقِرَاءَاتِ مُتَّحِدُ الْمَعْنَى عَلَى التَّحْقِيقِ .
وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرَيُّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12114أَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12078أَبِي عُبَيْدَةَ مَعْمَرِ بْنِ الْمُثَنَّى أَنَّ بَيْنَ ( ضَاعَفَ وَضَعَّفَ ) فَرْقًا ، فَأَمَّا ( ضَاعَفَ ) فَيُفِيدُ جَعْلَ الشَّيْءِ مِثْلَيْهِ فَتَصِيرُ ثَلَاثَةَ أَعْذِبَةٍ وَأَمَّا ( ضَعَّفَ ) الْمُشَدَّدُ فَيُفِيدُ جَعْلَ الشَّيْءِ مِثْلَهُ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ : وَهَذَا التَّفْرِيقُ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ ادَّعَاهُ غَيْرُهُمَا .
وَصِيغَةُ التَّثْنِيَةِ فِي قَوْلِهِ ضِعْفَيْنِ مُسْتَعْمَلَةٌ فِي إِرَادَةِ الْكَثْرَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=4ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ لِظُهُورِ أَنَّ الْبَصَرَ لَا يَرْجِعُ خَاسِئًا وَحَسِيرًا مِنْ تَكَرُّرِ النَّظَرِ مَرَّتَيْنِ ، وَالتَّثْنِيَةُ تَرِدُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ كِنَايَةً عَنِ التَّكْرِيرِ ، كَقَوْلِهِمْ : لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ ، وَقَوْلِهِمْ : دَوَالَيْكَ ، وَلِذَلِكَ لَا نَشْتَغِلُ بِتَحْدِيدِ الْمُضَاعَفَةِ الْمُرَادَةِ فِي الْآيَةِ بِأَنَّهَا تَضْعِيفٌ مَرَّةً وَاحِدَةً بِحَيْثُ يَكُونُ هَذَا الْعَذَابُ بِمِقْدَارِ مَا هُوَ لِأَمْثَالِ الْفَاحِشَةِ مَرَّتَيْنِ أَوْ بِمِقْدَارِ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَذَلِكَ مَا لَمْ يَشْتَغِلْ بِهِ أَحَدٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ ، وَمَا إِعْرَاضُهُمْ عَنْهُ إِلَّا لِأَنَّ أَفْهَامَهُمْ سَبَقَتْ إِلَى الِاسْتِعْمَالِ الْمَشْهُورِ فِي الْكَلَامِ ، فَمَا رُوِيَ عَنْ
أَبِي عَمْرٍو وَأَبِي عُبَيْدَةَ لَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ .
وَالْفَاحِشَةُ : الْمَعْصِيَةُ قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=33قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَكُلَّمَا وَرَدَتِ الْفَاحِشَةُ فِي الْقُرْآنِ نَكِرَةً فَهِيَ الْمَعْصِيَةُ وَإِذَا وَرَدَتْ مَعْرِفَةً فَهِيَ الزِّنَا وَنَحْوُهُ .
وَالْمُبَيِّنَةُ : بِصِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ مُبَالَغَةٌ فِي بَيَانِ كَوْنِهَا فَاحِشَةً وَوُضُوحِهِ حَتَّى كَأَنَّهَا تُبَيِّنُ نَفْسَهَا وَكَذَلِكَ قَرَأَهَا الْجُمْهُورُ . وَقَرَأَ
ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو بَكْرٍ بِفَتْحِ الْيَاءِ ، أَيْ يُبَيِّنُهَا فَاعِلُهَا .
وَالْمُضَاعَفَةُ : تَكْرِيرُ شَيْءٍ ذِي مِقْدَارٍ بِمِثْلِ مِقْدَارِهِ .
[ ص: 320 ] وَالضِّعْفُ : مُمَاثِلُ عَدَدٍ مَا . وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=38فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ .
وَمَعْنَى مُضَاعَفَةِ الْعَذَابِ : أَنَّهُ يَكُونُ ضِعْفَ عَذَابِ أَمْثَالِ تِلْكَ الْمَعْصِيَةِ إِذَا صَدَرَتْ مِنْ غَيْرِهِنَّ ، وَهُوَ ضِعْفٌ فِي الْقُوَّةِ وَفِي الْمُدَّةِ ، وَأُرِيدَ عَذَابُ الْآخِرَةِ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=30وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا مُعْتَرِضَةٌ ، وَتَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي نَظِيرِهَا آنِفًا . وَالْمَعْنَى : أَنَّ اللَّهَ يُحَقِّقُ وَعِيدَهُ وَلَا يَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهَا زَوْجَةُ نَبِيءٍ ، قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=10كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ إِلَى قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=10فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا .
وَالتَّعْرِيفُ فِي الْعَذَابِ تَعْرِيفُ الْعَهْدِ ، أَيِ الْعَذَابُ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ لِلْفَاحِشَةِ .