[ ص: 293 ] قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=9والله الذي أرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه إلى بلد ميت فأحيينا به الأرض بعد موتها كذلك النشور .
nindex.php?page=treesubj&link=29006قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=9والله الذي أرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه إلى بلد ميت ميت وميت واحد ، وكذا ميتة وميتة ; هذا قول الحذاق من النحويين . وقال
محمد بن يزيد : هذا قول البصريين ، ولم يستثن أحدا ، واستدل على ذلك بدلائل قاطعة . وأنشد :
ليس من مات فاستراح بميت إنما الميت ميت الأحياء إنما الميت من يعيش كئيبا
كاسفا باله قليل الرجاء
قال : فهل ترى بين ميت وميت فرقا ، وأنشد :
هينون لينون أيسار بنو يسر سواس مكرمة أبناء أيسار
قال : فقد أجمعوا على أن هينون ولينون واحد ، وكذا ميت وميت ، وسيد وسيد . قال : فسقناه بعد أن قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=9والله الذي أرسل الرياح وهو من باب تلوين الخطاب . وقال
أبو عبيدة : سبيله ( فتسوقه ) ، لأنه قال : فتثير سحابا .
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : فإن قلت : لم جاء فتثير على المضارعة دون ما قبله وما بعده ؟ قلت : لتحكي الحال التي تقع فيها إثارة الرياح السحاب ، وتستحضر تلك الصورة البديعة الدالة على القدرة الربانية ; وهكذا يفعلون بفعل فيه نوع تمييز وخصوصية بحال تستغرب ، أو تهم المخاطب أو غير ذلك ; كما قال تأبط شرا :
بأني قد لقيت الغول تهوي بسهب كالصحيفة صحصحان
فأضربها بلا دهش فخرت صريعا لليدين وللجران
لأنه قصد أن يصور لقومه الحالة التي تشجع فيها بزعمه على ضرب الغول ، كأنه يبصرهم إياها ، ويطلعهم على كنهها مشاهدة للتعجب من جرأته على كل هول ، وثباته عند كل شدة وكذلك سوق السحاب إلى البلد الميت ، لما كانا من الدلائل على القدرة الباهرة قيل : ( فسقنا ) و ( أحيينا ) معدولا بهما عن لفظة الغيبة إلى ما هو أدخل في الاختصاص وأدل عليه . وقراءة
[ ص: 294 ] العامة ( الرياح ) . وقرأ
ابن محيصن وابن كثير nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش ويحيى وحمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي ( الريح ) توحيدا . وقد مضى بيان هذه الآية والكلام فيها مستوفى . " كذلك النشور " أي كذلك تحيون بعدما متم ; من نشر الإنسان نشورا . فالكاف في محل الرفع ; أي مثل إحياء الأموات نشر الأموات .
nindex.php?page=hadith&LINKID=832426وعن أبي رزين العقيلي قال : قلت يا رسول الله ، nindex.php?page=treesubj&link=30337كيف يحيي الله الموتى ، وما آية ذلك في خلقه ؟ قال : أما مررت بوادي أهلك ممحلا ثم مررت به يهتز خضرا ؟ قلت : نعم يا رسول الله . قال فكذلك يحيي الله الموتى وتلك آيته في خلقه وقد ذكرنا هذا الخبر في ( الأعراف ) وغيرها .
[ ص: 293 ] قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=9وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ .
nindex.php?page=treesubj&link=29006قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=9وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ مَيِّتٌ وَمَيْتٌ وَاحِدٌ ، وَكَذَا مَيِّتَةٌ وَمَيْتَةٌ ; هَذَا قَوْلُ الْحُذَّاقِ مِنَ النَّحْوِيِّينَ . وَقَالَ
مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ : هَذَا قَوْلُ الْبَصْرِيِّينَ ، وَلَمْ يَسْتَثْنِ أَحَدًا ، وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِدَلَائِلَ قَاطِعَةٍ . وَأَنْشَدَ :
لَيْسَ مَنْ مَاتَ فَاسْتَرَاحَ بِمَيْتٍ إِنَّمَا الْمَيْتُ مَيِّتُ الْأَحْيَاءِ إِنَّمَا الْمَيْتُ مَنْ يَعِيشُ كَئِيبًا
كَاسِفًا بَالُهُ قَلِيلَ الرَّجَاءِ
قَالَ : فَهَلْ تَرَى بَيْنَ مَيِّتٍ وَمَيْتٍ فَرْقًا ، وَأَنْشَدَ :
هَيْنُونَ لَيْنُونَ أَيْسَارٌ بَنُو يَسَرٍ سُوَّاسُ مَكْرُمَةٍ أَبْنَاءُ أَيْسَارِ
قَالَ : فَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ هَيْنُونَ وَلَيْنُونَ وَاحِدٌ ، وَكَذَا مَيِّتٌ وَمَيْتٌ ، وَسَيِّدٌ وَسَيْدٌ . قَالَ : فَسُقْنَاهُ بَعْدَ أَنْ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=9وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ وَهُوَ مِنْ بَابِ تَلْوِينِ الْخِطَابِ . وَقَالَ
أَبُو عُبَيْدَةَ : سَبِيلُهُ ( فَتَسُوقُهُ ) ، لِأَنَّهُ قَالَ : فَتُثِيرُ سَحَابًا .
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : فَإِنْ قُلْتَ : لِمَ جَاءَ فَتُثِيرُ عَلَى الْمُضَارَعَةِ دُونَ مَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ ؟ قُلْتُ : لِتَحْكِيَ الْحَالَ الَّتِي تَقَعُ فِيهَا إِثَارَةُ الرِّيَاحِ السَّحَابَ ، وَتَسْتَحْضِرُ تِلْكَ الصُّورَةَ الْبَدِيعَةَ الدَّالَّةَ عَلَى الْقُدْرَةِ الرَّبَّانِيَّةِ ; وَهَكَذَا يَفْعَلُونَ بِفِعْلٍ فِيهِ نَوْعُ تَمْيِيزٍ وَخُصُوصِيَّةٍ بِحَالٍ تُسْتَغْرَبُ ، أَوْ تُهِمُّ الْمُخَاطَبَ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ ; كَمَا قَالَ تَأَبَّطَ شَرًّا :
بِأَنِّي قَدْ لَقِيتُ الْغُولَ تَهْوِي بِسَهْبٍ كَالصَّحِيفَةِ صَحْصَحَانِ
فَأَضْرِبُهَا بِلَا دَهَشٍ فَخَرَّتْ صَرِيعًا لِلْيَدَيْنِ وَلِلْجِرَانِ
لِأَنَّهُ قَصَدَ أَنْ يُصَوِّرَ لِقَوْمِهِ الْحَالَةَ الَّتِي تَشَجَّعَ فِيهَا بِزَعْمِهِ عَلَى ضَرْبِ الْغُولِ ، كَأَنَّهُ يُبَصِّرُهُمْ إِيَّاهَا ، وَيُطْلِعُهُمْ عَلَى كُنْهِهَا مُشَاهَدَةً لِلتَّعَجُّبِ مِنْ جُرْأَتِهِ عَلَى كُلِّ هَوْلٍ ، وَثَبَاتِهِ عِنْدَ كُلِّ شِدَّةٍ وَكَذَلِكَ سَوْقُ السَّحَابِ إِلَى الْبَلَدِ الْمَيِّتِ ، لَمَّا كَانَا مِنَ الدَّلَائِلِ عَلَى الْقُدْرَةِ الْبَاهِرَةِ قِيلَ : ( فَسُقْنَا ) وَ ( أَحْيَيْنَا ) مَعْدُولًا بِهِمَا عَنْ لَفْظَةِ الْغَيْبَةِ إِلَى مَا هُوَ أَدْخَلُ فِي الِاخْتِصَاصِ وَأَدَلُّ عَلَيْهِ . وَقِرَاءَةُ
[ ص: 294 ] الْعَامَّةِ ( الرِّيَاحَ ) . وَقَرَأَ
ابْنُ مُحَيْصِنٍ وَابْنُ كَثِيرٍ nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالْأَعْمَشُ وَيَحْيَى وَحَمْزَةُ nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ ( الرِّيحَ ) تَوْحِيدًا . وَقَدْ مَضَى بَيَانُ هَذِهِ الْآيَةِ وَالْكَلَامُ فِيهَا مُسْتَوْفًى . " كَذَلِكَ النُّشُورُ " أَيْ كَذَلِكَ تَحْيَوْنَ بَعْدَمَا مُتُّمْ ; مِنْ نَشْرِ الْإِنْسَانِ نُشُورًا . فَالْكَافُ فِي مَحَلِّ الرَّفْعِ ; أَيْ مِثْلُ إِحْيَاءِ الْأَمْوَاتِ نَشْرُ الْأَمْوَاتِ .
nindex.php?page=hadith&LINKID=832426وَعَنْ أَبِي رَزِينٍ الْعُقَيْلِيِّ قَالَ : قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، nindex.php?page=treesubj&link=30337كَيْفَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى ، وَمَا آيَةُ ذَلِكَ فِي خَلْقِهِ ؟ قَالَ : أَمَا مَرَرْتَ بِوَادِي أَهْلِكَ مُمْحِلًا ثُمَّ مَرَرْتَ بِهِ يَهْتَزُّ خَضِرًا ؟ قُلْتُ : نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ فَكَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَتِلْكَ آيَتُهُ فِي خَلْقِهِ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْخَبَرَ فِي ( الْأَعْرَافِ ) وَغَيْرِهَا .