[ ص: 29 ] قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=39والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم .
فيه ثلاث مسائل : والقمر يكون تقديره : وآية لهم القمر . ويجوز أن يكون " والقمر " مرفوعا بالابتداء . وقرأ الكوفيون " والقمر " بالنصب على إضمار فعل ، وهو اختيار
أبي عبيد . قال : لأن قبله فعلا وبعده فعلا ، قبله " نسلخ " وبعده " قدرناه " .
النحاس : وأهل العربية جميعا فيما علمت على خلاف ما قال : منهم
الفراء قال : الرفع أعجب إلي ، وإنما كان الرفع عندهم أولى ; لأنه معطوف على ما قبله ومعناه : وآية لهم القمر . وقوله : إن قبله " نسلخ " فقبله ما هو أقرب منه وهو " تجري " وقبله " والشمس " بالرفع . والذي ذكره بعده وهو " قدرناه " قد عمل في الهاء . قال
أبو حاتم : الرفع أولى ، لأنك شغلت الفعل عنه بالضمير فرفعته بالابتداء . ويقال : القمر ليس هو المنازل ، فكيف قال : " قدرناه منازل " ففي هذا جوابان : أحدهما قدرناه إذا منازل ، مثل : واسأل القرية . والتقدير الآخر : قدرنا له منازل ، ثم حذفت اللام ، وكان حذفها حسنا لتعدي الفعل إلى مفعولين ، مثل واختار موسى قومه سبعين رجلا . والمنازل ثمانية وعشرون منزلا ، ينزل القمر كل ليلة منها بمنزل ، وهي : الشرطان ، البطين ، الثريا ، الدبران ، الهقعة ، الهنعة ، الذراع . النثرة ، الطرف ، الجبهة ، الخراتان ، الصرفة ، العواء ، السماك ، الغفر ، الزبانيان ، الإكليل ، القلب ، الشولة ، النعائم ، البلدة ، سعد الذابح ، سعد بلع ، سعد السعود ، سعد الأخبية ، الفرغ المقدم ، الفرغ المؤجر ، بطن الحوت . فإذا صار القمر في آخرها عاد إلى أولها ، فيقطع الفلك في ثمان وعشرين ليلة ، ثم يستسر ثم يطلع هلالا ، فيعود في قطع الفلك على المنازل ، وهي منقسمة على البروج ، لكل برج منزلان وثلث . فللحمل الشرطان والبطين وثلث الثريا ، وللثور ثلثا الثريا والدبران وثلثا الهقعة ، ثم كذلك إلى سائرها .
وقد مضى في [ الحجر ] تسمية البروج والحمد لله . وقيل : إن الله تعالى خلق الشمس والقمر من نار ثم كسيا النور عند الطلوع ، فأما نور الشمس فمن نور العرش ، وأما نور القمر فمن نور الكرسي ، فذلك أصل الخلقة وهذه الكسوة . فأما الشمس فتركت كسوتها على حالها لتشعشع وتشرق ، وأما القمر فأمر الروح الأمين جناحه على وجهه فمحا ضوءه بسلطان الجناح ، وذلك أنه روح ، والروح سلطانه غالب على الأشياء . فبقي ذلك
[ ص: 30 ] المحو على ما يراه الخلق ، ثم جعل في غلاف من ماء ، ثم جعل له مجرى ، فكل ليلة يبدو للخلق من ذلك الغلاف قمرا بمقدار ما يقمر لهم حتى ينتهي بدؤه ، ويراه الخلق بكماله واستدارته ، ثم لا يزال يعود إلى الغلاف كل ليلة شيء منه فينقص من الرؤية والإقمار بمقدار ما زاد في البدء ، ويبتدئ في النقصان من الناحية التي لا تراه الشمس ، وهي ناحية الغروب حتى يعود كالعرجون القديم ، وهو العذق المتقوس ليبسه ودقته . وإنما قيل القمر ; لأنه يقمر أي : يبيض الجو ببياضه إلى أن يستسر .
الثانية :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=39حتى عاد كالعرجون القديم قال
الزجاج : هو عود العذق الذي عليه الشماريخ ، وهو فعلون من الانعراج وهو الانعطاف ، أي : سار في منازله ، فإذا كان في آخرها دق واستقوس وضاق حتى صار كالعرجون . وعلى هذا فالنون زائدة . وقال
قتادة : هو العذق اليابس المنحني من النخلة . ثعلب : " كالعرجون القديم " قال : العرجون الذي يبقى من الكباسة في النخلة إذا قطعت ، و " القديم " البالي .
الخليل : في باب الرباعي : العرجون أصل العذق ، وهو أصفر عريض ، يشبه به الهلال إذا انحنى .
الجوهري : العرجون أصل العذق الذي يعوج وتقطع منه الشماريخ فيبقى على النخل يابسا ، وعرجنه : ضربه بالعرجون . فالنون على قول هؤلاء أصلية ، ومنه شعر
أعشى بني قيس :
شرق المسك والعبير بها فهي صفراء كعرجون القمر
فالعرجون إذا عتق ويبس وتقوس شبه القمر في دقته وصفرته به . ويقال له أيضا : الإهان والكباسة والقنو ،
وأهل مصر يسمونه : الإسباطة . وقرئ : " العرجون " بوزن الفرجون ، وهما لغتان كالبزيون والبزيون ، ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري وقال : هو عود العذق ما بين شماريخه إلى منبته من النخلة . واعلم أن السنة منقسمة على أربعة فصول ، لكل فصل سبعة منازل : فأولها الربيع ، وأوله خمسة عشر يوما من آذار ، وعدد أيامه اثنان وتسعون يوما ، تقطع فيه الشمس ثلاثة بروج : الحمل ، والثور ، والجوزاء ، وسبعة منازل : الشرطان ، والبطين ، والثريا ، والدبران ، والهقعة ، والهنعة ، والذراع . ثم يدخل فصل الصيف في خمسة عشر يوما من حزيران ، وعدد أيامه اثنان وتسعون يوما ، تقطع الشمس فيه ثلاثة بروج : الشرطان ، والأسد ، والسنبلة ، وسبعة منازل : وهي النثرة ، والطرف ، والجبهة ، والخراتان ، والصرفة ، والعواء ، والسماك . ثم يدخل فصل الخريف في خمسة عشر يوما من أيلول ، وعدد أيامه أحد وتسعون يوما ، تقطع فيه الشمس ثلاثة بروج ، وهي الميزان ، والعقرب ، والقوس ، وسبعة منازل : الغفر ، والزبانان ، والإكليل ،
[ ص: 31 ] والقلب ، والشولة ، والنعائم ، والبلدة . ثم يدخل فصل الشتاء في خمسة عشر يوما من كانون الأول ، وعدد أيامه تسعون يوما ، وربما كان أحدا وتسعين يوما ، تقطع فيه الشمس ثلاثة بروج : وهي الجدي والدلو والحوت ، وسبعة منازل : سعد الذابح وسعد بلع وسعد السعود وسعد الأخبية والفرغ المقدم ، والفرغ المؤخر وبطن الحوت . وهذه قسمة السريانيين لشهورها : تشرين الأول ، تشرين الثاني ، كانون الأول ، كانون الثاني ، أشباط ، آذار ، نيسان ، أيار ، حزيران ، تموز ، آب ، أيلول ، وكلها أحد وثلاثون إلا تشرين الثاني ونيسان وحزيران وأيلول ، فهي ثلاثون ، وأشباط ثمانية وعشرون يوما وربع يوم . وإنما أردنا بهذا أن تنظر في قدرة الله تعالى : فذلك قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=39والقمر قدرناه منازل فإذا كانت الشمس في منزل أهل الهلال بالمنزل الذي بعده ، وكان الفجر بمنزلتين من قبله . فإذا كانت الشمس بالثريا في خمسة وعشرين يوما من نيسان ، كان الفجر بالشرطين ، وأهل الهلال بالدبران ، ثم يكون له في كل ليلة منزلة حتى يقطع في ثمان وعشرين ليلة ثمانيا وعشرين منزلة . وقد قطعت الشمس منزلتين فيقطعهما ، ثم يطلع في المنزلة التي بعد منزلة الشمس ف
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=38ذلك تقدير العزيز العليم . الثالثة : قوله تعالى : القديم قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : القديم المحول ، وإذا قدم دق وانحنى واصفر ، فشبه القمر به من ثلاثة أوجه . وقيل : أقل عدة الموصوف بالقديم الحول ، فلو أن رجلا قال : كل مملوك لي قديم فهو حر ، أو كتب ذلك في وصيته عتق من مضى له حول أو أكثر .
قلت : قد مضى في [ البقرة ] ما يترتب على الأهلة من الأحكام والحمد لله .
[ ص: 29 ] قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=39وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ .
فِيهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ : وَالْقَمَرُ يَكُونُ تَقْدِيرُهُ : وَآيَةٌ لَهُمُ الْقَمَرُ . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ " وَالْقَمَرُ " مَرْفُوعًا بِالِابْتِدَاءِ . وَقَرَأَ الْكُوفِيُّونَ " وَالْقَمَرَ " بِالنَّصْبِ عَلَى إِضْمَارِ فِعْلٍ ، وَهُوَ اخْتِيَارُ
أَبِي عُبَيْدٍ . قَالَ : لِأَنَّ قَبْلَهُ فِعْلًا وَبَعْدَهُ فِعْلًا ، قَبْلَهُ " نَسْلَخُ " وَبَعْدَهُ " قَدَّرْنَاهُ " .
النَّحَّاسُ : وَأَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ جَمِيعًا فِيمَا عَلِمْتُ عَلَى خِلَافِ مَا قَالَ : مِنْهُمُ
الْفَرَّاءُ قَالَ : الرَّفْعُ أَعْجَبُ إِلَيَّ ، وَإِنَّمَا كَانَ الرَّفْعُ عِنْدَهُمْ أَوْلَى ; لِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ وَمَعْنَاهُ : وَآيَةٌ لَهُمُ الْقَمَرُ . وَقَوْلُهُ : إِنَّ قَبْلَهُ " نَسْلَخُ " فَقَبْلَهُ مَا هُوَ أَقْرَبُ مِنْهُ وَهُوَ " تَجْرِي " وَقَبْلَهُ " وَالشَّمْسُ " بِالرَّفْعِ . وَالَّذِي ذَكَرَهُ بَعْدَهُ وَهُوَ " قَدَّرْنَاهُ " قَدْ عَمِلَ فِي الْهَاءِ . قَالَ
أَبُو حَاتِمٍ : الرَّفْعُ أَوْلَى ، لِأَنَّكَ شَغَلْتَ الْفِعْلَ عَنْهُ بِالضَّمِيرِ فَرَفَعْتَهُ بِالِابْتِدَاءِ . وَيُقَالُ : الْقَمَرُ لَيْسَ هُوَ الْمَنَازِلَ ، فَكَيْفَ قَالَ : " قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ " فَفِي هَذَا جَوَابَانِ : أَحَدُهُمَا قَدَّرْنَاهُ إِذًا مَنَازِلَ ، مِثْلَ : وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ . وَالتَّقْدِيرُ الْآخَرُ : قَدَّرْنَا لَهُ مَنَازِلَ ، ثُمَّ حُذِفَتِ اللَّامُ ، وَكَانَ حَذْفُهَا حَسَنًا لِتَعَدِّي الْفِعْلِ إِلَى مَفْعُولَيْنِ ، مِثْلَ وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا . وَالْمَنَازِلُ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ مَنْزِلًا ، يَنْزِلُ الْقَمَرُ كُلَّ لَيْلَةٍ مِنْهَا بِمَنْزِلٍ ، وَهِيَ : الشَّرَطَانُ ، الْبُطَيْنُ ، الثُّرَيَّا ، الدَّبَرَانُ ، الْهَقْعَةُ ، الْهَنْعَةُ ، الذِّرَاعُ . النَّثْرَةُ ، الطَّرْفُ ، الْجَبْهَةُ ، الْخَرَاتَانِ ، الصُّرْفَةُ ، الْعَوَّاءُ ، السِّمَاكُ ، الْغَفْرُ ، الزُّبَانَيَانِ ، الْإِكْلِيلُ ، الْقَلْبُ ، الشَّوْلَةُ ، النَّعَائِمُ ، الْبَلَدَّةُ ، سَعْدُ الذَّابِحِ ، سَعْدُ بُلَعَ ، سَعْدُ السُّعُودِ ، سَعْدُ الْأَخْبِيَةِ ، الْفَرْغُ الْمُقَدَّمُ ، الْفَرْغُ الْمُؤَجَّرُ ، بَطْنُ الْحُوتِ . فَإِذَا صَارَ الْقَمَرُ فِي آخِرِهَا عَادَ إِلَى أَوَّلِهَا ، فَيَقْطَعُ الْفَلَكَ فِي ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً ، ثُمَّ يَسْتَسِرُّ ثُمَّ يَطْلُعُ هِلَالًا ، فَيَعُودُ فِي قَطْعِ الْفَلَكِ عَلَى الْمَنَازِلِ ، وَهِيَ مُنْقَسِمَةٌ عَلَى الْبُرُوجِ ، لِكُلِّ بُرْجٍ مَنْزِلَانِ وَثُلُثٌ . فَلِلْحَمَلِ الشَّرَطَانُ وَالْبُطَيْنُ وَثُلُثُ الثُّرَيَّا ، وَلِلثَّوْرِ ثُلُثَا الثُّرَيَّا وَالدَّبَرَانِ وَثُلُثَا الْهَقْعَةِ ، ثُمَّ كَذَلِكَ إِلَى سَائِرِهَا .
وَقَدْ مَضَى فِي [ الْحِجْرِ ] تَسْمِيَةُ الْبُرُوجِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ . وَقِيلَ : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ مِنْ نَارٍ ثُمَّ كُسِيَا النُّورَ عِنْدَ الطُّلُوعِ ، فَأَمَّا نُورُ الشَّمْسِ فَمِنْ نُورِ الْعَرْشِ ، وَأَمَّا نُورُ الْقَمَرِ فَمِنْ نُورِ الْكُرْسِيِّ ، فَذَلِكَ أَصْلُ الْخِلْقَةِ وَهَذِهِ الْكِسْوَةِ . فَأَمَّا الشَّمْسُ فَتُرِكَتْ كِسْوَتُهَا عَلَى حَالِهَا لِتُشَعْشِعَ وَتُشْرِقَ ، وَأَمَّا الْقَمَرُ فَأَمَرَّ الرُّوحُ الْأَمِينُ جَنَاحَهُ عَلَى وَجْهِهِ فَمَحَا ضَوْءَهُ بِسُلْطَانِ الْجَنَاحِ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ رُوحٌ ، وَالرُّوحُ سُلْطَانُهُ غَالِبٌ عَلَى الْأَشْيَاءِ . فَبَقِيَ ذَلِكَ
[ ص: 30 ] الْمَحْوُ عَلَى مَا يَرَاهُ الْخَلْقُ ، ثُمَّ جُعِلَ فِي غِلَافٍ مِنْ مَاءٍ ، ثُمَّ جُعِلَ لَهُ مَجْرًى ، فَكُلُّ لَيْلَةٍ يَبْدُو لِلْخَلْقِ مِنْ ذَلِكَ الْغِلَافِ قَمَرًا بِمِقْدَارِ مَا يُقْمَرُ لَهُمْ حَتَّى يَنْتَهِيَ بَدْؤُهُ ، وَيَرَاهُ الْخَلْقُ بِكَمَالِهِ وَاسْتِدَارَتِهِ ، ثُمَّ لَا يَزَالُ يَعُودُ إِلَى الْغِلَافِ كُلَّ لَيْلَةٍ شَيْءٌ مِنْهُ فَيَنْقُصُ مِنَ الرُّؤْيَةِ وَالْإِقْمَارِ بِمِقْدَارِ مَا زَادَ فِي الْبَدْءِ ، وَيَبْتَدِئُ فِي النُّقْصَانِ مِنَ النَّاحِيَةِ الَّتِي لَا تَرَاهُ الشَّمْسُ ، وَهِيَ نَاحِيَةُ الْغُرُوبِ حَتَّى يَعُودَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ ، وَهُوَ الْعِذْقُ الْمُتَقَوِّسُ لِيُبْسِهِ وَدِقَّتِهِ . وَإِنَّمَا قِيلَ الْقَمَرُ ; لِأَنَّهُ يُقْمِرُ أَيْ : يُبَيِّضُ الْجَوَّ بِبَيَاضِهِ إِلَى أَنْ يَسْتَسِرَ .
الثَّانِيَةُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=39حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ قَالَ
الزَّجَّاجُ : هُوَ عُودُ الْعِذْقِ الَّذِي عَلَيْهِ الشَّمَارِيخُ ، وَهُوَ فُعْلُونُ مِنَ الِانْعِرَاجِ وَهُوَ الِانْعِطَافُ ، أَيْ : سَارَ فِي مَنَازِلِهِ ، فَإِذَا كَانَ فِي آخِرِهَا دَقَّ وَاسْتَقْوَسَ وَضَاقَ حَتَّى صَارَ كَالْعُرْجُونِ . وَعَلَى هَذَا فَالنُّونُ زَائِدَةٌ . وَقَالَ
قَتَادَةُ : هُوَ الْعِذْقُ الْيَابِسُ الْمُنْحَنِي مِنَ النَّخْلَةِ . ثَعْلَبٌ : " كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ " قَالَ : الْعُرْجُونُ الَّذِي يَبْقَى مِنَ الْكِبَاسَةِ فِي النَّخْلَةِ إِذَا قُطِعَتْ ، وَ " الْقَدِيمِ " الْبَالِي .
الْخَلِيلُ : فِي بَابِ الرُّبَاعِيِّ : الْعُرْجُونُ أَصْلُ الْعِذْقِ ، وَهُوَ أَصْفَرُ عَرِيضٌ ، يُشَبَّهُ بِهِ الْهِلَالُ إِذَا انْحَنَى .
الْجَوْهَرِيُّ : الْعُرْجُونُ أَصْلُ الْعِذْقِ الَّذِي يَعْوَجُّ وَتُقْطَعُ مِنْهُ الشَّمَارِيخُ فَيَبْقَى عَلَى النَّخْلِ يَابِسًا ، وَعَرْجَنَهُ : ضَرَبَهُ بِالْعُرْجُونِ . فَالنُّونُ عَلَى قَوْلِ هَؤُلَاءِ أَصْلِيَّةٌ ، وَمِنْهُ شِعْرُ
أَعْشَى بَنِي قَيْسٍ :
شَرَقُ الْمِسْكِ وَالْعَبِيرِ بِهَا فَهْيَ صَفْرَاءُ كَعُرْجُونِ الْقَمَرْ
فَالْعُرْجُونُ إِذَا عَتَقَ وَيَبِسَ وَتَقَوَّسَ شُبِّهَ الْقَمَرُ فِي دِقَّتِهِ وَصُفْرَتِهِ بِهِ . وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا : الْإِهَانُ وَالْكِبَاسَةُ وَالْقِنْوُ ،
وَأَهْلُ مِصْرَ يُسَمُّونَهُ : الْإِسْبَاطَةَ . وَقُرِئَ : " الْعِرْجَوْنِ " بِوَزْنِ الْفِرْجَوْنِ ، وَهُمَا لُغَتَانِ كَالْبُزْيُونِ وَالْبِزْيَوْنِ ، ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ وَقَالَ : هُوَ عُودُ الْعِذْقِ مَا بَيْنَ شَمَارِيخِهِ إِلَى مَنْبَتِهِ مِنَ النَّخْلَةِ . وَاعْلَمْ أَنَّ السَّنَةَ مُنْقَسِمَةٌ عَلَى أَرْبَعَةِ فُصُولٍ ، لِكُلِّ فَصْلٍ سَبْعَةُ مَنَازِلَ : فَأَوَّلُهَا الرَّبِيعُ ، وَأَوَّلُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا مِنْ آذَارَ ، وَعَدَدُ أَيَّامِهِ اثْنَانِ وَتِسْعُونَ يَوْمًا ، تَقْطَعُ فِيهِ الشَّمْسُ ثَلَاثَةَ بُرُوجٍ : الْحَمَلُ ، وَالثَّوْرُ ، وَالْجَوْزَاءُ ، وَسَبْعَةَ مَنَازِلَ : الشَّرَطَانُ ، وَالْبُطَيْنُ ، وَالثُّرَيَّا ، وَالدَّبَرَانُ ، وَالْهَقْعَةُ ، وَالْهَنْعَةُ ، وَالذِّرَاعُ . ثُمَّ يَدْخُلُ فَصْلُ الصَّيْفِ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا مِنْ حُزَيْرَانَ ، وَعَدَدُ أَيَّامِهِ اثْنَانِ وَتِسْعُونَ يَوْمًا ، تَقْطَعُ الشَّمْسُ فِيهِ ثَلَاثَةَ بُرُوجٍ : الشَّرَطَانُ ، وَالْأَسَدُ ، وَالسُّنْبُلَةُ ، وَسَبْعَةَ مَنَازِلَ : وَهِيَ النَّثْرَةُ ، وَالطَّرْفُ ، وَالْجَبْهَةُ ، وَالْخَرَاتَانِ ، وَالصُّرْفَةُ ، وَالْعَوَّاءُ ، وَالسِّمَاكُ . ثُمَّ يَدْخُلُ فَصْلُ الْخَرِيفِ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا مِنْ أَيْلُولَ ، وَعَدَدُ أَيَّامِهِ أَحَدٌ وَتِسْعُونَ يَوْمًا ، تَقْطَعُ فِيهِ الشَّمْسُ ثَلَاثَةَ بُرُوجٍ ، وَهِيَ الْمِيزَانُ ، وَالْعَقْرَبُ ، وَالْقَوْسُ ، وَسَبْعَةَ مَنَازِلَ : الْغَفْرُ ، وَالزُّبَانَانِ ، وَالْإِكْلِيلُ ،
[ ص: 31 ] وَالْقَلْبُ ، وَالشَّوْلَةُ ، وَالنَّعَائِمُ ، وَالْبَلْدَةُ . ثُمَّ يَدْخُلُ فَصْلُ الشِّتَاءِ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا مِنْ كَانُونَ الْأَوَّلِ ، وَعَدَدُ أَيَّامِهِ تِسْعُونَ يَوْمًا ، وَرُبَّمَا كَانَ أَحَدًا وَتِسْعِينَ يَوْمًا ، تَقْطَعُ فِيهِ الشَّمْسُ ثَلَاثَةَ بُرُوجٍ : وَهِيَ الْجَدْيُ وَالدَّلْوُ وَالْحُوتُ ، وَسَبْعَةَ مَنَازِلَ : سَعْدَ الذَّابِحِ وَسَعْدَ بُلَعَ وَسَعْدَ السُّعُودِ وَسَعْدَ الْأَخْبِيَةِ وَالْفَرْغَ الْمُقَدَّمَ ، وَالْفَرْغَ الْمُؤَخَّرَ وَبَطْنَ الْحُوتِ . وَهَذِهِ قِسْمَةُ السُّرْيَانِيِّينَ لِشُهُورِهَا : تِشْرِينُ الْأَوَّلُ ، تِشْرِينُ الثَّانِي ، كَانُونُ الْأَوَّلُ ، كَانُونُ الثَّانِي ، أَشْبَاطُ ، آذَارُ ، نِيسَانُ ، أَيَارُ ، حَزِيرَانُ ، تَمُّوزُ ، آبٌ ، أَيْلُولُ ، وَكُلُّهَا أَحَدٌ وَثَلَاثُونَ إِلَّا تِشْرِينَ الثَّانِيَ وَنِيسَانَ وَحَزِيرَانَ وَأَيْلُولَ ، فَهِيَ ثَلَاثُونَ ، وَأَشْبَاطُ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا وَرُبُعُ يَوْمٍ . وَإِنَّمَا أَرَدْنَا بِهَذَا أَنْ تَنْظُرَ فِي قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى : فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=39وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ فَإِذَا كَانَتِ الشَّمْسُ فِي مَنْزِلٍ أَهَلَّ الْهِلَالُ بِالْمَنْزِلِ الَّذِي بَعْدَهُ ، وَكَانَ الْفَجْرُ بِمَنْزِلَتَيْنِ مِنْ قَبْلِهِ . فَإِذَا كَانَتِ الشَّمْسُ بِالثُّرَيَّا فِي خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا مِنْ نِيسَانَ ، كَانَ الْفَجْرُ بِالشَّرَطَيْنِ ، وَأَهَلَّ الْهِلَالُ بِالدَّبَرَانِ ، ثُمَّ يَكُونُ لَهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مَنْزِلَةٌ حَتَّى يَقْطَعَ فِي ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةٍ ثَمَانِيًا وَعِشْرِينَ مَنْزِلَةً . وَقَدْ قَطَعَتِ الشَّمْسُ مَنْزِلَتَيْنِ فَيَقْطَعُهُمَا ، ثُمَّ يَطْلُعُ فِي الْمَنْزِلَةِ الَّتِي بَعْدَ مَنْزِلَةِ الشَّمْسِ فَ
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=38ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ . الثَّالِثَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى : الْقَدِيمِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : الْقَدِيمُ الْمُحْوِلُ ، وَإِذَا قَدُمَ دَقَّ وَانْحَنَى وَاصْفَرَّ ، فَشُبِّهَ الْقَمَرُ بِهِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ . وَقِيلَ : أَقَلُّ عِدَّةِ الْمَوْصُوفِ بِالْقَدِيمِ الْحَوْلُ ، فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ : كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي قَدِيمٍ فَهُوَ حُرٌّ ، أَوْ كَتَبَ ذَلِكَ فِي وَصِيَّتِهِ عَتَقَ مَنْ مَضَى لَهُ حَوْلٌ أَوْ أَكْثَرُ .
قُلْتُ : قَدْ مَضَى فِي [ الْبَقَرَةِ ] مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْأَهِلَّةِ مِنَ الْأَحْكَامِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ .