قوله تعالى :
nindex.php?page=treesubj&link=29008nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=62أذلك خير نزلا أم شجرة الزقوم إنا جعلناها فتنة للظالمين nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=64إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=65طلعها كأنه رءوس الشياطين nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=66فإنهم لآكلون منها فمالئون منها البطون nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=67ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=68ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم [ ص: 78 ] قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=62أذلك خير مبتدأ وخبر ، وهو من قول الله - جل وعز - . نزلا على البيان ، والمعنى أنعيم الجنة خير نزلا .
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=62أم شجرة الزقوم خير نزلا . والنزل في اللغة الرزق الذي له سعة -
النحاس - وكذا النزل ، إلا أنه يجوز أن يكون النزل بإسكان الزاي لغة ، ويجوز أن يكون أصله النزل ، ومنه : أقيم للقوم نزلهم ، واشتقاقه أنه الغذاء الذي يصلح أن ينزلوا معه ويقيموا فيه . وقد مضى هذا في آخر سورة [ آل عمران ]
nindex.php?page=treesubj&link=30442وشجرة الزقوم مشتقة من التزقم وهو البلع على جهد لكراهتها ونتنها . قال المفسرون : وهي في الباب السادس ، وأنها تحيا بلهب النار كما تحيا الشجرة ببرد الماء ، فلا بد لأهل النار من أن ينحدر إليها من كان فوقها فيأكلون منها ، وكذلك يصعد إليها من كان أسفل . واختلف فيها هل هي من شجر الدنيا التي تعرفها العرب أم لا على قولين : أحدهما : أنها معروفة من شجر الدنيا . ومن قال بهذا اختلفوا فيها ، فقال
قطرب : إنها شجرة مرة تكون
بتهامة من أخبث الشجر . وقال غيره : بل هو كل نبات قاتل . القول الثاني : إنها لا تعرف في شجر الدنيا . فلما نزلت هذه الآية في شجرة الزقوم قالت كفار
قريش : ما نعرف هذه الشجرة . فقدم عليهم رجل من
إفريقية فسألوه فقال : هو عندنا الزبد والتمر . فقال
ابن الزبعرى : أكثر الله في بيوتنا الزقوم ، فقال
أبو جهل لجاريته : زقمينا ، فأتته بزبد وتمر . ثم قال لأصحابه : تزقموا ، هذا الذي يخوفنا به
محمد ، يزعم أن النار تنبت الشجر ، والنار تحرق الشجر .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=63إنا جعلناها فتنة للظالمين أي المشركين ، وذلك أنهم قالوا : كيف تكون في النار شجرة وهي تحرق الشجر ؟ وقد مضى هذا المعنى في [ سبحان ] واستخفافهم في هذا كقولهم في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=30عليها تسعة عشر ما الذي يخصص هذا العدد ؟ حتى قال بعضهم : أنا أكفيكم منهم كذا فاكفوني الباقين . فقال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=31وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا والفتنة الاختبار ، وكان هذا القول منهم جهلا ، إذ لا يستحيل في العقل أن يخلق الله في النار شجرا من جنسها لا تأكله النار ، كما يخلق الله فيها الأغلال والقيود والحيات والعقارب وخزنة النار . وقيل : هذا الاستبعاد الذي وقع للكفار هو الذي وقع الآن للملحدة ،
[ ص: 79 ] حتى حملوا الجنة والنار على نعيم أو عقاب تتخلله الأرواح ، وحملوا وزن الأعمال والصراط واللوح والقلم على معان زوروها في أنفسهم ، دون ما فهمه المسلمون من موارد الشرع ، وإذا ورد خبر الصادق بشيء موهوم في العقل ، فالواجب تصديقه وإن جاز أن يكون له تأويل ، ثم التأويل في موضع إجماع المسلمين على أنه تأويل باطل لا يجوز ، والمسلمون مجمعون على الأخذ بهذه الأشياء من غير مصير إلى علم الباطن . وقيل : إنها فتنة أي : عقوبة للظالمين ، كما قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=14ذوقوا فتنتكم هذا الذي كنتم به تستعجلون
nindex.php?page=treesubj&link=29008قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=64إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم أي قعر النار ، ومنها منشؤها ، ثم هي متفرعة في جهنم . طلعها أي ثمرها ، سمي طلعا لطلوعه .
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=65كأنه رءوس الشياطين قيل : يعني الشياطين بأعيانهم ، شبهها برءوسهم لقبحهم ، ورءوس الشياطين متصور في النفوس وإن كان غير مرئي . ومن ذلك قولهم لكل قبيح هو كصورة الشيطان ، ولكل صورة حسنة هي كصورة ملك . ومنه قوله تعالى مخبرا عن صواحب يوسف :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=31ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم وهذا تشبيه تخييلي ، روي معناه عن
ابن عباس والقرظي . ومنه قول
امرئ القيس :
[ أيقتلني والمشرفي مضاجعي ] ومسنونة زرق كأنياب أغوال
وإن كانت الغول لا تعرف ، ولكن لما تصور من قبحها في النفوس . وقد قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=112شياطين الإنس والجن فمردة الإنس شياطين مرئية . وفي الحديث الصحيح :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830983ولكأن نخلها رءوس الشياطين وقد ادعى كثير من العرب رؤية الشياطين والغيلان . وقال
الزجاج والفراء : الشياطين حيات لها رءوس وأعراف ، وهي من أقبح الحيات وأخبثها وأخفها جسما . قال الراجز وقد شبه المرأة بحية لها عرف :
عنجرد تحلف حين أحلف كمثل شيطان الحماط أعرف
الواحدة حماطة . والأعرف الذي له عرف . وقال الشاعر يصف ناقته :
تلاعب مثنى حضرمي كأنه تعمج شيطان بذي خروع قفر
[ ص: 80 ] التعمج : الاعوجاج في السير . وسهم عموج : يتلوى في ذهابه . وتعمجت الحية : إذا تلوت في سيرها .
وقيل : إنما شبه ذلك بنبت قبيح في
اليمن يقال له الأستن والشيطان . قال
النحاس : وليس ذلك معروفا عند العرب .
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : هو شجر خشن منتن مر منكر الصورة يسمى ثمره رءوس الشياطين .
النحاس : وقيل : الشياطين ضرب من الحيات قباح .
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=66فإنهم لآكلون منها فمالئون منها البطون فهذا طعامهم وفاكهتهم بدل رزق أهل الجنة . وقال في [ الغاشية ] :
nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=6ليس لهم طعام إلا من ضريع وسيأتي .
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=67ثم إن لهم عليها أي بعد الأكل من الشجرة
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=67لشوبا من حميم الشوب الخلط ، والشوب والشوب لغتان ، كالفقر والفقر ، والفتح أشهر . قال
الفراء : شاب طعامه وشرابه إذا خلطهما بشيء يشوبهما شوبا وشيابة . فأخبر أنه يشاب لهم . والحميم : الماء الحار ليكون أشنع ، قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=15وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : يشاب لهم الحميم بغساق أعينهم وصديد من قيحهم ودمائهم . وقيل : يمزج لهم الزقوم بالحميم ليجمع لهم بين مرارة الزقوم وحرارة الحميم ، تغليظا لعذابهم وتجديدا لبلائهم .
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=68ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم قيل : إن هذا يدل على أنهم كانوا حين أكلوا الزقوم في عذاب غير النار ثم يردون إليها . وقال
مقاتل : الحميم خارج الجحيم ، فهم يوردون الحميم لشربه ثم يردون إلى الجحيم ، لقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=43هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون .
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=44يطوفون بينها وبين حميم آن وقرأ
ابن مسعود : ثم إن منقلبهم لإلى الجحيم . قال
أبو عبيدة : يجوز أن تكون " ثم " بمعنى الواو .
القشيري : ولعل الحميم في موضع من جهنم على طرف منها .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=treesubj&link=29008nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=62أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=64إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=65طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=66فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=67ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=68ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ [ ص: 78 ] قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=62أَذَلِكَ خَيْرٌ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ ، وَهُوَ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ - جَلَّ وَعَزَّ - . نُزُلًا عَلَى الْبَيَانِ ، وَالْمَعْنَى أَنَعِيمُ الْجَنَّةِ خَيْرٌ نُزُلًا .
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=62أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ خَيْرٌ نُزُلًا . وَالنُّزُلُ فِي اللُّغَةِ الرِّزْقُ الَّذِي لَهُ سَعَةٌ -
النَّحَّاسُ - وَكَذَا النُّزْلُ ، إِلَّا أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النُّزْلُ بِإِسْكَانِ الزَّاي لُغَةً ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَصْلُهُ النُّزُلَ ، وَمِنْهُ : أُقِيمُ لِلْقَوْمِ نُزُلُهُمْ ، وَاشْتِقَاقُهُ أَنَّهُ الْغِذَاءُ الَّذِي يَصْلُحُ أَنْ يَنْزِلُوا مَعَهُ وَيُقِيمُوا فِيهِ . وَقَدْ مَضَى هَذَا فِي آخِرِ سُورَةِ [ آلِ عِمْرَانَ ]
nindex.php?page=treesubj&link=30442وَشَجَرَةُ الزَّقُّومِ مُشْتَقَّةٌ مِنَ التَّزَقُّمِ وَهُوَ الْبَلْعُ عَلَى جَهْدٍ لِكَرَاهَتِهَا وَنَتْنِهَا . قَالَ الْمُفَسِّرُونَ : وَهِيَ فِي الْبَابِ السَّادِسِ ، وَأَنَّهَا تَحْيَا بِلَهَبِ النَّارِ كَمَا تَحْيَا الشَّجَرَةُ بِبَرْدِ الْمَاءِ ، فَلَا بُدَّ لِأَهْلِ النَّارِ مِنْ أَنْ يَنْحَدِرَ إِلَيْهَا مَنْ كَانَ فَوْقَهَا فَيَأْكُلُونَ مِنْهَا ، وَكَذَلِكَ يَصْعَدُ إِلَيْهَا مَنْ كَانَ أَسْفَلَ . وَاخْتُلِفَ فِيهَا هَلْ هِيَ مِنْ شَجَرِ الدُّنْيَا الَّتِي تَعْرِفُهَا الْعَرَبُ أَمْ لَا عَلَى قَوْلَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّهَا مَعْرُوفَةٌ مِنْ شَجَرِ الدُّنْيَا . وَمَنْ قَالَ بِهَذَا اخْتَلَفُوا فِيهَا ، فَقَالَ
قُطْرُبٌ : إِنَّهَا شَجَرَةٌ مُرَّةٌ تَكُونُ
بِتِهَامَةَ مِنْ أَخْبَثِ الشَّجَرِ . وَقَالَ غَيْرُهُ : بَلْ هُوَ كُلُّ نَبَاتٍ قَاتِلٍ . الْقَوْلُ الثَّانِي : إِنَّهَا لَا تُعْرَفُ فِي شَجَرِ الدُّنْيَا . فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي شَجَرَةِ الزَّقُّومِ قَالَتْ كُفَّارُ
قُرَيْشٍ : مَا نَعْرِفُ هَذِهِ الشَّجَرَةَ . فَقَدِمَ عَلَيْهِمْ رَجُلٌ مِنْ
إِفْرِيقِيَّةَ فَسَأَلُوهُ فَقَالَ : هُوَ عِنْدَنَا الزُّبْدُ وَالتَّمْرُ . فَقَالَ
ابْنُ الزِّبَعْرَى : أَكْثَرَ اللَّهُ فِي بُيُوتِنَا الزَّقُّومَ ، فَقَالَ
أَبُو جَهْلٍ لِجَارِيَتِهِ : زَقِّمِينَا ، فَأَتَتْهُ بِزُبْدٍ وَتَمْرٍ . ثُمَّ قَالَ لِأَصْحَابِهِ : تَزَقَّمُوا ، هَذَا الَّذِي يُخَوِّفُنَا بِهِ
مُحَمَّدٌ ، يَزْعُمُ أَنَّ النَّارَ تُنْبِتُ الشَّجَرَ ، وَالنَّارُ تُحْرِقُ الشَّجَرَ .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=63إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ أَيِ الْمُشْرِكِينَ ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ قَالُوا : كَيْفَ تَكُونُ فِي النَّارِ شَجَرَةٌ وَهِيَ تُحْرِقُ الشَّجَرَ ؟ وَقَدْ مَضَى هَذَا الْمَعْنَى فِي [ سُبْحَانَ ] وَاسْتِخْفَافُهُمْ فِي هَذَا كَقَوْلِهِمْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=30عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ مَا الَّذِي يُخَصِّصُ هَذَا الْعَدَد ؟ حَتَّى قَالَ بَعْضُهُمْ : أَنَا أَكْفِيكُمْ مِنْهُمْ كَذَا فَاكْفُونِي الْبَاقِينَ . فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=31وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَالْفِتْنَةُ الِاخْتِبَارُ ، وَكَانَ هَذَا الْقَوْلُ مِنْهُمْ جَهْلًا ، إِذْ لَا يَسْتَحِيلُ فِي الْعَقْلِ أَنْ يَخْلُقَ اللَّهُ فِي النَّارِ شَجَرًا مِنْ جِنْسِهَا لَا تَأْكُلُهُ النَّارُ ، كَمَا يَخْلُقُ اللَّهُ فِيهَا الْأَغْلَالَ وَالْقُيُودَ وَالْحَيَّاتِ وَالْعَقَارِبَ وَخَزَنَةَ النَّارِ . وَقِيلَ : هَذَا الِاسْتِبْعَادُ الَّذِي وَقَعَ لِلْكُفَّارِ هُوَ الَّذِي وَقَعَ الْآنَ لِلْمُلْحِدَةِ ،
[ ص: 79 ] حَتَّى حَمَلُوا الْجَنَّةَ وَالنَّارَ عَلَى نَعِيمٍ أَوْ عِقَابٍ تَتَخَلَّلُهُ الْأَرْوَاحُ ، وَحَمَلُوا وَزْنَ الْأَعْمَالِ وَالصِّرَاطَ وَاللَّوْحَ وَالْقَلَمَ عَلَى مَعَانٍ زَوَّرُوهَا فِي أَنْفُسِهِمْ ، دُونَ مَا فَهِمَهُ الْمُسْلِمُونَ مِنْ مَوَارِدِ الشَّرْعِ ، وَإِذَا وَرَدَ خَبَرُ الصَّادِقِ بِشَيْءٍ مَوْهُومٍ فِي الْعَقْلِ ، فَالْوَاجِبُ تَصْدِيقُهُ وَإِنْ جَازَ أَنْ يَكُونَ لَهُ تَأْوِيلٌ ، ثُمَّ التَّأْوِيلُ فِي مَوْضِعِ إِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّهُ تَأْوِيلٌ بَاطِلٌ لَا يَجُوزُ ، وَالْمُسْلِمُونَ مُجْمِعُونَ عَلَى الْأَخْذِ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ مِنْ غَيْرِ مَصِيرٍ إِلَى عِلْمِ الْبَاطِنِ . وَقِيلَ : إِنَّهَا فِتْنَةٌ أَيْ : عُقُوبَةٌ لِلظَّالِمِينَ ، كَمَا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=14ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ
nindex.php?page=treesubj&link=29008قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=64إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ أَيْ قَعْرُ النَّارِ ، وَمِنْهَا مَنْشَؤُهَا ، ثُمَّ هِيَ مُتَفَرِّعَةٌ فِي جَهَنَّمَ . طَلْعُهَا أَيْ ثَمَرُهَا ، سُمِّيَ طَلْعًا لِطُلُوعِهِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=65كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ قِيلَ : يَعْنِي الشَّيَاطِينَ بِأَعْيَانِهِمْ ، شَبَّهَهَا بِرُءُوسِهِمْ لِقُبْحِهِمْ ، وَرُءُوسُ الشَّيَاطِينِ مُتَصَوَّرٌ فِي النُّفُوسِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَرْئِيٍّ . وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ لِكُلِّ قَبِيحٍ هُوَ كَصُورَةِ الشَّيْطَانِ ، وَلِكُلِّ صُورَةٍ حَسَنَةٍ هِيَ كَصُورَةِ مَلَكٍ . وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ صَوَاحِبِ يُوسُفَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=31مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ وَهَذَا تَشْبِيهٌ تَخْيِيلِيٌّ ، رُوِيَ مَعْنَاهُ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْقُرَظِيِّ . وَمِنْهُ قَوْلُ
امْرِئِ الْقَيْسِ :
[ أَيَقْتُلُنِي وَالْمِشْرِفِيُّ مُضَاجِعِي ] وَمَسْنُونَةٌ زُرْقٌ كَأَنْيَابِ أَغْوَالِ
وَإِنْ كَانَتِ الْغُولُ لَا تُعْرَفُ ، وَلَكِنْ لِمَا تُصُوِّرَ مِنْ قُبْحِهَا فِي النُّفُوسِ . وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=112شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ فَمَرَدَةُ الْإِنْسِ شَيَاطِينُ مَرْئِيَّةٌ . وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830983وَلَكَأَنَّ نَخْلَهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ وَقَدِ ادَّعَى كَثِيرٌ مِنَ الْعَرَبِ رُؤْيَةَ الشَّيَاطِينِ وَالْغِيلَانِ . وَقَالَ
الزَّجَّاجُ وَالْفَرَّاءُ : الشَّيَاطِينُ حَيَّاتٌ لَهَا رُءُوسٌ وَأَعْرَافٌ ، وَهِيَ مِنْ أَقْبَحِ الْحَيَّاتِ وَأَخْبَثِهَا وَأَخَفِّهَا جِسْمًا . قَالَ الرَّاجِزُ وَقَدْ شَبَّهَ الْمَرْأَةَ بِحَيَّةٍ لَهَا عُرْفٌ :
عَنْجَرِدٌ تَحْلِفُ حِينَ أَحْلِفُ كَمِثْلِ شَيْطَانِ الْحِمَاطِ أَعْرَفُ
الْوَاحِدَةُ حَمَاطَةٌ . وَالْأَعْرَفُ الَّذِي لَهُ عُرْفٌ . وَقَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ نَاقَتَهُ :
تُلَاعِبُ مَثْنَى حَضْرَمِيٍّ كَأَنَّهُ تَعَمُّجُ شَيْطَانٍ بِذِي خِرْوَعٍ قَفْرِ
[ ص: 80 ] التَّعَمُّجُ : الِاعْوِجَاجُ فِي السَّيْرِ . وَسَهْمٌ عَمُوجٌ : يَتَلَوَّى فِي ذَهَابِهِ . وَتَعَمَّجَتِ الْحَيَّةُ : إِذَا تَلَوَّتْ فِي سَيْرِهَا .
وَقِيلَ : إِنَّمَا شُبِّهَ ذَلِكَ بِنَبْتٍ قَبِيحٍ فِي
الْيَمَنِ يُقَالُ لَهُ الْأَسْتَنُ وَالشَّيْطَانُ . قَالَ
النَّحَّاسُ : وَلَيْسَ ذَلِكَ مَعْرُوفًا عِنْدَ الْعَرَبِ .
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : هُوَ شَجَرٌ خَشِنٌ مُنْتِنٌ مُرٌّ مُنْكَرُ الصُّورَةِ يُسَمَّى ثَمَرُهُ رُءُوسَ الشَّيَاطِينِ .
النَّحَّاسُ : وَقِيلَ : الشَّيَاطِينُ ضَرْبٌ مِنَ الْحَيَّاتِ قِبَاحٌ .
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=66فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ فَهَذَا طَعَامُهُمْ وَفَاكِهَتُهُمْ بَدَلَ رِزْقِ أَهْلِ الْجَنَّةِ . وَقَالَ فِي [ الْغَاشِيَةِ ] :
nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=6لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ وَسَيَأْتِي .
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=67ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا أَيْ بَعْدَ الْأَكْلِ مِنَ الشَّجَرَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=67لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ الشَّوْبُ الْخَلْطُ ، وَالشَّوْبُ وَالشُّوبُ لُغَتَانِ ، كَالْفَقْرِ وَالْفُقْرِ ، وَالْفَتْحُ أَشْهَرُ . قَالَ
الْفَرَّاءُ : شَابَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ إِذَا خَلَطَهُمَا بِشَيْءٍ يَشُوبُهُمَا شَوْبًا وَشِيَابَةً . فَأَخْبَرَ أَنَّهُ يُشَابُ لَهُمْ . وَالْحَمِيمُ : الْمَاءُ الْحَارُّ لِيَكُونَ أَشْنَعَ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=15وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ : يُشَابُ لَهُمُ الْحَمِيمُ بِغَسَّاقِ أَعْيُنِهِمْ وَصَدِيدٍ مِنْ قَيْحِهِمْ وَدِمَائِهِمْ . وَقِيلَ : يُمْزَجُ لَهُمُ الزَّقُّومُ بِالْحَمِيمِ لِيُجْمَعَ لَهُمْ بَيْنَ مَرَارَةِ الزَّقُّومِ وَحَرَارَةِ الْحَمِيمِ ، تَغْلِيظًا لِعَذَابِهِمْ وَتَجْدِيدًا لِبَلَائِهِمْ .
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=68ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ قِيلَ : إِنَّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا حِينَ أَكَلُوا الزَّقُّومَ فِي عَذَابٍ غَيْرِ النَّارِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَيْهَا . وَقَالَ
مُقَاتِلٌ : الْحَمِيمُ خَارِجُ الْجَحِيمِ ، فَهُمْ يُورَدُونَ الْحَمِيمَ لِشُرْبِهِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى الْجَحِيمِ ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=43هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=44يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ وَقَرَأَ
ابْنُ مَسْعُودٍ : ثُمَّ إِنَّ مُنْقَلَبَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ . قَالَ
أَبُو عُبَيْدَةَ : يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ " ثُمَّ " بِمَعْنَى الْوَاوِ .
الْقُشَيْرِيُّ : وَلَعَلَّ الْحَمِيمَ فِي مَوْضِعٍ مِنْ جَهَنَّمَ عَلَى طَرَفٍ مِنْهَا .