nindex.php?page=treesubj&link=29009قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=41واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أني مسني الشيطان بنصب وعذاب اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب ووهبنا له أهله ومثلهم معهم رحمة منا وذكرى لأولي الألباب .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=41واذكر عبدنا أيوب أمر للنبي - صلى الله عليه وسلم - بالاقتداء بهم في
nindex.php?page=treesubj&link=32495الصبر على المكاره .
أيوب بدل . إذ نادى ربه
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=41أني مسني الشيطان بنصب وعذاب وقرأ
عيسى بن عمر " إني "
[ ص: 186 ] بكسر الهمزة أي : قال . قال
الفراء : وأجمعت القراء على أن قرءوا " بنصب " بضم النون والتخفيف .
النحاس : وهذا غلط وبعده مناقضة وغلط أيضا ; لأنه قال : أجمعت القراء على هذا ، وحكى بعده أنهم ذكروا عن
يزيد بن القعقاع أنه قرأ : " بنصب " بفتح النون والصاد ، فغلط على
أبي جعفر ، وإنما قرأ
أبو جعفر : " بنصب " بضم النون والصاد ، كذا حكاه
أبو عبيد وغيره ، وهو مروي عن
الحسن . فأما " بنصب " فقراءة
عاصم الجحدري ويعقوب الحضرمي . وقد رويت هذه القراءة عن
الحسن ، وقد حكي " بنصب " بفتح النون وسكون الصاد عن
أبي جعفر . وهذا كله عند أكثر النحويين بمعنى النصب ، فنصب ونصب كحزن وحزن . وقد يجوز أن يكون نصب جمع نصب كوثن ووثن . ويجوز أن يكون نصب بمعنى نصب حذفت منه الضمة ، فأما
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3وما ذبح على النصب فقيل : إنه جمع نصاب . وقال
أبو عبيدة وغيره : النصب الشر والبلاء . والنصب التعب والإعياء . وقد قيل في معنى :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=41أني مسني الشيطان بنصب وعذاب أي : ما يلحقه من وسوسته لا غير . والله أعلم . ذكره
النحاس . وقيل : إن النصب ما أصابه في بدنه ، والعذاب ما أصابه في ماله ، وفيه بعد . وقال المفسرون : إن
أيوب كان روميا من البثنية وكنيته
أبو عبد الله في قول
الواقدي ، اصطفاه الله بالنبوة ، وآتاه جملة عظيمة من الثروة في أنواع الأموال والأولاد . وكان شاكرا لأنعم الله ، مواسيا لعباد الله ، برا رحيما . ولم يؤمن به إلا ثلاثة نفر . وكان لإبليس موقف من السماء السابعة في يوم من الأيام ، فوقف به إبليس على عادته ، فقال الله له أو قيل له عنه : أقدرت من عبدي أيوب على شيء ؟ فقال : يا رب وكيف أقدر منه على شيء ، وقد ابتليته بالمال والعافية ، فلو ابتليته بالبلاء والفقر ونزعت منه ما أعطيته لحال عن حاله ، ولخرج عن طاعتك . قال الله : قد سلطتك على أهله وماله . فانحط عدو الله فجمع عفاريت الجن فأعلمهم ، وقال قائل منهم : أكون إعصارا فيه نار أهلك ماله ، فكان . فجاء
أيوب في صورة قيم ماله فأعلمه بما جرى ، فقال : الحمد لله هو أعطاه وهو منعه . ثم جاء قصره بأهله وولده ، فاحتمل القصر من نواحيه حتى ألقاه على أهله وولده ، ثم جاء إليه وأعلمه فألقى التراب على رأسه ، وصعد إبليس إلى السماء فسبقته توبة
أيوب . قال : يا رب سلطني على بدنه . قال : قد سلطتك على بدنه إلا على لسانه وقلبه وبصره ، فنفخ في جسده نفخة اشتعل منها فصار في جسده ثآليل فحكها بأظفاره حتى دميت ، ثم بالفخار حتى تساقط لحمه . وقال عند ذلك :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=41مسني الشيطان . ولم يخلص إلى شيء من حشوة
[ ص: 187 ] البطن ; لأنه لا بقاء للنفس إلا بها ، فهو يأكل ويشرب ، فمكث كذلك ثلاث سنين . فلما غلبه
أيوب اعترض لامرأته في هيئة أعظم من هيئة بني آدم في القدر والجمال ، وقال لها : أنا إله الأرض ، وأنا الذي صنعت بصاحبك ما صنعت ، ولو سجدت لي سجدة واحدة لرددت عليه أهله وماله ، وهم عندي . وعرض لها في بطن الوادي ذلك كله في صورته ، أي : أظهره لها ، فأخبرت
أيوب فأقسم أن يضربها إن عافاه الله . وذكروا كلاما طويلا في
nindex.php?page=treesubj&link=31906سبب بلائه ومراجعته لربه ، وتبرمه من البلاء الذي نزل به ، وأن النفر الثلاثة الذين آمنوا به نهوه عن ذلك واعترضوا عليه ، وقيل : استعان به مظلوم فلم ينصره فابتلي بسبب ذلك . وقيل : استضاف يوما الناس فمنع فقيرا الدخول فابتلي بذلك . وقيل : كان
أيوب يغزو ملكا وكان له غنم في ولايته ، فداهنه لأجلها بترك غزوه فابتلي . وقيل : كان الناس يتعدون امرأته ويقولون : نخشى العدوى ، وكانوا يستقذرونها ، فلهذا قال .
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=41مسني الشيطان . وامرأته
ليا بنت يعقوب . وكان
أيوب في زمن
يعقوب وكانت أمه ابنة
لوط . وقيل : كانت زوجة
أيوب رحمة بنت إفرائيم بن يوسف بن يعقوب عليهم السلام . ذكر القولين
الطبري رحمه الله . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : ما ذكره المفسرون من أن إبليس كان له مكان في السماء السابعة يوما من العام فقول باطل ; لأنه أهبط منها بلعنة وسخط إلى الأرض ، فكيف يرقى إلى محل الرضا ، ويجول في مقامات الأنبياء ، ويخترق السماوات العلى ، ويعلو إلى السماء السابعة إلى منازل الأنبياء ، فيقف موقف
الخليل ؟ ! إن هذا لخطب من الجهالة عظيم . وأما قولهم : إن الله تعالى قال له : هل قدرت من عبدي
أيوب على شيء ، فباطل قطعا ; لأن الله - عز وجل - لا يكلم الكفار الذين هم من جند إبليس الملعون ، فكيف يكلم من تولى إضلالهم ؟ ! وأما قولهم : إن الله قال : قد سلطتك على ماله وولده ، فذلك ممكن في القدرة ، ولكنه بعيد في هذه القصة . وكذلك قولهم : إنه نفخ في جسده حين سلطه عليه ، فهو أبعد ، والباري سبحانه قادر على أن يخلق ذلك كله من غير أن يكون للشيطان فيه كسب حتى تقر له - لعنة الله عليه - عين بالتمكن من الأنبياء في أموالهم وأهليهم وأنفسهم . وأما قولهم : إنه قال لزوجته : أنا إله الأرض ، ولو تركت ذكر الله وسجدت أنت لي لعافيته ، فاعلموا وإنكم لتعلمون أنه لو عرض لأحدكم وبه ألم وقال هذا الكلام ما جاز عنده أن يكون إلها في الأرض ، وأنه يسجد له ، وأنه يعافي من البلاء ، فكيف أن تستريب زوجة نبي ؟ ! ولو كانت زوجة سوادي
[ ص: 188 ] أو فدم بربري ما ساغ ذلك عندها . وأما تصويره الأموال والأهل في واد للمرأة فذلك ما لا يقدر عليه إبليس بحال ، ولا هو في طريق السحر فيقال إنه من جنسه . ولو تصور لعلمت المرأة أنه سحر كما نعلمه نحن ، وهي فوقنا في المعرفة بذلك ، فإنه لم يخل زمان قط من السحر وحديثه وجريه بين الناس وتصويره . قال
القاضي : والذي جرأهم على ذلك وتذرعوا به إلى ذكر هذا قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=41إذ نادى ربه أني مسني الشيطان بنصب وعذاب فلما رأوه قد شكا مس الشيطان أضافوا إليه من رأيهم ما سبق من التفسير في هذه الأقوال . وليس الأمر كما زعموا والأفعال كلها خيرها وشرها . في إيمانها وكفرها ، طاعتها وعصيانها ، خالقها هو الله لا شريك له في خلقه ، ولا في خلق شيء غيرها ، ولكن الشر لا ينسب إليه ذكرا ، وإن كان موجودا منه خلقا ، أدبا أدبنا به ، وتحميدا علمناه . وكان من ذكر
محمد - صلى الله عليه وسلم - لربه به قول من جملته : والخير في يديك والشر ليس إليك ، على هذا المعنى . ومنه قول
إبراهيم :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=80وإذا مرضت فهو يشفين وقال الفتى
للكليم :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=63وما أنسانيه إلا الشيطان .
وأما قولهم : إنه استعان به مظلوم فلم ينصره ، فمن لنا بصحة هذا القول . ولا يخلو أن يكون قادرا على نصره ، فلا يحل لأحد تركه فيلام على أنه عصى وهو منزه عن ذلك . أو كان عاجزا فلا شيء عليه في ذلك ، وكذلك قولهم : إنه منع فقيرا من الدخول ، إن كان علم به فهو باطل عليه ، وإن لم يعلم به فلا شيء عليه فيه . وأما قولهم : إنه داهن على غنمه الملك الكافر ، فلا تقل داهن ، ولكن قل : دارى . ودفع الكافر والظالم عن النفس أو المال بالمال جائز ، نعم ويحسن الكلام . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي القاضي
أبو بكر - رضي الله عنه - : ولم يصح عن
أيوب في أمره إلا ما أخبرنا الله عنه في كتابه في آيتين ، الأولى قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=83وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر والثانية في : [ ص ]
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=41أني مسني الشيطان بنصب وعذاب . وأما النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يصح عنه أنه ذكره بحرف واحد إلا قوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831044بينا أيوب يغتسل إذ خر عليه رجل من جراد من ذهب . . . الحديث . وإذ لم يصح عنه فيه قرآن ولا سنة إلا ما ذكرناه ، فمن الذي يوصل السامع إلى
أيوب خبره ، أم على أي لسان سمعه ؟ والإسرائيليات مرفوضة عند العلماء على البتات ، فأعرض عن سطورها بصرك ، وأصمم عن سماعها أذنيك ، فإنها لا تعطي فكرك إلا خيالا ، ولا تزيد فؤادك إلا خبالا . وفي الصحيح واللفظ
nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري أن
ابن عباس قال : يا معشر المسلمين ، تسألون
أهل الكتاب وكتابكم الذي أنزل على نبيكم أحدث الأخبار بالله ، تقرءونه محضا لم يشب ، وقد حدثكم أن
أهل الكتاب قد
[ ص: 189 ] بدلوا من كتب الله وغيروا وكتبوا بأيديهم الكتب ، فقالوا :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=79هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا ولا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مسألتهم ، فلا والله ما رأينا رجلا منهم يسألكم عن الذي أنزل عليكم ، وقد أنكر النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث الموطأ على
عمر قراءته التوراة .
nindex.php?page=treesubj&link=29009قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=42اركض برجلك الركض الدفع بالرجل . يقال : ركض الدابة وركض ثوبه برجله . وقال
المبرد : الركض التحريك ، ولهذا قال
الأصمعي : يقال ركضت الدابة ولا يقال ركضت هي ; لأن الركض إنما هو تحريك راكبها رجليه ، ولا فعل لها في ذلك . وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه : ركضت الدابة فركضت مثل جبرت العظم فجبر ، وحزنته فحزن ، وفي الكلام إضمار أي : قلنا له : اركض . قال
الكسائي : وهذا لما عافاه الله .
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=42هذا مغتسل بارد وشراب أي فركض فنبعت عين ماء فاغتسل به ، فذهب الداء من ظاهره ، ثم شرب منه فذهب الداء من باطنه . وقال
قتادة : هما عينان بأرض
الشام في أرض يقال لها
الجابية ، فاغتسل من إحداهما فأذهب الله تعالى ظاهر دائه ، وشرب من الأخرى فأذهب الله تعالى باطن دائه . ونحوه عن
الحسن ومقاتل ، قال
مقاتل :
nindex.php?page=treesubj&link=31905نبعت عين حارة واغتسل فيها فخرج صحيحا ، ثم نبعت عين أخرى فشرب منها ماء عذبا . وقيل : أمر بالركض بالرجل ليتناثر عنه كل داء في جسده . والمغتسل الماء الذي يغتسل به ، قال
القتبي : وقيل : إنه الموضع الذي يغتسل فيه ، قال
مقاتل .
الجوهري : واغتسلت بالماء ، والغسول : الماء الذي يغتسل به ، وكذلك المغتسل ، قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=42هذا مغتسل بارد وشراب والمغتسل أيضا الذي يغتسل فيه ، والمغسل والمغسل بكسر السين وفتحها مغسل الموتى والجمع المغاسل . واختلف
nindex.php?page=treesubj&link=31906كم بقي أيوب في البلاء ، فقال
ابن عباس : سبع سنين وسبعة أشهر وسبعة أيام وسبع ساعات . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه : أصاب
أيوب البلاء سبع سنين ، وترك
يوسف ، في السجن سبع سنين ، وعذب
بختنصر وحول في السباع سبع سنين . ذكره
أبو نعيم . وقيل : عشر سنين . وقيل : ثمان عشرة سنة . رواه
أنس مرفوعا فيما ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي : قلت : وذكره
ابن المبارك ، أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=17423يونس بن يزيد ، عن
عقيل عن
ابن شهاب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكر يوما أيوب ، وما أصابه من البلاء ، وذكر أن البلاء الذي أصابه كان به ثمان عشرة سنة . وذكر الحديث
القشيري . وقيل : أربعين سنة .
[ ص: 190 ] قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=43ووهبنا له أهله ومثلهم معهم تقدم في ( الأنبياء ) الكلام فيه . رحمة منا أي نعمة منا .
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=43وذكرى لأولي الألباب أي عبرة لذوي العقول .
nindex.php?page=treesubj&link=29009قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=41وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=41وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ أَمْرٌ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالِاقْتِدَاءِ بِهِمْ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=32495الصَّبْرِ عَلَى الْمَكَارِهِ .
أَيُّوبَ بَدَلٌ . إِذْ نَادَى رَبَّهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=41أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ وَقَرَأَ
عِيسَى بْنُ عُمَرَ " إِنِّي "
[ ص: 186 ] بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ أَيْ : قَالَ . قَالَ
الْفَرَّاءُ : وَأَجْمَعَتِ الْقُرَّاءُ عَلَى أَنْ قَرَءُوا " بِنُصْبٍ " بِضَمِّ النُّونِ وَالتَّخْفِيفِ .
النَّحَّاسُ : وَهَذَا غَلَطٌ وَبَعْدَهُ مُنَاقَضَةٌ وَغَلَطٌ أَيْضًا ; لِأَنَّهُ قَالَ : أَجْمَعَتِ الْقُرَّاءُ عَلَى هَذَا ، وَحَكَى بَعْدَهُ أَنَّهُمْ ذَكَرُوا عَنْ
يَزِيدَ بْنِ الْقَعْقَاعِ أَنَّهُ قَرَأَ : " بِنَصَبٍ " بِفَتْحِ النُّونِ وَالصَّادِ ، فَغَلِطَ عَلَى
أَبِي جَعْفَرٍ ، وَإِنَّمَا قَرَأَ
أَبُو جَعْفَرٍ : " بِنُصُبٍ " بِضَمِّ النُّونِ وَالصَّادِ ، كَذَا حَكَاهُ
أَبُو عُبَيْدٍ وَغَيْرُهُ ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ
الْحَسَنِ . فَأَمَّا " بِنَصَبٍ " فَقِرَاءَةُ
عَاصِمٍ الْجَحْدَرِيِّ وَيَعْقُوبَ الْحَضْرَمِيِّ . وَقَدْ رُوِيَتْ هَذِهِ الْقِرَاءَةُ عَنِ
الْحَسَنِ ، وَقَدْ حُكِيَ " بِنَصْبٍ " بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الصَّادِ عَنْ
أَبِي جَعْفَرٍ . وَهَذَا كُلُّهُ عِنْدَ أَكْثَرِ النَّحْوِيِّينَ بِمَعْنَى النَّصَبِ ، فَنُصْبٌ وَنَصَبٌ كَحُزْنٍ وَحَزَنٍ . وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نُصْبٌ جَمْعَ نَصَبٍ كَوُثْنٍ وَوَثَنٍ . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نُصْبٌ بِمَعْنَى نُصُبٍ حُذِفَتْ مِنْهُ الضَّمَّةُ ، فَأَمَّا
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ فَقِيلَ : إِنَّهُ جَمْعُ نِصَابٍ . وَقَالَ
أَبُو عُبَيْدَةَ وَغَيْرُهُ : النُّصُبُ الشَّرُّ وَالْبَلَاءُ . وَالنَّصَبُ التَّعَبُ وَالْإِعْيَاءُ . وَقَدْ قِيلَ فِي مَعْنَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=41أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ أَيْ : مَا يَلْحَقُهُ مِنْ وَسْوَسَتِهِ لَا غَيْرَ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ . ذَكَرَهُ
النَّحَّاسُ . وَقِيلَ : إِنَّ النُّصْبَ مَا أَصَابَهُ فِي بَدَنِهِ ، وَالْعَذَابَ مَا أَصَابَهُ فِي مَالِهِ ، وَفِيهِ بُعْدٌ . وَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ : إِنَّ
أَيُّوبَ كَانَ رُومِيًّا مِنَ الْبَثَنِيَّةِ وَكُنْيَتُهُ
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فِي قَوْلِ
الْوَاقِدِيِّ ، اصْطَفَاهُ اللَّهُ بِالنُّبُوَّةِ ، وَآتَاهُ جُمْلَةً عَظِيمَةً مِنَ الثَّرْوَةِ فِي أَنْوَاعِ الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ . وَكَانَ شَاكِرًا لِأَنْعُمِ اللَّهِ ، مُوَاسِيًا لِعِبَادِ اللَّهِ ، بَرًّا رَحِيمًا . وَلَمْ يُؤْمِنْ بِهِ إِلَّا ثَلَاثَةُ نَفَرٍ . وَكَانَ لِإِبْلِيسَ مَوْقِفٌ مِنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ فِي يَوْمٍ مِنَ الْأَيَّامِ ، فَوَقَفَ بِهِ إِبْلِيسٌ عَلَى عَادَتِهِ ، فَقَالَ اللَّهُ لَهُ أَوْ قِيلَ لَهُ عَنْهُ : أَقَدَرْتَ مِنْ عَبْدِي أَيُّوبَ عَلَى شَيْءٍ ؟ فَقَالَ : يَا رَبِّ وَكَيْفَ أَقْدِرُ مِنْهُ عَلَى شَيْءٍ ، وَقَدِ ابْتَلَيْتَهُ بِالْمَالِ وَالْعَافِيَةِ ، فَلَوِ ابْتَلَيْتَهُ بِالْبَلَاءِ وَالْفَقْرِ وَنَزَعْتَ مِنْهُ مَا أَعْطَيْتَهُ لَحَالَ عَنْ حَالِهِ ، وَلَخَرَجَ عَنْ طَاعَتِكَ . قَالَ اللَّهُ : قَدْ سَلَّطْتُكَ عَلَى أَهْلِهِ وَمَالِهِ . فَانْحَطَّ عَدُوُّ اللَّهِ فَجَمَعَ عَفَارِيتَ الْجِنِّ فَأَعْلَمَهُمْ ، وَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ : أَكُونُ إِعْصَارًا فِيهِ نَارٌ أُهْلِكُ مَالَهُ ، فَكَانَ . فَجَاءَ
أَيُّوبَ فِي صُورَةِ قَيِّمِ مَالِهِ فَأَعْلَمَهُ بِمَا جَرَى ، فَقَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ هُوَ أَعْطَاهُ وَهُوَ مَنَعَهُ . ثُمَّ جَاءَ قَصْرَهُ بِأَهْلِهِ وَوَلَدِهِ ، فَاحْتَمَلَ الْقَصْرَ مِنْ نَوَاحِيهِ حَتَّى أَلْقَاهُ عَلَى أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ ، ثُمَّ جَاءَ إِلَيْهِ وَأَعْلَمَهُ فَأَلْقَى التُّرَابَ عَلَى رَأْسِهِ ، وَصَعِدَ إِبْلِيسُ إِلَى السَّمَاءِ فَسَبَقَتْهُ تَوْبَةُ
أَيُّوبَ . قَالَ : يَا رَبِّ سَلِّطْنِي عَلَى بَدَنِهِ . قَالَ : قَدْ سَلَّطْتُكَ عَلَى بَدَنِهِ إِلَّا عَلَى لِسَانِهِ وَقَلْبِهِ وَبَصَرِهِ ، فَنَفَخَ فِي جَسَدِهِ نَفْخَةً اشْتَعَلَ مِنْهَا فَصَارَ فِي جَسَدِهِ ثَآلِيلُ فَحَكَّهَا بِأَظْفَارِهِ حَتَّى دَمِيَتْ ، ثُمَّ بِالْفَخَّارِ حَتَّى تَسَاقَطَ لَحْمُهُ . وَقَالَ عِنْدَ ذَلِكَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=41مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ . وَلَمْ يَخْلُصْ إِلَى شَيْءٍ مِنْ حَشْوَةِ
[ ص: 187 ] الْبَطْنِ ; لِأَنَّهُ لَا بَقَاءَ لِلنَّفَسِ إِلَّا بِهَا ، فَهُوَ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ ، فَمَكَثَ كَذَلِكَ ثَلَاثَ سِنِينَ . فَلَمَّا غَلَبَهُ
أَيُّوبُ اعْتَرَضَ لِامْرَأَتِهِ فِي هَيْئَةٍ أَعْظَمِ مِنْ هَيْئَةِ بَنِي آدَمَ فِي الْقَدْرِ وَالْجَمَالِ ، وَقَالَ لَهَا : أَنَا إِلَهُ الْأَرْضِ ، وَأَنَا الَّذِي صَنَعْتُ بِصَاحِبِكِ مَا صَنَعْتُ ، وَلَوْ سَجَدْتِ لِي سَجْدَةً وَاحِدَةً لَرَدَدْتُ عَلَيْهِ أَهْلَهُ وَمَالَهُ ، وَهُمْ عِنْدِي . وَعَرَضَ لَهَا فِي بَطْنِ الْوَادِي ذَلِكَ كُلَّهُ فِي صُورَتِهِ ، أَيْ : أَظْهَرَهُ لَهَا ، فَأَخْبَرَتْ
أَيُّوبَ فَأَقْسَمَ أَنْ يَضْرِبَهَا إِنْ عَافَاهُ اللَّهُ . وَذَكَرُوا كَلَامًا طَوِيلًا فِي
nindex.php?page=treesubj&link=31906سَبَبِ بَلَائِهِ وَمُرَاجَعَتِهِ لِرَبِّهِ ، وَتَبَرُّمِهِ مِنَ الْبَلَاءِ الَّذِي نَزَلَ بِهِ ، وَأَنَّ النَّفَرَ الثَّلَاثَةَ الَّذِينَ آمَنُوا بِهِ نَهَوْهُ عَنْ ذَلِكَ وَاعْتَرَضُوا عَلَيْهِ ، وَقِيلَ : اسْتَعَانَ بِهِ مَظْلُومٌ فَلَمْ يَنْصُرْهُ فَابْتُلِيَ بِسَبَبِ ذَلِكَ . وَقِيلَ : اسْتَضَافَ يَوْمًا النَّاسَ فَمَنَعَ فَقِيرًا الدُّخُولَ فَابْتُلِيَ بِذَلِكَ . وَقِيلَ : كَانَ
أَيُّوبُ يَغْزُو مَلِكًا وَكَانَ لَهُ غَنَمٌ فِي وِلَايَتِهِ ، فَدَاهَنَهُ لِأَجْلِهَا بِتَرْكِ غَزْوِهِ فَابْتُلِيَ . وَقِيلَ : كَانَ النَّاسُ يَتَعَدَّوْنَ امْرَأَتَهُ وَيَقُولُونَ : نَخْشَى الْعَدْوَى ، وَكَانُوا يَسْتَقْذِرُونَهَا ، فَلِهَذَا قَالَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=41مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ . وَامْرَأَتُهُ
لَيَّا بِنْتُ يَعْقُوبَ . وَكَانَ
أَيُّوبُ فِي زَمَنِ
يَعْقُوبَ وَكَانَتْ أُمُّهُ ابْنَةَ
لُوطٍ . وَقِيلَ : كَانَتْ زَوْجَةُ
أَيُّوبَ رَحْمَةُ بِنْتُ إِفْرَائِيمَ بْنِ يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ . ذَكَرَ الْقَوْلَيْنِ
الطَّبَرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابْنُ الْعَرَبِيِّ : مَا ذَكَرَهُ الْمُفَسِّرُونَ مِنْ أَنَّ إِبْلِيسَ كَانَ لَهُ مَكَانٌ فِي السَّمَاءِ السَّابِعَةِ يَوْمًا مِنَ الْعَامِ فَقَوْلٌ بَاطِلٌ ; لِأَنَّهُ أُهْبِطَ مِنْهَا بِلَعْنَةٍ وَسَخَطٍ إِلَى الْأَرْضِ ، فَكَيْفَ يَرْقَى إِلَى مَحَلِّ الرِّضَا ، وَيَجُولُ فِي مَقَامَاتِ الْأَنْبِيَاءِ ، وَيَخْتَرِقُ السَّمَاوَاتِ الْعُلَى ، وَيَعْلُو إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ إِلَى مَنَازِلِ الْأَنْبِيَاءِ ، فَيَقِفُ مَوْقِفَ
الْخَلِيلِ ؟ ! إِنَّ هَذَا لَخَطْبٌ مِنَ الْجَهَالَةِ عَظِيمٌ . وَأَمَّا قَوْلُهُمْ : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لَهُ : هَلْ قَدَرْتَ مِنْ عَبْدِي
أَيُّوبَ عَلَى شَيْءٍ ، فَبَاطِلٌ قَطْعًا ; لِأَنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - لَا يُكَلِّمُ الْكُفَّارَ الَّذِينَ هُمْ مِنْ جُنْدِ إِبْلِيسَ الْمَلْعُونِ ، فَكَيْفَ يُكَلِّمُ مَنْ تَوَلَّى إِضْلَالَهُمْ ؟ ! وَأَمَّا قَوْلُهُمْ : إِنَّ اللَّهَ قَالَ : قَدْ سَلَّطْتُكَ عَلَى مَالِهِ وَوَلَدِهِ ، فَذَلِكَ مُمْكِنٌ فِي الْقُدْرَةِ ، وَلَكِنَّهُ بَعِيدٌ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ . وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ : إِنَّهُ نَفَخَ فِي جَسَدِهِ حِينَ سَلَّطَهُ عَلَيْهِ ، فَهُوَ أَبْعَدُ ، وَالْبَارِي سُبْحَانَهُ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لِلشَّيْطَانِ فِيهِ كَسْبٌ حَتَّى تَقَرَّ لَهُ - لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ - عَيْنٌ بِالتَّمَكُّنِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ فِي أَمْوَالِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ . وَأَمَّا قَوْلُهُمْ : إِنَّهُ قَالَ لِزَوْجَتِهِ : أَنَا إِلَهُ الْأَرْضِ ، وَلَوْ تَرَكْتِ ذِكْرَ اللَّهِ وَسَجَدْتِ أَنْتِ لِي لَعَافَيْتُهُ ، فَاعْلَمُوا وَإِنَّكُمْ لَتَعْلَمُونَ أَنَّهُ لَوْ عَرَضَ لِأَحَدِكُمْ وَبِهِ أَلَمٌ وَقَالَ هَذَا الْكَلَامَ مَا جَازَ عِنْدَهُ أَنْ يَكُونَ إِلَهًا فِي الْأَرْضِ ، وَأَنَّهُ يُسْجَدُ لَهُ ، وَأَنَّهُ يُعَافِي مِنَ الْبَلَاءِ ، فَكَيْفَ أَنْ تَسْتَرِيبَ زَوْجَةُ نَبِيٍّ ؟ ! وَلَوْ كَانَتْ زَوْجَةُ سَوَادِيٍّ
[ ص: 188 ] أَوْ فَدْمٍ بَرْبَرِيٍّ مَا سَاغَ ذَلِكَ عِنْدَهَا . وَأَمَّا تَصْوِيرُهُ الْأَمْوَالَ وَالْأَهْلَ فِي وَادٍ لِلْمَرْأَةِ فَذَلِكَ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ إِبْلِيسُ بِحَالٍ ، وَلَا هُوَ فِي طَرِيقِ السِّحْرِ فَيُقَالُ إِنَّهُ مِنْ جِنْسِهِ . وَلَوْ تُصُوِّرَ لَعَلِمَتِ الْمَرْأَةُ أَنَّهُ سِحْرٌ كَمَا نَعْلَمُهُ نَحْنُ ، وَهِيَ فَوْقَنَا فِي الْمَعْرِفَةِ بِذَلِكَ ، فَإِنَّهُ لَمْ يَخْلُ زَمَانٌ قَطُّ مِنَ السِّحْرِ وَحَدِيثِهِ وَجَرْيِهِ بَيْنَ النَّاسِ وَتَصْوِيرِهِ . قَالَ
الْقَاضِي : وَالَّذِي جَرَّأَهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَتَذَرَّعُوا بِهِ إِلَى ذِكْرِ هَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=41إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ فَلَمَّا رَأَوْهُ قَدْ شَكَا مَسَّ الشَّيْطَانِ أَضَافُوا إِلَيْهِ مِنْ رَأْيِهِمْ مَا سَبَقَ مِنَ التَّفْسِيرِ فِي هَذِهِ الْأَقْوَالِ . وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا زَعَمُوا وَالْأَفْعَالُ كُلُّهَا خَيْرُهَا وَشَرُّهَا . فِي إِيمَانِهَا وَكُفْرِهَا ، طَاعَتِهَا وَعِصْيَانِهَا ، خَالِقُهَا هُوَ اللَّهُ لَا شَرِيكَ لَهُ فِي خَلْقِهِ ، وَلَا فِي خَلْقِ شَيْءٍ غَيْرِهَا ، وَلَكِنَّ الشَّرَّ لَا يُنْسَبُ إِلَيْهِ ذِكْرًا ، وَإِنْ كَانَ مَوْجُودًا مِنْهُ خَلْقًا ، أَدَبًا أَدَّبَنَا بِهِ ، وَتَحْمِيدًا عَلَّمَنَاهُ . وَكَانَ مِنْ ذِكْرِ
مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِرَبِّهِ بِهِ قَوْلٌ مِنْ جُمْلَتِهِ : وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ ، عَلَى هَذَا الْمَعْنَى . وَمِنْهُ قَوْلُ
إِبْرَاهِيمَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=80وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ وَقَالَ الْفَتَى
لِلْكَلِيمِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=63وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ .
وَأَمَّا قَوْلُهُمْ : إِنَّهُ اسْتَعَانَ بِهِ مَظْلُومٌ فَلَمْ يَنْصُرْهُ ، فَمَنْ لَنَا بِصِحَّةِ هَذَا الْقَوْلِ . وَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَى نَصْرِهِ ، فَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ تَرْكُهُ فَيُلَامُ عَلَى أَنَّهُ عَصَى وَهُوَ مُنَزَّهٌ عَنْ ذَلِكَ . أَوْ كَانَ عَاجِزًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ : إِنَّهُ مَنَعَ فَقِيرًا مِنَ الدُّخُولِ ، إِنْ كَانَ عَلِمَ بِهِ فَهُوَ بَاطِلٌ عَلَيْهِ ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهِ . وَأَمَّا قَوْلُهُمْ : إِنَّهُ دَاهَنَ عَلَى غَنَمِهِ الْمَلِكَ الْكَافِرَ ، فَلَا تَقُلْ دَاهَنَ ، وَلَكِنْ قُلْ : دَارَى . وَدَفْعُ الْكَافِرِ وَالظَّالِمِ عَنِ النَّفْسِ أَوِ الْمَالِ بِالْمَالِ جَائِزٌ ، نَعَمْ وَيَحْسُنُ الْكَلَامُ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابْنُ الْعَرَبِيِّ الْقَاضِي
أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - : وَلَمْ يَصِحَّ عَنْ
أَيُّوبَ فِي أَمْرِهِ إِلَّا مَا أَخْبَرَنَا اللَّهُ عَنْهُ فِي كِتَابِهِ فِي آيَتَيْنِ ، الْأُولَى قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=83وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَالثَّانِيَةُ فِي : [ ص ]
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=41أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ . وَأَمَّا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يَصِحَّ عَنْهُ أَنَّهُ ذَكَرَهُ بِحَرْفٍ وَاحِدٍ إِلَّا قَوْلُهُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831044بَيْنَا أَيُّوبُ يَغْتَسِلُ إِذْ خَرَّ عَلَيْهِ رِجْلٌ مِنْ جَرَادٍ مِنْ ذَهَبٍ . . . الْحَدِيثُ . وَإِذْ لَمْ يَصِحَّ عَنْهُ فِيهِ قُرْآنٌ وَلَا سُنَّةٌ إِلَّا مَا ذَكَرْنَاهُ ، فَمَنِ الَّذِي يُوصِلُ السَّامِعَ إِلَى
أَيُّوبَ خَبَرُهُ ، أَمْ عَلَى أَيِّ لِسَانٍ سَمِعَهُ ؟ وَالْإِسْرَائِيلِيَّاتُ مَرْفُوضَةٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ عَلَى الْبَتَاتِ ، فَأَعْرِضْ عَنْ سُطُورِهَا بَصَركَ ، وَأَصْمِمْ عَنْ سَمَاعِهَا أُذُنَيْكَ ، فَإِنَّهَا لَا تُعْطِي فِكْرَكَ إِلَّا خَيَالًا ، وَلَا تَزِيدُ فُؤَادَكَ إِلَّا خَبَالًا . وَفِي الصَّحِيحِ وَاللَّفْظُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070لِلْبُخَارِيِّ أَنَّ
ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ : يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ ، تَسْأَلُونَ
أَهْلَ الْكِتَابِ وَكِتَابُكُمُ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى نَبِيِّكُمْ أَحْدَثُ الْأَخْبَارِ بِاللَّهِ ، تَقْرَءُونَهُ مَحْضًا لَمْ يُشَبْ ، وَقَدْ حَدَّثَكُمْ أَنَّ
أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ
[ ص: 189 ] بَدَّلُوا مِنْ كُتُبِ اللَّهِ وَغَيَّرُوا وَكَتَبُوا بِأَيْدِيهِمُ الْكُتُبَ ، فَقَالُوا :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=79هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا وَلَا يَنْهَاكُمْ مَا جَاءَكُمْ مِنَ الْعِلْمِ عَنْ مَسْأَلَتِهِمْ ، فَلَا وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا رَجُلًا مِنْهُمْ يَسْأَلُكُمْ عَنِ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْكُمْ ، وَقَدْ أَنْكَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ الْمُوَطَّأِ عَلَى
عُمَرَ قِرَاءَتَهُ التَّوْرَاةَ .
nindex.php?page=treesubj&link=29009قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=42ارْكُضْ بِرِجْلِكَ الرَّكْضُ الدَّفْعُ بِالرِّجْلِ . يُقَالُ : رَكَضَ الدَّابَّةَ وَرَكَضَ ثَوْبَهُ بِرِجْلِهِ . وَقَالَ
الْمُبَرِّدُ : الرَّكْضُ التَّحْرِيكُ ، وَلِهَذَا قَالَ
الْأَصْمَعِيُّ : يُقَالُ رَكَضْتُ الدَّابَّةَ وَلَا يُقَالُ رَكَضَتْ هِيَ ; لِأَنَّ الرَّكْضَ إِنَّمَا هُوَ تَحْرِيكُ رَاكِبِهَا رِجْلَيْهِ ، وَلَا فِعْلَ لَهَا فِي ذَلِكَ . وَحَكَى
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ : رَكَضْتُ الدَّابَّةَ فَرَكَضَتْ مِثْلَ جَبَرْتُ الْعَظْمَ فَجَبَرَ ، وَحَزَنْتَهُ فَحَزِنَ ، وَفِي الْكَلَامِ إِضْمَارٌ أَيْ : قُلْنَا لَهُ : ارْكُضْ . قَالَ
الْكِسَائِيُّ : وَهَذَا لَمَّا عَافَاهُ اللَّهُ .
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=42هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ أَيْ فَرَكَضَ فَنَبَعَتْ عَيْنُ مَاءٍ فَاغْتَسَلَ بِهِ ، فَذَهَبَ الدَّاءُ مِنْ ظَاهِرِهِ ، ثُمَّ شَرِبَ مِنْهُ فَذَهَبَ الدَّاءُ مِنْ بَاطِنِهِ . وَقَالَ
قَتَادَةُ : هُمَا عَيْنَانِ بِأَرْضِ
الشَّامِ فِي أَرْضٍ يُقَالُ لَهَا
الْجَابِيَةُ ، فَاغْتَسَلَ مِنْ إِحْدَاهُمَا فَأَذْهَبَ اللَّهُ تَعَالَى ظَاهِرَ دَائِهِ ، وَشَرِبَ مِنَ الْأُخْرَى فَأَذْهَبَ اللَّهُ تَعَالَى بَاطِنَ دَائِهِ . وَنَحْوَهُ عَنِ
الْحَسَنِ وَمُقَاتِلٍ ، قَالَ
مُقَاتِلٌ :
nindex.php?page=treesubj&link=31905نَبَعَتْ عَيْنٌ حَارَّةٌ وَاغْتَسَلَ فِيهَا فَخَرَجَ صَحِيحًا ، ثُمَّ نَبَعَتْ عَيْنٌ أُخْرَى فَشَرِبَ مِنْهَا مَاءً عَذْبًا . وَقِيلَ : أُمِرَ بِالرَّكْضِ بِالرِّجْلِ لِيَتَنَاثَرَ عَنْهُ كُلُّ دَاءٍ فِي جَسَدِهِ . وَالْمُغْتَسَلُ الْمَاءُ الَّذِي يُغْتَسَلُ بِهِ ، قَالَ
الْقُتَبِيُّ : وَقِيلَ : إِنَّهُ الْمَوْضِعُ الَّذِي يُغْتَسَلُ فِيهِ ، قَالَ
مُقَاتِلٌ .
الْجَوْهَرِيُّ : وَاغْتَسَلْتُ بِالْمَاءِ ، وَالْغَسُولُ : الْمَاءُ الَّذِي يُغْتَسَلُ بِهِ ، وَكَذَلِكَ الْمُغْتَسَلُ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=42هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ وَالْمُغْتَسَلُ أَيْضًا الَّذِي يُغْتَسَلُ فِيهِ ، وَالْمَغْسِلُ وَالْمَغْسَلُ بِكَسْرِ السِّينِ وَفَتْحِهَا مَغْسَلُ الْمَوْتَى وَالْجَمْعُ الْمَغَاسِلُ . وَاخْتُلِفَ
nindex.php?page=treesubj&link=31906كَمْ بَقِيَ أَيُّوبُ فِي الْبَلَاءِ ، فَقَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : سَبْعَ سِنِينَ وَسَبْعَةَ أَشْهُرٍ وَسَبْعَةَ أَيَّامٍ وَسَبْعَ سَاعَاتٍ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=17285وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ : أَصَابَ
أَيُّوبَ الْبَلَاءُ سَبْعَ سِنِينَ ، وَتُرِكَ
يُوسُفُ ، فِي السِّجْنِ سَبْعَ سِنِينَ ، وَعُذِّبَ
بُخْتُنَصَّرُ وَحُوِّلَ فِي السِّبَاعِ سَبْعَ سِنِينَ . ذَكَرَهُ
أَبُو نُعَيْمٍ . وَقِيلَ : عَشْرَ سِنِينَ . وَقِيلَ : ثَمَانَ عَشْرَةَ سَنَةً . رَوَاهُ
أَنَسٌ مَرْفُوعًا فِيمَا ذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=15151الْمَاوَرْدِيُّ : قُلْتُ : وَذَكَرَهُ
ابْنُ الْمُبَارَكِ ، أَخْبَرَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17423يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ ، عَنْ
عُقَيْلٍ عَنِ
ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَكَرَ يَوْمًا أَيُّوبَ ، وَمَا أَصَابَهُ مِنَ الْبَلَاءِ ، وَذَكَرَ أَنَّ الْبَلَاءَ الَّذِي أَصَابَهُ كَانَ بِهِ ثَمَانَ عَشْرَةَ سَنَةً . وَذَكَرَ الْحَدِيثَ
الْقُشَيْرِيُّ . وَقِيلَ : أَرْبَعِينَ سَنَةً .
[ ص: 190 ] قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=43وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ تَقَدَّمَ فِي ( الْأَنْبِيَاءِ ) الْكَلَامُ فِيهِ . رَحْمَةً مِنَّا أَيْ نِعْمَةً مِنَّا .
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=43وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ أَيْ عِبْرَةً لِذَوِي الْعُقُولِ .