قوله تعالى :
nindex.php?page=treesubj&link=29009nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=75قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=75أستكبرت أم كنت من العالين nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=76قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=77قال فاخرج منها فإنك رجيم nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=78وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=79قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=80قال فإنك من المنظرين nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=81إلى يوم الوقت المعلوم nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=82قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=83إلا عبادك منهم المخلصين .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=75قال يا إبليس ما منعك أي صرفك وصدك " أن تسجد " أي عن أن تسجد
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=75لما خلقت بيدي أضاف خلقه إلى نفسه تكريما له ، وإن كان خالق كل شيء ، وهذا كما أضاف إلى نفسه الروح والبيت والناقة والمساجد . فخاطب الناس بما يعرفونه في
[ ص: 204 ] تعاملهم ، فإن الرئيس من المخلوقين لا يباشر شيئا بيده إلا على سبيل الإعظام والتكرم ، فذكر اليد هنا بمعنى هذا . قال
مجاهد : اليد هاهنا بمعنى التأكد والصلة ، مجازه لما خلقت أنا كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=27ويبقى وجه ربك أي : يبقى ربك . وقيل : التشبيه في اليد في خلق الله تعالى دليل على أنه ليس بمعنى النعمة والقوة والقدرة ، وإنما هما صفتان من صفات ذاته تعالى . وقيل : أراد باليد القدرة ، يقال : ما لي بهذا الأمر يد . وما لي بالحمل الثقيل يدان . ويدل عليه أن الخلق لا يقع إلا بالقدرة بالإجماع . وقال الشاعر :
تحملت من عفراء ما ليس لي به ولا للجبال الراسيات يدان
وقيل :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=75لما خلقت بيدي لما خلقت بغير واسطة .
" أستكبرت " أي عن السجود
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=75أم كنت من العالين أي المتكبرين على ربك . وقرأ
محمد بن صالح عن
شبل عن
ابن كثير وأهل مكة " بيدي استكبرت " موصولة الألف على الخبر ، وتكون " أم " منقطعة بمعنى بل مثل :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=38أم يقولون افتراه وشبهه . ومن استفهم ف " أم " معادلة لهمزة الاستفهام ، وهو تقرير وتوبيخ . أي : استكبرت بنفسك حين أبيت السجود لآدم ، أم كنت من القوم الذين يتكبرون فتكبرت لهذا .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=76قال أنا خير منه قال
الفراء : من العرب من يقول أنا أخير منه وأشر منه ، وهذا هو الأصل إلا أنه حذف لكثرة الاستعمال .
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=76خلقتني من نار وخلقته من طين فضل النار على الطين ، وهذا جهل منه ; لأن الجواهر متجانسة ، فقاس فأخطأ القياس . وقد مضى في [ الأعراف ] بيانه .
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=77قال فاخرج منها يعني من الجنة
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=77فإنك رجيم أي مرجوم بالكواكب والشهب
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=78وإن عليك لعنتي أي طردي وإبعادي من رحمتي
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=78إلى يوم الدين تعريف بإصراره على الكفر ; لأن اللعن منقطع حينئذ ، ثم بدخوله النار يظهر تحقيق اللعن
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=79قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون أراد الملعون ألا يموت فلم يجب إلى ذلك ، وأخر إلى الوقت المعلوم وهو يوم يموت الخلق فيه ، فأخر تهاونا به
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=82قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين لما طرده بسبب
آدم حلف بعزة الله أنه يضل بني آدم بتزيين الشهوات وإدخال الشبهة عليهم ، فمعنى " لأغوينهم " : لأستدعينهم إلى المعاصي ، وقد علم أنه لا يصل إلا إلى الوسوسة ، ولا يفسد إلا من كان لا يصلح لو لم يوسوسه ، ولهذا قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=83إلا عبادك منهم المخلصين أي : الذين أخلصتهم لعبادتك ، وعصمتهم مني . وقد مضى في [ الحجر ] بيانه .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=treesubj&link=29009nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=75قَالَ يَا إِبْلِيسٌ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=75أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=76قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=77قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=78وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=79قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=80قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=81إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=82قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=83إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=75قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَيْ صَرَفَكَ وَصَدَّكَ " أَنْ تَسْجُدَ " أَيْ عَنْ أَنْ تَسْجُدَ
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=75لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَضَافَ خَلْقَهُ إِلَى نَفْسِهِ تَكْرِيمًا لَهُ ، وَإِنْ كَانَ خَالِقَ كُلِّ شَيْءٍ ، وَهَذَا كَمَا أَضَافَ إِلَى نَفْسِهِ الرُّوحَ وَالْبَيْتَ وَالنَّاقَةَ وَالْمَسَاجِدَ . فَخَاطَبَ النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَهُ فِي
[ ص: 204 ] تَعَامُلِهِمْ ، فَإِنَّ الرَّئِيسَ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ لَا يُبَاشِرُ شَيْئًا بِيَدِهِ إِلَّا عَلَى سَبِيلِ الْإِعْظَامِ وَالتَّكَرُّمِ ، فَذِكْرُ الْيَدِ هُنَا بِمَعْنَى هَذَا . قَالَ
مُجَاهِدٌ : الْيَدُ هَاهُنَا بِمَعْنَى التَّأَكُّدِ وَالصِّلَةِ ، مَجَازُهُ لِمَا خَلَقْتُ أَنَا كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=27وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ أَيْ : يَبْقَى رَبُّكَ . وَقِيلَ : التَّشْبِيهُ فِي الْيَدِ فِي خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِمَعْنَى النِّعْمَةِ وَالْقُوَّةِ وَالْقُدْرَةِ ، وَإِنَّمَا هُمَا صِفَتَانِ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ تَعَالَى . وَقِيلَ : أَرَادَ بِالْيَدِ الْقُدْرَةَ ، يُقَالُ : مَا لِي بِهَذَا الْأَمْرِ يَدٌ . وَمَا لِي بِالْحَمْلِ الثَّقِيلِ يَدَانِ . وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْخَلْقَ لَا يَقَعُ إِلَّا بِالْقُدْرَةِ بِالْإِجْمَاعِ . وَقَالَ الشَّاعِرُ :
تَحَمَّلْتُ مِنْ عَفْرَاءَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ وَلَا لِلْجِبَالِ الرَّاسِيَاتِ يَدَانِ
وَقِيلَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=75لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ لِمَا خَلَقْتُ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ .
" أَسْتَكْبَرْتَ " أَيْ عَنِ السُّجُودِ
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=75أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ أَيِ الْمُتَكَبِّرِينَ عَلَى رَبِّكَ . وَقَرَأَ
مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ
شِبْلٍ عَنِ
ابْنِ كَثِيرٍ وَأَهْلِ مَكَّةَ " بِيَدَيَّ اسْتَكْبَرْتَ " مَوْصُولَةَ الْأَلِفِ عَلَى الْخَبَرِ ، وَتَكُونُ " أَمْ " مُنْقَطِعَةً بِمَعْنَى بَلْ مِثْلَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=38أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ وَشِبْهِهِ . وَمَنِ اسْتَفْهَمَ فَ " أَمْ " مُعَادِلَةٌ لِهَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ ، وَهُوَ تَقْرِيرٌ وَتَوْبِيخٌ . أَيِ : اسْتَكْبَرْتَ بِنَفْسِكَ حِينَ أَبَيْتَ السُّجُودَ لِآدَمَ ، أَمْ كُنْتَ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فَتَكَبَّرْتَ لِهَذَا .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=76قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ قَالَ
الْفَرَّاءُ : مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ أَنَا أَخْيَرُ مِنْهُ وَأَشَرُّ مِنْهُ ، وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ إِلَّا أَنَّهُ حُذِفَ لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=76خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ فَضَّلَ النَّارَ عَلَى الطِّينِ ، وَهَذَا جَهْلٌ مِنْهُ ; لِأَنَّ الْجَوَاهِرَ مُتَجَانِسَةٌ ، فَقَاسَ فَأَخْطَأَ الْقِيَاسَ . وَقَدْ مَضَى فِي [ الْأَعْرَافِ ] بَيَانُهُ .
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=77قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا يَعْنِي مِنَ الْجَنَّةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=77فَإِنَّكَ رَجِيمٌ أَيْ مَرْجُومٌ بِالْكَوَاكِبِ وَالشُّهُبِ
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=78وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي أَيْ طَرْدِي وَإِبْعَادِي مِنْ رَحْمَتِي
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=78إِلَى يَوْمِ الدِّينِ تَعْرِيفٌ بِإِصْرَارِهِ عَلَى الْكُفْرِ ; لِأَنَّ اللَّعْنَ مُنْقَطِعٌ حِينَئِذٍ ، ثُمَّ بِدُخُولِهِ النَّارَ يَظْهَرُ تَحْقِيقُ اللَّعْنِ
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=79قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ أَرَادَ الْمَلْعُونُ أَلَّا يَمُوتَ فَلَمْ يُجَبْ إِلَى ذَلِكَ ، وَأُخِّرَ إِلَى الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ وَهُوَ يَوْمُ يَمُوتُ الْخَلْقُ فِيهِ ، فَأُخِّرَ تَهَاوُنًا بِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=82قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ لَمَّا طَرَدَهُ بِسَبَبِ
آدَمَ حَلَفَ بِعِزَّةِ اللَّهِ أَنَّهُ يُضِلُّ بَنِي آدَمَ بِتَزْيِينِ الشَّهَوَاتِ وَإِدْخَالِ الشُّبْهَةِ عَلَيْهِمْ ، فَمَعْنَى " لَأُغْوِيَنَّهُمْ " : لَأَسْتَدْعِيَنَّهُمْ إِلَى الْمَعَاصِي ، وَقَدْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَصِلُ إِلَّا إِلَى الْوَسْوَسَةِ ، وَلَا يُفْسِدُ إِلَّا مَنْ كَانَ لَا يَصْلُحُ لَوْ لَمْ يُوَسْوِسْهُ ، وَلِهَذَا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=83إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ أَيِ : الَّذِينَ أَخْلَصْتَهُمْ لِعِبَادَتِكَ ، وَعَصَمْتَهُمْ مِنِّي . وَقَدْ مَضَى فِي [ الْحِجْرِ ] بَيَانُهُ .