قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=71يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون .
فيه أربع مسائل :
الأولى :
nindex.php?page=treesubj&link=29014قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=71يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب أي : لهم في الجنة أطعمة وأشربة يطاف بها عليهم في صحاف من ذهب وأكواب . ولم يذكر الأطعمة والأشربة ; لأنه يعلم أنه لا معنى للإطافة بالصحاف والأكواب عليهم من غير أن يكون فيها شيء . وذكر
[ ص: 103 ] الذهب في الصحاف واستغنى به عن الإعادة في الأكواب ، كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=35والذاكرين الله كثيرا والذاكرات . وفي الصحيحين عن
حذيفة أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831130لا تلبسوا الحرير ولا الديباج ولا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة . وقد مضى في سورة ( الحج ) أن من أكل فيهما في الدنيا أو لبس الحرير في الدنيا ولم يتب حرم ذلك في الآخرة تحريما مؤبدا . والله أعلم . وقال المفسرون : يطوف على أدناهم في
الجنة منزلة سبعون ألف غلام بسبعين ألف صحفة من ذهب ، يغدى عليه بها ، في كل واحدة منها لون ليس في صاحبتها ، يأكل من آخرها كما يأكل من أولها ، ويجد طعم آخرها كما يجد طعم أولها ، لا يشبه بعضه بعضا ، ويراح عليه بمثلها . ويطوف على أرفعهم درجة كل يوم سبعمائة ألف غلام ، مع كل غلام صحفة من ذهب ، فيها لون من الطعام ليس في صاحبتها ، يأكل من آخرها كما يأكل من أولها ، ويجد طعم آخرها كما يجد طعم أولها ، لا يشبه بعضه بعضا . وأكواب أي : ويطاف عليهم بأكواب ، كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=15ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب وذكر
ابن المبارك قال : أخبرنا
معمر عن رجل عن
أبي قلابة قال : يؤتون بالطعام والشراب ، فإذا كان في آخر ذلك أوتوا بالشراب الطهور فتضمر لذلك بطونهم ، ويفيض عرقا من جلودهم أطيب من ريح المسك ، ثم قرأ
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=21شرابا طهورا . وفي صحيح
مسلم عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831131إن أهل الجنة يأكلون فيها ويشربون ولا يتفلون ولا يبولون ولا يتغوطون ولا يمتخطون قالوا فما بال الطعام ؟ قال : جشاء ورشح كرشح المسك يلهمون التسبيح والتحميد والتكبير - في رواية - كما يلهمون النفس .
الثانية : روى الأئمة من حديث
أم سلمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831132nindex.php?page=treesubj&link=831الذي يشرب في آنية الذهب والفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم وقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831133لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها وهذا يقتضي التحريم ، ولا خلاف في ذلك .
[ ص: 104 ] واختلف الناس في
nindex.php?page=treesubj&link=26515استعمالها في غير ذلك . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : والصحيح أنه لا يجوز للرجال استعمالها في شيء لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الذهب والحرير :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500506هذان حرام لذكور أمتي حل لإناثها . والنهي عن الأكل والشرب فيها يدل على تحريم استعمالها ; لأنه نوع من المتاع فلم يجز . أصله الأكل والشرب ، ولأن العلة في ذلك استعجال أمر الآخرة ، وذلك يستوي فيه الأكل والشرب وسائر أجزاء الانتفاع ، ولأنه - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831134هي لهم في الدنيا ولنا في الآخرة فلم يجعل لنا فيها حظا في الدنيا .
الثالثة :
nindex.php?page=treesubj&link=835_836إذا كان الإناء مضببا بهما أو فيه حلقة منهما ، فقال
مالك : لا يعجبني أن يشرب فيه ، وكذلك المرآة تكون فيها الحلقة من الفضة ولا يعجبني أن ينظر فيها وجهه .
nindex.php?page=hadith&LINKID=866050وقد كان عند أنس إناء مضبب بفضة وقال : لقد سقيت فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - . قال
ابن سيرين : كانت فيه حلقة حديد فأراد
أنس أن يجعل فيه حلقة فضة ، فقال
أبو طلحة : لا أغير شيئا مما صنعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فتركه .
الرابعة : إذا لم يجز استعمالها لم يجز اقتناؤها ; لأن ما لا يجوز استعماله لا يجوز اقتناؤه كالصنم والطنبور . وفي كتب علمائنا أنه يلزم الغرم في قيمتها لمن كسرها ، وهو معنى فاسد ، فإن كسره واجب فلا ثمن لقيمتها . ولا يجوز تقويمها في الزكاة بحال . وغير هذا لا يلتفت إليه .
قوله تعالى : بصحاف قال
الجوهري : الصحفة كالقصعة والجمع صحاف . قال
الكسائي : أعظم القصاع الجفنة ثم القصعة تليها تشبع العشرة ، ثم الصحفة تشبع الخمسة ، ثم المئكلة تشبع الرجلين والثلاثة ، ثم الصحيفة تشبع الرجل . والصحيفة الكتاب والجمع صحف وصحائف .
قوله تعالى : ( وأكواب ) قال
الجوهري : الكوب كوز لا عروة له ، والجمع أكواب قال
الأعشى يصف الخمر :
[ ص: 105 ] صريفية طيب طعمها لها زبد بين كوب ودن
وقال آخر :
متكئا تصفق أبوابه يسعى عليه العبد بالكوب
وقال
قتادة : الكوب المدور القصير العنق القصير العروة . والإبريق : المستطيل العنق الطويل العروة . وقال
الأخفش : الأكواب الأباريق التي لا خراطيم لها . وهي الأباريق التي ليست لها عرى . وقال
مجاهد : إنها الآنية المدورة الأفواه .
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : هي التي لا آذان لها .
ابن عزيز : ( أكواب ) أباريق لا عرى لها ولا خراطيم ، واحدها كوب .
قلت : وهو معنى قول
مجاهد nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي ، وهو مذهب أهل اللغة أنها التي لا آذان لها ولا عرى .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=71وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين روى
الترمذي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16035سليمان بن بريدة عن أبيه
nindex.php?page=hadith&LINKID=831135أن رجلا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله ، هل في الجنة من خيل ؟ قال : إن الله أدخلك الجنة فلا تشاء أن تحمل فيها على فرس من ياقوتة حمراء يطير بك في الجنة حيث شئت . قال : وسأله رجل فقال يا رسول الله ، هل في الجنة من إبل ؟ قال : فلم يقل له مثل ما قال لصاحبه قال : إن أدخلك الله الجنة يكن لك فيها ما اشتهت نفسك ولذت عينك . وقرأ
أهل المدينة ،
وابن عامر وأهل الشام nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=71وفيها ما تشتهيه الأنفس ، الباقون ( تشتهي الأنفس ) أي : تشتهيه الأنفس ، تقول الذي ضربت زيد ، أي : الذي ضربته زيد . ( وتلذ الأعين ) تقول : لذ الشيء يلذ لذاذا ، ولذاذة ، ولذذت بالشيء ألذ ( بالكسر في الماضي والفتح في المستقبل ) لذاذا ولذاذة ، أي : وجدته لذيذا . والتذذت به وتلذذت به بمعنى . أي : في الجنة ما تستلذه العين فكان حسن المنظر . وقال
سعيد بن جبير :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=71وتلذ الأعين النظر إلى الله - عز وجل - ، كما في الخبر : [
nindex.php?page=hadith&LINKID=831137أسألك لذة النظر إلى وجهك ] .
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=71وأنتم فيها خالدون باقون دائمون ; لأنها لو انقطعت لتبغضت .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=71يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ .
فِيهِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ :
الْأُولَى :
nindex.php?page=treesubj&link=29014قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=71يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ أَيْ : لَهُمْ فِي الْجَنَّةِ أَطْعِمَةٌ وَأَشْرِبَةٌ يُطَافُ بِهَا عَلَيْهِمْ فِي صِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ . وَلَمْ يَذْكُرِ الْأَطْعِمَةَ وَالْأَشْرِبَةَ ; لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلْإِطَافَةِ بِالصِّحَافِ وَالْأَكْوَابِ عَلَيْهِمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ فِيهَا شَيْءٌ . وَذَكَرَ
[ ص: 103 ] الذَّهَبَ فِي الصِّحَافِ وَاسْتَغْنَى بِهِ عَنِ الْإِعَادَةِ فِي الْأَكْوَابِ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=35وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ
حُذَيْفَةَ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831130لَا تَلْبَسُوا الْحَرِيرَ وَلَا الدِّيبَاجَ وَلَا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَلَا تَأْكُلُوا فِي صِحَافِهَا فَإِنَّهَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَكُمْ فِي الْآخِرَةِ . وَقَدْ مَضَى فِي سُورَةِ ( الْحَجِّ ) أَنَّ مَنْ أَكَلَ فِيهِمَا فِي الدُّنْيَا أَوْ لَبِسَ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا وَلَمْ يَتُبْ حُرِمَ ذَلِكَ فِي الْآخِرَةِ تَحْرِيمًا مُؤَبَّدًا . وَاللَّهُ أَعْلَمُ . وَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ : يَطُوفُ عَلَى أَدْنَاهُمْ فِي
الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً سَبْعُونَ أَلْفَ غُلَامٍ بِسَبْعِينَ أَلْفَ صَحْفَةٍ مِنْ ذَهَبٍ ، يُغَدَّى عَلَيْهِ بِهَا ، فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا لَوْنٌ لَيْسَ فِي صَاحِبَتِهَا ، يَأْكُلُ مِنْ آخِرِهَا كَمَا يَأْكُلُ مِنْ أَوَّلِهَا ، وَيَجِدُ طَعْمَ آخِرهَا كَمَا يَجِدُ طَعْمَ أَوَّلِهَا ، لَا يُشْبِهُ بَعْضُهُ بَعْضًا ، وَيُرَاحُ عَلَيْهِ بِمِثْلِهَا . وَيَطُوفُ عَلَى أَرْفَعِهِمْ دَرَجَةً كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُمِائَةِ أَلْفِ غُلَامٍ ، مَعَ كُلِّ غُلَامٍ صَحْفَةٌ مِنْ ذَهَبٍ ، فِيهَا لَوْنٌ مِنَ الطَّعَامِ لَيْسَ فِي صَاحِبَتِهَا ، يَأْكُلُ مِنْ آخِرِهَا كَمَا يَأْكُلُ مِنْ أَوَّلِهَا ، وَيَجِدُ طَعْمَ آخِرِهَا كَمَا يَجِدُ طَعْمَ أَوَّلِهَا ، لَا يُشْبِهُ بَعْضُهُ بَعْضًا . وَأَكْوَابٌ أَيْ : وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِأَكْوَابٍ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=15وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ وَذَكَرَ
ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ : أَخْبَرَنَا
مَعْمَرٌ عَنْ رَجُلٍ عَنْ
أَبِي قِلَابَةَ قَالَ : يُؤْتَوْنَ بِالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ ، فَإِذَا كَانَ فِي آخِرِ ذَلِكَ أُوتُوا بِالشَّرَابِ الطَّهُورِ فَتُضْمَرُ لِذَلِكَ بُطُونُهُمْ ، وَيُفِيضُ عَرَقًا مِنْ جُلُودِهِمْ أَطْيَبُ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ ، ثُمَّ قَرَأَ
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=21شَرَابًا طَهُورًا . وَفِي صَحِيحِ
مُسْلِمٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=36جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831131إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَأْكُلُونَ فِيهَا وَيَشْرَبُونَ وَلَا يَتْفُلُونَ وَلَا يَبُولُونَ وَلَا يَتَغَوَّطُونَ وَلَا يَمْتَخِطُونَ قَالُوا فَمَا بَالُ الطَّعَامِ ؟ قَالَ : جُشَاءٌ وَرَشْحٌ كَرَشْحِ الْمِسْكِ يُلْهَمُونَ التَّسْبِيحَ وَالتَّحْمِيدَ وَالتَّكْبِيرَ - فِي رِوَايَةٍ - كَمَا يُلْهَمُونَ النَّفَسَ .
الثَّانِيَةُ : رَوَى الْأَئِمَّةُ مِنْ حَدِيثِ
أُمِّ سَلَمَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831132nindex.php?page=treesubj&link=831الَّذِي يَشْرَبُ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ إِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ وَقَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831133لَا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَلَا تَأْكُلُوا فِي صِحَافِهَا وَهَذَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ ، وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ .
[ ص: 104 ] وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=26515اسْتِعْمَالِهَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابْنُ الْعَرَبِيِّ : وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلرِّجَالِ اسْتِعْمَالُهَا فِي شَيْءٍ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الذَّهَبِ وَالْحَرِيرِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500506هَذَانِ حَرَامٌ لِذُكُورِ أُمَّتِي حِلٌّ لِإِنَاثِهَا . وَالنَّهْيُ عَنِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فِيهَا يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ اسْتِعْمَالِهَا ; لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنَ الْمَتَاعِ فَلَمْ يَجُزْ . أَصْلُهُ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ ، وَلِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي ذَلِكَ اسْتِعْجَالُ أَمْرِ الْآخِرَةِ ، وَذَلِكَ يَسْتَوِي فِيهِ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ وَسَائِرُ أَجْزَاءِ الِانْتِفَاعِ ، وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831134هِيَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَنَا فِي الْآخِرَةِ فَلَمْ يَجْعَلْ لَنَا فِيهَا حَظًّا فِي الدُّنْيَا .
الثَّالِثَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=835_836إِذَا كَانَ الْإِنَاءُ مُضَبَّبًا بِهِمَا أَوْ فِيهِ حَلْقَةٌ مِنْهُمَا ، فَقَالَ
مَالِكٌ : لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُشْرَبَ فِيهِ ، وَكَذَلِكَ الْمِرْآةُ تَكُونُ فِيهَا الْحَلْقَةُ مِنَ الْفِضَّةِ وَلَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَنْظُرَ فِيهَا وَجْهَهُ .
nindex.php?page=hadith&LINKID=866050وَقَدْ كَانَ عِنْدَ أَنَسٍ إِنَاءٌ مُضَبَّبٌ بِفِضَّةٍ وَقَالَ : لَقَدْ سَقَيْتُ فِيهِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . قَالَ
ابْنُ سِيرِينَ : كَانَتْ فِيهِ حَلْقَةُ حَدِيدٍ فَأَرَادَ
أَنَسٌ أَنْ يَجْعَلَ فِيهِ حَلْقَةَ فِضَّةٍ ، فَقَالَ
أَبُو طَلْحَةَ : لَا أُغَيِّرُ شَيْئًا مِمَّا صَنَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، فَتَرَكَهُ .
الرَّابِعَةُ : إِذَا لَمْ يَجُزِ اسْتِعْمَالُهَا لَمْ يَجُزِ اقْتِنَاؤُهَا ; لِأَنَّ مَا لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ لَا يَجُوزُ اقْتِنَاؤُهُ كَالصَّنَمِ وَالطُّنْبُورِ . وَفِي كُتُبِ عُلَمَائِنَا أَنَّهُ يَلْزَمُ الْغُرْمَ فِي قِيمَتِهَا لِمَنْ كَسَرَهَا ، وَهُوَ مَعْنًى فَاسِدٌ ، فَإِنَّ كَسْرَهُ وَاجِبٌ فَلَا ثَمَنَ لِقِيمَتِهَا . وَلَا يَجُوزُ تَقْوِيمُهَا فِي الزَّكَاةِ بِحَالٍ . وَغَيْرُ هَذَا لَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ .
قَوْلُهُ تَعَالَى : بِصِحَافٍ قَالَ
الْجَوْهَرِيُّ : الصَّحْفَةُ كَالْقَصْعَةِ وَالْجَمْعُ صِحَافٌ . قَالَ
الْكِسَائِيُّ : أَعْظَمُ الْقِصَاعِ الْجَفْنَةُ ثُمَّ الْقَصْعَةُ تَلِيهَا تُشْبِعُ الْعَشَرَةَ ، ثُمَّ الصَّحْفَةُ تُشْبِعُ الْخَمْسَةَ ، ثُمَّ الْمِئْكَلَةُ تُشْبِعُ الرَّجُلَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ ، ثُمَّ الصُّحَيْفَةُ تُشْبِعُ الرَّجُلَ . وَالصَّحِيفَةُ الْكِتَابُ وَالْجَمْعُ صُحُفٌ وَصَحَائِفٌ .
قَوْلُهُ تَعَالَى : ( وَأَكْوَابٌ ) قَالَ
الْجَوْهَرِيُّ : الْكُوبُ كُوزٌ لَا عُرْوَةَ لَهُ ، وَالْجَمْعُ أَكْوَابٌ قَالَ
الْأَعْشَى يَصِفُ الْخَمْرَ :
[ ص: 105 ] صِرِيفِيَّةٌ طَيِّبٌ طَعْمُهَا لَهَا زَبَدٌ بَيْنَ كُوبٍ وَدَنٍّ
وَقَالَ آخَرُ :
مُتَّكِئًا تَصْفِقُ أَبْوَابُهُ يَسْعَى عَلَيْهِ الْعَبْدُ بِالْكُوبِ
وَقَالَ
قَتَادَةُ : الْكُوبُ الْمُدَوَّرُ الْقَصِيرُ الْعُنُقِ الْقَصِيرُ الْعُرْوَةِ . وَالْإِبْرِيقُ : الْمُسْتَطِيلُ الْعُنُقِ الطَّوِيلُ الْعُرْوَةِ . وَقَالَ
الْأَخْفَشُ : الْأَكْوَابُ الْأَبَارِيقُ الَّتِي لَا خَرَاطِيمَ لَهَا . وَهِيَ الْأَبَارِيقُ الَّتِي لَيْسَتْ لَهَا عُرًى . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : إِنَّهَا الْآنِيَةُ الْمُدَوَّرَةُ الْأَفْوَاهِ .
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ : هِيَ الَّتِي لَا آذَانَ لَهَا .
ابْنُ عَزِيزٍ : ( أَكْوَابٌ ) أَبَارِيقُ لَا عُرًى لَهَا وَلَا خَرَاطِيمَ ، وَاحِدُهَا كُوبٌ .
قُلْتُ : وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ
مُجَاهِدٍ nindex.php?page=showalam&ids=14468وَالسُّدِّيُّ ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّهَا الَّتِي لَا آذَانَ لَهَا وَلَا عُرًى .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=71وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ رَوَى
التِّرْمِذِيُّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16035سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ
nindex.php?page=hadith&LINKID=831135أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، هَلْ فِي الْجَنَّةِ مِنْ خَيْلٍ ؟ قَالَ : إِنَّ اللَّهَ أَدْخَلَكَ الْجَنَّةَ فَلَا تَشَاءُ أَنْ تُحْمَلَ فِيهَا عَلَى فَرَسٍ مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ يَطِيرُ بِكَ فِي الْجَنَّةِ حَيْثُ شِئْتَ . قَالَ : وَسَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، هَلْ فِي الْجَنَّةِ مِنْ إِبِلٍ ؟ قَالَ : فَلَمْ يَقُلْ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِصَاحِبِهِ قَالَ : إِنْ أَدْخَلَكَ اللَّهُ الْجَنَّةَ يَكُنْ لَكَ فِيهَا مَا اشْتَهَتْ نَفْسُكَ وَلَذَّتْ عَيْنُكَ . وَقَرَأَ
أَهْلُ الْمَدِينَةِ ،
وَابْنُ عَامِرٍ وَأَهْلُ الشَّامِ nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=71وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ ، الْبَاقُونَ ( تَشْتَهِي الْأَنْفُسُ ) أَيْ : تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ ، تَقُولُ الَّذِي ضَرَبْتَ زَيْدٌ ، أَيِ : الَّذِي ضَرَبْتَهُ زَيْدٌ . ( وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ ) تَقُولُ : لَذَّ الشَّيْءُ يَلَذُّ لِذَاذًا ، وَلَذَاذَةً ، وَلَذِذْتُ بِالشَّيْءِ أَلَذُّ ( بِالْكَسْرِ فِي الْمَاضِي وَالْفَتْحِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ ) لِذَاذًا وَلَذَاذَةً ، أَيْ : وَجَدْتُهُ لَذِيذًا . وَالْتَذَذْتُ بِهِ وَتَلَذَّذْتُ بِهِ بِمَعْنًى . أَيْ : فِي الْجَنَّةِ مَا تَسْتَلِذُّهُ الْعَيْنُ فَكَانَ حَسَنَ الْمَنْظَرِ . وَقَالَ
سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=71وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ النَّظَرُ إِلَى اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - ، كَمَا فِي الْخَبَرِ : [
nindex.php?page=hadith&LINKID=831137أَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ ] .
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=71وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ بَاقُونَ دَائِمُونَ ; لِأَنَّهَا لَوِ انْقَطَعَتْ لَتَبَغَّضَتْ .