قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=56لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى ووقاهم عذاب الجحيم فضلا من ربك ذلك هو الفوز العظيم .
nindex.php?page=treesubj&link=29015قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=56لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى أي لا يذوقون فيها الموت البتة
[ ص: 144 ] لأنهم خالدون فيها . ثم قال : إلا الموتة الأولى على الاستثناء المنقطع ، أي : لكن الموتة الأولى قد ذاقوها في الدنيا . وأنشد
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه :
من كان أسرع في تفرق فالج فلبونه جربت معا وأغدت
ثم استثنى بما ليس من الأول فقال :
إلا كناشرة الذي ضيعتم كالغصن في غلوائه المتنبت
وقيل : إن ( إلا ) بمعنى بعد ، كقولك : ما كلمت رجلا اليوم إلا رجلا عندك ، أي : بعد رجل عندك . وقيل : ( إلا ) بمعنى سوى ، أي : سوى الموتة التي ماتوها في الدنيا ، كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف . وهو كما تقول : ما ذقت اليوم طعاما سوى ما أكلت أمس . وقال
القتبي :
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=56إلا الموتة الأولى معناه أن المؤمن إذا أشرف على الموت استقبلته ملائكة الرحمة ويلقى الروح والريحان ، وكان موته في الجنة لاتصافه بأسبابها ، فهو استثناء صحيح . والموت عرض لا يذاق ، ولكن جعل كالطعام الذي يكره ذوقه ، فاستعير فيه لفظ الذوق .
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=56ووقاهم عذاب الجحيم فضلا من ربك أي : فعل ذلك بهم تفضلا منه عليهم . ف ( فضلا ) مصدر عمل فيه ( يدعون ) . وقيل : العامل فيه ( ووقاهم ) . وقيل : فعل مضمر . وقيل : معنى الكلام الذي قبله ، لأنه تفضل منه عليهم ، إذ وفقهم في الدنيا إلى أعمال يدخلون بها الجنة . ( ذلك هو الفوز العظيم ) أي السعادة والربح العظيم والنجاة العظيمة . وقيل : هو من قولك فاز بكذا ، أي : ناله وظفر به .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=56لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ .
nindex.php?page=treesubj&link=29015قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=56لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى أَيْ لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ الْبَتَّةَ
[ ص: 144 ] لِأَنَّهُمْ خَالِدُونَ فِيهَا . ثُمَّ قَالَ : إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ الْمُنْقَطِعِ ، أَيْ : لَكِنَّ الْمَوْتَةَ الْأُولَى قَدْ ذَاقُوهَا فِي الدُّنْيَا . وَأَنْشَدَ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ :
مَنْ كَانَ أَسْرَعَ فِي تَفَرُّقِ فَالِجٍ فَلَبُونُهُ جَرِبَتْ مَعًا وَأَغَدَّتِ
ثُمَّ اسْتَثْنَى بِمَا لَيْسَ مِنَ الْأَوَّلِ فَقَالَ :
إِلَّا كَنَاشِرَةِ الَّذِي ضَيَّعْتُمُ كَالْغُصْنِ فِي غُلَوَائِهِ الْمُتَنَبَّتِ
وَقِيلَ : إِنَّ ( إِلَّا ) بِمَعْنَى بَعْدُ ، كَقَوْلِكَ : مَا كَلَّمْتُ رَجُلًا الْيَوْمَ إِلَّا رَجُلًا عِنْدَكَ ، أَيْ : بَعْدَ رَجُلٍ عِنْدَكَ . وَقِيلَ : ( إِلَّا ) بِمَعْنَى سِوَى ، أَيْ : سِوَى الْمَوْتَةِ الَّتِي مَاتُوهَا فِي الدُّنْيَا ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=22وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ . وَهُوَ كَمَا تَقُولُ : مَا ذُقْتُ الْيَوْمَ طَعَامًا سِوَى مَا أَكَلْتُ أَمْسِ . وَقَالَ
الْقُتَبِيُّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=56إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى مَعْنَاهُ أَنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا أَشْرَفَ عَلَى الْمَوْتِ اسْتَقْبَلَتْهُ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَيَلْقَى الرَّوْحَ وَالرَّيْحَانَ ، وَكَانَ مَوْتُهُ فِي الْجَنَّةِ لِاتِّصَافِهِ بِأَسْبَابِهَا ، فَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ صَحِيحٌ . وَالْمَوْتُ عَرَضٌ لَا يُذَاقُ ، وَلَكِنْ جُعِلَ كَالطَّعَامِ الَّذِي يُكْرَهُ ذَوْقُهُ ، فَاسْتُعِيرَ فِيهِ لَفْظُ الذَّوْقِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=56وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ أَيْ : فَعَلَ ذَلِكَ بِهِمْ تَفَضُّلًا مِنْهُ عَلَيْهِمْ . فَ ( فَضْلًا ) مَصْدَرٌ عَمَلَ فِيهِ ( يَدْعُونَ ) . وَقِيلَ : الْعَامِلُ فِيهِ ( وَوَقَاهُمْ ) . وَقِيلَ : فِعْلٌ مُضْمَرٌ . وَقِيلَ : مَعْنَى الْكَلَامِ الَّذِي قَبْلَهُ ، لِأَنَّهُ تَفَضُّلٌ مِنْهُ عَلَيْهِمْ ، إِذْ وَفَّقَهُمْ فِي الدُّنْيَا إِلَى أَعْمَالٍ يَدْخُلُونَ بِهَا الْجَنَّةَ . ( ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) أَيِ السَّعَادَةُ وَالرِّبْحُ الْعَظِيمُ وَالنَّجَاةُ الْعَظِيمَةُ . وَقِيلَ : هُوَ مِنْ قَوْلِكَ فَازَ بِكَذَا ، أَيْ : نَالَهُ وَظَفِرَ بِهِ .