[ ص: 153 ] nindex.php?page=treesubj&link=29016قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=18ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون .
فيه مسألتان :
الأولى : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=18ثم جعلناك على شريعة من الأمر الشريعة في اللغة : المذهب والملة . ويقال لمشرعة الماء - وهي مورد الشاربة - : شريعة . ومنه الشارع لأنه طريق إلى المقصد . فالشريعة : ما شرع الله لعباده من الدين ، والجمع : الشرائع . والشرائع في الدين : المذاهب التي شرعها الله لخلقه . فمعنى : جعلناك على شريعة من الأمر أي : على منهاج واضح من أمر الدين يشرع بك إلى الحق . وقال
ابن عباس : على شريعة أي : على هدى من الأمر .
قتادة : الشريعة : الأمر والنهي والحدود والفرائض .
مقاتل : البينة ; لأنها طريق إلى الحق .
الكلبي : السنة ; لأنه يستن بطريقة من قبله من الأنبياء .
ابن زيد : الدين ; لأنه طريق النجاة . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : والأمر يرد في اللغة بمعنيين : أحدهما : بمعنى الشأن كقوله : فاتبعوا أمر فرعون وما أمر فرعون برشيد . والثاني : أحد أقسام الكلام الذي يقابله النهي . وكلاهما يصح أن يكون مرادا هاهنا ، وتقديره : ثم جعلناك على طريقة من الدين وهي ملة الإسلام ، كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=123ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين .
ولا خلاف أن الله تعالى لم يغاير بين الشرائع في التوحيد والمكارم والمصالح ، وإنما خالف بينهما في الفروع حسبما علمه سبحانه .
الثاني : قال
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : ظن بعض من يتكلم في العلم أن هذه الآية دليل على أن
nindex.php?page=treesubj&link=22138_22123شرع من قبلنا ليس بشرع لنا ; لأن الله تعالى أفرد النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمته في هذه الآية بشريعة ، ولا ننكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمته منفردان بشريعة ، وإنما الخلاف فيما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - عنه من شرع من قبلنا في معرض المدح والثناء هل يلزم اتباعه أم لا .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=18ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون يعني المشركين . وقال
ابن عباس :
قريظة والنضير . وعنه : نزلت لما دعته
قريش إلى دين آبائه .
[ ص: 154 ]
[ ص: 153 ] nindex.php?page=treesubj&link=29016قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=18ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ .
فِيهِ مَسْأَلَتَانِ :
الْأُولَى : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=18ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ الشَّرِيعَةُ فِي اللُّغَةِ : الْمَذْهَبُ وَالْمِلَّةُ . وَيُقَالُ لِمَشْرَعَةِ الْمَاءِ - وَهِيَ مَوْرِدُ الشَّارِبَةِ - : شَرِيعَةُ . وَمِنْهُ الشَّارِعُ لِأَنَّهُ طَرِيقٌ إِلَى الْمَقْصِدِ . فَالشَّرِيعَةُ : مَا شَرَعَ اللَّهُ لِعِبَادِهِ مِنَ الدِّينِ ، وَالْجَمْعُ : الشَّرَائِعُ . وَالشَّرَائِعُ فِي الدِّينِ : الْمَذَاهِبُ الَّتِي شَرَعَهَا اللَّهُ لِخَلْقِهِ . فَمَعْنَى : جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ أَيْ : عَلَى مِنْهَاجٍ وَاضِحٍ مِنْ أَمْرِ الدِّينِ يَشْرَعُ بِكَ إِلَى الْحَقِّ . وَقَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : عَلَى شَرِيعَةٍ أَيْ : عَلَى هُدًى مِنَ الْأَمْرِ .
قَتَادَةُ : الشَّرِيعَةُ : الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ وَالْحُدُودُ وَالْفَرَائِضُ .
مُقَاتِلٌ : الْبَيِّنَةُ ; لِأَنَّهَا طَرِيقٌ إِلَى الْحَقِّ .
الْكَلْبِيُّ : السُّنَّةُ ; لِأَنَّهُ يَسْتَنُّ بِطَرِيقَةِ مَنْ قَبْلَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ .
ابْنُ زَيْدٍ : الدِّينُ ; لِأَنَّهُ طَرِيقُ النَّجَاةِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابْنُ الْعَرَبِيِّ : وَالْأَمْرُ يَرِدُ فِي اللُّغَةِ بِمَعْنَيَيْنِ : أَحَدُهُمَا : بِمَعْنَى الشَّأْنِ كَقَوْلِهِ : فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ . وَالثَّانِي : أَحَدُ أَقْسَامِ الْكَلَامِ الَّذِي يُقَابِلُهُ النَّهْيُ . وَكِلَاهُمَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُرَادًا هَاهُنَا ، وَتَقْدِيرُهُ : ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى طَرِيقَةٍ مِنَ الدِّينِ وَهِيَ مِلَّةُ الْإِسْلَامِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=123ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ .
وَلَا خِلَافَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُغَايِرْ بَيْنَ الشَّرَائِعِ فِي التَّوْحِيدِ وَالْمَكَارِمِ وَالْمَصَالِحِ ، وَإِنَّمَا خَالَفَ بَيْنَهُمَا فِي الْفُرُوعِ حَسْبَمَا عَلَّمَهُ سُبْحَانَهُ .
الثَّانِي : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابْنُ الْعَرَبِيِّ : ظَنَّ بَعْضُ مَنْ يَتَكَلَّمُ فِي الْعِلْمِ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=22138_22123شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا لَيْسَ بِشَرْعٍ لَنَا ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَفْرَدَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأُمَّتَهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِشَرِيعَةٍ ، وَلَا نُنْكِرُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأُمَّتَهُ مُنْفَرِدَانِ بِشَرِيعَةٍ ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِيمَا أَخْبَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْهُ مِنْ شَرْعِ مَنْ قَبْلَنَا فِي مَعْرِضِ الْمَدْحِ وَالثَّنَاءِ هَلْ يَلْزَمُ اتِّبَاعُهُ أَمْ لَا .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=18وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ يَعْنِي الْمُشْرِكِينَ . وَقَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ :
قُرَيْظَةُ وَالنَّضِيرُ . وَعَنْهُ : نَزَلَتْ لَمَّا دَعَتْهُ
قُرَيْشٌ إِلَى دِينِ آبَائِهِ .
[ ص: 154 ]