قال المصنف رحمه الله تعالى ( لما روت وأما العمرة فإنها تجوز في أشهر الحج وغيرها رضي الله عنها { عائشة } وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر عمرتين في ذي القعدة وفي شوال رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { ابن عباس } ولا يكره فعل عمرتين وأكثر في سنة ، لما ذكرناه من حديث عمرة في رمضان تعدل حجة رضي الله عنها ) عائشة
التالي
السابق
( الشرح ) حديث رواه ابن عباس البخاري . ومسلم
وروت أم معقل الصحابية رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { } رواه عمرة في رمضان تعدل حجة أبو داود والترمذي وغيرهم ، قال والنسائي الترمذي : حديث حسن ، قال : وفي الباب بغير عمرة في رمضان عن [ ص: 138 ] ابن عباس وجابر وأنس بن مالك وأبي هريرة ووهب بن خنبش قال : ويقال هرم بن خنبش رضي الله عنهما قال الترمذي : قال إسحاق - يعني ابن راهويه : معنى هذا الحديث مثل " قراءة { قل هو الله أحد } تعدل ثلث القرآن " .
( وأما ) حديث { عائشة } فصحيح رواه أن النبي صلى الله عليه وسلم أعتمر مرتين في ذي القعدة وفي شوال أبو داود في سننه بإسناده الصحيح ، وقد ثبت فعل العمرة في أشهر الحج في الأحاديث الصحيحة من طرق كثيرة ( منها ) حديث { أنس } رواه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر أربع عمر كلهن في ذي القعدة إلا التي مع حجته البخاري . وعن ومسلم قال : { ابن عمر فقالت : يرحم الله عائشة ما اعتمر عمرة قط إلا وهو شاهد ، وما اعتمر قط في رجب أبا عبد الرحمن } رواه اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع عمر إحداهن في رجب ، فبلغ ذلك البخاري . ومسلم
وعن { البراء } رواه أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر في ذي القعدة الترمذي وقال : حديث حسن صحيح ، وفي الباب عن وغيره أحاديث كثيرة . أما الأحكام فقال ابن عباس والأصحاب : جميع السنة وقت للعمرة فيجوز الإحرام بها في كل وقت من السنة ، ولا يكره في وقت من الأوقات ، وسواء أشهر الحج وغيرها في جوازها فيها من غير كراهة ، ولا يكره الشافعي ، ولا في اليوم الواحد ، بل يستحب الإكثار منها بلا خلاف عندنا ، قال أصحابنا : ويستحب عمرتان وثلاث وأكثر في السنة الواحدة للأحاديث السابقة ، قال الاعتمار في أشهر الحج وفي رمضان المتولي وغيره : والعمرة في رمضان أفضل منها في باقي السنة للحديث السابق ، قال أصحابنا : وقد يمتنع الإحرام بالعمرة في بعض السنة لعارض لا بسبب الوقت ، وذلك كالمحرم بالحج لا يجوز له الإحرام بالعمرة بعد الشروع في التحلل من الحج بلا خلاف وكذا لا يصح إحرامه بها قبل الشروع في التحلل على المذهب ، كما سنوضحه قريبا إن شاء الله تعالى في إحرام القارن .
وروت أم معقل الصحابية رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { } رواه عمرة في رمضان تعدل حجة أبو داود والترمذي وغيرهم ، قال والنسائي الترمذي : حديث حسن ، قال : وفي الباب بغير عمرة في رمضان عن [ ص: 138 ] ابن عباس وجابر وأنس بن مالك وأبي هريرة ووهب بن خنبش قال : ويقال هرم بن خنبش رضي الله عنهما قال الترمذي : قال إسحاق - يعني ابن راهويه : معنى هذا الحديث مثل " قراءة { قل هو الله أحد } تعدل ثلث القرآن " .
( وأما ) حديث { عائشة } فصحيح رواه أن النبي صلى الله عليه وسلم أعتمر مرتين في ذي القعدة وفي شوال أبو داود في سننه بإسناده الصحيح ، وقد ثبت فعل العمرة في أشهر الحج في الأحاديث الصحيحة من طرق كثيرة ( منها ) حديث { أنس } رواه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر أربع عمر كلهن في ذي القعدة إلا التي مع حجته البخاري . وعن ومسلم قال : { ابن عمر فقالت : يرحم الله عائشة ما اعتمر عمرة قط إلا وهو شاهد ، وما اعتمر قط في رجب أبا عبد الرحمن } رواه اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع عمر إحداهن في رجب ، فبلغ ذلك البخاري . ومسلم
وعن { البراء } رواه أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر في ذي القعدة الترمذي وقال : حديث حسن صحيح ، وفي الباب عن وغيره أحاديث كثيرة . أما الأحكام فقال ابن عباس والأصحاب : جميع السنة وقت للعمرة فيجوز الإحرام بها في كل وقت من السنة ، ولا يكره في وقت من الأوقات ، وسواء أشهر الحج وغيرها في جوازها فيها من غير كراهة ، ولا يكره الشافعي ، ولا في اليوم الواحد ، بل يستحب الإكثار منها بلا خلاف عندنا ، قال أصحابنا : ويستحب عمرتان وثلاث وأكثر في السنة الواحدة للأحاديث السابقة ، قال الاعتمار في أشهر الحج وفي رمضان المتولي وغيره : والعمرة في رمضان أفضل منها في باقي السنة للحديث السابق ، قال أصحابنا : وقد يمتنع الإحرام بالعمرة في بعض السنة لعارض لا بسبب الوقت ، وذلك كالمحرم بالحج لا يجوز له الإحرام بالعمرة بعد الشروع في التحلل من الحج بلا خلاف وكذا لا يصح إحرامه بها قبل الشروع في التحلل على المذهب ، كما سنوضحه قريبا إن شاء الله تعالى في إحرام القارن .
قال أصحابنا : لو بمنى للرمي والمبيت ، فأحرم [ ص: 139 ] بالعمرة لم ينعقد إحرامه بلا خلاف نص عليه تحلل من الحج التحللين وأقام واتفق عليه الأصحاب ، نص عليه الأصحاب ; لأنه عاجز عن التشاغل بها لوجوب ملازمة إتمام الحج بالرمي والمبيت قال أصحابنا : ولا يلزمه بذلك شيء . الشافعي
( فأما ) إذا ليلا أو نهارا فعمرته صحيحة بلا خلاف قال الشيخ نفر النفر الأول وهو بعد الرمي في اليوم الثاني من أيام التشريق ، فأحرم بعمرة فيما بقي من أيام التشريق في كتابه الفروق وآخرون من أصحابنا : والفرق بين هاتين الصورتين أن المقيم أبو محمد الجويني بمنى يوم النفر وإن كان خاليا من علائق الإحرام بالتحللين ، إلا أنه مقيم على نسك مشتغل بإتمامه وهو الرمي والمبيت ، وهما من تمام الحج ، فلا تنعقد عمرته ما لم يكمل حجه بخلاف من نفر فإنه فرغ من الحج وصار كغير الحاج ، قال : ولا يتصور حين يحرم بالعمرة في وقت ، ولا تنعقد عمرته إلا في هذه المسألة وقد يرد على هذا ما إذا أحرم بالعمرة في حال جماعه المرأة ، فإنه حلال ولا ينعقد إحرامه على أصح الأوجه ، كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى في جماع المحرم ، ويمكن أن يجاب عنه بأن عدم انعقاد العمرة هنا لعدم أهلية المحرم لا لعارض ، فهو كالكافر وغيره ، ممن لا يصح إحرامه لعدم أهليته ، ولا شك أن الكافر ونحوه لا يرد على قول أبو محمد ، والله أعلم . الشيخ أبي محمد
( فرع ) في . قد ذكرنا أن مذهبنا جوازها في جميع السنة ، ولا تكره في شيء منها ، وبهذا قال مذاهب العلماء في وقت العمرة مالك وأحمد ، ونقله وداود الماوردي عن جمهور الفقهاء ، وقال ، تكره العمرة ، واحتج أصحابنا بأن الأصل عدم الكراهة حتى يثبت النهي الشرعي ، ولم يثبت هذا الخبر ; ولأنه يجوز القران في يوم عرفة بلا كراهة ، فلا يكره إفراد العمرة فيه كما في جميع السنة ; ولأن كل وقت لا يكره فيه استدامة العمرة لا يكره فيه إنشاؤها كباقي السنة . أبو حنيفة
( وأما ) قول ( فأجاب ) أصحابنا عنه بأجوبة أجودها أنه باطل لا يعرف عنها ، ولم يذكره عنها أحد ممن يعتمد ، ولو صح لكان قول [ ص: 140 ] صحابي لم يشتهر ، فلا حجة فيه على الصحيح ، ولو صح واشتهر لكان محمولا على من كان متلبسا بالحج ( وأما ) قولهم : إنها أيام الحج فكرهت فيها العمرة ، فدعوى باطلة لا شبهة لها . عائشة
( فرع ) : في مذاهبهم في تكرار العمرة في السنة . مذهبنا أنه لا يكره ذلك بل يستحب ، وبه قال أبو حنيفة وجمهور العلماء من السلف والخلف ، وممن حكاه عن الجمهور وأحمد الماوردي والسرخسي والعبدري ، وحكاه عن ابن المنذر علي بن أبي طالب وابن عمر وابن عباس وأنس وعائشة وغيرهم رضي الله عنهما ، وقال وعطاء الحسن البصري وابن سيرين : تكره العمرة في السنة أكثر من مرة ; لأنها عبادة تشتمل على الطواف والسعي فلا تفعل في السنة إلا مرة كالحج ، واحتج ومالك والأصحاب الشافعي وخلائق بما ثبت في الحديث الصحيح { وابن المنذر رضي الله عنها أحرمت بعمرة عام حجة الوداع ، فحاضت ، فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تحرم بحج ففعلت ، وصارت قارنة ووقفت المواقف ، فلما طهرت طافت وسعت فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم قد حللت من حجك وعمرتك ، فطلبت من النبي صلى الله عليه وسلم أن يعمرها عمرة أخرى ، فأذن لها فاعتمرت من عائشة التنعيم عمرة أخرى } رواه أن البخاري مطولا ، ونقلته مختصرا . ومسلم
قال : وكانت عمرتها في ذي الحجة ، ثم أعمرها العمرة الأخرى في ذي الحجة ، فكان لها عمرتان في ذي الحجة . وعن الشافعي عائشة أيضا " أنها اعتمرت في سنة مرتين أي بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم " وفي رواية ثلاث عمر ، وعن أنه اعتمر أعواما في عهد ابن عمر مرتين في كل عام ، ذكر هذه الآثار كلها ابن الزبير ، ثم الشافعي بأسانيدهما . البيهقي
( وأما ) الحديث الذي ذكره المصنف فليس فيه دلالة ظاهرة ; لأنها لم تقل : اعتمر في ذي القعدة وشوال من سنة واحدة واحتج أصحابنا أيضا في المسألة بحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { أبي هريرة } رواه العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما البخاري ، وسبق ذكره في أول [ ص: 141 ] كتاب الحج ، ولكن ليست دلالته ظاهرة ، وإن كان ومسلم وغيره قد احتجوا به ، وصدر به البيهقي الباب ، فقال بعض أصحابنا : وجه دلالته أنه صلى الله عليه وسلم لم يفرق بين كون العمرتين في سنة أو سنتين ، وهذا تعليق ضعيف . واحتج أيضا بالقياس على الصلاة فقالوا : عبادة غير مؤقتة ، فلم يكره تكرارها في السنة كالصلاة ، قال البيهقي في المختصر : من قال : لا يعتمر في السنة إلا مرة مخالف لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني حديث الشافعي السابق ( فإن قيل ) قد ثبت في حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها : { عائشة } ففعلت ، ثم اعتمرت ، وهذا ظاهره أنه لم يحصل لها إلا عمرة واحدة ( فالجواب ) أنها لم ترفضها ، يعني الخروج منها والإعراض عنها ; لأن العمرة والحج لا يخرج منهما بنية الخروج بلا خلاف وإنما رفضها رفض أعمالها مستقلة ; لأنها أحرمت بعدها بالحج ، فصارت قارنة فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " ارفضيها " أي اتركي أعمالها المستقلة لاندراجها في أفعال الحج ( وأما ) امتشاطها ، فلا دلالة فيه . قال القاضي ارفضي عمرتك وامتشطي وأهلي بالحج وغيره ; لأن المحرم يجوز له عندنا الامتشاط ( وأما ) الجواب عن احتجاج أبو الطيب بالقياس على الحج ، فهو أن الحج مؤقت لا يتصور تكراره في السنة والعمرة غير مؤقتة ، فتصور تكرارها كالصلاة والله أعلم . مالك
( وأما ) قول ( فأجاب ) أصحابنا عنه بأجوبة أجودها أنه باطل لا يعرف عنها ، ولم يذكره عنها أحد ممن يعتمد ، ولو صح لكان قول [ ص: 140 ] صحابي لم يشتهر ، فلا حجة فيه على الصحيح ، ولو صح واشتهر لكان محمولا على من كان متلبسا بالحج ( وأما ) قولهم : إنها أيام الحج فكرهت فيها العمرة ، فدعوى باطلة لا شبهة لها . عائشة
( فرع ) : في مذاهبهم في تكرار العمرة في السنة . مذهبنا أنه لا يكره ذلك بل يستحب ، وبه قال أبو حنيفة وجمهور العلماء من السلف والخلف ، وممن حكاه عن الجمهور وأحمد الماوردي والسرخسي والعبدري ، وحكاه عن ابن المنذر علي بن أبي طالب وابن عمر وابن عباس وأنس وعائشة وغيرهم رضي الله عنهما ، وقال وعطاء الحسن البصري وابن سيرين : تكره العمرة في السنة أكثر من مرة ; لأنها عبادة تشتمل على الطواف والسعي فلا تفعل في السنة إلا مرة كالحج ، واحتج ومالك والأصحاب الشافعي وخلائق بما ثبت في الحديث الصحيح { وابن المنذر رضي الله عنها أحرمت بعمرة عام حجة الوداع ، فحاضت ، فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تحرم بحج ففعلت ، وصارت قارنة ووقفت المواقف ، فلما طهرت طافت وسعت فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم قد حللت من حجك وعمرتك ، فطلبت من النبي صلى الله عليه وسلم أن يعمرها عمرة أخرى ، فأذن لها فاعتمرت من عائشة التنعيم عمرة أخرى } رواه أن البخاري مطولا ، ونقلته مختصرا . ومسلم
قال : وكانت عمرتها في ذي الحجة ، ثم أعمرها العمرة الأخرى في ذي الحجة ، فكان لها عمرتان في ذي الحجة . وعن الشافعي عائشة أيضا " أنها اعتمرت في سنة مرتين أي بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم " وفي رواية ثلاث عمر ، وعن أنه اعتمر أعواما في عهد ابن عمر مرتين في كل عام ، ذكر هذه الآثار كلها ابن الزبير ، ثم الشافعي بأسانيدهما . البيهقي
( وأما ) الحديث الذي ذكره المصنف فليس فيه دلالة ظاهرة ; لأنها لم تقل : اعتمر في ذي القعدة وشوال من سنة واحدة واحتج أصحابنا أيضا في المسألة بحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { أبي هريرة } رواه العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما البخاري ، وسبق ذكره في أول [ ص: 141 ] كتاب الحج ، ولكن ليست دلالته ظاهرة ، وإن كان ومسلم وغيره قد احتجوا به ، وصدر به البيهقي الباب ، فقال بعض أصحابنا : وجه دلالته أنه صلى الله عليه وسلم لم يفرق بين كون العمرتين في سنة أو سنتين ، وهذا تعليق ضعيف . واحتج أيضا بالقياس على الصلاة فقالوا : عبادة غير مؤقتة ، فلم يكره تكرارها في السنة كالصلاة ، قال البيهقي في المختصر : من قال : لا يعتمر في السنة إلا مرة مخالف لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني حديث الشافعي السابق ( فإن قيل ) قد ثبت في حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها : { عائشة } ففعلت ، ثم اعتمرت ، وهذا ظاهره أنه لم يحصل لها إلا عمرة واحدة ( فالجواب ) أنها لم ترفضها ، يعني الخروج منها والإعراض عنها ; لأن العمرة والحج لا يخرج منهما بنية الخروج بلا خلاف وإنما رفضها رفض أعمالها مستقلة ; لأنها أحرمت بعدها بالحج ، فصارت قارنة فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " ارفضيها " أي اتركي أعمالها المستقلة لاندراجها في أفعال الحج ( وأما ) امتشاطها ، فلا دلالة فيه . قال القاضي ارفضي عمرتك وامتشطي وأهلي بالحج وغيره ; لأن المحرم يجوز له عندنا الامتشاط ( وأما ) الجواب عن احتجاج أبو الطيب بالقياس على الحج ، فهو أن الحج مؤقت لا يتصور تكراره في السنة والعمرة غير مؤقتة ، فتصور تكرارها كالصلاة والله أعلم . مالك