الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
قال المصنف رحمه الله تعالى ( nindex.php?page=treesubj&link=3955_23875وأما العمرة فإنها تجوز في أشهر الحج وغيرها لما روت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها { nindex.php?page=hadith&LINKID=3019أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر عمرتين في ذي القعدة وفي شوال } وروى nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=21828عمرة في رمضان تعدل حجة } ولا يكره فعل عمرتين وأكثر في سنة ، لما ذكرناه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها )
( الشرح ) حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم .
وروت أم معقل الصحابية رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=21828عمرة في رمضان تعدل حجة } رواه أبو داود والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15395والنسائي وغيرهم ، قال الترمذي : حديث حسن ، قال : وفي الباب بغير عمرة في رمضان عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس [ ص: 138 ] nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس بن مالك nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة ووهب بن خنبش قال : ويقال هرم بن خنبش رضي الله عنهما قال الترمذي : قال إسحاق - يعني ابن راهويه : معنى هذا الحديث مثل " قراءة { nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=1قل هو الله أحد } تعدل ثلث القرآن " .
( وأما ) حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة { nindex.php?page=hadith&LINKID=2838أن النبي صلى الله عليه وسلم أعتمر مرتين في ذي القعدة وفي شوال } فصحيح رواه أبو داود في سننه بإسناده الصحيح ، وقد ثبت فعل العمرة في أشهر الحج في الأحاديث الصحيحة من طرق كثيرة ( منها ) حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس { nindex.php?page=hadith&LINKID=13595أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر أربع عمر كلهن في ذي القعدة إلا التي مع حجته } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم . وعن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=13602اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع عمر إحداهن في رجب ، فبلغ ذلك nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة فقالت : يرحم الله nindex.php?page=showalam&ids=12أبا عبد الرحمن ما اعتمر عمرة قط إلا وهو شاهد ، وما اعتمر قط في رجب } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم .
وعن nindex.php?page=showalam&ids=48البراء { nindex.php?page=hadith&LINKID=13605أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر في ذي القعدة } رواه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح ، وفي الباب عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وغيره أحاديث كثيرة . أما الأحكام فقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والأصحاب : جميع السنة وقت للعمرة فيجوز الإحرام بها في كل وقت من السنة ، ولا يكره في وقت من الأوقات ، وسواء أشهر الحج وغيرها في جوازها فيها من غير كراهة ، ولا يكره nindex.php?page=treesubj&link=23875_3955عمرتان وثلاث وأكثر في السنة الواحدة ، ولا في اليوم الواحد ، بل يستحب الإكثار منها بلا خلاف عندنا ، قال أصحابنا : ويستحب nindex.php?page=treesubj&link=3947_3958الاعتمار في أشهر الحج وفي رمضان للأحاديث السابقة ، قال المتولي وغيره : والعمرة في رمضان أفضل منها في باقي السنة للحديث السابق ، قال أصحابنا : وقد يمتنع الإحرام بالعمرة في بعض السنة لعارض لا بسبب الوقت ، وذلك كالمحرم بالحج لا يجوز له الإحرام بالعمرة بعد الشروع في التحلل من الحج بلا خلاف وكذا لا يصح إحرامه بها قبل الشروع في التحلل على المذهب ، كما سنوضحه قريبا إن شاء الله تعالى في إحرام القارن .
قال أصحابنا : لو nindex.php?page=treesubj&link=3958تحلل من الحج التحللين وأقام بمنى للرمي والمبيت ، فأحرم [ ص: 139 ] بالعمرة لم ينعقد إحرامه بلا خلاف نص عليه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي واتفق عليه الأصحاب ، نص عليه الأصحاب ; لأنه عاجز عن التشاغل بها لوجوب ملازمة إتمام الحج بالرمي والمبيت قال أصحابنا : ولا يلزمه بذلك شيء .
( فأما ) إذا nindex.php?page=treesubj&link=3955_3957نفر النفر الأول وهو بعد الرمي في اليوم الثاني من أيام التشريق ، فأحرم بعمرة فيما بقي من أيام التشريق ليلا أو نهارا فعمرته صحيحة بلا خلاف قال الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=14048أبو محمد الجويني في كتابه الفروق وآخرون من أصحابنا : والفرق بين هاتين الصورتين أن المقيم بمنى يوم النفر وإن كان خاليا من علائق الإحرام بالتحللين ، إلا أنه مقيم على نسك مشتغل بإتمامه وهو الرمي والمبيت ، وهما من تمام الحج ، فلا تنعقد عمرته ما لم يكمل حجه بخلاف من نفر فإنه فرغ من الحج وصار كغير الحاج ، قال nindex.php?page=showalam&ids=14048أبو محمد : ولا يتصور حين يحرم بالعمرة في وقت ، ولا تنعقد عمرته إلا في هذه المسألة وقد يرد على هذا ما إذا أحرم بالعمرة في حال جماعه المرأة ، فإنه حلال ولا ينعقد إحرامه على أصح الأوجه ، كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى في جماع المحرم ، ويمكن أن يجاب عنه بأن عدم انعقاد العمرة هنا لعدم أهلية المحرم لا لعارض ، فهو كالكافر وغيره ، ممن لا يصح إحرامه لعدم أهليته ، ولا شك أن الكافر ونحوه لا يرد على قول nindex.php?page=showalam&ids=14048الشيخ أبي محمد ، والله أعلم .
( فرع ) في nindex.php?page=treesubj&link=3955مذاهب العلماء في وقت العمرة . قد ذكرنا أن مذهبنا جوازها في جميع السنة ، ولا تكره في شيء منها ، وبهذا قال nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=15858وداود ، ونقله الماوردي عن جمهور الفقهاء ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ، تكره العمرة ، واحتج أصحابنا بأن الأصل عدم الكراهة حتى يثبت النهي الشرعي ، ولم يثبت هذا الخبر ; ولأنه يجوز القران في يوم عرفة بلا كراهة ، فلا يكره إفراد العمرة فيه كما في جميع السنة ; ولأن كل وقت لا يكره فيه استدامة العمرة لا يكره فيه إنشاؤها كباقي السنة .
( وأما ) قول nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ( فأجاب ) أصحابنا عنه بأجوبة أجودها أنه باطل لا يعرف عنها ، ولم يذكره عنها أحد ممن يعتمد ، ولو صح لكان قول [ ص: 140 ] صحابي لم يشتهر ، فلا حجة فيه على الصحيح ، ولو صح واشتهر لكان محمولا على من كان متلبسا بالحج ( وأما ) قولهم : إنها أيام الحج فكرهت فيها العمرة ، فدعوى باطلة لا شبهة لها .
( فرع ) : في مذاهبهم في تكرار العمرة في السنة . مذهبنا أنه لا يكره ذلك بل يستحب ، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وجمهور العلماء من السلف والخلف ، وممن حكاه عن الجمهور الماوردي والسرخسي والعبدري ، وحكاه nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس وعائشة nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء وغيرهم رضي الله عنهما ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين nindex.php?page=showalam&ids=0016867ومالك : تكره العمرة في السنة أكثر من مرة ; لأنها عبادة تشتمل على الطواف والسعي فلا تفعل في السنة إلا مرة كالحج ، واحتج nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والأصحاب nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر وخلائق بما ثبت في الحديث الصحيح { nindex.php?page=hadith&LINKID=6491أن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها أحرمت بعمرة عام حجة الوداع ، فحاضت ، فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تحرم بحج ففعلت ، وصارت قارنة ووقفت المواقف ، فلما طهرت طافت وسعت فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم قد حللت من حجك وعمرتك ، فطلبت من النبي صلى الله عليه وسلم أن يعمرها عمرة أخرى ، فأذن لها فاعتمرت من التنعيم عمرة أخرى } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم مطولا ، ونقلته مختصرا .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : وكانت عمرتها في ذي الحجة ، ثم أعمرها العمرة الأخرى في ذي الحجة ، فكان لها عمرتان في ذي الحجة . وعن عائشة أيضا " أنها اعتمرت في سنة مرتين أي بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم " وفي رواية ثلاث عمر ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أنه اعتمر أعواما في عهد nindex.php?page=showalam&ids=14ابن الزبير مرتين في كل عام ، ذكر هذه الآثار كلها nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، ثم nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي بأسانيدهما .
( وأما ) الحديث الذي ذكره المصنف فليس فيه دلالة ظاهرة ; لأنها لم تقل : اعتمر في ذي القعدة وشوال من سنة واحدة واحتج أصحابنا أيضا في المسألة بحديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=14643العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم ، وسبق ذكره في أول [ ص: 141 ] كتاب الحج ، ولكن ليست دلالته ظاهرة ، وإن كان nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي وغيره قد احتجوا به ، وصدر به nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي الباب ، فقال بعض أصحابنا : وجه دلالته أنه صلى الله عليه وسلم لم يفرق بين كون العمرتين في سنة أو سنتين ، وهذا تعليق ضعيف . واحتج أيضا بالقياس على الصلاة فقالوا : عبادة غير مؤقتة ، فلم يكره تكرارها في السنة كالصلاة ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في المختصر : من قال : لا يعتمر في السنة إلا مرة مخالف لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة السابق ( فإن قيل ) قد ثبت في حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها : { nindex.php?page=hadith&LINKID=13319ارفضي عمرتك وامتشطي وأهلي بالحج } ففعلت ، ثم اعتمرت ، وهذا ظاهره أنه لم يحصل لها إلا عمرة واحدة ( فالجواب ) أنها لم ترفضها ، يعني الخروج منها والإعراض عنها ; لأن العمرة والحج لا يخرج منهما بنية الخروج بلا خلاف وإنما رفضها رفض أعمالها مستقلة ; لأنها أحرمت بعدها بالحج ، فصارت قارنة فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " ارفضيها " أي اتركي أعمالها المستقلة لاندراجها في أفعال الحج ( وأما ) امتشاطها ، فلا دلالة فيه . قال القاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب وغيره ; لأن المحرم يجوز له عندنا الامتشاط ( وأما ) الجواب عن احتجاج nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك بالقياس على الحج ، فهو أن الحج مؤقت لا يتصور تكراره في السنة والعمرة غير مؤقتة ، فتصور تكرارها كالصلاة والله أعلم .
( الشرح ) حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم .
وروت أم معقل الصحابية رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=21828عمرة في رمضان تعدل حجة } رواه أبو داود والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15395والنسائي وغيرهم ، قال الترمذي : حديث حسن ، قال : وفي الباب بغير عمرة في رمضان عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس [ ص: 138 ] nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس بن مالك nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة ووهب بن خنبش قال : ويقال هرم بن خنبش رضي الله عنهما قال الترمذي : قال إسحاق - يعني ابن راهويه : معنى هذا الحديث مثل " قراءة { nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=1قل هو الله أحد } تعدل ثلث القرآن " .
( وأما ) حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة { nindex.php?page=hadith&LINKID=2838أن النبي صلى الله عليه وسلم أعتمر مرتين في ذي القعدة وفي شوال } فصحيح رواه أبو داود في سننه بإسناده الصحيح ، وقد ثبت فعل العمرة في أشهر الحج في الأحاديث الصحيحة من طرق كثيرة ( منها ) حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس { nindex.php?page=hadith&LINKID=13595أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر أربع عمر كلهن في ذي القعدة إلا التي مع حجته } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم . وعن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=13602اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع عمر إحداهن في رجب ، فبلغ ذلك nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة فقالت : يرحم الله nindex.php?page=showalam&ids=12أبا عبد الرحمن ما اعتمر عمرة قط إلا وهو شاهد ، وما اعتمر قط في رجب } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم .
وعن nindex.php?page=showalam&ids=48البراء { nindex.php?page=hadith&LINKID=13605أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر في ذي القعدة } رواه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح ، وفي الباب عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وغيره أحاديث كثيرة . أما الأحكام فقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والأصحاب : جميع السنة وقت للعمرة فيجوز الإحرام بها في كل وقت من السنة ، ولا يكره في وقت من الأوقات ، وسواء أشهر الحج وغيرها في جوازها فيها من غير كراهة ، ولا يكره nindex.php?page=treesubj&link=23875_3955عمرتان وثلاث وأكثر في السنة الواحدة ، ولا في اليوم الواحد ، بل يستحب الإكثار منها بلا خلاف عندنا ، قال أصحابنا : ويستحب nindex.php?page=treesubj&link=3947_3958الاعتمار في أشهر الحج وفي رمضان للأحاديث السابقة ، قال المتولي وغيره : والعمرة في رمضان أفضل منها في باقي السنة للحديث السابق ، قال أصحابنا : وقد يمتنع الإحرام بالعمرة في بعض السنة لعارض لا بسبب الوقت ، وذلك كالمحرم بالحج لا يجوز له الإحرام بالعمرة بعد الشروع في التحلل من الحج بلا خلاف وكذا لا يصح إحرامه بها قبل الشروع في التحلل على المذهب ، كما سنوضحه قريبا إن شاء الله تعالى في إحرام القارن .
قال أصحابنا : لو nindex.php?page=treesubj&link=3958تحلل من الحج التحللين وأقام بمنى للرمي والمبيت ، فأحرم [ ص: 139 ] بالعمرة لم ينعقد إحرامه بلا خلاف نص عليه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي واتفق عليه الأصحاب ، نص عليه الأصحاب ; لأنه عاجز عن التشاغل بها لوجوب ملازمة إتمام الحج بالرمي والمبيت قال أصحابنا : ولا يلزمه بذلك شيء .
( فأما ) إذا nindex.php?page=treesubj&link=3955_3957نفر النفر الأول وهو بعد الرمي في اليوم الثاني من أيام التشريق ، فأحرم بعمرة فيما بقي من أيام التشريق ليلا أو نهارا فعمرته صحيحة بلا خلاف قال الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=14048أبو محمد الجويني في كتابه الفروق وآخرون من أصحابنا : والفرق بين هاتين الصورتين أن المقيم بمنى يوم النفر وإن كان خاليا من علائق الإحرام بالتحللين ، إلا أنه مقيم على نسك مشتغل بإتمامه وهو الرمي والمبيت ، وهما من تمام الحج ، فلا تنعقد عمرته ما لم يكمل حجه بخلاف من نفر فإنه فرغ من الحج وصار كغير الحاج ، قال nindex.php?page=showalam&ids=14048أبو محمد : ولا يتصور حين يحرم بالعمرة في وقت ، ولا تنعقد عمرته إلا في هذه المسألة وقد يرد على هذا ما إذا أحرم بالعمرة في حال جماعه المرأة ، فإنه حلال ولا ينعقد إحرامه على أصح الأوجه ، كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى في جماع المحرم ، ويمكن أن يجاب عنه بأن عدم انعقاد العمرة هنا لعدم أهلية المحرم لا لعارض ، فهو كالكافر وغيره ، ممن لا يصح إحرامه لعدم أهليته ، ولا شك أن الكافر ونحوه لا يرد على قول nindex.php?page=showalam&ids=14048الشيخ أبي محمد ، والله أعلم .
( فرع ) في nindex.php?page=treesubj&link=3955مذاهب العلماء في وقت العمرة . قد ذكرنا أن مذهبنا جوازها في جميع السنة ، ولا تكره في شيء منها ، وبهذا قال nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=15858وداود ، ونقله الماوردي عن جمهور الفقهاء ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ، تكره العمرة ، واحتج أصحابنا بأن الأصل عدم الكراهة حتى يثبت النهي الشرعي ، ولم يثبت هذا الخبر ; ولأنه يجوز القران في يوم عرفة بلا كراهة ، فلا يكره إفراد العمرة فيه كما في جميع السنة ; ولأن كل وقت لا يكره فيه استدامة العمرة لا يكره فيه إنشاؤها كباقي السنة .
( وأما ) قول nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ( فأجاب ) أصحابنا عنه بأجوبة أجودها أنه باطل لا يعرف عنها ، ولم يذكره عنها أحد ممن يعتمد ، ولو صح لكان قول [ ص: 140 ] صحابي لم يشتهر ، فلا حجة فيه على الصحيح ، ولو صح واشتهر لكان محمولا على من كان متلبسا بالحج ( وأما ) قولهم : إنها أيام الحج فكرهت فيها العمرة ، فدعوى باطلة لا شبهة لها .
( فرع ) : في مذاهبهم في تكرار العمرة في السنة . مذهبنا أنه لا يكره ذلك بل يستحب ، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وجمهور العلماء من السلف والخلف ، وممن حكاه عن الجمهور الماوردي والسرخسي والعبدري ، وحكاه nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس وعائشة nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء وغيرهم رضي الله عنهما ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين nindex.php?page=showalam&ids=0016867ومالك : تكره العمرة في السنة أكثر من مرة ; لأنها عبادة تشتمل على الطواف والسعي فلا تفعل في السنة إلا مرة كالحج ، واحتج nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والأصحاب nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر وخلائق بما ثبت في الحديث الصحيح { nindex.php?page=hadith&LINKID=6491أن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها أحرمت بعمرة عام حجة الوداع ، فحاضت ، فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تحرم بحج ففعلت ، وصارت قارنة ووقفت المواقف ، فلما طهرت طافت وسعت فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم قد حللت من حجك وعمرتك ، فطلبت من النبي صلى الله عليه وسلم أن يعمرها عمرة أخرى ، فأذن لها فاعتمرت من التنعيم عمرة أخرى } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم مطولا ، ونقلته مختصرا .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : وكانت عمرتها في ذي الحجة ، ثم أعمرها العمرة الأخرى في ذي الحجة ، فكان لها عمرتان في ذي الحجة . وعن عائشة أيضا " أنها اعتمرت في سنة مرتين أي بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم " وفي رواية ثلاث عمر ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أنه اعتمر أعواما في عهد nindex.php?page=showalam&ids=14ابن الزبير مرتين في كل عام ، ذكر هذه الآثار كلها nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، ثم nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي بأسانيدهما .
( وأما ) الحديث الذي ذكره المصنف فليس فيه دلالة ظاهرة ; لأنها لم تقل : اعتمر في ذي القعدة وشوال من سنة واحدة واحتج أصحابنا أيضا في المسألة بحديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=14643العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم ، وسبق ذكره في أول [ ص: 141 ] كتاب الحج ، ولكن ليست دلالته ظاهرة ، وإن كان nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي وغيره قد احتجوا به ، وصدر به nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي الباب ، فقال بعض أصحابنا : وجه دلالته أنه صلى الله عليه وسلم لم يفرق بين كون العمرتين في سنة أو سنتين ، وهذا تعليق ضعيف . واحتج أيضا بالقياس على الصلاة فقالوا : عبادة غير مؤقتة ، فلم يكره تكرارها في السنة كالصلاة ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في المختصر : من قال : لا يعتمر في السنة إلا مرة مخالف لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة السابق ( فإن قيل ) قد ثبت في حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها : { nindex.php?page=hadith&LINKID=13319ارفضي عمرتك وامتشطي وأهلي بالحج } ففعلت ، ثم اعتمرت ، وهذا ظاهره أنه لم يحصل لها إلا عمرة واحدة ( فالجواب ) أنها لم ترفضها ، يعني الخروج منها والإعراض عنها ; لأن العمرة والحج لا يخرج منهما بنية الخروج بلا خلاف وإنما رفضها رفض أعمالها مستقلة ; لأنها أحرمت بعدها بالحج ، فصارت قارنة فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " ارفضيها " أي اتركي أعمالها المستقلة لاندراجها في أفعال الحج ( وأما ) امتشاطها ، فلا دلالة فيه . قال القاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب وغيره ; لأن المحرم يجوز له عندنا الامتشاط ( وأما ) الجواب عن احتجاج nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك بالقياس على الحج ، فهو أن الحج مؤقت لا يتصور تكراره في السنة والعمرة غير مؤقتة ، فتصور تكرارها كالصلاة والله أعلم .