قال المصنف رحمه الله تعالى ( البيت دعا لما روى وإذا رأى أبو أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { الكعبة } ويستحب أن يرفع اليد في الدعاء لما روى تفتح أبواب السماء وتستجاب دعوة المسلم عند رؤية قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { ابن عمر البيت } ويستحب أن يقول : اللهم زد هذا ترفع الأيدي في الدعاء لاستقبال البيت تشريفا وتكريما وتعظيما ومهابة ، وزد من شرفه وكرمه ممن حجه أو اعتمره تشريفا وتكريما وتعظيما وبرا ; لما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم { ابن جريج البيت رفع يديه وقال ذلك } ويضيف إليه : اللهم أنت السلام ومنك السلام فحينا ربنا بالسلام ; لما روي أن كان إذا رأى كان إذا نظر إلى عمر البيت قال ذلك ) .
التالي
السابق
( الشرح ) أما حديث أبي أمامة فغريب ليس بثابت . وأما حديث فرواه الإمام ابن عمر سعيد بن منصور وغيرهما ، وهو ضعيف باتفاقهم ; لأنه من رواية والبيهقي عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الإمام المشهور ، وهو ضعيف عند المحدثين . وأما حديث فكذا [ ص: 11 ] رواه ابن جريج الشافعي عن والبيهقي عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو مرسل معضل . وأما الأثر المذكور عن ابن جريج رضي الله عنه فرواه عمر وليس إسناده بقوي . أما الأحكام فاعلم أن بناء البيهقي البيت زاده الله فضلا وشرفا رفيعا ، يرى قبل دخول المسجد في مكان يقال له رأس الردم إذا دخل من أعلى مكة ، وهناك يقف ويدعو ، قال والأصحاب : إذا رأى الشافعي البيت استحب أن يرفع يديه ويقول ما ذكره المصنف من الذكر والدعاء ، ويدعو مع ذلك بما أحب من مهمات الدين والدنيا والآخرة ، وأهمها سؤال المغفرة ، وهذا الذي ذكرته من استحباب رفع اليدين هو المذهب ، وبه صرح المصنف والقاضي في جامعه ، والشيخ أبو حامد في تعليقه ، أبو حامد وأبو علي البندنيجي في جامعه ، والدارمي في الاستذكار ، والماوردي في الحاوي ، والقاضي في المجرد ، أبو الطيب والمحاملي في كتابيه ، والقاضي حسين والمتولي والبغوي وصاحب العدة وآخرون ، قال القاضي في المجرد : نص عليه أبو الطيب في الجامع الكبير . وقال صاحب الشامل : يستحب أن يرفع يديه مع هذا الدعاء ، ثم قال : قال الشافعي في الإملاء : لا أكرهه ولا أستحبه ، ولكن إن رفع كان حسنا . هذا نصه وليس في المسألة خلاف على الحقيقة ; لأن هذا النص محمول على وفق النص الذي نقله الشافعي وجزم به الأصحاب . وقد قدمت في آخر باب صفة الصلاة فصلا في الأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم في رفع اليدين في الدعاء في مواطن كثيرة . والله أعلم . أبو الطيب
[ ص: 12 ] فرع ) هذا الذي ذكره المصنف هكذا جاء في الحديث ، وكذا ذكره في الأم ، وكذا ذكره الأصحاب في جميع طرقهم ، ونقله الشافعي في المختصر فغيره فقال : " وزد من شرفه وعظمه ممن حجه أو اعتمره تشريفا وتعظيما وتكريما ومهابة " وقد كرر المهابة في الموضعين . قال أصحابنا في الطريقين : هذا غلط من المزني ، وإنما يقال في الثاني : وبرا ، لأن المهابة تليق المزني بالبيت والبر يليق بالإنسان . وهكذا هو في الحديث ، وفي نص في الأم . وممن نقل اتفاق الأصحاب على تغليط الشافعي صاحب البيان . وكذا هو مصرح به في كتب الأصحاب . ووقع في الوجيز ذكر المهابة والبر جميعا في الأول ، وذكر البر وحده ثانيا ، وهذا أيضا مردود ، والإنكار في ذكره البر في الأول والله أعلم . قال القاضي المزني في كتابه المجرد : أبو الطيب الكعبة لا يعرف التكبير عند رؤية أصلا ، قال ومن أصحابنا من قال : إذا رآها كبر . قال القاضي : هذا ليس بشيء . للشافعي
( فرع ) قال في كتابه المجرد قوله : " اللهم أنت السلام " المراد به أن السلام من أسماء الله تعالى ، قال : وقوله " ومنك السلام " أي السلامة من الآفات ، وقوله " حينا ربنا بالسلام " أي اجعل تحيتنا في وفودنا عليك السلامة من الآفات . القاضي أبو الطيب
( فرع ) في الكعبة . قد ذكرنا أن مذهبنا استحبابه ، وبه قال جمهور العلماء ، حكاه مذاهب العلماء في رفع اليدين عند رؤية عن ابن المنذر ابن عمر وابن عباس وسفيان الثوري وابن المبارك وأحمد وإسحاق ، قال : وبه أقول . وقال : لا يرفع ، وقد يحتج له بحديث مالك المهاجر المكي قال : { عن الرجل الذي يرى جابر بن عبد الله البيت يرفع يديه فقال : ما كنت أرى أحدا يفعل هذا إلا اليهود ، قد حججنا مع [ ص: 13 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يكن يفعله } رواه سئل أبو داود بإسناد حسن ، ورواه والنسائي الترمذي عن المهاجر المكي أيضا قال سئل { جابر بن عبد الله البيت ؟ فقال : حججنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فكنا نفعله } هذا لفظ رواية أيرفع الرجل يديه إذا رأى الترمذي وإسناده حسن ، قال أصحابنا : رواية المثبت للرفع أولى ; لأن معه زيادة علم . قال : رواية غير البيهقي في إثبات الرفع أشهر عند أهل العلم من رواية جابر المهاجر المكي . قال : والقول في مثل هذا قول من رأى وأثبت . والله أعلم .
[ ص: 12 ] فرع ) هذا الذي ذكره المصنف هكذا جاء في الحديث ، وكذا ذكره في الأم ، وكذا ذكره الأصحاب في جميع طرقهم ، ونقله الشافعي في المختصر فغيره فقال : " وزد من شرفه وعظمه ممن حجه أو اعتمره تشريفا وتعظيما وتكريما ومهابة " وقد كرر المهابة في الموضعين . قال أصحابنا في الطريقين : هذا غلط من المزني ، وإنما يقال في الثاني : وبرا ، لأن المهابة تليق المزني بالبيت والبر يليق بالإنسان . وهكذا هو في الحديث ، وفي نص في الأم . وممن نقل اتفاق الأصحاب على تغليط الشافعي صاحب البيان . وكذا هو مصرح به في كتب الأصحاب . ووقع في الوجيز ذكر المهابة والبر جميعا في الأول ، وذكر البر وحده ثانيا ، وهذا أيضا مردود ، والإنكار في ذكره البر في الأول والله أعلم . قال القاضي المزني في كتابه المجرد : أبو الطيب الكعبة لا يعرف التكبير عند رؤية أصلا ، قال ومن أصحابنا من قال : إذا رآها كبر . قال القاضي : هذا ليس بشيء . للشافعي
( فرع ) قال في كتابه المجرد قوله : " اللهم أنت السلام " المراد به أن السلام من أسماء الله تعالى ، قال : وقوله " ومنك السلام " أي السلامة من الآفات ، وقوله " حينا ربنا بالسلام " أي اجعل تحيتنا في وفودنا عليك السلامة من الآفات . القاضي أبو الطيب
( فرع ) في الكعبة . قد ذكرنا أن مذهبنا استحبابه ، وبه قال جمهور العلماء ، حكاه مذاهب العلماء في رفع اليدين عند رؤية عن ابن المنذر ابن عمر وابن عباس وسفيان الثوري وابن المبارك وأحمد وإسحاق ، قال : وبه أقول . وقال : لا يرفع ، وقد يحتج له بحديث مالك المهاجر المكي قال : { عن الرجل الذي يرى جابر بن عبد الله البيت يرفع يديه فقال : ما كنت أرى أحدا يفعل هذا إلا اليهود ، قد حججنا مع [ ص: 13 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يكن يفعله } رواه سئل أبو داود بإسناد حسن ، ورواه والنسائي الترمذي عن المهاجر المكي أيضا قال سئل { جابر بن عبد الله البيت ؟ فقال : حججنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فكنا نفعله } هذا لفظ رواية أيرفع الرجل يديه إذا رأى الترمذي وإسناده حسن ، قال أصحابنا : رواية المثبت للرفع أولى ; لأن معه زيادة علم . قال : رواية غير البيهقي في إثبات الرفع أشهر عند أهل العلم من رواية جابر المهاجر المكي . قال : والقول في مثل هذا قول من رأى وأثبت . والله أعلم .
( فرع ) اتفق أصحابنا على أنه المسجد الحرام من باب بني شيبة ، صرحوا بأنه لا فرق بين أن يكون في صوب طريقه أم لا ، فيستحب أن يعدل إليه من لم يكن على طريقه ، وهذا لا خلاف فيه . قال الخراسانيون : والفرق بينه وبين يستحب للمحرم أن يدخل الثنية العليا على اختيار الخراسانيين حيث قالوا : لا يستحب العدول إليها كما سبق أنه لا مشقة في العدول إلى باب بني شيبة بخلاف الثنية . قال القاضي وغيره : ولأن النبي صلى الله عليه وسلم " عدل إلى باب حسين بني شيبة ولم يكن على طريقه " .
واحتج للدخول من باب البيهقي بني شيبة بما رواه بإسناده الصحيح عن { ابن عباس قريش دخل مكة من هذا الباب الأعظم ، وقد جلست قريش مما يلي الحجر } ثم قال أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم في عهد : وروي عن البيهقي مرفوعا في دخوله من باب ابن عمر بني شيبة ، وخروجه من باب الحناطين . قال : وإسناده عنه قوي . قال : وروينا عن عن ابن جريج قال " يدخل المحرم من حيث شاء { عطاء بني شيبة ، وخرج من باب بني مخزوم إلى الصفا } قال ودخل النبي صلى الله عليه وسلم من باب : هذا مرسل جيد ، والله أعلم . البيهقي
واحتج للدخول من باب البيهقي بني شيبة بما رواه بإسناده الصحيح عن { ابن عباس قريش دخل مكة من هذا الباب الأعظم ، وقد جلست قريش مما يلي الحجر } ثم قال أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم في عهد : وروي عن البيهقي مرفوعا في دخوله من باب ابن عمر بني شيبة ، وخروجه من باب الحناطين . قال : وإسناده عنه قوي . قال : وروينا عن عن ابن جريج قال " يدخل المحرم من حيث شاء { عطاء بني شيبة ، وخرج من باب بني مخزوم إلى الصفا } قال ودخل النبي صلى الله عليه وسلم من باب : هذا مرسل جيد ، والله أعلم . البيهقي
[ ص: 14 ] فرع ) ، ويقول الأذكار المشروعة عند دخول المساجد والخروج منها ، وقد سبق بيانها في آخر باب ما يوجب الغسل . يستحب أن يقدم في دخوله المسجد رجله اليمنى ، وفي خروجه اليسرى الكعبة ما أمكنه من الخشوع والتذلل والخضوع والمهابة والإجلال ، فهذه عادة الصالحين وعباد الله العارفين ; لأن رؤية وينبغي له أن يستحضر عند رؤية البيت تشوق إلى رب البيت . وقد حكوا أن امرأة دخلت مكة فجعلت تقول : أين بيت ربي ؟ فقيل : الآن ترينه ، فلما لاح البيت قيل لها : هذا بيت ربك : فاشتدت نحوه فألصقت جبينها بحائط البيت فما رفعت إلا ميتة . وأن الشبلي رضي الله عنه غشي عليه عند رؤية الكعبة ثم أفاق فأنشد :
هذه دار هم وأنت محب ما بقاء الدموع في الآماق