قال المصنف رحمه الله تعالى ، والمستحب أن يستقبل الحجر الأسود ، لما روى ( ويبتدئ الطواف من الحجر الأسود رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم { ابن عمر } فإن لم يستقبله جاز لأنه جزء من استقبله ووضع شفتيه عليه البيت ، [ ص: 41 ] فلا يجب استقباله كسائر أجزاء البيت ، ويحاذيه ببدنه لا يجزئه غيره ، وهل تجزئه المحاذاة ببعض البدن ؟ فيه قولان : قال في القديم : تجزئه محاذاته ببعضه ، لأنه لما جاز محاذاة بعض الحجر جازت محاذاته ببعض البدن . وقال في الجديد : يجب أن يحاذيه بجميع البدن ; لأن ما وجب فيه محاذاة البيت وجبت محاذاته بجميع البدن كالاستقبال في الصلاة .
ويستحب أن يستلم الحجر لما روى رضي الله عنهما قال { ابن عمر مكة يستلم الركن الأسود أول ما يطوف } ويستحب أن يستفتح الاستلام بالتكبير ; لما روى رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم { ابن عباس } ويستحب أن يقبله لما روى كان يطوف على راحلته كلما أتى على الركن أشار بشيء في يده وكبر وقبله { ابن عمر رضي الله عنه قبل الحجر ثم قال : والله لقد علمت أنك حجر ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك عمر } فإن لم يمكنه أن يستلم أو يقبل من الزحام أشار إليه بيده ، لما روى أن أبو مالك سعد بن طارق عن أبيه قال { البيت فإذا ازدحم الناس على الطواف استلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بمحجن في يده } ولا يشير إلى القبلة بالفم ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك . رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف حول
ويستحب أن يقول عند الاستلام وابتداء الطواف : بسم الله والله أكبر ، اللهم إيمانا بك ، وتصديقا بكتابك ، ووفاء بعهدك واتباعا لسنة نبيك صلى الله عليه وسلم لما روى { جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم استلم الركن الذي فيه الحجر وكبر ثم قال : اللهم وفاء بعهدك وتصديقا بكتابك } وعن - كرم الله وجهه - أنه كان يقول إذا استلم الركن " اللهم إيمانا بك . وتصديقا بكتابك ووفاء بعهدك ، واتباعا لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم " وعن علي رضي الله عنهما مثله . ثم يطوف فيجعل ابن عمر البيت على يساره ويطوف على يمينه ، لما روى جابر " { أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أخذ في الطواف أخذ عن يمينه } " فإن طاف عن يساره لم يجزه ، لأنه صلى الله عليه وسلم " { } ولأنه عبادة تتعلق طاف على يمينه وقال : خذوا عني مناسككم بالبيت فاستحق فيها الترتيب كالصلاة ) .
الخامسة استلام الحجر بيده في أول الطواف وتقبيل الحجر
- فرع منعته الزحمة ونحوها من تقبيل الحجر الأسود والسجود عليه وأمكنه الاستلام
- فرع لا يستحب للنساء تقبيل الحجر ولا استلامه إلا عند خلو المطاف في الليل أو غيره
- فرع السنة في الركن اليماني
- فرع يجمع في الاستلام والتقبيل بين الحجر الأسود والركن الذي هو فيه
- فرع ما يقول عند استلام الحجر الأسود
- فرع فضيلة الحجر الأسود
- فرع لو محي الحجر الأسود والعياذ بالله من موضعه
التالي
السابق
( الشرح ) أما حديث قال { ابن عمر مكة يستلم الركن الأسود ، أول ما يطوف يخب ثلاثة أطواف من السبع } ، فرواه رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم البخاري بهذا اللفظ ، وروى ومسلم البخاري استلام النبي صلى الله عليه وسلم الحجر في طوافه عن جماعة من [ ص: 42 ] الصحابة مع ومسلم . وأما حديث ابن عمر فرواه ابن عباس في صحيحه ، ولفظه عن البخاري قال { ابن عباس } . وأما حديث طاف النبي صلى الله عليه وسلم على بعير كلما أتى الركن أشار إليه بشيء عنده وكبر { ابن عمر رضي الله عنه قبل الحجر وقال : لولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلك ما قبلتك عمر بن الخطاب } فرواه أن البخاري ، وهذا لفظ ومسلم ، وفي رواية البخاري عن لمسلم قال { ابن عمر رضي الله عنه الحجر ثم قال : أما والله لقد علمت أنك حجر ، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك عمر بن الخطاب } وفي رواية قبل عن لمسلم الصحابي قال { عبد الله بن سرجس رضي الله عنه يقبل الحجر ويقول : والله إني لأقبلك وإني لأعلم أنك حجر وأنك لا تضر ولا تنفع ، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلك ما قبلتك عمر بن الخطاب } . وفي رواية رأيت الأصلع يعني للبخاري عن ومسلم التابعي قال : { عابس - بالباء الموحدة - ابن ربيعة يقبل الحجر ويقول : إني لأقبلك وإني لأعلم أنك حجر ، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك لم أقبلك عمر } وفي رواية رأيت عن لمسلم - بفتح الغين المعجمة والفاء - قال { سويد بن غفلة قبل الحجر والتزمه وقال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بك حفيا عمر } " وإنما قال رأيت رضي الله عنه : إنك حجر وإنك لا تضر ولا تنفع ليسمع الناس هذا الكلام ويشيع بينهم ، وقد كان عهد كثير منهم قريبا بعبادة الأحجار وتعظيمها واعتقاد ضرها ونفعها ، فخاف أن يغتر بعضهم بذلك فقال ما قال ، والله أعلم . عمر
وأما حديث سعد بن طارق عن أبيه فغريب فيغني في الدلالة لما ذكره المصنف حديث الذي سبق الآن من رواية ابن عباس . وأما [ ص: 43 ] حديث البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم { جابر مكة أتى الحجر فاستلمه ، ثم مشى على يمينه ، فرمل ثلاثا ومشى أربعا } فرواه لما قدم بهذا اللفظ . وأما حديث { مسلم } فرواه خذوا عني مناسككم من رواية مسلم ، وسبق بيانه قريبا في مسألة الطواف سبعا . والله أعلم . جابر
وأما الأثر المذكور عن رضي الله عنه فرواه علي بإسناد ضعيف من رواية البيهقي ، وكان كذابا . الحارث الأعور
وأما استحباب : باسم الله والله أكبر فاستدل له بما رواه الإمام البيهقي أحمد بالإسناد الصحيح عن والبيهقي قال { نافع يدخل ابن عمر مكة ضحى فيأتي البيت فيستلم الحجر ويقول : باسم الله والله أكبر } والله تعالى أعلم . ( وأما ألفاظ الفصل ) ففيه الاستلام ، بكسر التاء ، قال كان الهروي : قال الأزهري " هو افتعال من السلام وهو التحية ، كما يقال : اقترأت السلام ، قال : ولذلك يسمي أهل اليمن الركن الأسود ، المحيا : معناه أن الناس يحيونه . قال الهروي : وقال : هو افتعال من السلام - بكسر السين - وهي الحجارة واحدتها سلمة بكسر اللام . تقول استلمت الحجر إذا لمسته كما تقول : اكتحلت من الكحل ، هذا كلام ابن قتيبة الهروي . وقال : استلم الحجر بالقبلة أو باليد ، قال ولا يهمز لأنه مأخوذ من السلام وهي الحجارة ، قال : وهمزه بعضهم . وقال صاحب المحكم : استلم الحجر واستلامه بالهمز أي قبله أو اعتنقه قال : وليس أصله الهمز . وأما قول الجوهري الغزالي في الوسيط : الاستلام هو أن يقبل الحجر في أول الطواف وفي آخره ، بل في كل نوبة ، فإن عجز بالزحمة مسه باليد ، فقد [ ص: 44 ] أنكروه عليه ، وغلطوه في تفسيره الاستلام بالتقبيل ; لأن الاستلام هو اللمس باليد والتقبيل سنة أخرى مستحبة ، وقد يتأول كلام الغزالي ويستمر تصحيحه ، مما نقله عن وصاحب المحكم . قوله " استلمه بمحجن " فهو بميم مكسورة ثم حاء مهملة ساكنة ثم جيم مفتوحة ثم نون وهي عصا معقفة الرأس كالصولجان وجمعه محاجن . قوله " إيمانا بك " أي أفعل هذا للإيمان بك . قوله " على يساره " بفتح الياء وكسرها لغتان مشهورتان ( أفصحهما ) عند الجمهور الفتح ، وعكسه الجوهري . قوله " عبادة تتعلق ابن دريد بالبيت فاستحق فيها الترتيب " احتراز من تفرقة الزكاة وقضاء الصوم .
( أما الأحكام ) ففي الفصل مسائل ( إحداها ) يجب ابتداء الطواف من الحجر الأسود للأحاديث الصحيحة ، فإن ابتدأ من غيره لم يعتد بما فعله ، حتى يصل الحجر الأسود ، فإذا وصله كان ذلك أول طوافه . وهذا لا خلاف فيه عندنا .
( الثانية ) يستحب ، بشرط أن لا يؤذي أحدا ، وإذا أراد هذا الاستقبال فطريقه أن يقف على جانب الحجر الأسود من جهة الركن اليماني بحيث يصير جميع الحجر عن يمينه ، ويصير منكبه الأيمن عند طرف الحجر ، ثم ينوي الطواف ، ثم يمشي مستقبل الحجر الأسود مارا إلى جهة يمينه حتى يجاوز الحجر فإذا جاوزه ترك الاستقبال وانفتل وجعل يساره إلى أن يستقبل الحجر الأسود في أول طوافه بوجهه ويدنو منه البيت ويمينه إلى خارج ، ولو فعل هذا من أول أمره وترك الاستقبال جاز لما ذكره المصنف .
وأما حديث سعد بن طارق عن أبيه فغريب فيغني في الدلالة لما ذكره المصنف حديث الذي سبق الآن من رواية ابن عباس . وأما [ ص: 43 ] حديث البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم { جابر مكة أتى الحجر فاستلمه ، ثم مشى على يمينه ، فرمل ثلاثا ومشى أربعا } فرواه لما قدم بهذا اللفظ . وأما حديث { مسلم } فرواه خذوا عني مناسككم من رواية مسلم ، وسبق بيانه قريبا في مسألة الطواف سبعا . والله أعلم . جابر
وأما الأثر المذكور عن رضي الله عنه فرواه علي بإسناد ضعيف من رواية البيهقي ، وكان كذابا . الحارث الأعور
وأما استحباب : باسم الله والله أكبر فاستدل له بما رواه الإمام البيهقي أحمد بالإسناد الصحيح عن والبيهقي قال { نافع يدخل ابن عمر مكة ضحى فيأتي البيت فيستلم الحجر ويقول : باسم الله والله أكبر } والله تعالى أعلم . ( وأما ألفاظ الفصل ) ففيه الاستلام ، بكسر التاء ، قال كان الهروي : قال الأزهري " هو افتعال من السلام وهو التحية ، كما يقال : اقترأت السلام ، قال : ولذلك يسمي أهل اليمن الركن الأسود ، المحيا : معناه أن الناس يحيونه . قال الهروي : وقال : هو افتعال من السلام - بكسر السين - وهي الحجارة واحدتها سلمة بكسر اللام . تقول استلمت الحجر إذا لمسته كما تقول : اكتحلت من الكحل ، هذا كلام ابن قتيبة الهروي . وقال : استلم الحجر بالقبلة أو باليد ، قال ولا يهمز لأنه مأخوذ من السلام وهي الحجارة ، قال : وهمزه بعضهم . وقال صاحب المحكم : استلم الحجر واستلامه بالهمز أي قبله أو اعتنقه قال : وليس أصله الهمز . وأما قول الجوهري الغزالي في الوسيط : الاستلام هو أن يقبل الحجر في أول الطواف وفي آخره ، بل في كل نوبة ، فإن عجز بالزحمة مسه باليد ، فقد [ ص: 44 ] أنكروه عليه ، وغلطوه في تفسيره الاستلام بالتقبيل ; لأن الاستلام هو اللمس باليد والتقبيل سنة أخرى مستحبة ، وقد يتأول كلام الغزالي ويستمر تصحيحه ، مما نقله عن وصاحب المحكم . قوله " استلمه بمحجن " فهو بميم مكسورة ثم حاء مهملة ساكنة ثم جيم مفتوحة ثم نون وهي عصا معقفة الرأس كالصولجان وجمعه محاجن . قوله " إيمانا بك " أي أفعل هذا للإيمان بك . قوله " على يساره " بفتح الياء وكسرها لغتان مشهورتان ( أفصحهما ) عند الجمهور الفتح ، وعكسه الجوهري . قوله " عبادة تتعلق ابن دريد بالبيت فاستحق فيها الترتيب " احتراز من تفرقة الزكاة وقضاء الصوم .
( أما الأحكام ) ففي الفصل مسائل ( إحداها ) يجب ابتداء الطواف من الحجر الأسود للأحاديث الصحيحة ، فإن ابتدأ من غيره لم يعتد بما فعله ، حتى يصل الحجر الأسود ، فإذا وصله كان ذلك أول طوافه . وهذا لا خلاف فيه عندنا .
( الثانية ) يستحب ، بشرط أن لا يؤذي أحدا ، وإذا أراد هذا الاستقبال فطريقه أن يقف على جانب الحجر الأسود من جهة الركن اليماني بحيث يصير جميع الحجر عن يمينه ، ويصير منكبه الأيمن عند طرف الحجر ، ثم ينوي الطواف ، ثم يمشي مستقبل الحجر الأسود مارا إلى جهة يمينه حتى يجاوز الحجر فإذا جاوزه ترك الاستقبال وانفتل وجعل يساره إلى أن يستقبل الحجر الأسود في أول طوافه بوجهه ويدنو منه البيت ويمينه إلى خارج ، ولو فعل هذا من أول أمره وترك الاستقبال جاز لما ذكره المصنف .
( الثالثة ) ينبغي له أن ، فطريقه ما سبق بيانه الآن في المسألة الثانية ، وهو أن يقف قبل الحجر الأسود من جهة الركن اليماني ، ثم يمر تلقاء وجهه طائفا حول يحاذي بجميع بدنه جميع الحجر الأسود البيت ، فيمر جميعه بجميع الحجر ولا يقدم جزءا من بدنه على جزء من الحجر ، [ ص: 45 ] فلو حاذاه ببعض بدنه وكان بعضه مجاوزا إلى جهة باب الكعبة ، ففي صحته قولان مشهوران ذكرهما المصنف بدليلهما وكذا ذكرهما الأصحاب قولين إلا إمام الحرمين الغزالي فحكوهما وجهين .
والصواب قولان ( الجديد ) لا يجزئه ، وهو الأصح ( والقديم ) يجزئه ، ولو حاذى بجميع البدن بعض الحجر - إن أمكن ذلك - صح طوافه بلا خلاف . صرح به جميع أصحابنا العراقيين ومن تابعهم من الخراسانيين ، قالوا : كما يجزئه أن يستقبل في الصلاة بجميع بدنه بعض الكعبة ، وهذا معنى قول المصنف لأنه لما جاز محاذاة بعض الحجر جازت محاذاته ببعض البدن ، أي لما جازت محاذاة بعض الحجر بجميع البدن بلا خلاف ينبغي أن يجوز محاذاة كل الحجر ببعض البدن ، وذكر صاحب العدة وغيره في المسألتين قولين ( والمذهب ) ما سبق والله أعلم .
والصواب قولان ( الجديد ) لا يجزئه ، وهو الأصح ( والقديم ) يجزئه ، ولو حاذى بجميع البدن بعض الحجر - إن أمكن ذلك - صح طوافه بلا خلاف . صرح به جميع أصحابنا العراقيين ومن تابعهم من الخراسانيين ، قالوا : كما يجزئه أن يستقبل في الصلاة بجميع بدنه بعض الكعبة ، وهذا معنى قول المصنف لأنه لما جاز محاذاة بعض الحجر جازت محاذاته ببعض البدن ، أي لما جازت محاذاة بعض الحجر بجميع البدن بلا خلاف ينبغي أن يجوز محاذاة كل الحجر ببعض البدن ، وذكر صاحب العدة وغيره في المسألتين قولين ( والمذهب ) ما سبق والله أعلم .
( الرابعة ) البيت على يساره ، ويمينه إلى خارج ويدور حول الكعبة كذلك ، فلو خالف فجعل ينبغي له في طوافه أن يجعل البيت عن يمينه ، ومر من الحجر الأسود إلى الركن اليماني لم يصح طوافه بلا خلاف عندنا ، ولو لم يجعل البيت على يمينه ولا يساره ، بل استقبله بوجهه معترضا وطاف كذلك ، أو جعل البيت على يمينه ومشى قهقرى إلى جهة الباب ، ففي صحة طوافه وجهان حكاهما الرافعي ، قال الرافعي ( أصحهما ) لا يصح ، قال : وهو الموافق لعبارة الأكثرين ، وجزم البغوي والمتولي في صورة من جعل البيت عن يمينه ومشى قهقرى بأنه يصح ، لكن يكره ( والأصح ) البطلان كما سبق . قال الرافعي : وكان القياس جريان هذا الخلاف فيما لو مر معترضا مستدبرا هذا كلامه ( والصواب ) في هذه الصورة القطع بأنه لا يصح ، فإنه منابذ لما ورد الشرع به ، والله أعلم .
( الخامسة ) يستحب ، ودليلهما في الكتاب . قال استلام الحجر بيده في أول الطواف وتقبيل الحجر والأصحاب : ويستحب السجود عليه أيضا مع الاستلام والتقبيل بأن يضع الجبهة عليه . قال أصحابنا : [ ص: 46 ] ويستحب أن يكرر السجود عليه ثلاثا ، فإن عجز عن الثلاث فعل الممكن . وممن صرح بذلك الشافعي البندنيجي وصاحب العدة والبيان . واحتج له بما رواه بإسناده عن البيهقي { ابن عباس رضي الله عنه قبله وسجد عليه ثم قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل هكذا ففعلت عمر بن الخطاب } . وروى أنه قبله وسجد عليه وقال : رأيت الشافعي بإسنادهما الصحيح عن والبيهقي أبي جعفر قال " رأيت جاء يوم التروية ملبدا رأسه فقبل الركن ثم سجد عليه ، ثم قبله ثم سجد عليه ثلاث مرات " وروى ابن عباس عن البيهقي قال . { ابن عباس } قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد على الحجر المصنف والأصحاب : ويستحب أن لا يشير إلى القبلة بالفم إذا تعذرت ، ويستحب أن يخفف القبلة بحيث لا يظهر لها صوت .
( فرع ) إذا استلم ، فإن لم يمكنه أشار باليد إلى الاستلام ، ولا يشير بالفم إلى التقبيل لما ذكره منعته الزحمة ونحوها من التقبيل والسجود عليه ، وأمكنه الاستلام المصنف ، ثم يقبل اليد بعد الاستلام إذا اقتصر عليه لزحمة ونحوها ، هكذا قطع به الأصحاب . وذكر إمام الحرمين أنه يتخير بين أن يستلم ثم يقبل اليد ، وبين أن يقبل اليد ثم يستلم بها ، والمذهب القطع باستحباب تقديم الاستلام ثم يقبلها ، فإن لم يتمكن من الاستلام باليد استحب أن يستلم بعصا ونحوها ، للأحاديث السابقة ، اتفق عليه أصحابنا ، فإن لم يتمكن من ذلك أشار بيده ، أو بشيء في يده إلى الاستلام ثم قبل ما أشار به . ومما يستدل به لما ذكرته في هذا الفرع مع ما سبق من الأدلة قوله صلى الله عليه وسلم { } رواه وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم البخاري من رواية ومسلم . أبي هريرة
وعن قال { نافع يستلم الحجر بيده ثم قبل يده وقال : ما تركته منذ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 47 ] يفعله ابن عمر } رواه رأيت في صحيحه ، وهذا محمول على تعذر تقبيل الحجر ، وقد سبقت الأحاديث في استلام النبي صلى الله عليه وسلم الحجر بالمحجن . مسلم
وعن قال { نافع يستلم الحجر بيده ثم قبل يده وقال : ما تركته منذ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 47 ] يفعله ابن عمر } رواه رأيت في صحيحه ، وهذا محمول على تعذر تقبيل الحجر ، وقد سبقت الأحاديث في استلام النبي صلى الله عليه وسلم الحجر بالمحجن . مسلم
( فرع ) قال أصحابنا : لما فيه من ضررهن وضرر الرجال بهن . لا يستحب للنساء تقبيل الحجر ولا استلامه إلا عند خلو المطاف في الليل أو غيره
( فرع ) للكعبة الكريمة أربعة أركان : الركن الأسود ، ثم الركنان الشاميان ثم الركن اليماني ، ويقال للأسود واليماني : اليمانيان - بتخفيف الياء - ويجوز تشديدها على لغة قليلة ، فالأسود واليماني مبنيان على قواعد إبراهيم صلى الله عليه وسلم والشاميان ليسا على قواعده ، بل مغيران ; لأن الحجر يليهما ، وكله أو بعضه من البيت كما سبق وللركن الأسود فضيلتان : كون الحجر الأسود فيه ، وكونه على قواعد إبراهيم صلى الله عليه وسلم وللركن اليماني فضيلة واحدة ، وهي كونه على قواعد إبراهيم صلى الله عليه وسلم وليس للشاميين شيء من الفضيلتين ، فإذا عرفت هذا فالسنة في الحجر الأسود استلامه وتقبيله ، استلامه ولا يقبل ، والسنة لا يقبل الشاميان ولا يستلمان ، فخص الأسود بالتقبيل مع الاستلام ; لأن فيه فضيلتين ، واليماني بالاستلام لأن فيه فضيلة واحدة ، وانتفت الفضيلتان في الشاميين . واستدل أصحابنا لما ذكرته بحديث والسنة في الركن اليماني قال { ابن عمر } رواه ما تركت استلام هذين الركنين اليماني والحجر الأسود منذ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمهما في شدة ولا رخاء البخاري . وعن ومسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم { ابن عمر } رواه كان لا يستلم إلا الحجر والركن اليماني البخاري وهذا لفظ ومسلم ، ولفظ [ ص: 48 ] مسلم قال { البخاري البيت إلا الركنين اليمانيين } رواه لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلم من وعن مسلم أنه حين بلغه حديث ابن عمر السابق { عائشة لولا أن قومك حديثو عهد بكفر } الحديث ، قال : لئن كانت ابن عمر سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم { عائشة ما أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك استلام الركنين اللذين يليان الحجر إلا أن البيت لم يتمم على قواعد إبراهيم } رواه البخاري وأما حديث ومسلم قال كان أبي الشعثاء يستلم الأركان ، فقال له معاوية : إنه لا يستلم هذا الركنان فقال : ليس شيء من ابن عباس البيت مهجورا ، وكان يستلمهن كلهن " رواه ابن الزبير في صحيحه ، فهذا مذهب البخاري معاوية لم يروياه عن النبي صلى الله عليه وسلم بل أخذاه باجتهادهما ، وهو مخالف للأحاديث الصحيحة . وقد خالفهما فيه وابن الزبير ابن عمر وجمهور الصحابة ، فالصواب أنه لا يسن استلام الركنين الشاميين وأما قول وابن عباس " { معاوية البيت مهجورا } فقد أجاب عنه ليس شيء من فقال : لم يدع أحد أن عدم استلامهما هجر الشافعي للبيت ، لكنه استلم ما استلم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمسك ما أمسك عنه .
( فرع ) قد ذكرنا أنه يستحب استلام اليماني دون تقبيله ، قال والأصحاب : فإذا استلمه استحب أن يقبل يده بعد استلامه . وقال الشافعي إمام الحرمين والمتولي : إن شاء قبلها قبل الاستلام ، وإن شاء بعده ، ولا فضيلة في تقديم الاستلام . وذكر الفوراني وجهين ، وحكاهما أيضا عن صاحب البيان ( أحدهما ) يقبل يده ويستلمه كأنه ينقل القبلة إليه ( والثاني ) يستلمه ثم يقبل يده كأنه ينقل بركته إلى نفسه ( والمذهب ) استحباب تقديم الاستلام . وجاء في هذه المسألة حديثان ضعيفان ( أحدهما ) يوافق المذهب والآخر يخالفه ، فالموافق عن { جابر } رواه أن النبي صلى الله عليه وسلم استلم الحجر فقبله ، واستلم الركن اليماني فقبل يده وضعفه . والمخالف عن البيهقي عبد الله بن مسلم بن هرمز عن عن مجاهد . [ ص: 49 ] قال { ابن عباس } رواه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استلم الركن اليماني قبله ووضع خده الأيمن عليه وقال : هذا حديث لا يثبت مثله . قال : تفرد به البيهقي عبد الله بن مسلم بن هرمز وهو ضعيف ، قال : والأخبار عن في تقبيل الحجر الأسود والسجود عليه قال إلا أن يكون أراد بالركن اليماني الحجر الأسود فإنه أيضا يسمى بذلك فيكون موافقا لغيره ، والله أعلم . ابن عباس
( فرع ) قد ذكرنا أنه يستحب استلام اليماني دون تقبيله ، قال والأصحاب : فإذا استلمه استحب أن يقبل يده بعد استلامه . وقال الشافعي إمام الحرمين والمتولي : إن شاء قبلها قبل الاستلام ، وإن شاء بعده ، ولا فضيلة في تقديم الاستلام . وذكر الفوراني وجهين ، وحكاهما أيضا عن صاحب البيان ( أحدهما ) يقبل يده ويستلمه كأنه ينقل القبلة إليه ( والثاني ) يستلمه ثم يقبل يده كأنه ينقل بركته إلى نفسه ( والمذهب ) استحباب تقديم الاستلام . وجاء في هذه المسألة حديثان ضعيفان ( أحدهما ) يوافق المذهب والآخر يخالفه ، فالموافق عن { جابر } رواه أن النبي صلى الله عليه وسلم استلم الحجر فقبله ، واستلم الركن اليماني فقبل يده وضعفه . والمخالف عن البيهقي عبد الله بن مسلم بن هرمز عن عن مجاهد . [ ص: 49 ] قال { ابن عباس } رواه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استلم الركن اليماني قبله ووضع خده الأيمن عليه وقال : هذا حديث لا يثبت مثله . قال : تفرد به البيهقي عبد الله بن مسلم بن هرمز وهو ضعيف ، قال : والأخبار عن في تقبيل الحجر الأسود والسجود عليه قال إلا أن يكون أراد بالركن اليماني الحجر الأسود فإنه أيضا يسمى بذلك فيكون موافقا لغيره ، والله أعلم . ابن عباس
( فرع ) قال القاضي : يستحب أن أبو الطيب وظاهر كلام جمهور الأصحاب أنه يقتصر على الحجر . يجمع في الاستلام والتقبيل بين الحجر الأسود والركن الذي هو فيه
( فرع ) قال الشافعي والمصنف والأصحاب : يستحب استلام الحجر الأسود وتقبيله ، واستلام الركن اليماني وتقبيل اليد بعده ، عند محاذاتهما في كل طوفة من السبع ، وهو في الأوتار آكد لأنها أفضل .
( فرع ) قال الشافعي والمصنف والأصحاب : يستحب استلام الحجر الأسود وتقبيله ، واستلام الركن اليماني وتقبيل اليد بعده ، عند محاذاتهما في كل طوفة من السبع ، وهو في الأوتار آكد لأنها أفضل .
( فرع ) قال الشافعي والمصنف والأصحاب : يستحب أن أولا ، وعند ابتدائه بالمشي في الطواف أيضا : باسم الله والله أكبر اللهم إيمانا بك وتصديقا بكتابك ، ووفاء بعهدك واتباعا لسنة نبيك صلى الله عليه وسلم ويأتي بهذا الذكر أيضا عند محاذاة الحجر الأسود في كل طوفة ، وهو في الأول آكد . قال يقول عند استلام الحجر الأسود : ويقول الله أكبر ولا إله إلا الله ، قال وما ذكر الله تعالى به وما صلى على النبي به صلى الله عليه وسلم فحسن . الشافعي
( فرع ) في عن فضيلة الحجر الأسود رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { ابن عباس } رواه نزل الحجر الأسود من الجنة ، وهو أشد بياضا من اللبن ، فسودته [ ص: 50 ] خطايا بني آدم الترمذي وقال هذا حديث حسن صحيح . وعن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { عبد الله بن عمرو بن العاص } رواه الركن والمقام ياقوتتان من يواقيت الجنة طمس الله نورهما ، ولولا ذلك لأضاء ما بين المشرق والمغرب الترمذي وغيره ، ورواه بإسناد صحيح على شرط البيهقي . وفي رواية { مسلم آدم لأضاء ما بين المشرق والمغرب ، وما مسهما من ذي عاهة ولا سقيم إلا شفي } وإسنادها صحيح وفي رواية { الركن والمقام من ياقوت الجنة ، ولولا ما مسهما من خطايا بني } إسنادها صحيح . وعن لولا ما مسه من أنجاس الجاهلية ما مسه ذو عاهة إلا شفي ، وما على الأرض شيء من الجنة غيره قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { ابن عباس } رواه ليبعثن الله الحجر يوم القيامة له عينان يبصر بهما ولسان ينطق به ، يشهد على من استلمه بحق بإسناد صحيح على شرط البيهقي . قال هكذا رواه جماعة ، ورواه بعضهم { مسلم } وعن لمن استلمه بحق عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { عائشة استمتعوا من هذا الحجر الأسود قبل أن يرفع فإنه خرج من الجنة ، وإنه لا ينبغي لشيء يخرج من الجنة إلا رجع إليها قبل يوم القيامة } فرواه أبو القاسم الطبراني . ( فرع ) قد ذكرناه في آخر باب محظورات الإحرام أن الكعبة الكريمة بنيت خمس مرات ، وقيل سبعا ، وفصلناهن ، وذكرنا أن رضي الله عنه قال : أحب أن لا تهدم الشافعي الكعبة وتبنى لئلا تذهب حرمتها ، وذكرنا هناك جملا من الأحكام المتعلقة بالحرم ، وبالله التوفيق .
( فرع ) قال الدارمي : استلم الركن الذي كان فيه وقبله وسجد عليه . لو محي الحجر الأسود - والعياذ بالله - من موضعه