قال المصنف رحمه الله تعالى ( ثم يحلق لما روى قال { أنس } فإن لما رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمرة وفرغ من نسكه ناول الحالق شقه الأيمن فحلقه ثم أعطاه شقه الأيسر فحلقه جاز ، لما روى لم يحلق وقصر { جابر } والحلق أفضل لما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه أن يحلقوا أو يقصروا قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { ابن عمر } وأقل ما يحلق ثلاث شعرات . لأنه يقع عليه اسم الجمع المطلق فأشبه الجمع . والأفضل أن يحلق الجميع لحديث رحم الله المحلقين ، قالوا : يا رسول الله والمقصرين ؟ قال : رحم الله المحلقين ، قالوا : يا رسول الله والمقصرين ؟ قال : رحم الله المحلقين . قالوا : يا رسول الله والمقصرين . قال في الرابعة : والمقصرين . وإن كان أصلع فالمستحب أن يمر الموسى على رأسه . لما روى أنس رضي الله عنه أنه " قال في الأصلع : يمر الموسى على رأسه " ولا يجب ذلك لأنه قربة تتعلق بمحل فسقطت بفواته كغسل اليد إذا قطعت وإن كانت امرأة قصرت ولم تحلق لما روى ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { ابن عباس } ولأن الحلق في النساء مثلة فلم يفعل وهل الحلاق نسك أو استباحه محظور فيه قولان ( أحدهما ) أنه ليس بنسك لأنه محرم في الإحرام فلم يكن نسكا كالطيب . ليس على النساء حلق إنما على النساء تقصير
( والثاني ) أنه نسك وهو الصحيح { } فإن حلق قبل الذبح جاز ; لما روى لقوله صلى الله عليه وسلم رحم الله المحلقين قال { عبد الله بن عمر بمنى فجاءه رجل فقال : يا رسول الله لم أشعر فحلقت رأسي قبل أن أذبح فقال : اذبح ولا حرج . فجاءه آخر فقال : يا رسول الله لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي قال : ارم ولا حرج . فما سئل عن شيء قدم أو أخر إلا قال : افعل ولا حرج } فإن حلق قبل الرمي ( فإن قلنا ) إن الحلق نسك جاز ; لما روى وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع قال : { ابن عباس } " ( وإن قلنا ) إنه استباحة محظور لم يجز لأنه فعل محظور فلم يجز قبل الرمي من غير عذر كالطيب ) . سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل حلق قبل أن يذبح أو قبل أن يرمي فكان يقول : لا حرج ، لا حرج
التالي
السابق
[ ص: 183 ] الشرح ) أما حديث رضي الله عنه فرواه أنس البخاري في صحيحيهما من طرق ( منها ) عن ومسلم قال " { أنس فأعطاه إياه ثم ناوله الشق الأيسر فقال : احلق ، فحلقه فأعطى أبا طلحة الأنصاري فقال اقسمه بين الناس أبا طلحة } هذا لفظ إحدى روايات لما رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمرة ونحر نسكه وحلق ناول الحالق شقه الأيمن فحلقه . ثم دعا والباقي بمعناها وقوله في الرواية التي ذكرها المصنف { مسلم } - يعني من ذبح هديه - كما قال في رواية وفرغ من نسكه { مسلم } . وأما حديث ونحر نسكه فرواه جابر البخاري بغير هذا اللفظ ، ولفظهما عن ومسلم أنه { جابر الصفا والمروة وقصروا } هذا لفظهما . وقد روى التقصير جماعات من الصحابة في الصحيحين ( منها ) عن حج مع النبي صلى الله عليه وسلم وقد أهلوا بالحج مفردا فقال لهم أحلوا من إحرامكم بطواف البيت وبين قال { ابن عمر } " رواه حلق النبي صلى الله عليه وسلم وحلق طائفة من أصحابه وقصر بعضهم البخاري وعن ومسلم قال : { معاوية المروة } " رواه قصرت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمشقص على البخاري وفي رواية قال { ومسلم . المروة بمشقص } " وأما حديث قصرت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمرته على أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { ابن عمر } إلى آخره فرواه اللهم ارحم المحلقين البخاري وأما الأثر عن ومسلم في إمرار الموسى فرواه ابن عمر الدارقطني بإسناد ضعيف فيه والبيهقي الجادي بالجيم وتشديد الياء - وهو ضعيف . وأما حديث يحيى بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { ابن عباس } فرواه ليس على النساء حلق إنما على النساء التقصير أبو داود بإسناد حسن وأما حديث فرواه عبد الله بن عمرو بن العاص . البخاري
وأما حديث الذي بعده فرواه ابن عباس البخاري بنحو معناه [ ص: 184 ] وهذا لفظهما عن ومسلم { ابن عباس } ورواه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له في الذبح والحلق والرمي والتقديم والتأخير فقال : لا حرج البخاري أيضا من رواية ومسلم { عبد الله بن عمرو بن العاص } وفي رواية أنه شهد النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر في حجة الوداع وهم يسألوه ، فقال رجل : لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح ، فقال اذبح ولا حرج ، فجاء آخر فقال لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي ، فقال : ارم ولا حرج . فما سئل يومئذ عن شيء قدم ولا أخر إلا قال افعل ولا حرج عن لمسلم قال { عبد الله بن عمرو بن العاص } هذا لفظ هذه الرواية سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتاه رجل يوم النحر وهو واقف عند الجمرة فقال : يا رسول الله إني حلقت قبل أن أرمي . فقال : ارم ولا حرج . وأتاه رجل آخر فقال : إني ذبحت قبل أن أرمي . قال : ارم ولا حرج . قال فما رأيته سئل يومئذ عن شيء إلا قال : افعلوا ولا حرج وهي صريحة فيما استدل له لمسلم . المصنف . وفيها التصريح بجواز تقديم طواف الإفاضة على الرمي . والله أعلم .
وأما ألفاظ الفصل : فقوله " وفرغ من نسكه " أي من ذبح هديه . وقد سبق بيانه في رواية وقوله " ناول الحالق " هذا الذي حلق رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلم معمر بن عبد الله العدوي هذا هو الصحيح المشهور ، وفي صحيح قال " زعموا أنه البخاري معمر بن عبد الله " وذكر في مختصر الأنساب في ترجمة الكليبي - بضم الكاف - ابن الأثير خراش بن أمية الكليبي . والله أعلم .
قوله " يمر الموسى " قال أهل اللغة : الموسى يذكر ويؤنث . قال : قال ابن قتيبة : هو فعلى ، وقال غيره : مفعل من أوسيت رأسه أي حلقته . قال الكسائي : الجوهري الكسائي والفراء يقولان : هي فعلى مؤنثة ، وعبد الله بن سعيد الأموي يقول مفعل مذكر . قال أبو عبد الله لم نسمع [ ص: 185 ] تذكيره إلا من الأموي قوله " لأنه قربة تتعلق بمحل فسقطت بفواته " احتراز من الصلاة والصوم ، فإن كلا منهما قربة تتعلق بزمان لا بمحل ولا تسقط بالفوات . وقوله " الحلاق " هو بكسر الحاء بمعنى الحلق ، والله أعلم .
( أما الأحكام ) ففيها مسائل : ( إحداها ) فليحلق رأسه وليقصر ، والحلق والتقصير ثابتان بالكتاب والسنة والإجماع . وكل واحد منهما يجزئ بالإجماع . والحلق في حق الرجل أفضل لظاهر القرآن في قوله تعالى { إذا فرغ الحاج من الرمي والذبح محلقين رءوسكم ومقصرين } والعرب تبدأ بالأهم والأفضل ، ولحديث المذكور { ابن عمر } ولأن النبي صلى الله عليه وسلم " حلق في حجته " والإجماع على أن الحلق أفضل ، والأفضل أن يحلق جميع الرأس إن أراد الحلق أو يقصر من جميعه إن أراد التقصير ; لما ذكره اللهم ارحم المحلقين قال في الرابعة : والمقصرين المصنف ثلاث شعرات حلقا أو تقصيرا من شعر الرأس فتجزئ الثلاث بلا خلاف عندنا ولا يجزئ أقل منها ، هكذا نص عليه وأقل ما يجزئ والأصحاب في جميع الطرق . وحكى الشافعي إمام الحرمين ومن تابعه وجها أنه تجزئ شعرة واحدة وهو غلط ، قال إمام الحرمين : قد ذكرنا وجها بعيدا في الشعرة الواحدة أنه إذا أزالها المحرم في غير وقتها لزمه فدية كاملة كحلق الرأس ، قال : وذلك الوجه عائد هنا فتجزئ الشعرة ولكنه مزيف غير معدود من المذهب والله أعلم . قال أصحابنا : وليس لأقل المجزئ من التقصير حد ، بل يجزئ منه أقل جزء منه لأنه يسمى تقصيرا ، ويستحب أن لا ينقص على قدر أنملة والله أعلم .
( الثانية ) إذا لم يكن على رأسه شعر بأن كان أصلع أو محلوقا فلا شيء عليه فلا يلزمه فدية ولا إمرار الموسى ولا غير ذلك لما ذكره المصنف ، ولو نبت شعره بعد ذلك لم يلزمه حلق ولا تقصير بلا خلاف ، لأنه حالة [ ص: 186 ] التكليف لم يلزمه ، قال والأصحاب : ويستحب لمن الشافعي إمرار الموسى عليه ، ولا يلزمه ذلك بلا خلاف عندنا . قال لا شعر على رأسه : ولو أخذ من شاربه أو من شعر لحيته شيئا كان أحب إلي ; ليكون قد وضع من شعره شيئا لله تعالى . هكذا ذكر الشافعي هذا النص ونقله الأصحاب واتفقوا عليه . وحكاه الشافعي إمام الحرمين عن نص ثم قال : ولست أرى ذلك وجها إلا أن يكون أسنده إلى أثر . وقال الشافعي المتولي : يستحب أن يأخذ من الشعور التي يؤمر بإزالتها للفطرة كالشارب والإبط والعانة لئلا يخلو نسكه عن حلق . وقد روى مالك والشافعي بالإسناد الصحيح عن والبيهقي رضي الله عنهما أنه كان إذا حلق في حج أو عمرة أخذ من لحيته وشاربه والله أعلم . ابن عمر
وأما حديث الذي بعده فرواه ابن عباس البخاري بنحو معناه [ ص: 184 ] وهذا لفظهما عن ومسلم { ابن عباس } ورواه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له في الذبح والحلق والرمي والتقديم والتأخير فقال : لا حرج البخاري أيضا من رواية ومسلم { عبد الله بن عمرو بن العاص } وفي رواية أنه شهد النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر في حجة الوداع وهم يسألوه ، فقال رجل : لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح ، فقال اذبح ولا حرج ، فجاء آخر فقال لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي ، فقال : ارم ولا حرج . فما سئل يومئذ عن شيء قدم ولا أخر إلا قال افعل ولا حرج عن لمسلم قال { عبد الله بن عمرو بن العاص } هذا لفظ هذه الرواية سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتاه رجل يوم النحر وهو واقف عند الجمرة فقال : يا رسول الله إني حلقت قبل أن أرمي . فقال : ارم ولا حرج . وأتاه رجل آخر فقال : إني ذبحت قبل أن أرمي . قال : ارم ولا حرج . قال فما رأيته سئل يومئذ عن شيء إلا قال : افعلوا ولا حرج وهي صريحة فيما استدل له لمسلم . المصنف . وفيها التصريح بجواز تقديم طواف الإفاضة على الرمي . والله أعلم .
وأما ألفاظ الفصل : فقوله " وفرغ من نسكه " أي من ذبح هديه . وقد سبق بيانه في رواية وقوله " ناول الحالق " هذا الذي حلق رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلم معمر بن عبد الله العدوي هذا هو الصحيح المشهور ، وفي صحيح قال " زعموا أنه البخاري معمر بن عبد الله " وذكر في مختصر الأنساب في ترجمة الكليبي - بضم الكاف - ابن الأثير خراش بن أمية الكليبي . والله أعلم .
قوله " يمر الموسى " قال أهل اللغة : الموسى يذكر ويؤنث . قال : قال ابن قتيبة : هو فعلى ، وقال غيره : مفعل من أوسيت رأسه أي حلقته . قال الكسائي : الجوهري الكسائي والفراء يقولان : هي فعلى مؤنثة ، وعبد الله بن سعيد الأموي يقول مفعل مذكر . قال أبو عبد الله لم نسمع [ ص: 185 ] تذكيره إلا من الأموي قوله " لأنه قربة تتعلق بمحل فسقطت بفواته " احتراز من الصلاة والصوم ، فإن كلا منهما قربة تتعلق بزمان لا بمحل ولا تسقط بالفوات . وقوله " الحلاق " هو بكسر الحاء بمعنى الحلق ، والله أعلم .
( أما الأحكام ) ففيها مسائل : ( إحداها ) فليحلق رأسه وليقصر ، والحلق والتقصير ثابتان بالكتاب والسنة والإجماع . وكل واحد منهما يجزئ بالإجماع . والحلق في حق الرجل أفضل لظاهر القرآن في قوله تعالى { إذا فرغ الحاج من الرمي والذبح محلقين رءوسكم ومقصرين } والعرب تبدأ بالأهم والأفضل ، ولحديث المذكور { ابن عمر } ولأن النبي صلى الله عليه وسلم " حلق في حجته " والإجماع على أن الحلق أفضل ، والأفضل أن يحلق جميع الرأس إن أراد الحلق أو يقصر من جميعه إن أراد التقصير ; لما ذكره اللهم ارحم المحلقين قال في الرابعة : والمقصرين المصنف ثلاث شعرات حلقا أو تقصيرا من شعر الرأس فتجزئ الثلاث بلا خلاف عندنا ولا يجزئ أقل منها ، هكذا نص عليه وأقل ما يجزئ والأصحاب في جميع الطرق . وحكى الشافعي إمام الحرمين ومن تابعه وجها أنه تجزئ شعرة واحدة وهو غلط ، قال إمام الحرمين : قد ذكرنا وجها بعيدا في الشعرة الواحدة أنه إذا أزالها المحرم في غير وقتها لزمه فدية كاملة كحلق الرأس ، قال : وذلك الوجه عائد هنا فتجزئ الشعرة ولكنه مزيف غير معدود من المذهب والله أعلم . قال أصحابنا : وليس لأقل المجزئ من التقصير حد ، بل يجزئ منه أقل جزء منه لأنه يسمى تقصيرا ، ويستحب أن لا ينقص على قدر أنملة والله أعلم .
( الثانية ) إذا لم يكن على رأسه شعر بأن كان أصلع أو محلوقا فلا شيء عليه فلا يلزمه فدية ولا إمرار الموسى ولا غير ذلك لما ذكره المصنف ، ولو نبت شعره بعد ذلك لم يلزمه حلق ولا تقصير بلا خلاف ، لأنه حالة [ ص: 186 ] التكليف لم يلزمه ، قال والأصحاب : ويستحب لمن الشافعي إمرار الموسى عليه ، ولا يلزمه ذلك بلا خلاف عندنا . قال لا شعر على رأسه : ولو أخذ من شاربه أو من شعر لحيته شيئا كان أحب إلي ; ليكون قد وضع من شعره شيئا لله تعالى . هكذا ذكر الشافعي هذا النص ونقله الأصحاب واتفقوا عليه . وحكاه الشافعي إمام الحرمين عن نص ثم قال : ولست أرى ذلك وجها إلا أن يكون أسنده إلى أثر . وقال الشافعي المتولي : يستحب أن يأخذ من الشعور التي يؤمر بإزالتها للفطرة كالشارب والإبط والعانة لئلا يخلو نسكه عن حلق . وقد روى مالك والشافعي بالإسناد الصحيح عن والبيهقي رضي الله عنهما أنه كان إذا حلق في حج أو عمرة أخذ من لحيته وشاربه والله أعلم . ابن عمر
ولو لزمه الصبر إلى الإمكان . ولا يفتدي ولا يسقط عنه الحلق بلا خلاف بخلاف من لا شعر على رأسه فإنه لا يؤمر بحلقه بعد نباته بلا خلاف كما سبق . قال كان على رأسه شعر وبرأسه علة لا يمكنه بسببها التعرض للشعر إمام الحرمين وغيره : والفرق أن النسك هو حلق شعر يشتمل الإحرام عليه والله أعلم .
هذا كله فيمن لم يكن على رأسه شعر أصلا . فأما من كان على رأسه ثلاث شعرات أو شعرتان أو شعرة واحدة فيلزمه إزالتها بلا خلاف . صرح به صاحب البيان وغيره { } ولو كان عليه زغب يسير لزمه أن يزيل منه ثلاث شعرات . صرح به صاحب البيان وآخرون . والله أعلم . لقوله صلى الله عليه وسلم إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم
( الثالثة ) اتفقت نصوص والأصحاب على أن الشافعي فلا يحصل بشعر اللحية وغيرها من شعور البدن . ولا بشعر العذار وفي الشعر النابت في موضع التحذيف وشعر [ ص: 187 ] الصدغ خلاف سبق في باب صفة الوضوء . هل من الوجه أو من الرأس ؟ ( إن قلنا ) من الرأس أجزأه حلقه وإلا فلا . قال الحلق هنا لا يحصل إلا بشعر الرأس . والأصحاب وإذا قصر ثلاث شعرات فأكثر جاز تقصيره مما يحاذي الرأس . ومما نزل عنه ، ومما استرسل عنه . هذا هو المذهب . الشافعي
وحكى الدارمي والماوردي وصاحب الشامل والمتولي وآخرون وجها شاذا أنه لا يجزئ المسترسل كما لا يجزئ المسح على المسترسل عن حده . قالوا : وهذا الوجه غلط لأن الواجب في المسح مسح الرأس وهذا خارج عنه فلا يجزئ والواجب في الحلق حلق شعر الرأس أو تقصيره ، وهذا من شعر الرأس .
( الرابعة ) قال أصحابنا : إزالة الشعر فيقوم مقامه النتف والإحراق والأخذ بالنورة أو بالمقص والقطع بالأسنان وغيرها . ويحصل الحلق بكل واحدة مما ذكرناه بلا خلاف . وقد نص عليه المراد بالحلق والتقصير رحمه الله . الشافعي
( الخامسة ) الأفضل أن فلو حلق أو قصر ثلاث شعرات في ثلاثة أوقات أجزأه وفاتته الفضيلة هذا هو المذهب قال يحلق أو يقصر الجميع دفعة واحدة . إمام الحرمين : لو حلق ثلاث شعرات في دفعات فهو مقيس بحلقها المحظور فإن كملنا الفدية مع التفريق حكمنا بكمال النسك وإلا فلا . قال : ولو فإن كان الزمان متواصلا لم يكمل الفدية ولم يحصل النسك ، وإن طال الزمان ففي المسألتين خلاف . هذا كلام أخذ شيئا من شعرة واحدة ثم عاد وأخذ منها ثم عاد ثالثة وأخذ منها . إمام الحرمين واختصر الرافعي فقال : لو أخذ ثلاث شعرات في دفعات أو أخذ من شعرة واحدة في ثلاثة أوقات . فإن كملنا الفدية به لو كان محظورا حصل النسك ، وإلا فلا .
[ ص: 188 ] السادسة ) قال أصحابنا : يستحب أن من أوله إلى آخره ثم الأيسر . وأن يستقبل المحلوق القبلة . وأن يدفن شعره ويبلغ بالحلق إلى العظمات اللذين عند منتهى الصدغين وهذه الآداب ليست مختصة بالمحرم . بل كل حالق يستحب له هذا ، ودليل الشق الأيمن حديث يبدأ بحلق شق رأسه الأيمن المذكور في كتاب ، قال صاحب الحاوي : في الحلق أربع سنن : أن يستقبل القبلة ، وأن يبدأ بشقه الأيمن ، وأن يكبر عند فراغه ، وأن يدفن شعره . قال : قال أنس : ويبلغ بالحلق إلى العظمات لأنهما منتهى نبات شعر الرأس ، ليكون مستوعبا لجميع رأسه ، هذا كلامه وهو حسن إلا التكبير عند فراغه فإنه غريب . وقد استحب التكبير أيضا للمحلوق الشافعي البندنيجي ونقله صاحب البحر عن أصحابنا .
( السابعة ) أجمع العلماء على أنه بل وظيفتها التقصير من شعر رأسها . قال الشيخ لا تؤمر المرأة بالحلق أبو حامد والدارمي والماوردي وغيرهم : يكره لها الحلق . وقال القاضي والقاضي أبو الطيب في تعليقهما : لا يجوز لها الحلق ولعلهما أرادا أنه مكروه ، وقد يستدل للكراهة بحديث علي رضي الله عنه { حسين } رواه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن تحلق المرأة رأسها الترمذي وقال فيه اضطراب ، ولا دلالة في هذا الحديث لضعفه لكن يستدل بعموم قوله صلى الله عليه وسلم { } رواه من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ، وبالحديث الصحيح السابق مرات في نهي النساء من التشبه بالرجال . قال مسلم والأصحاب : ويستحب الشافعي ، وقال للمرأة أن تقصر قدر أنملة من جميع جوانب رأسها الماوردي : ولا تقطع من ذوائبها ; لأن ذلك يشينها ، لكن ترفع الذوائب وتأخذ من الموضع الذي تحته ، قال أصحابنا : [ ص: 189 ] فلو حلقت أجزأها قال الماوردي : وتكون مسيئة ، قال القاضي أبو الفتوح في كتاب الخناثى وظيفة الخنثى التقصير دون الحلق ، قال : والتقصير أفضل كالمرأة والله أعلم .
هذا كله فيمن لم يكن على رأسه شعر أصلا . فأما من كان على رأسه ثلاث شعرات أو شعرتان أو شعرة واحدة فيلزمه إزالتها بلا خلاف . صرح به صاحب البيان وغيره { } ولو كان عليه زغب يسير لزمه أن يزيل منه ثلاث شعرات . صرح به صاحب البيان وآخرون . والله أعلم . لقوله صلى الله عليه وسلم إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم
( الثالثة ) اتفقت نصوص والأصحاب على أن الشافعي فلا يحصل بشعر اللحية وغيرها من شعور البدن . ولا بشعر العذار وفي الشعر النابت في موضع التحذيف وشعر [ ص: 187 ] الصدغ خلاف سبق في باب صفة الوضوء . هل من الوجه أو من الرأس ؟ ( إن قلنا ) من الرأس أجزأه حلقه وإلا فلا . قال الحلق هنا لا يحصل إلا بشعر الرأس . والأصحاب وإذا قصر ثلاث شعرات فأكثر جاز تقصيره مما يحاذي الرأس . ومما نزل عنه ، ومما استرسل عنه . هذا هو المذهب . الشافعي
وحكى الدارمي والماوردي وصاحب الشامل والمتولي وآخرون وجها شاذا أنه لا يجزئ المسترسل كما لا يجزئ المسح على المسترسل عن حده . قالوا : وهذا الوجه غلط لأن الواجب في المسح مسح الرأس وهذا خارج عنه فلا يجزئ والواجب في الحلق حلق شعر الرأس أو تقصيره ، وهذا من شعر الرأس .
( الرابعة ) قال أصحابنا : إزالة الشعر فيقوم مقامه النتف والإحراق والأخذ بالنورة أو بالمقص والقطع بالأسنان وغيرها . ويحصل الحلق بكل واحدة مما ذكرناه بلا خلاف . وقد نص عليه المراد بالحلق والتقصير رحمه الله . الشافعي
( الخامسة ) الأفضل أن فلو حلق أو قصر ثلاث شعرات في ثلاثة أوقات أجزأه وفاتته الفضيلة هذا هو المذهب قال يحلق أو يقصر الجميع دفعة واحدة . إمام الحرمين : لو حلق ثلاث شعرات في دفعات فهو مقيس بحلقها المحظور فإن كملنا الفدية مع التفريق حكمنا بكمال النسك وإلا فلا . قال : ولو فإن كان الزمان متواصلا لم يكمل الفدية ولم يحصل النسك ، وإن طال الزمان ففي المسألتين خلاف . هذا كلام أخذ شيئا من شعرة واحدة ثم عاد وأخذ منها ثم عاد ثالثة وأخذ منها . إمام الحرمين واختصر الرافعي فقال : لو أخذ ثلاث شعرات في دفعات أو أخذ من شعرة واحدة في ثلاثة أوقات . فإن كملنا الفدية به لو كان محظورا حصل النسك ، وإلا فلا .
[ ص: 188 ] السادسة ) قال أصحابنا : يستحب أن من أوله إلى آخره ثم الأيسر . وأن يستقبل المحلوق القبلة . وأن يدفن شعره ويبلغ بالحلق إلى العظمات اللذين عند منتهى الصدغين وهذه الآداب ليست مختصة بالمحرم . بل كل حالق يستحب له هذا ، ودليل الشق الأيمن حديث يبدأ بحلق شق رأسه الأيمن المذكور في كتاب ، قال صاحب الحاوي : في الحلق أربع سنن : أن يستقبل القبلة ، وأن يبدأ بشقه الأيمن ، وأن يكبر عند فراغه ، وأن يدفن شعره . قال : قال أنس : ويبلغ بالحلق إلى العظمات لأنهما منتهى نبات شعر الرأس ، ليكون مستوعبا لجميع رأسه ، هذا كلامه وهو حسن إلا التكبير عند فراغه فإنه غريب . وقد استحب التكبير أيضا للمحلوق الشافعي البندنيجي ونقله صاحب البحر عن أصحابنا .
( السابعة ) أجمع العلماء على أنه بل وظيفتها التقصير من شعر رأسها . قال الشيخ لا تؤمر المرأة بالحلق أبو حامد والدارمي والماوردي وغيرهم : يكره لها الحلق . وقال القاضي والقاضي أبو الطيب في تعليقهما : لا يجوز لها الحلق ولعلهما أرادا أنه مكروه ، وقد يستدل للكراهة بحديث علي رضي الله عنه { حسين } رواه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن تحلق المرأة رأسها الترمذي وقال فيه اضطراب ، ولا دلالة في هذا الحديث لضعفه لكن يستدل بعموم قوله صلى الله عليه وسلم { } رواه من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ، وبالحديث الصحيح السابق مرات في نهي النساء من التشبه بالرجال . قال مسلم والأصحاب : ويستحب الشافعي ، وقال للمرأة أن تقصر قدر أنملة من جميع جوانب رأسها الماوردي : ولا تقطع من ذوائبها ; لأن ذلك يشينها ، لكن ترفع الذوائب وتأخذ من الموضع الذي تحته ، قال أصحابنا : [ ص: 189 ] فلو حلقت أجزأها قال الماوردي : وتكون مسيئة ، قال القاضي أبو الفتوح في كتاب الخناثى وظيفة الخنثى التقصير دون الحلق ، قال : والتقصير أفضل كالمرأة والله أعلم .
( الثامنة ) ؟ فيه قولان مشهوران ذكرهما هل الحلق نسك المصنف بدليلهما ( أصحهما ) باتفاق الأصحاب أنه نسك يثاب عليه ، ويتعلق به التحلل لما ذكره المصنف ( والثاني ) أنه استباحة محظور ، وليس بنسك وإنما هو شيء أبيح له بعد أن كان حراما كالطيب واللباس ، وعلى هذا لا ثواب فيه ، ولا تعلق له بالتحلل ، قالوا : وعلى هذا القول الجواب عن حديث { } إنما دعا لهم لتنظفهم وإزالتهم التفث ، والمذهب أنه نسك يثاب عليه ويتحلل به التحلل الأول فعلى هذا هو ركن من أركان الحج والعمرة " لا يصح الحج ولا العمرة إلا به ، ولا يجبر بدم ولا غيره ، ولا يفوت وقته ما دام حيا ، لكن أفضل أوقاته ضحوة النهار يوم الأضحى ، ولا يختص بمكان ، لكن الأفضل أن يفعله الحاج اللهم ارحم المحلقين بمنى والمعتمر بالمروة ، فلو فعله في بلد آخر إما وطنه وإما غيره جاز بلا خلاف ، ولا يزال حكم الإحرام جاريا عليه حتى يحلق ، وكل هذا لا خلاف فيه على قولنا : الحلق نسك ، إلا أن المصنف جعل الحلق واجبا على قولنا إنه نسك ولم يجعله ركنا ، هكذا ذكره في آخر هذا الباب ، وكذا ذكره في التنبيه ، وليس كما قال ، بل الصواب أنه ركن على قولنا إنه نسك .
قال إمام الحرمين : إذا حكمنا بأن الحلق نسك فهو ركن ، وليس كالرمي والمبيت ، ثم قال : فاعلم ذلك فإنه متفق عليه ، قال : والدليل على أنه لا تقوم الفدية مقامه أنه لو فرض في الرأس علة تمنع من الحلق وجب الصبر إلى إمكان الحلق ولا تقوم الفدية مقامه ، هذا كلام إمام الحرمين
قال إمام الحرمين : إذا حكمنا بأن الحلق نسك فهو ركن ، وليس كالرمي والمبيت ، ثم قال : فاعلم ذلك فإنه متفق عليه ، قال : والدليل على أنه لا تقوم الفدية مقامه أنه لو فرض في الرأس علة تمنع من الحلق وجب الصبر إلى إمكان الحلق ولا تقوم الفدية مقامه ، هذا كلام إمام الحرمين
( فرع ) قال أصحابنا : هذا الذي سبق من أحكام الحلق هو كله فيمن لم يلتزم حلقه ، أما فيلزمه حلقه كله ، ولا [ ص: 190 ] يجزئه التقصير ولا حلق بعض الرأس ولا النتف والإحراق ، ولا استئصال بالمقصين ، ولا أخذه بالنورة ، لأن هذا كله لا يسمى حلقا . وذكر من نذر الحلق في وقته إمام الحرمين في استئصال الشعر بالمقصين وإمرار الموسى من غير استئصال احتمالا ، والمذهب الأول ، لأنه لا يسمى حلقا .
قال الإمام : ولا يشترط الإمعان في الاستئصال بل يكفي ما يسمى حلقا قال : ويقرب الرجوع إلى اعتبار رؤية الشعر ، هذا كله فيما إذا صرح بنذر الحلق ، فيه قولان مشهوران في الطريقتين ، ذكرهما فلو لبد المحرم رأسه فهذا في العادة لا يفعله إلا من أراد حلقه يوم النحر للنسك . فهل ينزل هذا منزلة نذر الحلق الماوردي والفوراني وإمام الحرمين والمتولي وغيرهم من الأصحاب هنا . وذكرهما الأصحاب في كتاب النذر ( أصحهما ) باتفاقهم وهو الجديد لا يلزمه حلقه لكن يستحب وله الاقتصار على التقصير ( والقديم ) أنه يلزمه الحلق كما لو نذره . ونظير المسألة من قلد الهدي هل يصير منذورا ؟ فيه قولان ذكرهما المصنف والأصحاب في كتاب النذر ( أصحهما ) باتفاقهم وهو الجديد لا يصير ( والثاني ) يصير والله أعلم .
واعلم أن ما ذكرناه من وجوب الحلق على من نذره متفق عليه . سواء قلنا الحلق نسك أو استباحة محظور . هكذا قطع به الجمهور ، وحكى الرافعي وجها أنا إذا قلنا ليس هو بنسك لا يلزم بالنذر . لأنه ليس بقربة والله أعلم
قال الإمام : ولا يشترط الإمعان في الاستئصال بل يكفي ما يسمى حلقا قال : ويقرب الرجوع إلى اعتبار رؤية الشعر ، هذا كله فيما إذا صرح بنذر الحلق ، فيه قولان مشهوران في الطريقتين ، ذكرهما فلو لبد المحرم رأسه فهذا في العادة لا يفعله إلا من أراد حلقه يوم النحر للنسك . فهل ينزل هذا منزلة نذر الحلق الماوردي والفوراني وإمام الحرمين والمتولي وغيرهم من الأصحاب هنا . وذكرهما الأصحاب في كتاب النذر ( أصحهما ) باتفاقهم وهو الجديد لا يلزمه حلقه لكن يستحب وله الاقتصار على التقصير ( والقديم ) أنه يلزمه الحلق كما لو نذره . ونظير المسألة من قلد الهدي هل يصير منذورا ؟ فيه قولان ذكرهما المصنف والأصحاب في كتاب النذر ( أصحهما ) باتفاقهم وهو الجديد لا يصير ( والثاني ) يصير والله أعلم .
واعلم أن ما ذكرناه من وجوب الحلق على من نذره متفق عليه . سواء قلنا الحلق نسك أو استباحة محظور . هكذا قطع به الجمهور ، وحكى الرافعي وجها أنا إذا قلنا ليس هو بنسك لا يلزم بالنذر . لأنه ليس بقربة والله أعلم
( التاسعة ) قد سبق أن منى أربعة وهي جمرة الأفعال المشروعة يوم النحر بعد وصوله العقبة ثم الذبح ثم الحلق ثم طواف الإفاضة . والسنة ترتيبها هكذا . فإن خالف ترتيبها نظر إن قدم الطواف على الجميع ، أو قدم الذبح على الجميع بعد دخول وقته ، أو قدم الحلق على الذبح ، جاز بلا خلاف للأحاديث الصحيحة السابقة { } وإن طاف ثم حلق ثم رمى جاز بلا خلاف لما [ ص: 191 ] ذكرناه . وإن قدم الحلق على الرمي والطواف ( فإن قلنا ) إن الحلق نسك جاز ولا دم عليه . كما لو قدم الطواف ( وإن قلنا ) ليس بنسك لم يجز ويلزمه به الدم ، كما لو حلق قبل نصف ليلة النحر . هذا هو المذهب في الطريقتين ، وبه قطع أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن ذلك كله فقال لا حرج المصنف وجماهير الأصحاب . وحكى الدارمي والرافعي وغيرهما وجها أنه يلزمه الدم ، وإن قلنا هو نسك ، وهذا شاذ باطل وحكى صاحب الحاوي والدارمي على قولنا : أن الحلق استباحة محظور وجهين ( أحدهما ) قال وهو قول البغداديين من أصحابنا عليه الدم لما ذكرنا ( والثاني ) وهو قول أصحابنا البصريين : لا دم عليه ، لحديث السابق عن صحيح عبد الله بن عمرو بن العاص { مسلم } فحصل ثلاثة أوجه فيمن حلق قبل الرمي والطواف ( أحدها ) لا دم ( والثاني ) يجب ( وأصحها ) وهو المذهب المشهور إن قلنا الحلق ليس بنسك وجب الدم وإلا فلا ، والله أعلم . ويدخل وقت رمي جمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عمن حلق قبل أن يرمي فقال لا حرج العقبة وطواف الإفاضة بنصف ليلة النحر بشرط تقدم الوقوف بعرفات ، والحلق إن قلنا نسك فكالرمي والطواف ، وإلا فلا يدخل وقته إلا بفعل الرمي أو الطواف ، والله أعلم
( فرع ) إذا فرغ من السعي ، فلو جامع بعد السعي وقبل الحلق ، فإن قلنا الحلق نسك فسدت عمرته لوقوع جماعه قبل التحلل ( وإن قلنا ) ليس بنسك لم تفسد ، والله أعلم وقت الحلق في حق المعتمر
( فرع ) في ؟ ذكرنا أن الصحيح في مذهبنا أنه نسك ، وبه قال مذاهب العلماء في الحلق ، هل هو نسك مالك وأبو حنيفة وجمهور العلماء . وظاهر كلام وأحمد والأصحاب أنه لم يقل بأنه ليس بنسك - أحد غير ابن المنذر في أحد قوليه ولكن حكاه القاضي الشافعي عياض عن عطاء وأبي ثور أيضا وأبي يوسف
[ ص: 192 ] فرع ) أجمعوا على أن ، وأن التقصير يجزئ إلا ما حكاه الحلق أفضل من التقصير عن ابن المنذر أنه كان يقول : يلزمه الحلق في أول حجة ولا يجزئه التقصير . وهذا إن صح عنه باطل مردود بالنصوص وإجماع من قبله الحسن البصري
( فرع ) لو حلق ولا دم عليه . سواء طال زمنه أم لا . وسواء رجع إلى بلده أم لا . هذا مذهبنا وبه قال أخر الحلق إلى بعد أيام التشريق عطاء وأبو ثور وأبو يوسف وأحمد وغيرهم . وقال وابن المنذر إذا خرجت أيام التشريق لزمه الحلق ودم . وقال أبو حنيفة سفيان الثوري وإسحاق : عليه الحلق ودم ، دليلنا : الأصل لا دم . ومحمد
( فرع ) قال : أجمعوا أن ابن المنذر ، إنما عليهن التقصير قالوا : ويكره لهن الحلق لأنه بدعة في حقهن ، وفيه مثلة . واختلفوا في قدر ما تقصره ، فقال لا حلق على النساء ابن عمر والشافعي وأحمد وإسحاق : تقصر من كل قرن مثل الأنملة . وقال وأبو ثور : تقصر الثلث أو الربع ، وقالت قتادة حفصة بنت سيرين : إن كانت عجوزا من القواعد أخذت نحو الربع ، وإن كانت شابة فلتقلل . وقال : تأخذ من جميع قرونها أقل جزء ، ولا يجوز من بعض القرون . دليلنا في إجزاء ثلاث شعرات أنهن مأمورات بالتقصير ، وهذا يسمى تقصيرا . مالك
( فرع ) من لا حلق عليه ولا فدية ، ويستحب إمرار الموسى على رأسه ولا يجب ، ونقل لا شعر على رأسه إجماع العلماء على أن الأصلع يمر الموسى على رأسه . وحكى أصحابنا عن ابن المنذر أبي بكر بن أبي داود أنه قال : لا يستحب [ ص: 193 ] إمراره ، وهو محجوج بإجماع من قبله . وقال : هذا الإمرار واجب ، ووافقنا أبو حنيفة مالك أنه مستحب . واحتج وأحمد بحديث عن لأبي حنيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { ابن عمر } قالوا ولأنه حكم تعلق بالرأس ، فإذا فقد الشعر انتقل الوجوب إلى نفس الرأس كالمسح في الوضوء ، ولأنها عبادة تجب الكفارة بإفسادها فوجب التشبيه في أفعالها ، كالصوم فيما إذا قامت بينة في أثناء يوم الشك برؤية الهلال . المحرم إذا لم يكن على رأسه شعر يمر الموسى على رأسه
واحتج أصحابنا بأنه فرض تعلق بجزء من الآدمي فسقط بفوات الجزء ، كغسل اليد في الوضوء فإنه يسقط بقطعها . فإن قيل الفرض هناك متعلق باليد ، وقد سقطت ، وهنا متعلق بالرأس وهو باق ( قلنا ) بل الفرض متعلق بالشعر فقط ولهذا لو كان على بعض رأسه شعر دون بعض لزمه الحلق في الشعر ولا يكفيه الاقتصار على إمرار الموسى على ما لا شعر عليه ، ولو تعلق الفرض عليه لأجزأه .
والجواب عن حديث أنه ضعيف ظاهر الضعف ، قال ابن عمر وغيره : لا يصح رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وإنما هو مروي موقوفا على الدارقطني ( ابن عمر قلت ) وهو موقوف ضعيف أيضا كما سبق بيانه ، ولو صح لحمل على الندب ، والجواب عن قياسهم على المسح في الوضوء من وجهين ( أحدهما ) أن الفرض هناك تعلق بالرأس . قال الله تعالى { وامسحوا برءوسكم } وهنا تعلق بالشعر بدليل ما قدمناه قريبا .
( والثاني ) أنه إذا مسح بشعر الرأس سمي ماسحا فلزمه ، وإذا أمر الموسى لا يسمى حالقا .
وأما الجواب عن قياسهم على الصوم فهو أنه مأمور بإمساك جميع النهار فبقيته بعض ما تناوله الأمر ، وهنا إنما هو مأمور بإزالة الشعر ، ولم يبق شيء منه . والله تعالى أعلم
واحتج أصحابنا بأنه فرض تعلق بجزء من الآدمي فسقط بفوات الجزء ، كغسل اليد في الوضوء فإنه يسقط بقطعها . فإن قيل الفرض هناك متعلق باليد ، وقد سقطت ، وهنا متعلق بالرأس وهو باق ( قلنا ) بل الفرض متعلق بالشعر فقط ولهذا لو كان على بعض رأسه شعر دون بعض لزمه الحلق في الشعر ولا يكفيه الاقتصار على إمرار الموسى على ما لا شعر عليه ، ولو تعلق الفرض عليه لأجزأه .
والجواب عن حديث أنه ضعيف ظاهر الضعف ، قال ابن عمر وغيره : لا يصح رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وإنما هو مروي موقوفا على الدارقطني ( ابن عمر قلت ) وهو موقوف ضعيف أيضا كما سبق بيانه ، ولو صح لحمل على الندب ، والجواب عن قياسهم على المسح في الوضوء من وجهين ( أحدهما ) أن الفرض هناك تعلق بالرأس . قال الله تعالى { وامسحوا برءوسكم } وهنا تعلق بالشعر بدليل ما قدمناه قريبا .
( والثاني ) أنه إذا مسح بشعر الرأس سمي ماسحا فلزمه ، وإذا أمر الموسى لا يسمى حالقا .
وأما الجواب عن قياسهم على الصوم فهو أنه مأمور بإمساك جميع النهار فبقيته بعض ما تناوله الأمر ، وهنا إنما هو مأمور بإزالة الشعر ، ولم يبق شيء منه . والله تعالى أعلم
[ ص: 194 ] فرع ) قد ذكرنا أن عندنا ثلاث شعرات وبه قال الواجب من الحلق أو التقصير . وقال أبو ثور مالك : يجب أكثر الرأس . وقال وأحمد يجب ربعه ، وقال أبو حنيفة : نصفه ، احتجوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم حلق جميع رأسه . { أبو يوسف } وهو حديث صحيح كما سبق مرات . قالوا : ولأنه لا يسمى حالقا بدون أكثره . واحتج أصحابنا بقوله تعالى { وقال صلى الله عليه وسلم لتأخذوا عني مناسككم محلقين رءوسكم } والمراد شعور رءوسكم ، والشعر أقله ثلاث شعرات ، ولأنه يسمى حالقا ، يقال حلق رأسه وربعه وثلاث شعرات منه فجاز الاقتصار على ما يسمى حلق شعر ، وأما حلق النبي صلى الله عليه وسلم جميع رأسه فقد أجمعنا على أنه للاستحباب ، وأنه لا يجب الاستيعاب . وأما قولهم : لا يسمى حلقا بدون أكثره فباطل ، لأنه إنكار للحس واللغة والعرف والله أعلم .
( فرع ) مذهبنا أنه يستحب في الحلق أن يبدأ بالشق الأيمن من رأس المحلوق وإن كان على يسار الحالق . وقال : يبدأ بالشق الأيسر ليكون على يمين الحالق ، وهذا منابذ لحديث أبو حنيفة الذي ذكره أنس المصنف وبيناه
( فرع ) مذهبنا أنه يستحب في الحلق أن يبدأ بالشق الأيمن من رأس المحلوق وإن كان على يسار الحالق . وقال : يبدأ بالشق الأيسر ليكون على يمين الحالق ، وهذا منابذ لحديث أبو حنيفة الذي ذكره أنس المصنف وبيناه
( فرع ) ذكرنا أن مذهبنا أنه لو جاز ولا دم عليه ، ولو قدم الحلق على الذبح فالأصح أيضا أنه يجوز ولا دم عليه ، وقال قدم الحلق على الرمي : إذا قدم الحلق على الذبح لزمه دم إن كان قارنا أو متمتعا ولا شيء على المفرد ، وقال أبو حنيفة إذا قدمه على الذبح فلا دم عليه ، وإن قدمه على الرمي لزمه الدم . وقال مالك : إن قدمه على الذبح أو الرمي جاهلا أو ناسيا فلا دم ، وإن تعمد ففي وجوب الدم روايتان عنه ، وعن أحمد روايتان فيمن مالك ( إحداهما ) يجزئه الطواف ، وعليه دم ( والثانية ) لا يجزئه ، وقال قدم [ ص: 195 ] طواف الإفاضة على الرمي سعيد بن جبير والحسن البصري والنخعي ورواية ضعيفة عن وقتادة عليه الدم متى قدم شيئا على شيء من هذه ، دليلنا الأحاديث الصحيحة السابقة ( لا حرج ) ولم يفرق النبي صلى الله عليه وسلم بين عالم وجاهل ( فإن قالوا ) المراد لا إثم لكونه ناسيا ( قلنا ) ظاهره لا شيء عليه مطلقا ، وأجمعوا على أنه لو ابن عباس لا شيء عليه والله أعلم . نحر قبل الرمي
( فرع ) ذكرنا أن الصحيح في مذهبنا أن من لبد رأسه ولم ينذر حلقه لا يلزمه حلقه ، بل يجزئه التقصير كما لو لم يلبد ، وبه قال ابن عباس . وأوجب الحلق وأبو حنيفة وابنه عمر بن الخطاب والثوري ومالك وأحمد وإسحاق وأبو ثور ، ونقله القاضي وابن المنذر عياض عن جمهور العلماء .
( فرع ) قال : ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حلق رأسه قلم أظفاره ، قال : وكان ابن المنذر يأخذ من لحيته وشاربه وأظفاره إذا رمى الجمرة ، والله أعلم ابن عمر
( فرع ) ذكرنا أن الصحيح في مذهبنا أن من لبد رأسه ولم ينذر حلقه لا يلزمه حلقه ، بل يجزئه التقصير كما لو لم يلبد ، وبه قال ابن عباس . وأوجب الحلق وأبو حنيفة وابنه عمر بن الخطاب والثوري ومالك وأحمد وإسحاق وأبو ثور ، ونقله القاضي وابن المنذر عياض عن جمهور العلماء .
( فرع ) قال : ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حلق رأسه قلم أظفاره ، قال : وكان ابن المنذر يأخذ من لحيته وشاربه وأظفاره إذا رمى الجمرة ، والله أعلم ابن عمر