قال المصنف رحمه الله تعالى ( ومن فله أن يتحلل لأنه يشق البقاء على الإحرام كما يشق بحبس العدو ، وإن أحرم وأحصره المرض لم يجز له أن يتحلل لأنه لا يتخلص بالتحلل من الأذى الذي هو فيه [ فلا يتحلل ] فهو كمن ضل الطريق ) . أحرم فأحصره غريمه وحبسه ولم يجد ما يقضي دينه
التالي
السابق
( الشرح ) في الفصل مسألتان ( إحداهما ) قد سبق قريبا أن الحصر [ ص: 299 ] نوعان ، عام وخاص ، وسبق بيان النوعين ( الثانية ) في وقد ثبت فيه أحاديث كثيرة فينبغي تقديمها وقد ذكر الإحصار بالمرض المصنف المسألة بعد هذا مبسوطة في فصل مستقل . فأما الأحاديث فمنها حديث رضي الله عنها قالت { عائشة ، فقالت : يا رسول الله إني أريد الحج وإني شاكية ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم حجي واشترطي أن محلي حيث تحبسني ، وكانت تحت ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب المقداد } رواه دخل النبي صلى الله عليه وسلم على البخاري وعن ومسلم رضي الله عنهما { ابن عباس أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت إني امرأة ثقيلة وإني أريد الحج فما تأمرني ؟ قال أهلي بالحج واشترطي أن تحلي حيث تحبسني ، قال : فأدركت ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب } رواه أن . وعن مسلم أيضا { ابن عباس أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله إني أريد أن أحج فأشترط ، قال : نعم ، قالت فكيف أقول ؟ قال قولي : لبيك اللهم لبيك محلي من الأرض حيث تحبسني ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب } رواه الإمام أن أحمد وأبو داود والترمذي بأسانيد صحيحة ، قال والنسائي الترمذي : حسن صحيح ، ورواه أيضا من رواية البيهقي جابر . [ ص: 300 ] وعن وأنس - بفتح الغين المعجمة والفاء - قال " قال لي سويد بن غفلة : يا عمر بن الخطاب أبا أمية حج واشترط ، فإن لك ما اشترطت ولله عليك ما اشترطت " رواه الشافعي بإسناد صحيح . والبيهقي
وعن قال " حج واشترط ، وقل : اللهم الحج أردت ، ولك عمدت ، فإن تيسر وإلا فعمرة " رواه ابن مسعود بإسناد حسن . وعن البيهقي عائشة أنها قالت لعروة " هل تستثني إذا حججت ، فقال : ماذا أقول ؟ قالت : قل : اللهم الحج أردت وله عمدت ، فإن يسرته فهو الحج ، وإن حبسني حابس فهو عمرة " رواه الشافعي بإسناد صحيح على شرط والبيهقي البخاري . ومسلم
( وأما ) حديث سالم عن { ابن عمر } رواه أنه كان ينكر الاشتراط في الحج ويقول أليس حسبكم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم البخاري ، فقال ومسلم : عندي أن البيهقي لو بلغه حديث ابن عمر ضباعة في الاشتراط لم ينكره ، كما لم ينكره أبوه ، وحاصله أن السنة مقدمة عليه . ( وأما ) قول " لا حصر إلا حصر العدو " فرواه ابن عباس الشافعي بإسناد صحيح على شرط والبيهقي البخاري ، وهو محمول على من لم يشترط وأما ما رواه ومسلم في الموطأ مالك والشافعي بالأسانيد الصحيحة على شرط والبيهقي البخاري عن ومسلم أنه قال " من حبس دون ابن عمر البيت بمرض فإنه لا يحل حتى يطوف بالبيت وبين الصفا والمروة " يحتمل أنه أراد إذا لم يشترط ( والأظهر ) أنه أراد مطلقا ، ويؤيده ما قدمناه عن ابن عمر قريبا ، والسنة مقدمة على قوله .
( وأما ) حديث عكرمة قال " سمعت الحجاج بن عمرو الأنصاري الصحابي رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول { } ، قال من كسر أو عرج فقد حل وعليه الحج من قابل عكرمة : فسألت ابن عباس عن ذلك فقال : صدق " رواه وأبا هريرة أبو داود والترمذي والنسائي [ ص: 301 ] وابن ماجه وغيرهم بأسانيد صحيحة ، فقال والبيهقي حمله بعض أهل العلم على أنه يحل بعد فواته بما يحل به من يفوته الحج بغير مرض ، وهذا التأويل الذي حكاه البيهقي محتمل ولكن المشهور في كتب أصحابنا حمله على ما إذا شرط التحلل به والله أعلم . البيهقي
أما حكم المسألة فقال أصحابنا إذا مرض المحرم ، ولم يكن شرط التحلل ، فليس له التحلل بلا خلاف ، لما ذكره المصنف مع ما ذكرناه من الآثار ، قالوا : بل يصبر حتى يبرأ ، فإن كان محرما بعمرة أتمها ، وإن كان بحج وفاته تحلل بعمل عمرة ، وعليه القضاء . وأما إذا شرط في إحرامه أنه إن مرض تحلل ، فقد نص في القديم على صحة الشرط ، لحديث الشافعي ضباعة ، ونص في كتاب المناسك من الجديد على أنه لا يتحلل ، وروى حديث الشافعي ضباعة مرسلا فقال " عن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عروة بن الزبير لضباعة " الحديث قال : لو ثبت حديث الشافعي عروة لم أعده إلى غيره ، لأنه لا يحل عندي خلاف ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : وثبت هذا الحديث من أوجه عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم روى الأحاديث الصحيحة السابقة فيه هذه نصوص البيهقي . الشافعي
( وأما ) الأصحاب فلهم في المسألة طريقان حكاهما المصنف والأصحاب ( أشهرهما ) وبه قال الأكثرون : يصح الاشتراط في قوله القديم ، وفي الجديد قولان ( أصحهما ) الصحة ( والثاني ) المنع .
( والطريق الثاني ) قاله الشيخ وآخرون : يصح الاشتراط قولا واحدا لصحة الحديث فيه ، قالوا : وإنما توقف أبو حامد لعدم وقوفه على صحة الحديث ، وقد صرح الشافعي بهذا الطريق في نصه الذي حكيته الآن عنه ، وهو قوله ( لو صح حديث الشافعي عروة لم أعده ) فالصواب الجزم بصحة الاشتراط للأحاديث . [ ص: 302 ] وأجاب إمام الحرمين عن الحديث بأنه محمول على أن المراد حيث حبستني بالموت ، معناه حيث أدركتني الوفاة أقطع إحرامي ، وهذا تأويل باطل ظاهر الفساد وعجب من جلالة إمام الحرمين كيف قال هذا ؟ وكيف حكمه على أمرها باشتراط كون الموت قاطع الإحرام ؟ ، والله أعلم .
قال أصحابنا : ولو شرط التحلل لغرض آخر كضلال الطريق ، وفراغ النفقة والخطأ في العدد ونحو ذلك فله حكم اشتراط التحلل بالمرض . فيصح على المذهب هكذا قطع به أصحابنا العراقيون والبغوي وجمهور الخراسانيين . وذكر إمام الحرمين هذا عن العراقيين قال : قالوا : بأن كل مهم يحل محل المرض الثقيل يجري فيه الخلاف المذكور في المرض قال : وكان شيخي يقطع بأن الشرط لاغ ، وأنه لا يجوز التحلل على القول إلا بالمرض للحديث ، والله تعالى أعلم .
قال أصحابنا : وحيث صححنا الشرط فتحلل فإن كان شرط التحلل بالهدي يلزمه الهدي ، وإن كان شرط التحلل بلا هدي لم يلزمه الهدي ، وإن أطلق فهل يلزمه الهدي ؟ فيه وجهان حكاهما الشيخ أبو حامد والماوردي والقاضي والأصحاب ( أحدهما ) يلزمه كالمحصر ، وبهذا قطع أبو الطيب المصنف والبغوي ( وأصحهما ) لا يلزمه لظاهر حديث ضباعة ، قال الماوردي والأصحاب وهذا هو المنصوص وصححوه ، وقطع به الدارمي وغيره ، وينكر على المصنف والبغوي جزمهما بوجود الشرط ، وأنه لا يلزمه بعد ذلك شيء من أفعال النسك .
( وأما ) المحصر فقد ترك الأفعال التي كان يقتضيها إحرامه والله أعلم .
ولو شرط أن يقلب حجه عمرة عند المرض ، نص على صحته ، وقطع به الشافعي الدارمي والبندنيجي والروياني وآخرون . ونقل الرافعي عن الأصحاب أنه أولى بالصحة من شرط المرض . فيقتضي إثبات خلاف ضعيف [ ص: 303 ] فيه . والمذهب القطع بالصحة كما نص عليه . ويؤيده ما قدمته عن ابن مسعود رضي الله عنهما قال وعائشة الروياني : ولو قال : إن مرضت وفاتني الحج كان عمرة ، كان على ما شرط . قال أصحابنا : فإذا وجد المرض هل يصير حلالا بمجرد وجوده ؟ أم يشترط إنشاؤه كالمحصر ؟ ينظر إن قال : إن مرضت تحللت من إحرامي فلا يخرج من الإحرام إذا وجد المرض إلا بالتحلل ، وهو أن ينوي الخروج ويحلق إن جعلناه نسكا ويذبح إن أوجبناه على ما سبق من التفصيل والخلاف . وممن صرح بالمسألة الشيخ في تعليقه أبو حامد والبندنيجي والروياني وآخرون . قالوا : وكذا لو قال : محلي من الأرض حيث حبستني ، لا يتحلل عند الحبس إلا بالنية مع ما ذكرناه ، فلو قال : إن مرضت فأنا حلال ، أو قال إن حبسني مرض فأنا حلال فوجهان مشهوران حكاهما الشيخ أبو حامد والبندنيجي والقاضي أبو الطيب والمصنف وإمام الحرمين والبغوي والمتولي والروياني وآخرون ( أصحهما ) يصير حلالا بنفس المرض ، وهو المنصوص ، ونقلوه عن المصنف وصححوه لقوله صلى الله عليه وسلم { } وهو حديث صحيح كما سبق . قال الشيخ من كسر أو عرج فقد حل والأصحاب : لا يمكن حمل الحديث إلا على هذا ، وفيه تأويل أبو حامد الذي قدمناه . البيهقي
( والوجه الثاني ) لا بد من التحلل . قال الروياني والأصحاب : فإن قلنا بالوجه الأول لم يلزمه الدم بلا خلاف ، وإن قلنا بالثاني فهل يلزمه الدم ؟ فيه وجهان حكاهما الشيخ والأصحاب ( الأصح ) لا يلزمه فيلزمه النية فقط ، ونقل أبو حامد الماوردي وغيره هذا عن نص ، وغلط الشافعي الروياني وغيره القائل بوجوب الدم . قال البغوي : وكذا الحلق إن جعلناه نسكا . وقطع البغوي بوجوب الدم على هذا الوجه ، والمذهب الأول والله أعلم .
[ ص: 304 ] أما إذا شرط التحلل بلا عذر بأن قال في إحرامه متى شئت خرجت منه ، أو إن ندمت أو كسلت ونحو ذلك لا يجوز له التحلل بلا خلاف ، صرح به المصنف والشيخ والقاضي أبو حامد أبو الطيب والماوردي والدارمي والروياني والبغوي وخلائق . ونقل الروياني الاتفاق عليه ، والله أعلم
وعن قال " حج واشترط ، وقل : اللهم الحج أردت ، ولك عمدت ، فإن تيسر وإلا فعمرة " رواه ابن مسعود بإسناد حسن . وعن البيهقي عائشة أنها قالت لعروة " هل تستثني إذا حججت ، فقال : ماذا أقول ؟ قالت : قل : اللهم الحج أردت وله عمدت ، فإن يسرته فهو الحج ، وإن حبسني حابس فهو عمرة " رواه الشافعي بإسناد صحيح على شرط والبيهقي البخاري . ومسلم
( وأما ) حديث سالم عن { ابن عمر } رواه أنه كان ينكر الاشتراط في الحج ويقول أليس حسبكم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم البخاري ، فقال ومسلم : عندي أن البيهقي لو بلغه حديث ابن عمر ضباعة في الاشتراط لم ينكره ، كما لم ينكره أبوه ، وحاصله أن السنة مقدمة عليه . ( وأما ) قول " لا حصر إلا حصر العدو " فرواه ابن عباس الشافعي بإسناد صحيح على شرط والبيهقي البخاري ، وهو محمول على من لم يشترط وأما ما رواه ومسلم في الموطأ مالك والشافعي بالأسانيد الصحيحة على شرط والبيهقي البخاري عن ومسلم أنه قال " من حبس دون ابن عمر البيت بمرض فإنه لا يحل حتى يطوف بالبيت وبين الصفا والمروة " يحتمل أنه أراد إذا لم يشترط ( والأظهر ) أنه أراد مطلقا ، ويؤيده ما قدمناه عن ابن عمر قريبا ، والسنة مقدمة على قوله .
( وأما ) حديث عكرمة قال " سمعت الحجاج بن عمرو الأنصاري الصحابي رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول { } ، قال من كسر أو عرج فقد حل وعليه الحج من قابل عكرمة : فسألت ابن عباس عن ذلك فقال : صدق " رواه وأبا هريرة أبو داود والترمذي والنسائي [ ص: 301 ] وابن ماجه وغيرهم بأسانيد صحيحة ، فقال والبيهقي حمله بعض أهل العلم على أنه يحل بعد فواته بما يحل به من يفوته الحج بغير مرض ، وهذا التأويل الذي حكاه البيهقي محتمل ولكن المشهور في كتب أصحابنا حمله على ما إذا شرط التحلل به والله أعلم . البيهقي
أما حكم المسألة فقال أصحابنا إذا مرض المحرم ، ولم يكن شرط التحلل ، فليس له التحلل بلا خلاف ، لما ذكره المصنف مع ما ذكرناه من الآثار ، قالوا : بل يصبر حتى يبرأ ، فإن كان محرما بعمرة أتمها ، وإن كان بحج وفاته تحلل بعمل عمرة ، وعليه القضاء . وأما إذا شرط في إحرامه أنه إن مرض تحلل ، فقد نص في القديم على صحة الشرط ، لحديث الشافعي ضباعة ، ونص في كتاب المناسك من الجديد على أنه لا يتحلل ، وروى حديث الشافعي ضباعة مرسلا فقال " عن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عروة بن الزبير لضباعة " الحديث قال : لو ثبت حديث الشافعي عروة لم أعده إلى غيره ، لأنه لا يحل عندي خلاف ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : وثبت هذا الحديث من أوجه عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم روى الأحاديث الصحيحة السابقة فيه هذه نصوص البيهقي . الشافعي
( وأما ) الأصحاب فلهم في المسألة طريقان حكاهما المصنف والأصحاب ( أشهرهما ) وبه قال الأكثرون : يصح الاشتراط في قوله القديم ، وفي الجديد قولان ( أصحهما ) الصحة ( والثاني ) المنع .
( والطريق الثاني ) قاله الشيخ وآخرون : يصح الاشتراط قولا واحدا لصحة الحديث فيه ، قالوا : وإنما توقف أبو حامد لعدم وقوفه على صحة الحديث ، وقد صرح الشافعي بهذا الطريق في نصه الذي حكيته الآن عنه ، وهو قوله ( لو صح حديث الشافعي عروة لم أعده ) فالصواب الجزم بصحة الاشتراط للأحاديث . [ ص: 302 ] وأجاب إمام الحرمين عن الحديث بأنه محمول على أن المراد حيث حبستني بالموت ، معناه حيث أدركتني الوفاة أقطع إحرامي ، وهذا تأويل باطل ظاهر الفساد وعجب من جلالة إمام الحرمين كيف قال هذا ؟ وكيف حكمه على أمرها باشتراط كون الموت قاطع الإحرام ؟ ، والله أعلم .
قال أصحابنا : ولو شرط التحلل لغرض آخر كضلال الطريق ، وفراغ النفقة والخطأ في العدد ونحو ذلك فله حكم اشتراط التحلل بالمرض . فيصح على المذهب هكذا قطع به أصحابنا العراقيون والبغوي وجمهور الخراسانيين . وذكر إمام الحرمين هذا عن العراقيين قال : قالوا : بأن كل مهم يحل محل المرض الثقيل يجري فيه الخلاف المذكور في المرض قال : وكان شيخي يقطع بأن الشرط لاغ ، وأنه لا يجوز التحلل على القول إلا بالمرض للحديث ، والله تعالى أعلم .
قال أصحابنا : وحيث صححنا الشرط فتحلل فإن كان شرط التحلل بالهدي يلزمه الهدي ، وإن كان شرط التحلل بلا هدي لم يلزمه الهدي ، وإن أطلق فهل يلزمه الهدي ؟ فيه وجهان حكاهما الشيخ أبو حامد والماوردي والقاضي والأصحاب ( أحدهما ) يلزمه كالمحصر ، وبهذا قطع أبو الطيب المصنف والبغوي ( وأصحهما ) لا يلزمه لظاهر حديث ضباعة ، قال الماوردي والأصحاب وهذا هو المنصوص وصححوه ، وقطع به الدارمي وغيره ، وينكر على المصنف والبغوي جزمهما بوجود الشرط ، وأنه لا يلزمه بعد ذلك شيء من أفعال النسك .
( وأما ) المحصر فقد ترك الأفعال التي كان يقتضيها إحرامه والله أعلم .
ولو شرط أن يقلب حجه عمرة عند المرض ، نص على صحته ، وقطع به الشافعي الدارمي والبندنيجي والروياني وآخرون . ونقل الرافعي عن الأصحاب أنه أولى بالصحة من شرط المرض . فيقتضي إثبات خلاف ضعيف [ ص: 303 ] فيه . والمذهب القطع بالصحة كما نص عليه . ويؤيده ما قدمته عن ابن مسعود رضي الله عنهما قال وعائشة الروياني : ولو قال : إن مرضت وفاتني الحج كان عمرة ، كان على ما شرط . قال أصحابنا : فإذا وجد المرض هل يصير حلالا بمجرد وجوده ؟ أم يشترط إنشاؤه كالمحصر ؟ ينظر إن قال : إن مرضت تحللت من إحرامي فلا يخرج من الإحرام إذا وجد المرض إلا بالتحلل ، وهو أن ينوي الخروج ويحلق إن جعلناه نسكا ويذبح إن أوجبناه على ما سبق من التفصيل والخلاف . وممن صرح بالمسألة الشيخ في تعليقه أبو حامد والبندنيجي والروياني وآخرون . قالوا : وكذا لو قال : محلي من الأرض حيث حبستني ، لا يتحلل عند الحبس إلا بالنية مع ما ذكرناه ، فلو قال : إن مرضت فأنا حلال ، أو قال إن حبسني مرض فأنا حلال فوجهان مشهوران حكاهما الشيخ أبو حامد والبندنيجي والقاضي أبو الطيب والمصنف وإمام الحرمين والبغوي والمتولي والروياني وآخرون ( أصحهما ) يصير حلالا بنفس المرض ، وهو المنصوص ، ونقلوه عن المصنف وصححوه لقوله صلى الله عليه وسلم { } وهو حديث صحيح كما سبق . قال الشيخ من كسر أو عرج فقد حل والأصحاب : لا يمكن حمل الحديث إلا على هذا ، وفيه تأويل أبو حامد الذي قدمناه . البيهقي
( والوجه الثاني ) لا بد من التحلل . قال الروياني والأصحاب : فإن قلنا بالوجه الأول لم يلزمه الدم بلا خلاف ، وإن قلنا بالثاني فهل يلزمه الدم ؟ فيه وجهان حكاهما الشيخ والأصحاب ( الأصح ) لا يلزمه فيلزمه النية فقط ، ونقل أبو حامد الماوردي وغيره هذا عن نص ، وغلط الشافعي الروياني وغيره القائل بوجوب الدم . قال البغوي : وكذا الحلق إن جعلناه نسكا . وقطع البغوي بوجوب الدم على هذا الوجه ، والمذهب الأول والله أعلم .
[ ص: 304 ] أما إذا شرط التحلل بلا عذر بأن قال في إحرامه متى شئت خرجت منه ، أو إن ندمت أو كسلت ونحو ذلك لا يجوز له التحلل بلا خلاف ، صرح به المصنف والشيخ والقاضي أبو حامد أبو الطيب والماوردي والدارمي والروياني والبغوي وخلائق . ونقل الروياني الاتفاق عليه ، والله أعلم
( فرع ) إذا صححنا اشتراط التحلل بالمرض ونحوه ، فإنما ينفع الشرط ويجوز التحلل به إذا كان مقترنا بإحرامه ، فإن تقدمه أو تأخر عنه لم ينعقد الشرط بلا خلاف . وصرح به الماوردي وغيره .
( فرع ) إذا فقد ذكرنا خلافا في صحة الشرط قال أصحابنا : ينعقد الحج بلا خلاف ، سواء صححنا الشرط أم لا . فرض التحلل بالمرض ونحوه
( فرع ) مما استدل به أصحابنا لجواز أنه لو نذر صوم يوم أو أيام بشرط أن يخرج منه بعذر صح الشرط وجاز الخروج منه بذلك العذر بلا خلاف . قال اشتراط التحلل بالمرض وصحة الشرط الروياني : يجوز الخروج منه بالإجماع .
( فرع ) ذكرنا أن إمام الحرمين تأول حديث ضباعة أنه يحمل على أن ( محلي حيث حبستني بالموت ) وذكرنا أن هذا التأويل خطأ فاحش ، وتأوله الروياني على أنه مخصوص بضباعة ، وهذا تأويل باطل أيضا ومخالف لنص ، فإن الشافعي إنما قال : لو صح الحديث لم أعده ، ولم يتأوله ولم يخصه ( فرع ) قال أصحابنا : الشافعي ، فإن كان الحج تطوعا لم يجب قضاؤه ، وإن كان واجبا فحكمه ما سبق . التحلل بالمرض ونحوه إذا ما صححناه له حكم التحلل بالإحصار
[ ص: 305 ] فرع ) قال إمام الحرمين والغزالي في الوسيط : قال النبي صلى الله عليه وسلم لضباعة الأسلمية { } وهذا غلط فاحش ، فليس اشترطي أن محلي حيث حبستني ضباعة أسلمية بل هي هاشمية ، وهي بنت عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي ، وهذا لا خلاف فيه وقد سبق بيانها عن روايات ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف البخاري وغيرهما ، وإنما نبهت عليه لئلا يغتر به ، والله أعلم . ومسلم
( فرع ) إذا فقد ذكرنا خلافا في صحة الشرط قال أصحابنا : ينعقد الحج بلا خلاف ، سواء صححنا الشرط أم لا . فرض التحلل بالمرض ونحوه
( فرع ) مما استدل به أصحابنا لجواز أنه لو نذر صوم يوم أو أيام بشرط أن يخرج منه بعذر صح الشرط وجاز الخروج منه بذلك العذر بلا خلاف . قال اشتراط التحلل بالمرض وصحة الشرط الروياني : يجوز الخروج منه بالإجماع .
( فرع ) ذكرنا أن إمام الحرمين تأول حديث ضباعة أنه يحمل على أن ( محلي حيث حبستني بالموت ) وذكرنا أن هذا التأويل خطأ فاحش ، وتأوله الروياني على أنه مخصوص بضباعة ، وهذا تأويل باطل أيضا ومخالف لنص ، فإن الشافعي إنما قال : لو صح الحديث لم أعده ، ولم يتأوله ولم يخصه ( فرع ) قال أصحابنا : الشافعي ، فإن كان الحج تطوعا لم يجب قضاؤه ، وإن كان واجبا فحكمه ما سبق . التحلل بالمرض ونحوه إذا ما صححناه له حكم التحلل بالإحصار
[ ص: 305 ] فرع ) قال إمام الحرمين والغزالي في الوسيط : قال النبي صلى الله عليه وسلم لضباعة الأسلمية { } وهذا غلط فاحش ، فليس اشترطي أن محلي حيث حبستني ضباعة أسلمية بل هي هاشمية ، وهي بنت عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي ، وهذا لا خلاف فيه وقد سبق بيانها عن روايات ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف البخاري وغيرهما ، وإنما نبهت عليه لئلا يغتر به ، والله أعلم . ومسلم