قال المصنف رحمه الله تعالى ( وإن فإن كان في تطوع جاز له أن يحللها ، لأن حق الزوج واجب فلا يجوز إبطاله عليه بتطوع ، وإن كان في حجة الإسلام ففيه قولان ( أحدهما ) أن له أن يحللها لأن حقه على الفور ، والحج على التراخي ، فقدم حقه ( والثاني ) أنه لا يملك لأنه فرض فلا يملك تحليلها منه كالصوم والصلاة ) . أحرمت المرأة بغير إذن الزوج
التالي
السابق
( الشرح ) قوله ( لأنه فرض فلا يملك تحليلها منه ) ينتقض بصوم الكفارة والنذر في الذمة والقضاء الذي لم ينتقض ، فإن له منعها من كل ذلك في الأصح وكان ينبغي أن يقول : فرض بأصل الشرع والله أعلم .
( أما الأحكام ) فقال أصحابنا : ينبغي للمرأة أن لا تحرم بغير إذن زوجها ، ويستحب له أن يحج بها ، واحتجوا فيه بحديث رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب فقال { ابن عباس } رواه لا يخلون رجل بامرأة ، ولا تسافر امرأة إلا مع محرم ، فقام رجل فقال : يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة وإني كتبت في غزوة كذا . قال : فانطلق فاحجج مع امرأتك البخاري . فإن أرادت حج إسلام أو تطوع فأذن الزوج وأحرمت به لزمه تمكينها من إتمامه بلا خلاف ، سواء كان فرضا أو نفلا كما سبق فيما لو أذن لعبده في الإحرام فأحرم وكما لا يجوز له تحليلها لا يجوز لها التحلل ، فإن تحللت لم يصح تحللها ولم تخرج من الحج ، كما لو نوى غيرها الخروج من الحج بلا إحصار فإنه لا يخرج منه بلا خلاف وإن أرادت حج الإسلام فمنعها الزوج فهل له المنع ؟ فيه قولان مشهوران ، وعجب كيف أهملهما ومسلم المصنف قال القاضي في تعليقه : المنصوص في باب حج المرأة والعبد من المناسك الكبير أن للزوج منعها ، ونص أبو الطيب [ ص: 307 ] في باب خروج النساء إلى المساجد من اختلاف الحديث على أنه ليس له منعها . وقال الشافعي البندنيجي : نص في عامة كتبه أن له منعها ، واتفقوا على أن الصحيح من هذين القولين أن له منعها ، وبه قطع الشيخ الشافعي أبو حامد والمحاملي وآخرون ، قال القاضي في كتابه المجرد أبو الطيب والروياني وغيرهما : هذا القول هو الصحيح المشهور ، واحتجوا له بحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { ابن عمر } رواه ليس لها أن تنطلق إلى الحج إلا بإذن زوجها الدارقطني . ولأن حق الزوج على الفور والحج على التراخي ، فقدم ما كان على الفور ، كما تقدم العدة على الحج بلا خلاف . والبيهقي
( والقول الثاني ) ليس له منعها لعموم قوله صلى الله عليه وسلم { } رواه لا تمنعوا إماء الله مساجد الله البخاري من رواية ومسلم ، وقياسا على الصوم والصلاة . وأجاب الأولون عن الحديث بأنه محمول على أنه تنزيه أو على غير المتزوجات ، لأن غير المتزوجات لم يتعلق بهن حق على الفور ، وذلك كالبنت والأخت ونحوهما ، وأن المراد لا تمنعوهن مساجد الله للصلوات ، وهذا هو ظاهر سياق الحديث ، والله أعلم . ابن عمر
قال أصحابنا : والفرق بين الحج والصوم والصلاة أن مدته طويلة بخلافهما ، والله تعالى أعلم . فإن أحرمت بحج الإسلام بغير إذنه قال أصحابنا : إن قلنا : ليس له منعها من الابتداء فليس له تحليلها ( وإن قلنا ) له منعها فهل له تحليلها ؟ فيه قولان مشهوران وهما اللذان ذكرهما المصنف هنا وفي التنبيه ، قال القاضي أبو الطيب والروياني وغيرهما : نص عليهما في باب حج المرأة والعبد ، قال أصحابنا ( أصحهما ) أن له تحليلها ، وهو نصه في مختصر الشافعي ومما صرح بتصحيحه المزني الجرجاني في التحرير والغزالي في الخلاصة [ ص: 308 ] والروياني في الحلية في فوائد المهذب وأبو علي الفارقي والرافعي في كتابيه وغيرهم . وشذ عنهم المحاملي في المقنع ، فجزم بأنه ليس له تحليلها لأنه يضيق بالشروع ( والمذهب ) أن له تحليلها ، كما صححه الجمهور ، لأن حق الزوج سابق والله أعلم .
قال الدارمي والجرجاني في التحرير : وحجة النذر كالإسلام ، فإذا أحرمت بها بغير إذنه فله تحليلها في أصح القولين ، وينبغي أن يكون القضاء كذلك والله أعلم .
أما إذا أحرمت بحجة تطوع فله منعها منه بلا خلاف ، فإن أحرمت به فهل له تحليلها منه ؟ فيه طريقان مشهوران حكاهما القاضي والشيخ أبو حامد المروذي أبو حامد الإسفراييني والدارمي والقاضي في كتابيه المجموع والتجريد أبو الطيب والماوردي والقاضي أبو علي البندنيجي والقاضي حسين والفوراني وإمام الحرمين والغزالي وابن الصباغ والمتولي والبغوي وصاحب العدة والروياني الشاشي وخلائق آخرون ( أصحهما ) باتفاقهم له تحليلها ( والثاني ) لا ، لأنها لما أحرمت بها صارت كحجة الإسلام ، لأن حجة التطوع تلزم بالشروع والله أعلم .
( فرع ) قال أصحابنا : حيث أبحنا له تحليلها ، فإذا أمرها تحللت كما يتحلل المحصر سواء ، فتذبح الهدي وتنوي عنده الخروج من الحج ، وتقصر رأسها أو ثلاث شعرات إذا قلنا الحلق نسك ، فإن كانت واجدة للهدي فلا بد مما ذكرناه ، وإن كانت عادمة له فهي كالحر المحصر إذا عدم الهدي ، وقد سبق إيضاحه ، واتفق أصحابنا على أن تحللها لا يحصل إلا مما يحصل به تحلل المحصر ، وأنها لو تطيبت أو جومعت أو قتلت صيدا أو فعلت غير ذلك من محظورات الإحرام أو فعل الزوج ذلك بها لا تصير متحللة بل يلزمه الفدية فيما ارتكبته ، والله أعلم . لا يجوز لها أن تتحلل حتى يأمرها
قال أصحابنا : ومتى أمرها بالتحلل حيث جوزناه [ ص: 309 ] له لزمها المبادرة به وإن امتنعت منه مع تمكنها جاز للزوج وطؤها وسائر الاستمتاعات بها ولا إثم عليه وعليها هي الإثم لتقصيرها . وكذلك فللسيد وطؤها ولا إثم عليه وعليها هي الإثم . وحكى الأمة إذا امتنعت من التحلل إمام الحرمين هذا عن الصيدلاني ثم قال الإمام : وهذا فيه نظر ، لأن المحرمة حرام لحق الله تعالى ، كما أن المرتدة حرام لحق الله تعالى ، فيحتمل تحريمها على الزوج والسيد . هذا كلام الإمام والمذهب القطع بالجواز كما قاله الصيدلاني وغيره ، وبه جزم الغزالي وغيره ، والله أعلم .
( أما الأحكام ) فقال أصحابنا : ينبغي للمرأة أن لا تحرم بغير إذن زوجها ، ويستحب له أن يحج بها ، واحتجوا فيه بحديث رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب فقال { ابن عباس } رواه لا يخلون رجل بامرأة ، ولا تسافر امرأة إلا مع محرم ، فقام رجل فقال : يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة وإني كتبت في غزوة كذا . قال : فانطلق فاحجج مع امرأتك البخاري . فإن أرادت حج إسلام أو تطوع فأذن الزوج وأحرمت به لزمه تمكينها من إتمامه بلا خلاف ، سواء كان فرضا أو نفلا كما سبق فيما لو أذن لعبده في الإحرام فأحرم وكما لا يجوز له تحليلها لا يجوز لها التحلل ، فإن تحللت لم يصح تحللها ولم تخرج من الحج ، كما لو نوى غيرها الخروج من الحج بلا إحصار فإنه لا يخرج منه بلا خلاف وإن أرادت حج الإسلام فمنعها الزوج فهل له المنع ؟ فيه قولان مشهوران ، وعجب كيف أهملهما ومسلم المصنف قال القاضي في تعليقه : المنصوص في باب حج المرأة والعبد من المناسك الكبير أن للزوج منعها ، ونص أبو الطيب [ ص: 307 ] في باب خروج النساء إلى المساجد من اختلاف الحديث على أنه ليس له منعها . وقال الشافعي البندنيجي : نص في عامة كتبه أن له منعها ، واتفقوا على أن الصحيح من هذين القولين أن له منعها ، وبه قطع الشيخ الشافعي أبو حامد والمحاملي وآخرون ، قال القاضي في كتابه المجرد أبو الطيب والروياني وغيرهما : هذا القول هو الصحيح المشهور ، واحتجوا له بحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { ابن عمر } رواه ليس لها أن تنطلق إلى الحج إلا بإذن زوجها الدارقطني . ولأن حق الزوج على الفور والحج على التراخي ، فقدم ما كان على الفور ، كما تقدم العدة على الحج بلا خلاف . والبيهقي
( والقول الثاني ) ليس له منعها لعموم قوله صلى الله عليه وسلم { } رواه لا تمنعوا إماء الله مساجد الله البخاري من رواية ومسلم ، وقياسا على الصوم والصلاة . وأجاب الأولون عن الحديث بأنه محمول على أنه تنزيه أو على غير المتزوجات ، لأن غير المتزوجات لم يتعلق بهن حق على الفور ، وذلك كالبنت والأخت ونحوهما ، وأن المراد لا تمنعوهن مساجد الله للصلوات ، وهذا هو ظاهر سياق الحديث ، والله أعلم . ابن عمر
قال أصحابنا : والفرق بين الحج والصوم والصلاة أن مدته طويلة بخلافهما ، والله تعالى أعلم . فإن أحرمت بحج الإسلام بغير إذنه قال أصحابنا : إن قلنا : ليس له منعها من الابتداء فليس له تحليلها ( وإن قلنا ) له منعها فهل له تحليلها ؟ فيه قولان مشهوران وهما اللذان ذكرهما المصنف هنا وفي التنبيه ، قال القاضي أبو الطيب والروياني وغيرهما : نص عليهما في باب حج المرأة والعبد ، قال أصحابنا ( أصحهما ) أن له تحليلها ، وهو نصه في مختصر الشافعي ومما صرح بتصحيحه المزني الجرجاني في التحرير والغزالي في الخلاصة [ ص: 308 ] والروياني في الحلية في فوائد المهذب وأبو علي الفارقي والرافعي في كتابيه وغيرهم . وشذ عنهم المحاملي في المقنع ، فجزم بأنه ليس له تحليلها لأنه يضيق بالشروع ( والمذهب ) أن له تحليلها ، كما صححه الجمهور ، لأن حق الزوج سابق والله أعلم .
قال الدارمي والجرجاني في التحرير : وحجة النذر كالإسلام ، فإذا أحرمت بها بغير إذنه فله تحليلها في أصح القولين ، وينبغي أن يكون القضاء كذلك والله أعلم .
أما إذا أحرمت بحجة تطوع فله منعها منه بلا خلاف ، فإن أحرمت به فهل له تحليلها منه ؟ فيه طريقان مشهوران حكاهما القاضي والشيخ أبو حامد المروذي أبو حامد الإسفراييني والدارمي والقاضي في كتابيه المجموع والتجريد أبو الطيب والماوردي والقاضي أبو علي البندنيجي والقاضي حسين والفوراني وإمام الحرمين والغزالي وابن الصباغ والمتولي والبغوي وصاحب العدة والروياني الشاشي وخلائق آخرون ( أصحهما ) باتفاقهم له تحليلها ( والثاني ) لا ، لأنها لما أحرمت بها صارت كحجة الإسلام ، لأن حجة التطوع تلزم بالشروع والله أعلم .
( فرع ) قال أصحابنا : حيث أبحنا له تحليلها ، فإذا أمرها تحللت كما يتحلل المحصر سواء ، فتذبح الهدي وتنوي عنده الخروج من الحج ، وتقصر رأسها أو ثلاث شعرات إذا قلنا الحلق نسك ، فإن كانت واجدة للهدي فلا بد مما ذكرناه ، وإن كانت عادمة له فهي كالحر المحصر إذا عدم الهدي ، وقد سبق إيضاحه ، واتفق أصحابنا على أن تحللها لا يحصل إلا مما يحصل به تحلل المحصر ، وأنها لو تطيبت أو جومعت أو قتلت صيدا أو فعلت غير ذلك من محظورات الإحرام أو فعل الزوج ذلك بها لا تصير متحللة بل يلزمه الفدية فيما ارتكبته ، والله أعلم . لا يجوز لها أن تتحلل حتى يأمرها
قال أصحابنا : ومتى أمرها بالتحلل حيث جوزناه [ ص: 309 ] له لزمها المبادرة به وإن امتنعت منه مع تمكنها جاز للزوج وطؤها وسائر الاستمتاعات بها ولا إثم عليه وعليها هي الإثم لتقصيرها . وكذلك فللسيد وطؤها ولا إثم عليه وعليها هي الإثم . وحكى الأمة إذا امتنعت من التحلل إمام الحرمين هذا عن الصيدلاني ثم قال الإمام : وهذا فيه نظر ، لأن المحرمة حرام لحق الله تعالى ، كما أن المرتدة حرام لحق الله تعالى ، فيحتمل تحريمها على الزوج والسيد . هذا كلام الإمام والمذهب القطع بالجواز كما قاله الصيدلاني وغيره ، وبه جزم الغزالي وغيره ، والله أعلم .
( فرع ) بلا خلاف لأن لكل واحد منهما حقا ، فإن أذن أحدهما فللآخر المنع بلا خلاف ، فإن أحرمت بغير إذنهما ، قال ليس للأمة المزوجة الإحرام إلا بإذن السيد والزوج جميعا الدارمي : إن اتفقا على تحليلها فلهما ذلك ، وإن اتفقا على بقائها وذهابها في الحج جاز ، وإن أراد السيد تحليلها فله ذلك ، وإن أراده الزوج ، قال ابن القطان : نص أن له ذلك ، قال الشافعي ابن القطان : فيحتمل هذا ويحتمل أن يقال : لا يحللها ، لأن للسيد المسافرة بها ، نقله الدارمي . ونقل الروياني عن أن المذهب أن للزوج تحليلها ، كما هو للسيد ، وأن من الأصحاب من قال بالنسبة إلى الزوج كالزوجة الحرة إذا أحرمت بتطوع ، هل له تحليلها ؟ فيه طريقان ، والمذهب الأول القفال
( فرع ) قال الدارمي : إذا فإن كانت رجعية فلم يراجعها ، فليس له تحليلها ، وله منعها من الخروج ، فإن قضت العدة ولم يراجعها مضت في الحج ، فإن أدركته فذلك ، وإن فاتها فلها حكم الفوات وإن راجعها فهل له تحليلها ؟ فيه القولان السابقان ، وإن كانت مطلقة بائنا فليس له تحليلها بلا خلاف ، وله منعها ، فإن أدركت الحج بعد انقضاء العدة وإلا فهي كذات الفوات ، ولو أحرمت ثم طلقها فوجبت العدة [ ص: 310 ] أقامت على إحرامها ، ولم يجز لها التحلل ، فإن انقضت عدتها فأدركت الحج فذاك ، وإن فاتها - قال أحرمت في العدة ابن المرزبان : إن كانت هي سبب وجوب العدة بخيار ونحوه فهي المفوتة وإن طرأت بغير اختيارها ففي القضاء وجهان بناء على القولين في المحصر إذا سلك طريقا ففاته ، هذا كلام الدارمي . وكذا قال الروياني والرافعي وغيرهما إن المعتدة الرجعية إذا أحرمت فللزوج منعها من الذهاب في الحج ، وليس له تحليلها ولكن له رجعتها ، فإذا رجع هل له تحليلها ؟ فيه القولان ، وجزم الرافعي بأنه يحللها بعد المراجعة ، وهو تفريع على الأصح وإلا فالقولان لا بد منهما كما ذكره الدارمي والروياني وغيرهما . ونقل الروياني فيما إذا أحرمت بحج تطوع ثم طلقت ثم اعتدت ففاتها قولين ( أحدهما ) يجب القضاء كالخطأ في العدد ( والثاني ) لا ، لعدم تقصيرها ، وهذا موافق لما ذكره ابن المرزبان والله أعلم .
وقال الماوردي : إذا أحرمت ثم وجبت العدة بوفاة زوج أو طلاقه لزمها المضي في الإحرام وأعمال النسك ، ولا تكون العدة مانعة لأن الإحرام سابق ، قال : فإن منعها حاكم من إتمام الحج بسبب العدة صارت كالمحصر ، فتتحلل وعليها دم الإحصار
وقال الماوردي : إذا أحرمت ثم وجبت العدة بوفاة زوج أو طلاقه لزمها المضي في الإحرام وأعمال النسك ، ولا تكون العدة مانعة لأن الإحرام سابق ، قال : فإن منعها حاكم من إتمام الحج بسبب العدة صارت كالمحصر ، فتتحلل وعليها دم الإحصار
( فرع ) لو ، ففيه التفصيل الذي قدمته في أول كتاب الحج في مثل ذلك بين العبد والسيد ، كذا قاله أذن لزوجته في الإحرام ثم رجع عن الإذن أو اختلفا فادعت الإذن وأنكره الدارمي والله أعلم
( فرع ) إذا أرادت الحج ، قال الماوردي والمحاملي وغيرهما من الأصحاب : إن كان الحج فرضا جاز لها ، ويجوز مع امرأة ثقة قال الخروج مع زوج أو محرم أو نسوة ثقات الماوردي ومن الأصحاب من قال : [ ص: 311 ] إذا كان الطريق آمنا لا يخاف خلوة الرجال بها جاز خروجها بغير محرم ، وبغير امرأة ثقة ، قال : هذا خلاف نص قالوا : فإن كان الحج تطوعا لم يجز أن تخرج إلا مع محرم ، وكذا السفر المباح كسفر الزيارة والتجارة لا يجوز خروجها في شيء من ذلك إلا مع محرم أو زوج . قال الشافعي الماوردي : ومن أصحابنا من جوز خروجها مع نساء ثقات ، كسفرها للحج الواجب ، قال : وهذا خلاف نص . وكذا قال الشيخ الشافعي في تعليقه : لا يجوز لها الخروج في حج التطوع إلا مع محرم ، نص عليه أبو حامد في كتاب العدد من الأم ، فقال : لا يجوز الخروج في حج التطوع إلا مع محرم . قال الشافعي : ومن أصحابنا من قال : لها الخروج بغير محرم في أي سفر كان واجبا كان أو غيره ، وهكذا ذكر المسألة أبو حامد البندنيجي وآخرون وحاصله أنه يجوز الخروج للحج الواجب مع زوج أو محرم أو امرأة ثقة ، ولا يجوز من غير هؤلاء ، وإن كان الطريق آمنا ، وفيه وجه ضعيف أنه يجوز إن كان آمنا . وأما حج التطوع وسفر الزيارة والتجارة وكل سفر ليس بواجب فلا يجوز على المذهب الصحيح المنصوص إلا مع زوج أو محرم ، وقيل : يجوز مع نسوة أو امرأة ثقة كالحج الواجب ، وقد سبقت هذه المسألة مختصرة في أول كتاب الحج في ذكر استطاعة المرأة والله أعلم .
( فرع ) قد ذكرنا تفصيل مذهبنا في حج المرأة ، وذكرنا أن الصحيح أنه يجوز لها في سفر حج الفرض أن تخرج مع نسوة ثقات . أو امرأة ثقة ، ولا يشترط المحرم ولا يجوز في التطوع وسفر التجارة والزيارة ونحوهما إلا بمحرم . وقال بعض أصحابنا : يجوز بغير نساء ولا امرأة إذا كان الطريق آمنا . وبهذا قال الحسن البصري ، وقال وداود : لا يجوز بامرأة ثقة . وإنما يجوز بمحرم أو نسوة ثقات . وقال مالك [ ص: 312 ] أبو حنيفة : لا يجوز إلا مع زوج أو محرم ، قال الشيخ وأحمد : والمسافة التي يشترط أبو حامد فيها المحرم ثلاثة أيام فإن كان أقل لم يشترط . واحتج لهم بحديث أبو حنيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { ابن عمر } رواه لا تسافر امرأة ثلاثا إلا معها ذو محرم البخاري . وفي رواية ومسلم { لمسلم } . لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة ثلاث ليال إلا ومعها ذو محرم
وعن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { ابن عباس } رواه لا تسافر امرأة إلا مع محرم . فقال : يا رسول الله إني أريد أن أخرج في جيش كذا وكذا وامرأتي تريد الحج قال : اخرج معها البخاري وعن ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { أبي سعيد } رواه لا تسافر المرأة يومين إلا ومعها زوجها أو ذو محرم البخاري . ومسلم
وعن عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { أبي هريرة } رواه لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها حرمة البخاري . وفي رواية ومسلم { لمسلم } وفي رواية له { مسيرة يوم } وفي رواية صحيحة في سنن ليلة أبي داود { } وقياسا على حج التطوع وسفر التجارة والزيارة ونحوهما . واحتج أصحابنا بحديث مسيرة بريد قال { عدي بن حاتم عدي هل رأيت الحيرة ؟ قلت : لم أرها وقد أنبئت عنها ، قال : فإن طال بك حياة لترين الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة ، لا تخاف إلا الله ، قال عدي : فرأيت الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف إلا الله } رواه بينما أنا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أتى رجل فشكا إليه الفاقة ، ثم أتاه آخر فشكا قطع السبيل ، فقال : يا ، وسبق ذكره في استطاعة المرأة ( فإن قيل ) لا يلزم من حديث البخاري عدي جواز سفرها بغير محرم ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 313 ] أخبر بأن هذا سيقع ووقع ولا يلزم من ذلك جوازه ، كما أخبر صلى الله عليه وسلم بأنه سيكون دجالون كذابون ، ولا يلزم من ذلك جوازه . قال أصحابنا : فجوابه أن هذا الحديث خرج في سياق ذم الحوادث .
( وأما ) حديث عدي فخرج في سياق المدح والفضيلة واستعلاء الإسلام ورفع مناره ، فلا يمكن حمله على ما لا يجوز . قال الشيخ ( فإن قيل ) هذا الخبر متروك الظاهر بالإجماع لأن فيه أنها تخرج بغير جوار ولا خلاف أنها لا تخرج بغير جوار ، ولو امرأة واحدة ( فالجواب ) أن بعض أصحابنا جوز خروجها وحدها بغير امرأة كما سبق ، وعلى مذهب أبو حامد ومنصوصه يشترط المرأة ولا يلزم من ذلك ترك الظاهر لأن حقيقته أن لا يكون معها جوار أصلا - والجوار الملاصق والقريب - ونحن لا نشترط في المرأة التي تخرج معها كونها ملازمة لها ، فإن مشت قدام القافلة أو بعدها بعيدة عن المرأة جاز ، فحصل من هذا أنا نقول بظاهر الحديث ، هذا كلام الشافعي . قال أصحابنا : ولأنه سفر واجب فلم يشترط فيه المحرم كالهجرة . قال أصحابنا : وقياسا على ما إذا كانت المسافة مرحلتين ، فإن الحنفية وافقونا على أنه لا يشترط المحرم ( فإن قالوا ) إنما جاز في المرحلتين لأنه ليس بسفر ( قلنا ) هذا مخالف للأحاديث الصحيحة السابقة . أبي حامد
( وأما ) الجواب عن الأحاديث التي احتجوا بها فمن أوجه ( أحدها ) جواب الشيخ وآخرين أنها عامة فنخصها بما ذكرناه ( والثاني ) أنه محمول على سفر التجارة والزيارة وحج التطوع وسائر الأسفار غير سفر الحج الواجب ( الثالث ) ذكره القاضي أبي حامد أنه محمول على ما إذا لم يكن الطريق آمنا ( والجواب ) عن قياسهم على حج التطوع وسفر التجارة وأنه ليس بواجب بخلاف حج الفرض والله أعلم أبو الطيب
( فرع ) قد ذكرنا تفصيل مذهبنا في حج المرأة ، وذكرنا أن الصحيح أنه يجوز لها في سفر حج الفرض أن تخرج مع نسوة ثقات . أو امرأة ثقة ، ولا يشترط المحرم ولا يجوز في التطوع وسفر التجارة والزيارة ونحوهما إلا بمحرم . وقال بعض أصحابنا : يجوز بغير نساء ولا امرأة إذا كان الطريق آمنا . وبهذا قال الحسن البصري ، وقال وداود : لا يجوز بامرأة ثقة . وإنما يجوز بمحرم أو نسوة ثقات . وقال مالك [ ص: 312 ] أبو حنيفة : لا يجوز إلا مع زوج أو محرم ، قال الشيخ وأحمد : والمسافة التي يشترط أبو حامد فيها المحرم ثلاثة أيام فإن كان أقل لم يشترط . واحتج لهم بحديث أبو حنيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { ابن عمر } رواه لا تسافر امرأة ثلاثا إلا معها ذو محرم البخاري . وفي رواية ومسلم { لمسلم } . لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة ثلاث ليال إلا ومعها ذو محرم
وعن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { ابن عباس } رواه لا تسافر امرأة إلا مع محرم . فقال : يا رسول الله إني أريد أن أخرج في جيش كذا وكذا وامرأتي تريد الحج قال : اخرج معها البخاري وعن ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { أبي سعيد } رواه لا تسافر المرأة يومين إلا ومعها زوجها أو ذو محرم البخاري . ومسلم
وعن عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { أبي هريرة } رواه لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها حرمة البخاري . وفي رواية ومسلم { لمسلم } وفي رواية له { مسيرة يوم } وفي رواية صحيحة في سنن ليلة أبي داود { } وقياسا على حج التطوع وسفر التجارة والزيارة ونحوهما . واحتج أصحابنا بحديث مسيرة بريد قال { عدي بن حاتم عدي هل رأيت الحيرة ؟ قلت : لم أرها وقد أنبئت عنها ، قال : فإن طال بك حياة لترين الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة ، لا تخاف إلا الله ، قال عدي : فرأيت الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف إلا الله } رواه بينما أنا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أتى رجل فشكا إليه الفاقة ، ثم أتاه آخر فشكا قطع السبيل ، فقال : يا ، وسبق ذكره في استطاعة المرأة ( فإن قيل ) لا يلزم من حديث البخاري عدي جواز سفرها بغير محرم ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 313 ] أخبر بأن هذا سيقع ووقع ولا يلزم من ذلك جوازه ، كما أخبر صلى الله عليه وسلم بأنه سيكون دجالون كذابون ، ولا يلزم من ذلك جوازه . قال أصحابنا : فجوابه أن هذا الحديث خرج في سياق ذم الحوادث .
( وأما ) حديث عدي فخرج في سياق المدح والفضيلة واستعلاء الإسلام ورفع مناره ، فلا يمكن حمله على ما لا يجوز . قال الشيخ ( فإن قيل ) هذا الخبر متروك الظاهر بالإجماع لأن فيه أنها تخرج بغير جوار ولا خلاف أنها لا تخرج بغير جوار ، ولو امرأة واحدة ( فالجواب ) أن بعض أصحابنا جوز خروجها وحدها بغير امرأة كما سبق ، وعلى مذهب أبو حامد ومنصوصه يشترط المرأة ولا يلزم من ذلك ترك الظاهر لأن حقيقته أن لا يكون معها جوار أصلا - والجوار الملاصق والقريب - ونحن لا نشترط في المرأة التي تخرج معها كونها ملازمة لها ، فإن مشت قدام القافلة أو بعدها بعيدة عن المرأة جاز ، فحصل من هذا أنا نقول بظاهر الحديث ، هذا كلام الشافعي . قال أصحابنا : ولأنه سفر واجب فلم يشترط فيه المحرم كالهجرة . قال أصحابنا : وقياسا على ما إذا كانت المسافة مرحلتين ، فإن الحنفية وافقونا على أنه لا يشترط المحرم ( فإن قالوا ) إنما جاز في المرحلتين لأنه ليس بسفر ( قلنا ) هذا مخالف للأحاديث الصحيحة السابقة . أبي حامد
( وأما ) الجواب عن الأحاديث التي احتجوا بها فمن أوجه ( أحدها ) جواب الشيخ وآخرين أنها عامة فنخصها بما ذكرناه ( والثاني ) أنه محمول على سفر التجارة والزيارة وحج التطوع وسائر الأسفار غير سفر الحج الواجب ( الثالث ) ذكره القاضي أبي حامد أنه محمول على ما إذا لم يكن الطريق آمنا ( والجواب ) عن قياسهم على حج التطوع وسفر التجارة وأنه ليس بواجب بخلاف حج الفرض والله أعلم أبو الطيب